إلهام نجم الدرواني

في مطلع القرن الواحد والعشرين، كانت الأُمَّــة تخوض صراعًا لم يسبق له نظير، بسيناريو جديد أشبه ما يكون بأفلام الهوليود، ممثلو هذا الفيلم لا يرتدونَ بدلاتٍ ولا ربطات عُنق، فزَيُّهم زَيٌّ إسلامي بعمائم دينية، دُربوا بحرفية على أيدي الأمريكان، وتلقوا الدعم من مملكة الشر (السعوديّة)، ليكون بطل هذا الفلم أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة على حَــدّ زعمهم.

يختم الفيلم الهوليودي بحادثة الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) بتفجير برجي التجارة العالمية في نيويورك، لتكون ذريعة أمريكا الجديدة لاحتلال شعوب المنطقة العربية والإسلامية، تحت غطاء ما يسمى مكافحة الإرهاب.

اتجهت أمريكا بهذه الذريعة لاحتلال البلدان والسيطرة عليها، فأقامت القواعد الأمريكية في كُـلّ بلد، وملأت البحار ببارجاتها، متجهة لاحتلال الشعوب وسلبهم ثرواتهم واستقلالهم، وزرع الحرب المصطنعة والفتن الطائفية والمذهبية بين أبناء الأُمَّــة، كأقل وسيلة لإلهاء الأُمَّــة عن قضيتها المهمة.

للأسف الشديد كانت ردة الفعل من الأنظمة العربية والإسلامية تجاه هذه الهجمة الشرسة ردة فعل مخزية ومذلة، فالأفواه مكممة والمواقف مكبلة، لا أحد يجرأ أن يتكلم بكلمة واحدة ضد الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية.

حينها والأمة تعيش ذلك السبات العميق، كان لا بدّ من نور يزيح حالكات الغياهب، وصوت يوقظ النائمين من سبات التنصل عن المسؤولية، ومشروع ينتشل الأُمَّــة من مستنقع الجمود والصمت، وتتبخر عنده كُـلّ مشاريع الأعداء، مشروع يكون قائده هو الغالب، يرتكز على كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ليحمل هذا المشروع وارث للكتاب والآيات من آل بيت النبوة الأطهار.

فمن بين كُـلّ الظلام والخضوع والهوان تحَرّك السيد حسين بن بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- في مرحلةٍ كانت الأشد خطورة على وجه التاريخ، ليكون رجل المرحلة الاستثنائية في عصر استثنائي، ومنعطف تاريخي رهيب.

عندما نقلب في صفحات المرحلة التي تحَرّك فيها الشهيد القائد، كانت مرحلة تستدعي التحَرّك، تستدعي أن يكون للأُمَّـة موقف ومشروع تتبناه، مشروع نهضوي يحدّد للأُمَّـة من هو عدوها الحقيقي، ويكشف أقنعة أمريكا وعناوينها الزائفة من حرية وديمقراطية، التي ظلت تتشدق بها طيلت السنوات الماضية، فكان المشروع القرآني الذي تحَرّك به الشهيد القائد -مشروع بحجم المرحلة الخطرة تلك- كفيلًا بأن يزيح الظلام الذي كان قد خيم، ويصنع الأمل في عيون المستضعفين، ويفتح الآفاق أمام هذا الشعب اليمني العظيم، ليكون الشعب الرائد بين شعوب العالم، شعب يدرك مسؤوليته، وينصر قضاياه وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

تحَرّك الشهيد القائد ليذكر الأُمَّــة بمسؤوليتها ودورها التي لطالما تنصلت عنه، تحَرّك لينصر المستضعفين في أفغانستان والعراق وفلسطين، تحَرّك ليقدّم الحل في زمن قدم حكام أمتنا أعناق هذه الأُمَّــة لتُذبح فداءً لعروشهم، تحَرّك حينما سكت الأحبار والرهبان وكهنة هذه الأُمَّــة من علماء الجور والسلاطين، تحَرّك ليزيح دجل السامري الذي عبّد هذه الأُمَّــة للشيطان الأكبر، تحَرّك ليقدّم الحل في زمن اللا حَـلّ، والموقف في زمن اللا موقف، تحَرّك بنور القرآن والفرقان، تحَرّك وهو يحمل راية أجداده الأطهار، تحَرّك وهو يحمل شعاراً من وحي آية ﴿وَأَعِدُّوا﴾ وموتًا من نص آية ﴿قُلْ مُوتُوا﴾ ولعنة من قوله: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَروا﴾، تحَرّك ناصرًا للدّين وللإسلام في زمن لم يعد من الإسلام إلا اسمه ومن القرآن إلا رسمه.

حينها تحَرّك النظام العميل آنذاك بكل إمْكَانيته لإسكات ذلك الصوت الحُسيني، تحَرّكت كُـلّ جحافل الطغاة والمجرمين لإخماد ذلك النور القرآني المنبثق من وحي القرآن، تحَرّكوا مستأسدين على ابن بلدهم الذي دعاهم إلى العزة، ليخرجهم من واقع الذل والارتهان، لكنهم أصروا أن يتحَرّكوا وفق الاستراتيجية الغربية لتكميم الأفواه، وتكبيل الأُمَّــة عن أي موقف تجاه الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية، تحَرّكوا بإشراف أمريكي مباشر للتّصدي لهذا المشروع القرآني العظيم، وشنوا حربًا شعواء بحجج واهية ودعايات داحضة استرضاء لأسيادهم من الأمريكان في البيت الأبيض.

استمرت الحرب قرابة الشهرين ليرتقي شهيد القرآن إلى ربه في مقعد صدق عند مليك مقتدر، ليلحق في ركاب آبائه الطاهرين، تاركًا لنا إرثًا عظيمًا من الثقافة القرآنية، والهدى الرباني، ليتجلى قول الله ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ فقد كانت النتائج عكسية، خيّبت ظنون المعتدين، وكان النصر حليف القلة من المستضعفين رغم قلة العدة والعتاد.

لقد ظنوا بقتلهم للشهيد القائد أنهم سيقضون على المسيرة القرآنية على المشروع العظيم، لكنهم أضرموا نارًا كانت تزداد استعارًا لكي تجرفهم إلى أبد الآبدين؛ فها هو سيدي ومولا السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي خير خلفٍ للشهيد القائد، يكمل المسير والمشروع الذي بدأهُ أخوه، حتى تحقيق النصر المؤزر بزوال “إسرائيل” من الوجود.

لقد أثبتت الأحداث والأيّام أن المعادلات الإلهية لا تخضع لأي قانون، فالله هو من غيّر الموازين لصالح المستضعفين، قال تعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرض وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ صدق الله العظيم.

فكم حاصروا الشهيد القائد في جرف سلمان فانجرفوا، وحاصرهم اليوم في البحر الأحمر فاحترقوا، لنُدرك جميعاً أن إرادَة الله فوق كُـلّ إرادَة، والعاقبة للمتقين.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الشهید القائد فی زمن

إقرأ أيضاً:

حسن بدير.. من هو القيادي في حزب الله الذي استهدفته إسرائيل؟

قال مصدر أمني لبناني إن ضربة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت قتلت 4 أشخاص، اليوم الثلاثاء، من بينهم قيادي في جماعة حزب الله مما شكل ضغطاً إضافياً على وقف إطلاق نار هش بين إسرائيل وحزب الله المدعوم من إيران.

من هو حسن بدير؟

وقال الجيش الإسرائيلي إن القيادي يدعى حسن بدير وهو عضو في وحدة تابعة لحزب الله وفيلق القدس الإيراني وإن بدير قدم المساعدة لحركة حماس على تخطيط "هجوم إرهابي كبير ووشيك على مدنيين إسرائيليين".
وذكر المصدر الأمني اللبناني أن الهدف من الضربة هو قيادي في حزب الله تتضمن مسؤولياته الملف الفلسطيني.

وقالت وزارة الصحة اللبنانية إن الضربة قتلت 4 من بينهم امرأة وأصابت 7.

هدنة هشة

وتلك هي الضربة الجوية الثانية التي تنفذها إسرائيل في غضون 5 أيام على الضاحية الجنوبية مما أضاف ضغوطاً كبيرة على وقف إطلاق نار توسطت فيه الولايات المتحدة وأنهى حرباً مدمرة نهاية العام الماضي.

وعادت الهجمات على الضاحية الجنوبية في وقت تصعيد أوسع نطاقاً في المنطقة مع استئناف إسرائيل للعمليات في قطاع غزة بعد هدنة استمرت شهرين، ومع توجيه الولايات المتحدة لضربات للحوثيين في اليمن لردعها عن مهاجمة سفن في محيط البحر الأحمر.

وقال إبراهيم الموسوي النائب عن حزب الله إن الهجوم الإسرائيلي يصل إلى حد الاعتداء السافر الذي يصعد الموقف لمستوى مختلف تماماً.

وأضاف في تصريح نقله التلفزيون بعد زيارة موقع البناية التي استهدفتها الضربة أن على الدولة اللبنانية تفعيل أعلى مستويات الدبلوماسية للتوصل إلى حل.

تهديد حقيقي 

وقال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إن عنصر حزب الله المقتول شكل "تهديداً حقيقياً ووشيكاً... نتوقع من لبنان التصرف للقضاء على المنظمات الإرهابية التي تعمل من داخل حدودها ضد إسرائيل".

ووجهت إسرائيل ضربات قاصمة لحزب الله في الحرب وقتل الآلاف من مقاتليه ودمرت أغلب ترسانته وأكبر قياداته ومن بينهم الأمين العام حسن نصر الله.

ونفت جماعة حزب الله أي ضلوع لها في الهجمات الصاروخية التي وقعت في الآونة الأخيرة من لبنان صوب إسرائيل، بما شمل هجوماً دفع إسرائيل لشن ضربة جوية على الضاحية الجنوبية يوم الجمعة.

وقال مراسل لرويترز في موقع الحدث إن الضربة الجوية ألحقت على ما يبدو أضراراً بالطوابق الثلاثة العليا من مبنى في الضاحية الجنوبية لبيروت وتحطمت شرفات تلك الطوابق. وظل زجاج الطوابق السفلية سليماً، مما يشير إلى أن الضربة كانت محددة الهدف. وتوجهت سيارات إسعاف إلى المكان لنقل القتلى والمصابين.

ولم يصدر تحذير بإخلاء المنطقة قبل الضربة، وأفاد شهود بأن عائلات فرت في أعقابها إلى مناطق أخرى من بيروت.

تنديد لبناني

وندد الرئيس اللبناني جوزاف عون اليوم الثلاثاء بالضربة الجوية الإسرائيلية التي وقعت اليوم الثلاثاء ووصفها بأنها "إنذار خطير حول النيات المبيتة ضد لبنان".
وأضاف عون "التمادي الإسرائيلي في عدوانيته يقتضي منا المزيد من الجهد لمخاطبة أصدقاء لبنان في العالم وحشدهم دعما لحقنا في سيادة كاملة على أرضنا".
كما ندد رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام بالغارة الإسرائيلية واعتبرها انتهاكا صارخا لقرار مجلس الأمن رقم 1701 واتفاق وقف إطلاق النار.

وأكد سلام أنه يتابع عن كثب تداعيات الضربة بالتنسيق مع وزيري الدفاع والداخلية.

دعم أمريكي

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) أوقف اتفاق وقف إطلاق النار الصراع الذي استمر عاما ونص على إخلاء جنوب لبنان من عناصر وأسلحة جماعة حزب الله وأن تنسحب القوات البرية الإسرائيلية من المنطقة وأن ينشر الجيش اللبناني قوات فيها. لكن كل طرف يتهم الآخر بعدم الالتزام الكامل بهذه الشروط.
وتقول إسرائيل إن حزب الله لا يزال لديه بنية تحتية في جنوب لبنان بينما تقول جماعة حزب الله ولبنان إن إسرائيل محتلة لأراض لبنانية ولم تنسحب من خمسة مواقع.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية اليوم الثلاثاء إن إسرائيل تدافع عن نفسها ضد هجمات صاروخية انطلقت من لبنان، وإن واشنطن تحمل "الإرهابيين" مسؤولية استئناف الأعمال القتالية.











مقالات مشابهة

  • واحدة منها كانت في رمضان.. 8 أمور أخفاها الله عن عباده
  • حزب الله اللبناني يزف القائد حسن على بدير ونجله شهيدا على طريق القدس
  • حزب الله ينعى القائد حسن علي بدير
  • إذاعة القرآن الكريم.. 61 عاما من الريادة والتألق
  • حسن بدير.. من هو القيادي في حزب الله الذي استهدفته إسرائيل؟
  • من (وعي) المحاضرة الرمضانية الحادية والعشرين للسيد القائد 1446هـ ..
  • التراحم والفرحة.. نص خطبة عيد الفطر 2025
  • خواطر رمضانية
  • شباب بحري يكرم حفظة القرآن الكريم في كفر الشيخ | صور
  • خطبة عيد الفطر 2025.. «التراحم ونشر الفرحة»