حذرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية من أن صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) قد يفجرها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو من المرحلة الأولى، بسبب إصراره على الاستمرار في الحرب، فضلا عن العقبات الكثيرة التي تعترض إتمامها في مرحلتيها الثانية والثالثة، على طريق تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وفي مقاله بالصحيفة يكشف الصحفي المختص في الشؤون العسكرية والأمنية رونين بيرغمان، نقلا عن مصادر أمنية إسرائيلية، أن الموقف الحقيقي لنتنياهو سيضع الكثير من العقبات أمام إتمام صفقة إطلاق النار، بسبب صعوبة التوفيق بين التزاماته في الصفقة وتعهداته لأقصى اليمين في حكومته.

ويكشف بيرغمان عن مصدر أمني إسرائيلي رفيع المستوى مطلع على تفاصيل الصفقة وتطوراتها على الأرض، أنه في ظل التفاصيل المخفية للاتفاق، يبدو أن المفاوضات حول المرحلة الثانية من صفقة تبادل الأسرى لن تنفجر فقط بعد انتهاء المرحلة الأولى، بل قد تنفجر قبل ذلك بكثير.

وحسب المصدر، فإن حماس قد تدرك في حالة استمرار تعنت نتنياهو أنه لن تكون هناك مرحلة ثانية، مما يفقد الحركة الدافع لاستكمال المرحلة الأولى، ويعيق الوصول إلى اليوم الثاني والأربعين، إذ من المفترض إطلاق سراح حوالي نصف المحتجزين الإسرائيليين الأحياء في غزة.

إعلان

ويشير في هذا السياق إلى أن نتنياهو يقدم روايات متناقضة لحكومته في محاولة للتوفيق بين ما وافق عليه وما أقسم ألا يوافق عليه، مثل الانسحاب من مناطق إستراتيجية كممر نتساريم ومحور فيلادلفيا.

ومن المقرر أن تبدأ المحادثات المتعلقة بالمرحلة الثانية (ب) الاثنين المقبل، بعد 16 يوما من بدء المرحلة الأولى (أ)، وفقا للاتفاق بين الطرفين، إلا أن المصدر الأمني يعبّر عن قلقه من أن الصعوبات السياسية لن تسمح لنتنياهو بالتوقيع على الصفقة، حتى لو كان مهتما بذلك.

وينقل الكاتب عن مصدره قوله إن "القرارات في المرحلة الثانية ستكون أكثر مصيرية، وستتعارض بشكل صارخ مع ما وعدت به الحكومة، وهذا يضع نتنياهو في موقف صعب، حيث يتعيّن عليه الموازنة بين الضغوط الداخلية والتزاماته في المفاوضات".

على الجانب الآخر، يتفاءل بعض المسؤولين الإسرائيليين، خاصة في الدائرة المقربة من وزير الشؤون الإستراتيجية، رون ديرمر، بإمكانية التوصل إلى اتفاق شامل، يفضي إلى التطبيع مع دول في المنطقة، وإدخال قوة متعددة الجنسيات إلى قطاع غزة لمنع عودة حماس إلى السلطة، بالإضافة إلى تمويل إعادة إعمار القطاع، وفق المصدر.

ويعول ديرمر /على أن هذه الخطوة قد تكون بداية التطبيع مع دول عربية كما حدث باتفاقيات أبراهام، مع التوقعات بأن يكون ذلك محور الاجتماع المرتقب بين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب في 4 فبراير/شباط المقبل.

إلا أن المصدر الأمني يشكك في إمكانية حدوث هذه التطورات، ويؤكد أن "حماس عادت للسيطرة على غزة، ومن الصعب تخيل أن قادتها في الداخل سيسمحون بعناصر أجنبية تهدد هيمنتهم".

المخاطر الخمسة

وفي محاولة لتحليل مصير الصفقة، يلخص بيرغمان المخاطر الرئيسية لعقد المرحلة الثانية، من خلال محادثات أجراها مع مسؤولين إسرائيليين وكبار المسؤولين في الدول الوسيطة، بالتالي:

إعلان

انفجار المرحلة الأولى:

وفقا للاتفاق، من المقرر أن تبدأ المفاوضات بشأن المرحلة الثانية في اليوم الـ16 من تنفيذ المرحلة الأولى، وتستمر حتى اليوم الـ35.

وخلال تلك المدة، يتعيّن على الأطراف الحفاظ على وقف إطلاق النار واستمرار الإجراءات المتفق عليها. ومع ذلك، قد يؤدي عدم إحراز تقدم ملموس في المفاوضات إلى تفسيرات متباينة بين الطرفين، مما قد يدفع حماس إلى اتهام إسرائيل بخرق الاتفاق ووقف إطلاق سراح الأسرى المتبقين في المرحلة الأولى.

وقف الحرب
يشترط الاتفاق إعلان نهاية الحرب قبل تبادل الأسرى والمحتجزين الأحياء بقطاع غزة في المرحلة الثانية، وهو ما يشكّل "لغما أرضيا" قد يفجر المفاوضات، حسب المصدر.

ويشرح الصحفي الإسرائيلي ذلك بالقول "يتطلب الانتقال إلى المرحلة الثانية إعلانا رسميا بإنهاء العمليات العسكرية والعدائية بين الجانبين، على أن يتم ذلك قبل تبادل الأسرى المتبقين".

وهذا الشرط يشكل تحديا كبيرا، خاصة في ظل التوترات المستمرة وعدم الثقة المتبادلة، في حين ترى بعض الأطراف في إسرائيل أن إعلان وقف الحرب قبل استعادة جميع الأسرى يشكّل مخاطرة أمنية، في حين تصر حماس على هذا الشرط "ضمانة لالتزام إسرائيل بالاتفاق".

الاتفاق "المفقود"

يلفت بيرغمان إلى عقبة أخرى تتمثل في ما يراه عدم وجود اتفاق واضح حول تنفيذ المرحلتين الثانية والثالثة، بالإضافة إلى غياب مفاتيح محددة لتبادل الأسرى العسكريين الأحياء بالأسرى الفلسطينيين في المرحلة الثانية، وهو "الأمر الذي يعقّد الوضع".

ويقول إن "الاتفاق المعقد والخطير" فرضه نتنياهو على الأطراف لاعتباراته السياسية، لا سيما مع شركائه اليمينيين، ليؤكد لهم أنه لن يكون مستعدا للمضي قدما إلا باتفاق له مرحلة أولى "إنسانية" لا تشمل إنهاء الحرب، "وقد أدى ذلك إلى عدم وجود اتفاق بشأن تنفيذ المرحلتين الثانية والثالثة من الاتفاق".

إعلان

ويقول "حتى الآن، لا يوجد اتفاق مفصل يُحدد معايير وشروط تنفيذ المرحلة الثانية من الصفقة، لافتا إلى أن هذا الغموض يفتح المجال أمام تفسيرات وتأويلات مختلفة، مما يزيد صعوبة التوصل إلى تفاهمات مشتركة.

ويضرب الكاتب لذلك مثلا بإمكانية أن تختلف الأطراف حول تعريف "الأسرى العسكريين" و"المدنيين"، وكذلك حول عدد ونوعية الأسرى الذين سيتم إطلاق سراحهم في هذه المرحلة.

محور فيلادلفيا

ويشكّل الانسحاب من محور فيلادلفيا، الذي سبق أن أكد نتنياهو عدم تخلي إسرائيل عنه نهائيا، وبات وعده ذلك يمثل تحديا سياسيا كبيرا له، حسبما يرى المسؤولون الأمنيون الذين استند إليهم بيرغمان.

ويذكّر بيرغمان بأن "نتنياهو وعد مرارا وتكرارا بأن إسرائيل، تحت أي ظرف من الظروف، لن تغادر طريق فيلادلفيا وممر نتساريم على الرغم من الضغوط الهائلة، وفي الوقت نفسه، أصر هو ورجاله على فحص جميع العائدين إلى الشمال على الأقل.

ويوضح الصحفي أن الأمر هذا انتهى في نهاية المطاف، بانسحاب إسرائيل من ممر نتساريم، واكتفت فقط بفحص العائدين بالسيارات، مع أن المؤسسة الأمنية "لديها شكوك كبيرة حول فعالية هذا الفحص الذي تقوم به شركات أمنية، وإمكانية الاستمرار فيها لفترة طويلة".

ويرى الصحفي الإسرائيلي -المختص بالشؤون العسكرية والأمنية- أن استمرار إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا خلال فترة وقف إطلاق النار يثير جدلا واسعا.

ففي حين ترى إسرائيل أن التواجد في هذا المحور ضروري لأمنها، تعتبر حماس هذا الإصرار خرقا للاتفاق، وقد اقترح الوسطاء حلا وسطا يقضي بانسحاب إسرائيل من المحور بعد فترة محددة، إلا أن هذا المقترح واجه تعديلات واعتراضات من أطراف مختلفة، مما يزيد من تعقيد الموقف".

مستقبل قطاع غزة

ويلخص الصحفي الإسرائيلي هذه المعضلة بالقول إن رفض إسرائيل التفاوض على "اليوم التالي" قد يؤدي إما إلى "نظام عسكري إسرائيلي في غزة أو عودة حماس إلى السلطة".

إعلان

وينقل عن المصادر الأمنية تقديرها بأن "هذه القضية تشكل إحدى القضايا الجوهرية بمستقبل قطاع غزة بعد تنفيذ الصفقة، إذ في حين تسعى بعض الأطراف إلى إدخال قوة متعددة إلى القطاع لضمان عدم عودة حماس إلى السلطة، ترى حماس في ذلك تهديدا لسيطرتها".

وبعد استعراض بيرغمان هذه العقبات، فإنه يرى في نهاية تقريره أن الصفقة هشة ومعرضة للانهيار في أي لحظة، خاصة مع تناقضات نتنياهو السياسية واستمرار تمسك حماس بمواقفها، ليخلص إلى القول إن "مصير الرهائن وحل الصراع في غزة معلق بخيوط دبلوماسية رفيعة قد تنقطع في أي لحظة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات المرحلة الثانیة المرحلة الأولى محور فیلادلفیا تبادل الأسرى إطلاق النار فی المرحلة وقف إطلاق قطاع غزة حماس إلى فی حین

إقرأ أيضاً:

رئيس حزب إسرائيلي معارض: نتنياهو يتهرب من مفاوضات المرحلة الثانية

اتهم زعيم حزب "الديمقراطيين" الإسرائيلي المعارض يائير غولان، حكومة  بنيامين نتنياهو بالتهرب من المفاوضات عن المرحلة الثانية من الصفقة، معتبرا أن إنهاء الحرب يشكل كارثة سياسية لرئيس الوزراء.

جاء ذلك في مقابلة أجرتها معه الأحد صحيفة "معاريف" الإسرائيلية على خلفية تنصل إسرائيل من التزاماتها بموجب الاتفاق مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والتهرب من المرحلة الثانية من الصفقة والمطالبة بتمديد المرحلة الأولى دون ضمانات بإنهاء الحرب.

أكد غولان، أن إسرائيل وقّعت على اتفاق وكان من المفترض أن تبدأ المفاوضات بشأن المرحلة الثانية في اليوم السادس عشر من المرحلة الأولى، لكنها تهربت من ذلك.

وأضاف، أن مستشار الرئيس الأميركي للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف، اقترح البحث عن طريقة للخروج من المأزق، قائلا "دعونا نرى كيف نخرج العربة من الوحل".

وأوضح غولان، أن ويتكوف توصل لبعض الخطوط العريضة، لكن كان متوقعا أن ترفضها حماس، مشددا على أن أي اتفاق يتطلب وقف إطلاق نار طويل الأمد وانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة.

ويعتقد غولان أن أي دولة جادة تحدد أولوياتها "فلا يوجد شيء اسمه إطلاق سراح المحتجزين والقضاء على حماس أيضا في نفس الوقت".

إعلان

وأضاف أن إسرائيل قوية وتفتخر بقدراتها العسكرية، وينبغي أن تضع تحرير المحتجزين أولوية قصوى، محذرا من أن استمرار الحرب بلا أفق واضح ليس سوى وسيلة لنتنياهو لإبقاء المواطنين في حالة طوارئ دائمة تخدم أهدافه السياسية.

وأشار إلى أن نتنياهو لا يكترث بعدد القتلى في صفوف الجنود أو بمصير الأسرى، إذ يضع احتياجاته الشخصية والسياسية فوق أي اعتبار آخر. وأوضح أن نتنياهو لا يريد إعادة المحتجزين، لأن ذلك يعني نهاية الحرب، وهو ما يعد كارثة سياسية له.

الإسرائيليون يتهمون نتنياهو بعرقلة المحرلة الثانية من الصفقة (غيتي) انقلاب على الاتفاق

يأتي ذلك في ظل اتهام حركة حماس نتنياهو بالانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار باعتماده مقترحا أميركيا لتمديد المرحلة الأولى من الاتفاق، داعية الوسطاء إلى التدخل للضغط من أجل بدء مفاوضات المرحلة الثانية.

بيان حماس جاء تعليقا على إعلان مكتب نتنياهو موافقته على خطة لتمديد المرحلة الأولى من اتفاق غزة ادعى أنها صادرة عن ويتكوف، غير أن الأخير لم يعلنها، كما أنه سبق وأن أجل زيارته إلى المنطقة عدة مرات في الأسبوعين الأخيرين.

ولم يصدر على الفور عن الوسيطين المصري والقطري أو ويتكوف تعليقات على الإعلان الإسرائيلي.

وانتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار رسميا والتي استغرقت 42 يوما، دون موافقة إسرائيل على الدخول في المرحلة الثانية وإنهاء الحرب.

وعرقل نتنياهو ذلك، إذ كان يريد تمديد المرحلة الأولى من صفقة التبادل للإفراج عن أكبر عدد ممكن من الأسرى الإسرائيليين في غزة، دون تقديم أي مقابل لذلك أو استكمال الاستحقاقات العسكرية والإنسانية المفروضة في الاتفاق خلال الفترة الماضية.

بينما ترفض حركة حماس ذلك، وتطالب بإلزام الاحتلال بما نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار، وتدعو الوسطاء للبدء فورا بمفاوضات المرحلة الثانية بما تشمله من انسحاب إسرائيلي من القطاع ووقف الحرب كاملا.

وتقدر تل أبيب وجود 62 أسيرا إسرائيليا بغزة (أحياء وأموات)، بحسب إعلام إسرائيلي، ولم تعلن المقاومة الفلسطينية عدد ما لديها من أسرى.

وفي 19 يناير/كانون الثاني الماضي، بدأ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة وتبادل أسرى بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال، يتضمن 3 مراحل تستمر كل منها 42 يوما، بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة.

إعلان

وبدعم أميركي، ارتكب الاحتلال الإسرائيلي بين 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 و19 يناير/كانون الثاني 2025، إبادة جماعية في غزة خلفت نحو 160 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.

مقالات مشابهة

  • المنصات تشتاط غضبا بسبب منع إسرائيل دخول المساعدات لغزة
  • رئيس حزب إسرائيلي معارض: نتنياهو يتهرب من مفاوضات المرحلة الثانية
  • عائلات الأسرى تتهم نتنياهو بدفن أبنائها في أنفاق الموت من أجل حرب عبثية
  • نتنياهو يصدر قرارات عاجلة بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف النار
  • تظاهرة في إسرائيل للمطالبة بإتمام صفقة تبادل الأسرى مع حماس
  • نتنياهو يهاجم فيديو القسام وعائلات الأسرى تدعو للمرحلة الثانية
  • القسام تبث مقطعا لمحتجز إسرائيلي يطالب بمواصلة التظاهر حتى يوقع نتنياهو المرحلة الثانية من الاتفاق- (فيديو)
  • “حماس” تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال للدخول في المرحلة الثانية دون تلكؤ
  • حماس: ملتزمون باتفاق وقف إطلاق النار.. ونطالب الاحتلال بتنفيذ المرحلة الثانية
  • “حماس” تطالب بالضغط على الاحتلال للدخول في المرحلة الثانية دون تلكؤ