فاينانشيال تايمز: تخوفات من تصاعد خطر أنفلونزا الطيور.. طفرات مقلقة وإصابات نادرة
تاريخ النشر: 29th, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
خلال الأعوام الماضية اجتاحت موجات من أنفلونزا الطيور مناطق متفرقة من العالم، أدت إلى إعدام مئات الملايين من الدواجن، وإصابة عشرات الأنواع من الثدييات، بما فيها الأبقار الأمريكية، التى شهدت نفوقًا جماعيًا بلغ ١٣٠ مليون طائر ودواجن، مع إصابة ٩١٧ قطيعًا من أبقار إنتاج الألبان.
وتشهد الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، تصاعدًا فى حالات القلق إزاء تطورات فيروس أنفلونزا الطيور، وسط تفشى غير مسبوق لسلالتى "إتش٥ إن١" (H٥N١) الأكثر شيوعًا، و"إتش٥ إن٩" (H٥N٩) النادرة، مع تسجيل إصابات بشرية وحيوانية وحالات وفاة أثارت مخاوف من تحولات جينية قد تعزز خطورة الفيروس.
وعلى الرغم من الدروس القاسية التى خلّفتها جائحة كورونا "كوفيد-١٩"، يجمع خبراء صحة دوليون، على أن العالم ما زال يعانى ثغرات خطيرة فى استعداده لمواجهة أوبئة مستقبلية، رغم تحسن بعض الآليات الوقائية.
وأعرب علماء الفيروسات عن قلقهم من احتمال حدوث "إعادة تجميع جيني" بين سلالة "إتش٥ إن١" وفيروس إنفلونزا بشرى أو حيوانى آخر، ما قد ينتج فيروسًا هجينا قادرا على الانتشار بين البشر، خاصة مع توازى تفشى أنفلونزا الطيور مع موسم الإنفلونزا الشتوي، الذى شهد وفقًا لـ"CDC" ما بين ١٢ إلى ٢٢ مليون إصابة خلال الفترة من أكتوبر ٢٠٢٣ إلى يناير ٢٠٢٤.
ففى الولايات المتحدة، أعلنت السلطات عن تفشٍ أول لسلالة "إتش٥ إن٩" بين الدواجن بمزرعة بطّ فى كاليفورنيا، بالتزامن مع رصد أول وفاة بشرية بسبب سلالة "إتش٥ إن١".
وتكافح واشنطن موجة انتشار غير معتادة للفيروس بين الدواجن والأبقار، مع تسجيل إصابات لحوالى ٧٠ مزارعًا ممن يتعاملون مباشرة مع الحيوانات.
وتعززت المخاوف مع نشر تقرير علمى أمريكى يشير إلى حدوث طفرات فى فيروس "إتش٥ إن١" تزيد من قدرته على استهداف أنسجة الدماغ عند إصابة البشر، مما يرفع احتمالات تفاقم الأعراض ويهدد بتحوله إلى تهديد صحى أكبر.
على الجانب الآخر كشفت "وكالة الأمن الصحى البريطانية" (UKHSA) عن تسجيل حالة وفاة لشخص مصاب بفيروس "إتش٥ إن١"، فى سابقة هى الأولى من نوعها بالمملكة المتحدة خلال السنوات الأخيرة.
وأوضحت الوكالة أن الضحية كان على احتكاك مباشر بالدواجن، مؤكدةً ندرة انتقال الفيروس إلى البشر، وأن البلاد سجلت تاريخيًا حالات محدودة جدًا للإصابة به.
فى ظل تصاعد حالات الإصابة بفيروس "إتش٥ إن١" بين البشر والحيوانات، دعا خبراء صحة الولايات المتحدة إلى تعزيز إجراءات المراقبة والاحتواء للحد من تحوّرات فيروس أنفلونزا الطيور، الذى ينذر بتحوله إلى تهديد وبائى عالمي، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية.
وأكد علماء فى مجال الأوبئة ضرورة تكثيف تطعيم العاملين فى المزارع الأمريكية، وتبنى إجراءات أكثر صرامة للحد من انتشار الفيروس بين الحيوانات الزراعية، خاصة مع استمرار تفشى سلالة "إتش٥ إن١" بين الأبقار الحلوب والدواجن عبر ولايات متعددة.
وحذر البروفيسور جيمس وود، خبير الأمراض المعدية بجامعة كامبريدج، من السماح بـ"مستوى انتقال مرتفع للفيروس بين الأبقار"، مشيرًا إلى أن ذلك يشكل "تهديدًا جسيمًا للصحة العامة العالمية".
وأضاف فى تصريح للصحيفة: "فرض قيود على حركة الماشية سيقلل تعرض البشر للفيروس، وهو إجراء متوقع من جميع الدول".
أشارت التقارير الصحية إلى أن الفيروسات التى تنتقل من الحيوانات إلى البشر خارج الإطار المعتاد تعد مصدر قلق بالغ، نظرا لافتقاد المناعة الجماعية ضدها، وهو ما يذكر بالأزمة العالمية التى فجرها وباء (كوفيد-١٩).
من جانبها، نبهت "المنظمة العالمية لصحة الحيوان" إلى تلقيها تقارير من الولايات المتحدة تؤكد تفشى سلالتى "إتش٥ إن١" و"إتش٥ إن٩" فى كاليفورنيا، ما دفع السلطات لإعدام نحو ١١٩ ألف طائر منذ أواخر ٢٠٢٤.
كما تسببت السلالات الفيروسية، فى وفاة مزارع من ولاية لويزيانا الأمريكية.
وصفت "فاينانشيال تايمز" التفشى الحالى بأنه "اختبار مبكر" لإدارة الرئيس دونالد ترامب، التى بدأت وفقًا للتقرير فى تقليص التزاماتها تجاه المبادرات العالمية لمكافحة الأوبئة فى وقت تواجه فيه الولايات المتحدة موجة تفشٍ غير مسبوقة لأنفلونزا الطيور تجاوزت ٩ أشهر، مع تسجيل ٦٧ إصابة بشرية وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض "CDC" معظمهم من عمال المزارع، إضافة إلى أول حالة وفاة بشرية هذا الشهر.
وكشفت "فاينانشيال تايمز" عن تعقيدات تواجه الاستجابة الأمريكية بسبب "توقف مؤقت" فرضته إدارة ترامب على الاتصالات العامة غير الطارئة، بما فى ذلك تحديثات الصحة العامة، بهدف "إعداد آلية للمراجعة وتحديد الأولويات".
أشارت الصحيفة إلى أن الشركات الرائدة فى تصنيع لقاحات إنفلونزا الطيور"سى إس إل سيكيروس" و"سانوفي" و"جلاكسو سميث كلاين" تعد فى وضع يسمح بالاستجابة السريعة حال تحول التفشى إلى جائحة، خاصة بعد اتفاقية بقيمة ٧٢ مليون دولار مع الحكومة الأمريكية فى أكتوبر الماضى لضمان توزيع الجرعات.
خصصت واشنطن ٥٩٠ مليون دولار لشركة "موديرنا" لتطوير لقاح باستخدام تقنية mRNA – الشبيهة بلقاح كوفيد – بينما لجأت فنلندا إلى تطعيم عمال المزارع بلقاح "سيكيروس"، وسط دراسة مستقلة لفاعليته.
رغم التهديدات، تطمئن المنظمات الصحية إلى ضآلة خطر الانتشار البشرى المباشر حتى الآن، لكنها تشدد على ضرورة اليقظة فى ظل تحورات الفيروس غير المتوقعة، والتى قد تعيد العالم إلى كابوس جائحة جديدة.
من جانبها دعت منظمات "الصحة العالمية" و "الفاو" و "صحة الحيوان" الحكومات إلى تعزيز الاختبارات والتسلسل الجينى وتبادل البيانات، وتحسين الإجراءات الأمنية فى المزارع، وحماية المخالطين للحيوانات المصابة.
وأكدت ماريا فان كيرخوف، مسئولة الاستعداد للجوائح بمنظمة الصحة العالمية، على ضرورة "بذل جهود أكبر لوقف الانتشار بين الحيوانات والبشر".
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: انفلونزا الطيور الدواجن الولایات المتحدة فاینانشیال تایمز أنفلونزا الطیور
إقرأ أيضاً:
معرض القاهرة للكتاب يناقش شبح الحرب العالمية الثالثة ومستقبل النظام الدولي
في إطار فعاليات الدورة الـ56 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب استضافت القاعة الرئيسية ندوة فكرية تحت عنوان "هل نحن على أعتاب حرب عالمية ثالثة؟" قدمها الباحث المتخصص في العلاقات الدولية الصحفي سيد جبيل وأدارها الإعلامي تامر حنفي.
استهل تامر حنفي الندوة بالإشارة إلى الخلفية الواسعة لسيد جبيل الذي لا يقتصر دوره على الصحافة بل يمتد إلى التحليل السياسي والاقتصادي كما تحدث عن تجربته الشخصية معه موضحًا أنه تعرّف عليه من خلال تحليلاته العميقة التي ينشرها والتي دفعته إلى التواصل معه باستمرار وأعرب عن سعادته بإدارة الجلسة مؤكدًا أن سيد جبيل مفكر يستحق الاستماع إليه أكثر من مرة.
من جانبه أوضح سيد جبيل أن الحديث عن حرب عالمية ثالثة في منتصف التسعينيات كان يُعد نوعًا من المبالغة أو الإثارة الإعلامية خاصة مع تفكك الاتحاد السوفيتي وهيمنة الولايات المتحدة على النظام العالمي أما اليوم فقد أصبح هذا الحديث واقعًا تتبناه قيادات العالم نظرًا لحالة الفوضى غير المسبوقة التي يعيشها النظام الدولي.
وأشار جبيل إلى عدة مظاهر تعكس هذه الفوضى وأبرزها تزايد الصراعات المسلحة حيث يشهد العالم حاليًا 56 صراعًا نشطًا وهو العدد الأكبر منذ عام 1945 إضافة إلى أربع مواجهات كبرى محتملة قد تشعل العالم وهي التوتر بين الصين وتايوان واتساع رقعة الحرب في أوكرانيا وتصاعد الأزمة في شبه الجزيرة الكورية والاضطرابات المتزايدة في الشرق الأوسط.
وأضاف أن من مظاهر الفوضى إلغاء أو تعليق العديد من الاتفاقيات المتعلقة بتقليص الأسلحة مثل معاهدة القوات المسلحة التقليدية في أوروبا ومعاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية ومعاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى وهو ما يضع العالم على أعتاب سباق تسلح جديد قد يؤدي إلى حرب نووية.
كما أن العالم بات مقسومًا بين معسكرين رئيسيين الأول بقيادة الولايات المتحدة والثاني بقيادة الصين وروسيا وهو انقسام ينعكس في تصعيد العقوبات الاقتصادية المتبادلة وتصاعد موجة العداء للهجرة والمهاجرين والرفض المتزايد لمفهوم العولمة.
وأوضح أن عودة التجنيد الإجباري وزيادة الإنفاق العسكري مؤشر آخر على تصاعد التوترات حيث أعادت بعض الدول فرض التجنيد الإجباري مثل لاتفيا وكرواتيا بينما توسعت فيه دول أخرى مثل السويد وإستونيا والدنمارك وهناك دول تدرس إعادة فرضه مثل اليابان وصربيا وهو ما يعكس القناعة المتزايدة لدى هذه الدول بأن العالم يقترب من حرب كبرى.
أضاف سيد جبيل أن حالة الفوضى الحالية انعكست على تصريحات كبار المسؤولين حيث أطلق عدد من القادة العسكريين تحذيرات علنية بشأن احتمالية اندلاع حرب عالمية ثالثة ومن بين هؤلاء قائد الجيش البريطاني ووزير الدفاع الألماني اللذين نبّها شعبيهما إلى ضرورة الاستعداد لأسوأ السيناريوهات.
أكد جبيل أن العالم يعيش مرحلة انتقالية بين نظام دولي تقوده الولايات المتحدة ونظام جديد لم يتشكل بعد ومن المفارقات أن القوى الكبرى الثلاث الولايات المتحدة وروسيا والصين تتفق على ضرورة التخلص من النظام الحالي وإن كانت لكل منها رؤيتها الخاصة لشكل النظام القادم.
وأوضح أن السياسة الأمريكية تعكس هذا التململ من النظام القائم حيث يتبنى دونالد ترامب موقفًا ناقدًا للعولمة والتجارة الحرة ويرفض الهجرة وحقوق الإنسان كما يحتقر المؤسسات الدولية والتحالفات التقليدية للولايات المتحدة مما يعكس اضطراب النظام العالمي وغياب رؤية واضحة للمستقبل.