عالم أزهري: العملات المشفرة مخالفة للشريعة الإسلامية وتمثل تهديدا اقتصاديا وأخلاقيا
تاريخ النشر: 29th, January 2025 GMT
نظم جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته السادسة والخمسين، اليوم الأربعاء، ندوة بعنوان "العملات الرقمية والمراهنات الإلكترونية .. رؤية شرعية وقراءة اقتصادية"، حاضر فيها أ.د/ فياض عبد المنعم، أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة بجامعة الأزهر ووزير المالية الأسبق، أ.د/ أبو اليزيد سلامة، مدير عام إدارة شئون القرآن الكريم، وأدار الندوة الإعلامي القدير حسن الشاذلي.
قال أ.د/ فياض عبد المنعم، أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة بجامعة الأزهر ووزير المالية الأسبق، أن البيتكوين والعملات الرقمية المشفرة من الظواهر الاقتصادية الحديثة التي تحمل العديد من المخاطر، ورغم الفرص التي قد توفرها، فإنها تفتقر إلى الرقابة المركزية، مما يجعلها عرضة للمضاربات وتقلبات حادة تهدد استقرار الاقتصاد، كما تساهم في تعزيز الأنشطة غير القانونية مثل غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتشكل خطرًا على الأفراد بسبب غياب الضمانات التقليدية، مبينًا أنه من الضروري التعامل مع هذه العملات بحذر وتنظيمها لضمان حماية الأفراد والاقتصاد، لأنها باتت تشكل تحديات معقدة على الصعيدين الشرعي والاقتصادي، ويترتب عليها نتائج اقتصادية سلبية، حيث تساهم في زيادة القمار وتعميق الفقر لدى بعض الأفراد.
دعاء استقبال شهر شعبان .. 18 كلمة تحقق الأمنيات وهذه أفضل 110 أدعية جامعة للخيراتدار الإفتاء: بعد غد الجمعة أول أيام شهر شعبان 1446 هـ 2025 م
ومن الناحية الشرعية، أوضح الدكتور فياض أن المعاملات الرقمية المشفرة، يجب أن تدرس بعناية وفقًا للضوابط الشرعية، خاصةً فيما يتعلق بالربا والتعاملات التي قد تتعارض مع مبادئ الإسلام، مثل المراهنات الإلكترونية، معتبرًا أنها تتعارض بشكل صريح مع الشريعة الإسلامية التي تحظر القمار بكل أنواعه، وهو ما يتطلب ضرورة تبني ضوابط صارمة في التعامل مع هذه القضايا لضمان تحقيق التوازن بين الفوائد الاقتصادية والالتزام بالمبادئ الشرعية.
من جانبه أوضح أ. د/ أبو اليزيد سلامة، مدير عام إدارة شئون القرآن الكريم، أن العالم شهد في الآونة الأخيرة تطورًا واسعًا في استخدام العملات المشفرة والمنتجات المالية الرقمية، وشهد ثورات تكنولوجية غيرت وجه التاريخ، مما يتطلب من الجميع مواكبة التطورات والتعامل معها، ويفرض العديد من التحديات الجديدة، نظرًا لأن هذه التعاملات الرقمية الجديدة، تأتي مع قواعد معقدة ومتعددة، وهناك خطر من تعارض المصالح الخاصة والعامة في استخدامها، حيث تُستثمر أموال ضخمة يصعب مراقبتها والتحكم فيها، بالإضافة إلى أن منصات التداول الخاصة بها غالبًا ما تكون خارج النظام الرسمي، ويترتب على ذلك أن التداول بهذه العملات يرتبط بأنشطة مضاربات ومراهنات، تهدد المدخرات الشخصية وتساهم في إهدارها.
وأكد مدير عام إدارة شئون القرآن الكريم، في سياق حديثه عن العملات الرقمية المشفرة والممارسات المرتبطة بها مثل البيتكوين، أن هذه العملات لا يعلم مصدرها ولا قيمتها على وجه اليقين والتي من الممكن في أي لحظة أن تذهب بمال الإنسان ومدخراته، ولذلك لا يجوز التعامل بهذه العملة حتى توضع لها الضوابط المحكمة التي تجعلها عملة موثوق فيها، موضحًا أن المؤسسات الدينية في مصر تحرم التعامل مع هذه العملات، نظرًا للمخاطر والمضاربات التي تتضمنها، والتي لا تتوافق مع شروط التعامل النقدي الطبيعي، كما نبه إلى أن هذه العملات تمثل تهديدًا للاقتصاد الوطني، وتؤثر سلبًا على العملة المحلية، والاستثمار في هذه المعاملات الرقمية عالي المخاطر، محذرًا من خطورة التداول بالعملات المشفرة والمراهنات الإلكترونية، ليس فقط لكونها مخالفة للشريعة الإسلامية، ولكن أيضًا لأنها تمثل تهديد اقتصادي وأخلاقي يستدعي التدخل العاجل.
ويشارك الأزهر الشريف -للعام التاسع على التوالي- بجناحٍ خاص في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56 وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبنَّاه طيلة أكثر من ألف عام، ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الأزهر معرض القاهرة الدولي للكتاب جناح الأزهر المزيد هذه العملات التعامل مع العملات ا
إقرأ أيضاً:
عالم أزهري: الفقه المالكي اعتنى بالحالة النفسية في مسألة الطلاق وأكَّد أنه لا طلاق في إغلاق
شهد جناح دار الإفتاء المصرية بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، اليوم الأربعاء، ندوة علمية مهمة بعنوان "الفتوى والصحة النفسية"، بمشاركة كلٍّ من الدكتور محمود صديق -نائب رئيس جامعة الأزهر للدراسات العليا والبحوث-، والدكتور أنس أبو شادي -أستاذ الفقه المقارن رئيس قسم الدراسات الإسلامية بكلية الطب جامعة الأزهر-، والدكتور محمد المهدي -أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر-.
وفي مستهلِّ الندوة، قال الدكتور محمود صديق، نائب رئيس جامعة الأزهر للدراسات العليا والبحوث: إن الاهتمام بالنفس والجسد والصحة النفسية هو اهتمام ورد في الشرع الشريف، كما أنَّ حفظ النفس جاء ضمن الكليات الخمس. كما أوضح أنَّ دَلالات حفظ النفس في القرآن الكريم كثيرة، وقد أقسم المولى عز وجل بها في القرآن في مواضع كثيرة.
كذلك أشار إلى أنَّ مناط الشريعة الإسلامية هي حفظ هذه النفس التي تسمو بالإنسان إلى مرتبة أعلى من مرتبة الملائكة، قائلًا: لو أنَّ النفس سَمَتْ وزَكَتْ وكانت في درجة مطمئنة كانت أحقَّ أن تكون في رعاية الله عز وجل، لذا فالاهتمام بالصحة النفسية وردت الإشارة إليه في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك تناوله الفقه المالكي في بعض المسائل، مثل حالة الطلاق أحيانًا ونظرته إلى النفس البشرية والْتماسه الحالة النفسية التي تنتاب الإنسان وقت الطلاق، وأن هناك حالات لا يقع فيها الطلاق، مثل الطلاق وقت الغضب، فقال المالكية: "لا طلاق في إغلاق"، وكل هذا يدل على مكانة النفس البشرية في الشرع والإسلام والحفاظ عليها.
دعاء استقبال شهر شعبان .. 18 كلمة تحقق الأمنيات وهذه أفضل 110 أدعية جامعة للخيراتدار الإفتاء: بعد غد الجمعة أول أيام شهر شعبان 1446 هـ 2025 م
وأضاف أن النفس عُرفت بأشياء كثيرة، ومن ثم لا بدَّ أن تكون النفس معتبره ولها المكانة التي وُضعت من شأنها، فإن كان الإنسان في حالة رضًا تام فأسمى درجات ما يعبد به الله هي النفس المطمئنة الراضية بكل شيء، فالله خلق الإنسان ينفعل ويدور بداخله حوار كبير، ولا بدَّ أن تَعِيَ الأسرة حقيقةَ النفس وقيمتها، وأنها عُرضة للأمراض كما تمرض الأبدان، مشيرًا على أن أحد عيوب البعض أنه يتعامل مع من يصاب ببعض الأمراض النفسية بشيء من العار والخفاء، بينما علينا أن نتعامل مع الأمر بصدر رحب لا بوصم ولا سرية، فالإسلام لم يترك شاردة أو واردة إلا وتناولها، كحُكمه على "المصاب بالجنون" و"غائب الذهن"، ومن ثم لا بد من تغيير نظرة المجتمع تجاه المريض النفسي.
في السياق ذاته أوضح الدكتور محمود صديق طريقة تعامل الإسلام مع المرض النفسي ومع الصرَع، مؤكدًا أن الله خلق البشر منهم الرزين ومنهم المنضبط، وهناك درجات من الكمال والخفة والنقصان للعقل، وحالة الخوف والهلع التي تنتاب الإنسان موجودة وممثلة في النطاق البشري، وفي نطاق خلق الله للأنفس المتعددة الصفات، ومن ثم يجب أن نغذِّي لدى العامة ثقافة أن الحياة تعب وكد ومشقة ولا راحة فيها إلى نهايتها.
من جانبه تحدث الدكتور محمد المهدي عن الفرق بين المريض النفسي والمريض العقلي موضحًا أنه في الطب النفسي لا يُوجد ما يُسمى مريض نفسي وعقلي، بل هناك العُصاب والذُّهان. فالعصاب يشمل حالات التوتر والقلق والخوف، حيث يكون المريض واعيًا ومدركًا لما يحدث حوله وقادرًا على التمييز. أما الذهان فهو ما يُصطلح عليه بالجنون، ويشمل أمراضًا مثل الفصام والهوس، حيث يفقد المريض إدراكه ولا يستطيع التمييز، والصحة النفسية تعني أن يكون الإنسان صحيحًا بدنيًّا ونفسيًّا وروحيًّا. وأشار الدكتور إلى مشاركاته في ندوات متعددة نظَّمتها دار الإفتاء حول اضطرابات مثل: الإدمان والوسواس القهري، وأشاد بجهود دار الإفتاء وسَبْقِها في تناول هذه القضايا المهمة.
وفي حديثه عن عملية الإفتاء، تناول ثلاثة عناصر: المستفتي، والمفتي، وعناصر الإفتاء. فأوضح أنَّ هناك أنواعًا مختلفة من المستفتين، مثل المستفتي المتشكك، والتعجيزي، والاستعراضي، والانتقائي الذي يبحث عن فتوى توافق هواه، والمستفتي التعددي. هذه الأنماط تحتاج إلى فهم عميق من قِبل المفتي. أما بالنسبة للمفتين، فهناك المفتي المتوازن، والميسِّر، والمتساهل، والمغرض، والعدواني، والمتشدد. ويجب على المفتي أن يتمتع بالصحة النفسية والتوازن والحيادية والقدرة على البحث والتقصي.
كما تحدَّث الدكتور المهدي عن أهمية الصحة النفسية في معالجة مواضيع مثل التدخين، والمخدرات، والانتحار، حيث أكَّد أن الانتحار ليس دائمًا ناتجًا عن الكفر كما يظن البعض، بل قد يكون بتأثير مرض نفسي. وأوضح الخلط بين الوسواس النفسي والوسواس الشيطاني، مشيرًا إلى أهمية فَهْم الفرق بينهما.
وتناول الدكتور المهدي أيضًا الفتاوى المتعلقة بالأمور الجنسية، مثل إدمان العادة السرية، والتحول الجنسي، والشذوذ، والشره الجنسي. وأشاد بدَور دار الإفتاء كمرجعية دينية عالمية تتعامل مع هذه القضايا بحكمة. وأشار إلى أن بعض حالات الطلاق تحتاج إلى تدخل نفسي.
وفيما يتعلَّق بالمدارس النفسية، تحدَّث د. المهدي عن المدارس الوضعية التي تدرس سلوك الإنسان من خلال الغرائز، مثل: المدرسة التحليلية والسلوكية والإنسانية، بينما تتوقَّف عند الاحتياجات المادية فقط. أما المدرسة الوجودية فتتناول رؤية الإنسان لنفسه والطبيعة من حوله. والتصور الإسلامي وضع تصورًا شاملًا لعَلاقة الإنسان مع الكون، مع غيره، ومع الله.
وأشار الدكتور محمد المهدي إلى أنَّ الإسلام عندما تحدث عن دوافع الإنسان وحاجاته أشار إلى الشهوات المادية لكنه لم يُغفل الجانب الروحيَّ، مستشهدًا بقوله تعالى: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ} [آل عمران: 15]. كما تحدث عن معالجة الإسلام لجوانب مواجهة الضغوط في قوله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ} [البقرة: 155]، موضحًا أنَّ الأصل في الحياة هو السلامة وليس الأزمات، وأن الله يمنح الإنسان سندًا إلهيًّا يعينه على الصبر.
وفيما يتعلَّق بالمرضى الذين يرفضون العلاج النفسي، قسم الدكتور المهدي هؤلاء إلى أربع حالات: من يخشى الوصمة الاجتماعية، ومن يعتقد أنه مصاب بمسٍّ أو سحر، والمريض الذهاني، والمدمن، مشيرًا إلى أن الحالتين الأوليين يمكن إقناعهما بضرورة العلاج، بينما يتطلب الأمر إدخالًا إلزاميًّا للحالتين الأخريين وَفْقًا للقانون.
كذلك تحدث الدكتور المهدي عن أهمية دَور المفتي في التعامل مع المرضى النفسيين بحكمة، مستشهدًا بقصة الرجل الذي قتل 99 نفسًا وذهب إلى عابد فأخطأ في الفتوى فقتله، بينما العالم أرشده إرشادًا نفسيًّا أدى إلى نجاته. كما ذَكر تعامل النبي محمد ﷺ مع الشاب الذي طلب منه إباحة الزنا؛ حيث جلس معه جلسة نفسية قصيرة واستغل مشاعر الحَميَّة لديه ثم دعا له بأن يطهِّر الله قلبه.
كما أشار أيضًا إلى قصة الرجل الذي بال في المسجد وكيف تعامل النبي معه بحكمة ورفق، حيث تركه يكمل بولته ثم أمر بتطهير المكان بالماء بدلًا من الانفعال والغضب.
وأكَّد الدكتور المهدي أن الأمراض النفسية إذا عطلت الإنسان عن وظيفته الحياتية فإنها تحتاج إلى تدخل طبي وعقاقير، أما الحالات النفسية البسيطة فيمكن أن تعالج بواسطة الأخصائي النفسي دون الحاجة إلى الأدوية.
وتناول أيضًا الوسواس القهري الذي قد يدفع بعض الأشخاص إلى سبِّ الذات الإلهية، مشيرًا إلى أنه غالبًا ما يصيب الأشخاص المتدينين. كما تحدث عن الهلاوس الحسية التي يشعر معها الشخص بنزول شيء منه يبطل وضوءه رغم عدم حدوث ذلك.
واختتم الدكتور المهدي حديثه بأهمية التكامل بين الفتوى والصحة النفسية لمساعدة الناس في مواجهة مشاكلهم النفسية والروحية بأسلوب حكيم ومتوازن.
من جهته قال الأستاذ الدكتور أنس أبو شادي، أستاذ الفقه المقارن، رئيس قسم الدراسات الإسلامية بكلية الطب جامعة الأزهر: إن الفتوى هي الإخبار بحُكم شرعي، وتختلف عن الحكم الذى يصدره القاضي؛ لأنَّ حكم القاضي ملزم والفتوى غير ملزمة، وقد تكون الفتوى في الأحكام القطعية والأحكام الظنية، وهذه القطعيات كلها تزيد الإيمان وتحقق المصالح المختلفة التي تعتبرها الشريعة من الحاجيات والضروريات، وكلها لها علاقة مباشرة بالإيمان.
وأضاف أنَّ الدين أتى لحفظ حياة الناس وتنظيمها فمَن عمل صالحًا فلنفسه ومن أساء فعليها، موضحًا أن الإيمان وفعل الواجبات وترك المحرمات يصبُّ في خانة تحسين الصحة النفسية للإنسان، وذلك ضمن المصالح المتنوعة التي يحققها الدين الإسلامي؛ فزيادة الإيمان تعني الاطمئنان وزيادة اليقين والبُعد عن الخوف والقلق، مؤكدًا أن الإنسان إن كان مؤمنًا كان مستقيمًا في حياته ويبعد عن الفواحش وتتحقق مصالحه في الدنيا وأمنه النفسي، وقد قال الرسول r: «إن لبدنك عليك حقًّا» وهذا يشمل المحافظة على الصحة النفسية.
وذهب الدكتور أنس أبو شادي إلى أن المرض النفسي هو ابتلاء من الله -عز وجل- وليس عيبًا ولا وصمة عار لأصحابه، فالمريض النفسي يستحقُّ الرحمةَ والعطف والمعاونة، واتِّباع الطريق الصحيح للشفاء والعلاج لا الذهاب إلى الدجالين أو المشعوذين.
وأشار الدكتور أنس إلى أن أهم مرض نفسي هو "الوساس القهري"، وهو مرض مؤلم ومعاناة لمن يُصاب به، وابتلاء شديد، موضحًا أن العلماء قد أَفْتَوْا بأن المصاب بهذا المرض ليس عليه كفارة يمين. كذلك أفتى العلماء من ضمن الفتاوى التي تساعد في العلاج بأن هذا الإنسان لا يقع طلاقه إلا إذا وثِّق أمام مختصٍّ، كما أنَّ الصلاة لا تسقط إلا عن المريض بمرض عقلي، قائلًا: إن هذا الابتلاء لا يدلُّ على أن الله غاضب عليه، بل ربما أرد الله به خيرًا، وأن يرفعه درجات بهذا الابتلاء، وأن الابتلاء لو كان شرًّا ما ابْتُلِيَ الرسول صلى الله عليه وسلم ، كما أن الأنبياء كانوا أشد الناس بلاءً، ومن ثَم فالابتلاء ليس دليلًا على المهانة ولا الخذلان.
وحول مدى احتياج المستفتي إلى علاج نفسي خلال تلقِّيه الفتوى، قال: إن العلاقة بين الدين والصحة النفسية هي علاقة تكاملية، فالفتاوى لها أثر إيجابي في الصحة النفسية وتساعد الطب، والله ذَكر أن الإنسان الذي يتحلَّى بالإيمان والعمل الصالح تكون له حياة طيبة في الدنيا، فكل شرائع الإيمان والعمل الصالح وترك المحرمات والبعد عن الكبائر تؤدي إلى حياة مطمئنة، وهذا كله يساعد ويغذي الجانب النفسي لدى الإنسان، فالعلاج النفسي مع الديني يتكاملان ويتعاونان، لافتًا النظر إلى أن النواحي الدينية عنصر مساعد للمريض النفسي، ولكنه في بعض الأوقات يحتاج المريض إلى الطب قبل الفتوى في المقام الأول، مشيرًا إلى أن الجانب الروحي ثابت في دراسات موثقة، وهناك بلاد ثبت فيها انخفاض نسبة الانتحار نتيجة ارتفاع الجانب الروحي، لذا فعَلى مَن يشتغل بالناحية الشرعية أن يدلَّ الناسَ على العلاج الطبي إذا كان بحاجة إلى ذلك؛ لأن هناك جوانب طبية لا بدَّ أن تستوفى.