شهدت الأسواق المالية العالمية اضطرابًا غير مسبوق عقب الصعود المفاجئ لتطبيق الذكاء الاصطناعي الصيني "ديب سيك" (deepseek)، الذي تصدَّر متاجر التطبيقات وأثار قلق المستثمرين، لا سيما في الولايات المتحدة.

 

جاء هذا القلق نتيجة لعدة عوامل، من بينها التكلفة المنخفضة لتطوير التطبيق، وانتشاره السريع، وتأثيره المباشر على أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى، وفي مقدمتها عملاق التكنولوجيا الأميركي "إنفيديا".

 

"ديب سيك".. زلزال مالي وتكنولوجي

 

وفقًا لتقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، فإن "ديب سيك"، الذي تم إطلاقه في 20 يناير/كانون الثاني، أظهر قدرة تنافسية عالية مقارنة بنماذج الذكاء الاصطناعي الرائدة عالميا مثل "شات جي بي تي"، حيث استطاع تقديم أداء متقدم بتكلفة أقل بكثير.

 

ونتيجة لهذا النجاح، تراجعت أسهم "إنفيديا" بنسبة 17%، مما أدى إلى خسارتها حوالي 600 مليار دولار أميركي من قيمتها السوقية في يوم واحد، وهو أكبر انخفاض يومي في تاريخ الأسواق المالية الأميركية.

 

ووفقًا لصحيفة "فايننشال تايمز" أيضا، فإن هذا التراجع دفع مؤشر فيلادلفيا لأشباه الموصلات للهبوط بنسبة 9.2%، بينما سجل مؤشر "ناسداك" انخفاضًا تجاوز 3%، مما زاد من المخاوف حول مستقبل شركات الذكاء الاصطناعي الأميركية الثلاثاء.

 

ويرى "ستيفن يو"، كبير المحللين في مؤسسة "بلو ويل غروث"، أن "هذه الخسائر تعكس مدى تأثر السوق بقدرة الشركات الصينية على الابتكار بتكاليف أقل، مما يدفع المستثمرين لإعادة تقييم إنفاقهم على الذكاء الاصطناعي".

 

لماذا يتخوف المستثمرون الأميركيون من "ديب سيك"؟

 

برز "ديب سيك" كأحد أكثر الابتكارات إثارة للجدل في الأسواق العالمية، ليس فقط بسبب أدائه المتقدم، ولكن أيضًا بسبب تداعياته الاقتصادية الواسعة.

 

فقد كشف إطلاق هذا النموذج الصيني عن تغيرات جذرية في موازين القوى بين شركات التكنولوجيا الغربية ونظيراتها الصينية، مما جعل المستثمرين الأميركيين يشعرون بقلق متزايد إزاء مستقبل استثماراتهم في هذا القطاع.

 

يعتمد هذا القلق على عدة عوامل رئيسية، أبرزها قدرة "ديب سيك" على تحقيق نتائج مذهلة بتكاليف تطوير منخفضة، الأمر الذي يهدد استدامة النماذج الأميركية التي تعتمد على استثمارات ضخمة.

 

إلى جانب ذلك، فإن التقدم السريع للصين في هذا المجال قد يؤدي إلى فقدان الشركات الأميركية تفوقها التكنولوجي، مما يجعلها عرضة لخسائر اقتصادية هائلة.

 

تكلفة التطوير المنخفضة

 

وفقًا لتحليل نشرته وكالة "بلومبيرغ"، فإن "ديب سيك" تم تطويره بتكلفة لا تتجاوز 6 ملايين دولار أميركي -بعض التحليلات القادمة من آسيا تقدر أن التكلفة الحقيقة لا تتجاوز نصف هذا الرقم- مقارنة بالتقديرات التي تشير إلى أن تطوير "جي بي تي 4" كلَّف أكثر من 100 مليون دولار أميركي.

 

هذه الفجوة الكبيرة في التكلفة أثارت تساؤلات جوهرية حول مدى جدوى الاستثمارات الضخمة التي تضخها الشركات الأميركية في تطوير الذكاء الاصطناعي.

 

ويرى الخبير الاقتصادي "دان هوتشيسون" من مؤسسة "تيك إنسايتس" أن "خفض التكاليف بهذا الشكل الكبير يعيد تشكيل سوق الذكاء الاصطناعي، حيث لم يعد الأمر يعتمد فقط على امتلاك التكنولوجيا المتقدمة، بل أيضًا على كيفية استغلال الموارد المحدودة بكفاءة لتحقيق نتائج مماثلة".

 

تحدي الهيمنة الأميركية في الذكاء الاصطناعي

 

وفي خطوة تدعم الطموحات الصينية، أعلن الرئيس الصيني "شي جين بينغ" أن تطوير الذكاء الاصطناعي يعد أولوية وطنية، مما يعزز من فرص الصين في المنافسة عالميا.

 

وفي المقابل، تحاول الولايات المتحدة فرض قيود صارمة على تصدير الشرائح الإلكترونية المتقدمة إلى الصين، لكن "ديب سيك" أثبت أن الصين قادرة على تجاوز هذه القيود.

 

وبحسب تحليل "كونتر بوينت ريسيرش"، فإن "السياسات الأميركية للحد من تصدير الشرائح لم تؤثر بشكل كبير على الشركات الصينية، بل دفعتها إلى تبني إستراتيجيات جديدة تعتمد على كفاءة البرمجيات بدلاً من القوة الحوسبية الهائلة".

 

تراجع كارثي لـ"إنفيديا"

 

وتلقى قطاع صناعة الرقائق في الولايات المتحدة ضربة قاسية بعد أن كشفت التقارير أن "ديب سيك" لم يعتمد على أحدث الشرائح من "إنفيديا"، بل استطاع تطوير خوارزميات برمجية جديدة تعتمد على رقائق أقل تطورًا لكنها أكثر كفاءة من حيث التكلفة.

 

ونتيجة لذلك، سجلت "إنفيديا" انخفاضًا في قيمتها السوقية، حيث خسرت موقعها كأكبر شركة أميركية لصالح "آبل" و"مايكروسوفت".

 

ويرى "ديلان باتل"، المحلل في "سيمي أناليسيس"، أن "ما يحدث حاليًا ليس مجرد تراجع في أسهم شركة ما، بل هو إعادة تشكيل لصناعة الذكاء الاصطناعي بأكملها، حيث يمكن أن تصبح الشركات الصينية اللاعب الرئيسي في هذا المجال خلال السنوات المقبلة".

 

وكانت الصين قد شهدت صعودًا صاروخيًّا في مجال السيارات الكهربائية خلال العقد الأخير، حيث تجاوزت شركاتها المحلية مثل "بي واي دي" و"نيو" العديد من المنافسين العالميين عبر تقديم سيارات ذات تقنيات متطورة وبأسعار تنافسية ما جعلها المسيطر الرئيسي في القطاع.

 

هذا النجاح يعكس إستراتيجية الصين في تحقيق الهيمنة على الأسواق العالمية من خلال الابتكار المدعوم بتكاليف إنتاج منخفضة.

 

ويرى خبراء أن السيناريو ذاته قد يتكرر في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث يمكن أن تحذو "ديب سيك" حذو شركات السيارات الصينية، مما سيؤدي إلى إعادة توزيع القوى التكنولوجية على مستوى العالم، ودفع الشركات الأميركية إلى تبني إستراتيجيات جديدة لمواجهة هذا الكابوس المتصاعد.

 

تأثير "ديب سيك" على القطاعات المختلفة

 

مع التقدم السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي، لم يعد تأثير هذه التطورات مقتصرًا على قطاع التكنولوجيا وحده، بل امتد ليشمل مختلف القطاعات الاقتصادية والصناعية.

 

ويُعد "ديب سيك" أحد أبرز الأمثلة على هذا التحول، حيث تشير العديد من التحليلات إلى أن انتشاره وتأثيره لا يقتصران فقط على الشركات المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، بل ينعكسان على أسواق المال، والخدمات المالية، والتصنيع، والتجارة العالمية.

 

هذا التأثير المتنامي يفرض تحديات جديدة على الشركات في مختلف القطاعات، حيث تحتاج إلى إعادة تقييم إستراتيجياتها لمواكبة التحولات السريعة التي يفرضها الذكاء الاصطناعي الصيني.

 

ومع تصاعد الدور الصيني في هذا المجال، تتزايد المخاوف من فقدان الهيمنة الأميركية على الابتكار الرقمي، مما قد يؤدي إلى تغييرات جذرية في المشهد الاقتصادي العالمي.

 

  ونستعرض هنا أهم القطاعات الاقتصادية التي تأثرت بإطلاق "ديب سيك" الصيني:

 

قطاع التكنولوجيا والابتكار

 

تسارع الشركات الأميركية الكبرى مثل "مايكروسوفت" و"غوغل" نحو تطوير نماذج ذكاء اصطناعي أكثر تطورًا لمواجهة تهديد "ديب سيك". ويرى محللون أن هذه الشركات قد تضطر إلى تقليل أسعار منتجاتها الذكية أو تحسين كفاءتها للحفاظ على مكانتها في السوق.

 

القطاع المالي

 

أشارت تقارير من "رويترز" إلى أن العديد من المؤسسات المالية بدأت إعادة تقييم إستراتيجياتها الاستثمارية في مجال الذكاء الاصطناعي. ويتخوف المستثمرون من احتمال ظهور فقاعة اقتصادية في هذا القطاع، مما قد يؤدي إلى خسائر ضخمة على غرار أزمة "دوت كوم" في أوائل الألفية.

 

الصناعة والتصنيع الذكي

 

ويشير تقرير نشره "وول ستريت جورنال" إلى أن "ديب سيك" قد يؤدي إلى إعادة تشكيل قطاع التصنيع الذكي، حيث بدأت شركات السيارات والمصانع في آسيا باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي الصينية لخفض التكاليف وزيادة الكفاءة الإنتاجية.

 

هل نشهد نهاية فقاعة الذكاء الاصطناعي؟

 

شهدت السنوات الأخيرة استثمارات ضخمة في قطاع الذكاء الاصطناعي، حيث راهنت الشركات العالمية على الإمكانات الهائلة التي يمكن أن يوفرها هذا المجال في مختلف القطاعات.

 

ومع ذلك، فإن ظهور "ديب سيك" وتداعياته الاقتصادية جعل العديد من الخبراء والمستثمرين يعيدون التفكير في مدى استدامة هذا النمو وما إذا كنا بالفعل أمام فقاعة اقتصادية شبيهة بما حدث مع أزمة شركات الإنترنت في أوائل الألفية.

 

يؤكد تقرير نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" أن "ديب سيك" قد يكون بداية لموجة جديدة من الابتكارات الذكية منخفضة التكلفة، ووفقًا للخبيرة "مارينا تشانغ" من جامعة التكنولوجيا في سيدني، فإن "ما نشهده اليوم هو إعادة هيكلة لسوق الذكاء الاصطناعي، حيث تتزايد الضغوط على الشركات الأميركية لإثبات أن استثماراتها الضخمة تحقق عوائد حقيقية".

 

مؤشرات الفقاعة.. مبالغة في القيمة؟

 

يشير بعض المحللين إلى أن الاستثمارات الضخمة التي تدفقت إلى قطاع الذكاء الاصطناعي خلال السنوات الأخيرة قد لا تكون مدعومة بعوائد مالية كافية، مما قد يؤدي إلى انهيار مفاجئ للسوق.

 

وفقًا لتقرير صادر عن بلومبيرغ، فقد ارتفع حجم التمويلات الموجهة إلى شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة بنسبة 150% خلال السنوات الثلاث الماضية، في حين أن نسبة الأرباح الفعلية لمعظم هذه الشركات لم تتجاوز 10% من التوقعات الأولية.

 

ويقول إدوارد موير، كبير المحللين في مورغان ستانلي: "إننا نشهد حالة غير مسبوقة من المبالغة في تقدير قيمة الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، وهو ما يذكرنا بما حدث مع فقاعة الإنترنت في التسعينيات، عندما تم ضخ استثمارات هائلة في شركات لم تكن تملك نماذج أعمال مستدامة".

 

كيف يؤثر "ديب سيك" على تصحيح السوق؟

 

ومع ظهور "ديب سيك" منافسا قويا بأسعار تطوير منخفضة، تتزايد الضغوط على الشركات الأميركية لتبرير إنفاقها الضخم على تقنيات الذكاء الاصطناعي. فعلى سبيل المثال، أعلنت مايكروسوفت عن استثمار 10 مليارات دولار أميركي في شراكتها مع "أوبن إيه آي"، بينما تمكنت "ديب سيك" من بناء نموذج منافس بميزانية لم تتجاوز 6 ملايين دولار أميركي.

 

وفقًا لجاكوب ليفينسون، خبير الاستثمار في بنك غولدمان ساكس، "إذا استمر الاتجاه الحالي، فقد نشهد موجة خروج جماعي لرأس المال الاستثماري من بعض شركات الذكاء الاصطناعي الأميركية، حيث سيتوجه المستثمرون نحو نماذج أكثر كفاءة من حيث التكلفة مثل "ديب سيك".

 

وقد يكون أحد أخطر تداعيات انهيار فقاعة الذكاء الاصطناعي هو تأثيره على سوق العمل، حيث يقدر تقرير صادر عن شركة ماكينزي للاستشارات أن حوالي 30% من الوظائف التقنية الناشئة تعتمد على الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي. وإذا حدث تصحيح حاد في السوق، فقد يؤدي ذلك إلى فقدان آلاف الوظائف وتباطؤ الابتكار في هذا المجال.

 

فقاعة أم تصحيح طبيعي؟

 

ويرى بعض المحللين أن ما نشهده ليس انهيارًا وشيكًا للقطاع، بل مجرد تصحيح طبيعي للأسعار، خاصة مع دخول منافسين جدد مثل "ديب سيك" الذي يجبر الشركات الغربية على إعادة تقييم نماذج أعمالها.

 

وتقول مارينا تشانغ من جامعة التكنولوجيا في سيدني: "ما نراه الآن هو تحول في طبيعة سوق الذكاء الاصطناعي، حيث يتم استبدال بالنماذج عالية التكلفة نماذج أخرى أكثر كفاءة، وليس بالضرورة انهيارًا تاما للسوق".

 

ما الذي يمكن أن يحدث خلال السنوات المقبلة؟

 

يمكن أن تتخذ التطورات المستقبلية عدة مسارات، تتراوح بين استمرار الهيمنة الغربية على تقنيات الذكاء الاصطناعي أو انتقال مركز الابتكار إلى الصين، وهو ما قد يعيد رسم خريطة القوى الاقتصادية العالمية.

 

صعود الصين قوةً تكنولوجية مهيمنة

 

إذا استمرت الصين في تطوير تقنيات ذكاء اصطناعي عالية الكفاءة وبتكاليف منخفضة كما هو الحال مع "ديب سيك"، فقد نشهد تفوقًا واضحًا للصين في هذا المجال.

 

وفقًا لتقرير صادر عن مركز أبحاث الذكاء الاصطناعي العالمي، فإن الاستثمارات الصينية في الذكاء الاصطناعي تجاوزت 50 مليار دولار أميركي عام 2023، ويتوقع أن تصل إلى 120 مليار دولار أميركي بحلول عام 2027.

 

وهذا التوسع السريع، المدعوم بسياسات حكومية قوية، قد يمنح الشركات الصينية قدرة تنافسية غير مسبوقة على المستوى الدولي.

 

إعادة هيكلة السوق وتغير نماذج الاستثمار

 

من المرجح أن يؤدي التأثير الكبير لـ"ديب سيك" على السوق إلى إعادة تشكيل نماذج الاستثمار في قطاع الذكاء الاصطناعي.

 

ويتوقع أن تتحول استثمارات الشركات الكبرى مثل "غوغل" و"مايكروسوفت" نحو مشاريع أكثر استدامة، مع زيادة التركيز على تقنيات الذكاء الاصطناعي منخفضة التكلفة.

 

ويقول جاكوب ليفينسون، محلل التكنولوجيا في بنك غولدمان ساكس: "سوق الذكاء الاصطناعي يمر الآن بمرحلة تحول كبيرة، حيث سيتعين على الشركات الكبرى إما خفض تكاليف البحث والتطوير أو البحث عن شراكات جديدة للحفاظ على تنافسيتها".

 

احتمال اندماجات كبرى بين شركات التكنولوجيا

 

يشير تقرير صادر عن فايننشال تايمز إلى أن العديد من شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة قد تجد صعوبة في الاستمرار بسبب التغيرات الحادة في السوق.

 

ومن المحتمل أن نشهد موجة من عمليات الاندماج والاستحواذ خلال السنوات المقبلة، حيث ستسعى الشركات الكبرى مثل "أوبن إيه آي" و"أمازون" إلى شراء الشركات الناشئة الواعدة لتعزيز قدراتها في هذا المجال.

 

تغيرات في أسواق العمل ووظائف المستقبل

 

الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تقنية متقدمة؛ بل هو عامل مؤثر قد يغير أسواق العمل بشكل جذري. ووفقًا لتقرير شركة ماكينزي للاستشارات، فإن 30% من الوظائف التقنية قد تصبح مؤتمتة بالكامل بحلول عام 2030، مما سيؤثر على ملايين العاملين في القطاعات التقليدية مثل البرمجة، التحليل المالي، وخدمة العملاء.

 

في المقابل، من المتوقع أن تنشأ وظائف جديدة في مجالات تحليل البيانات، وإدارة أنظمة الذكاء الاصطناعي، وأمن البيانات، مما يتطلب تغييرات جذرية في أنظمة التعليم والتدريب المهني.

 

ما هو مؤكد أن السنوات المقبلة ستكون حاسمة في تحديد الاتجاه الذي سيتخذه قطاع الذكاء الاصطناعي. وسواء كان ذلك من خلال استمرار التفوق الأميركي، أو صعود الصين كقوة رائدة، أو حتى حدوث تصحيح اقتصادي يؤدي إلى إعادة تقييم قيمة استثمارات هذا القطاع، فإن الذكاء الاصطناعي سيظل في قلب التحولات التكنولوجية والاقتصادية لعقود مقبلة.

 

ومع كل هذه التطورات، يظل السؤال الكبير: هل سيعيد "ديب سيك" تشكيل خريطة الذكاء الاصطناعي العالمية؟ وهل ستكون الشركات الغربية قادرة على مواكبة هذا التحدي غير المتوقع؟

 

الأيام المقبلة ستكشف عن تأثير هذا الزلزال التكنولوجي على الاقتصاد العالمي ومستقبل الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة والصين.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: تقنیات الذکاء الاصطناعی شرکات الذکاء الاصطناعی قطاع الذکاء الاصطناعی سوق الذکاء الاصطناعی فی الذکاء الاصطناعی الشرکات الأمیرکیة الولایات المتحدة السنوات المقبلة الشرکات الصینیة فی هذا المجال تقریر صادر عن خلال السنوات دولار أمیرکی على الشرکات إعادة تقییم قد یؤدی إلى إلى إعادة تعتمد على العدید من دیب سیک یمکن أن فی مجال إلى أن

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي يرسم ملامح جديدة لقطاعي الأمن والدفاع

يوسف العربي (أبوظبي)
يرسم الذكاء الاصطناعي ملامح جديدة لقطاعي الأمن والدفاع حيث مكّن الأنظمة الأمنية والدفاعية من تحليل البيانات الضخمة، والتعلم المستمر من البيئات التشغيلية، مما أدى إلى تحسين دقة التنبؤ والكشف عن التهديدات، حسب خبراء ومتخصصين.
وقال هؤلاء لـ «الاتحاد» إنه بفضل خوارزميات التعلم الآلي والتحليل في الوقت الفعلي، باتت الأنظمة الأمنية قادرة على التمييز بين الأنشطة العادية والسلوكيات المشبوهة، ما يعزز سرعة الاستجابة ويحدّ من المخاطر الأمنية المحتملة. وأضافوا: يقوم الذكاء الاصطناعي بإعادة رسم قواعد الأمن العسكري من خلال تولّي دور المهاجم والمدافع في آنٍ واحد كما يراقب الذكاء الاصطناعي الدفاعي حركة البيانات داخل الشبكات، فيكتشف ما يبدو غريباً ويحوّله للتحقيق المعمّق دون تعطيل عمليات الشبكة المعتادة.   وأكدوا أنه مع تنامي التهديدات الأمنية وتعقيدها على المستوى العالمي، أصبح الاعتماد على الأنظمة الذكية القابلة للتكيف أمراً ضرورياً لمواكبة بيئات التشغيل الديناميكية والتحديات المتزايدة.
التعلم الآلي 
ومن جانبه قال وليد لحود، مدير المبيعات الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا «أترمس»: إن  قطاعي الأمن والدفاع يشهدان تحولاً جذرياً مدفوعين بالتطور المتسارع في تقنيات الذكاء الاصطناعي، والتشغيل الآلي، وتكامل أجهزة الاستشعار، ما يعزز بشكل غير مسبوق قدرات المراقبة والكشف عن التهديدات بذكاء ودقة عالية، ومع تنامي التهديدات الأمنية وتعقيدها على المستوى العالمي، أصبح الاعتماد على الأنظمة الذكية القابلة للتكيف أمراً ضرورياً لمواكبة بيئات التشغيل الديناميكية والتحديات المتزايدة.
وأضاف أن الذكاء الاصطناعي أحدث طفرة في مجال الأمن والمراقبة، حيث مكّن الأنظمة الدفاعية من تحليل البيانات الضخمة والتعلم المستمر من البيئات التشغيلية، مما أدى إلى تحسين دقة التنبؤ والكشف عن التهديدات وتقليل الإنذارات الكاذبة، وبفضل خوارزميات التعلم الآلي والتحليل في الوقت الفعلي باتت الأنظمة الأمنية قادرة على التمييز بين الأنشطة العادية والسلوكيات المشبوهة، ما يعزز سرعة الاستجابة ويحدّ من المخاطر الأمنية المحتملة.
وأوضح أنه في هذا السياق، تعدّ حلول مثل « SURICATE » حلاً متكاملاً يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي لتوفير مستويات عالية من الحماية والاستجابة السريعة للمتغيرات الأمنية إذ تساهم هذه الحلول في المراقبة الذكية، والتحليل اللحظي بحيث تعتمد على تقنيات التعلّم الآلي وتحليل البيانات الضخمة للقيام بعمليات المراقبة المستمرة والآلية، ما يتيح كشف التهديدات بسرعة عالية، سواء كانت طائرات مسيّرة أو مركبات أو عناصر بشرية مشبوهة.
وأضاف أن نظام SURICATE  هو حلّ ذكيّ للمراقبة يعتمد على دمج الكاميرات النهارية والحرارية في وحدة واحدة، مما يتيح تغطية مستمرة في مختلف ظروف الإضاءة ويتميز النظام بقدرته على التحليل الفوري للمشاهد من خلال الذكاء الاصطناعي المتقدم، الذي يعمل مباشرة على الجهاز (Edge AI) دون الحاجة إلى معالجة خارجية، وبفضل هذه التقنية يمكن للنظام رصد وتتبع الأجسام المتحركة بفعالية، مع تصنيفها تلقائياً بناءً على خصائصها البصرية والحرارية. 
ونوه بأن ما يميز النظام هو آلية التعلّم العميق (Deep Learning) التي تمكّنه من التطوّر المستمر حيث يستفيد النظام من الإنذارات السابقة لتحسين أدائه وتعزيز قاعدة بياناته ومع مرور الوقت، يصبح النظام أكثر دقة في التعرف على التهديدات الحقيقية والتقليل من الإنذارات الخاطئة، مما يساعد الفرق الأمنية والدفاعية على الاستجابة بسرعة وفعالية للمواقف المختلفة. 
حلقة تفاعلية
ومن ناحيته قال جاريث برايثويت، المدير العام للأسواق الناشئة في «جيجامون»: إن  الذكاء الاصطناعي يعيد رسم قواعد الأمن العسكري من خلال تولّي دور المهاجم والمدافع في آنٍ واحد.
وأضاف أنه على مدار أربعة عقود في هذا المجال تطوّرت التهديدات من فيروسات بسيطة إلى برمجيات خبيثة بالغة التعقيد مدعومة بالذكاء الاصطناعي. 
وأوضح أن الأنظمة العدائية تدرس أخطاءها وتحسّن أساليبها مباشرةً، دافعةً بالحدود إلى الأمام باستمرار وفي الجهة الأخرى، يراقب الذكاء الاصطناعي الدفاعي حركة البيانات داخل الشبكات، فيكتشف ما يبدو غريباً ويحوّله للتحقيق المعمّق دون تعطيل عمليات الشبكة المعتادة. 
ولفت إلى أن هذه الحلقة التفاعلية تزيد من قدرة الذكاء الاصطناعي المهاجم على تطوير تكتيكاته، وتقابلها ضرورة توقع الذكاء الدفاعي للحركة التالية وتساعد تحديثات التواقيع والخوارزميات المتغيرة على توقّع التهديدات الناشئة وإحباطها فيما يشبه حرب كرّ وفرّ يتفوّق فيها الذكاء الأقوى، لكنها سباق لا يعرف نهاية.
ضرورة حتمية
وقال إيليا ليونوف، المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، «بوزيتف تكنولوجيز» إنه في عالم يتصاعد فيه خطر التهديدات السيبرانية بوتيرة متسارعة، لم يعد تبني الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لحماية منشآت النفط والغاز والشبكات العسكرية وأنظمة الدفاع خياراً ثانوياً، بل أصبح ضرورة حتمية حيث تُوظّف هذه التقنيات على نطاق واسع لأتمتة الكشف والاستجابة والتحقيق، ما يختصر بشكل لافت زمن الاستجابة (MTTR)، وهو عنصر جوهري في عمليات الدفاع السيبراني الحديثة.
ولفت إلى أن نهج «الأمن السيبراني القائم على النتائج» من «بوزيتف تكنولوجيز» يقدم نموذجاً بارزاً في هذا السياق، إذ يهدف إلى تقليص زمن الاستجابة ليكون أقصر من زمن الهجوم (MTTA) ويجمع هذا الإطار بين أفضل الممارسات وأحدث الأدوات المتطورة، ما ينتج عنه دفاع عالي الكفاءة وقد ثبتت جدواه مراراً في بيئات تشغيلية فعلية، خصوصاً في خضم تزايد الأنشطة المرتبطة بالحروب الإلكترونية.
وقال: غير أن مجرمي الإنترنت ليسوا غافلين عن هذه التقنيات، فهم أيضاً يوظفون الذكاء الاصطناعي في عمليات الاستطلاع وغيرها من مراحل الهجوم وفي خضم هذا السباق التكنولوجي، يصبح تبني استراتيجيات معززة بالذكاء الاصطناعي ضرورة للمحافظة على التفوق الدفاعي.
وأضاف أنه أمام التهديدات السيبرانية المعقدة بنحو متزايد، يظل تسريع وتيرة اعتماد الذكاء الاصطناعي لحماية البنى التحتية الحيوية من أهم السبل لترسيخ القدرة على الصمود وحماية الأمن في عصر تسوده الحروب الرقمية.

مسرع قوي 
قال باتريس كين، الرئيس التنفيذي لمجموعة «تاليس» إنه في الوقت الذي تتطلع فيه قوات الدفاع إلى  تحقيق الابتكار في عام 2025 وما بعده، يشكل الذكاء الاصطناعي ركيزة أساسية في مسيرة التحول.
 وأضاف: في تاليس، كنا ندرك ونتوقع هذا التطور التكنولوجي، وحرصنا على  قيادة التغيير، حيث إننا ولأكثر من عقد من الزمان، قمنا بتضمين الذكاء الاصطناعي البسيط والقابل للتفسير والشفاف في حلولنا التي تخدم القوات المسلحة.
ولفت إلى أن تاليس تعتبر لاعباً رئيسياً في مجال الذكاء الاصطناعي في هذه البيئات المعقدة وتعد الشركة من كبار المتقدمين للحصول على براءات الاختراع - في أوروبا في هذا المجال، وتكرس الكثير من الجهد للبحث في مجال الذكاء الاصطناعي، سواء داخلياً أو من خلال الشراكات الأكاديمية والصناعية ولتحقيق المزيد من التقدم في هذه المهمة، وضعنا خبرتنا في مجال الذكاء الاصطناعي في CortAIx وهو مسرع قوي يضم أكثر من 600 مهندس وباحث متفرغين لتطوير الذكاء الاصطناعي الموجه للتطبيقات الحساسة.
ونوه بأنه على عكس الذكاء الاصطناعي المخصص للمستهلك، تم تصميم أنظمتنا للبيئات التي تكون فيها الأرواح والأمن القومي والبنية الأساسية بالغة الأهمية وهذا يعني إعادة التفكير في نماذج الذكاء الاصطناعي التقليدية، وضمان الامتثال للوائح الصارمة، وإعطاء الأولوية لإمكانية التضمين والاقتصاد في الإعدادات التشغيلية المعقدة.
وأوضح أن ما يميز الذكاء الاصطناعي الذي تطوره «تاليس» هو مقاربتنا الهجينة التي تتجاوز النماذج اللغوية الكبيرة التي تعتمد على كميات هائلة من البيانات والطاقة ويضمن الذكاء الاصطناعي في تاليس مستويات عالية من الشفافية والأمن السيبراني والممارسات الأخلاقية، ما يجعله مؤثراً ومستداماً ويعتمد  الذكاء الاصطناعي الذي تستخدمه تاليس، والذي يسمى الذكاء الاصطناعي الهجين، على البيانات، ما يتيح الفرصة  للاستفادة من قوة الأساليب الإحصائية المثبتة، ومن النماذج التي يمكن أن تكون هندسية أو رياضية أو رمزية وهذا مهم جداً لأن هذا الذكاء الاصطناعي شفاف، وليس صندوقاً أسود. وقال: إن هذه الطريقة تسمح لنا بشرح سبب ارتكاب الذكاء الاصطناعي لخطأ ما، على سبيل المثال، ومن الممكن تصحيحه وتحسينه، تماماً مثل الإنسان مضيفاً: نحن أيضاً رواد الذكاء الاصطناعي البسيط، الذي يستفيد من المعالجات عالية الكفاءة وتقنيات التشكيل العصبي المتطورة التي تحاكي الدماغ البشري، وتستهلك ما يصل إلى 1000 مرة طاقة أقل من الأنظمة التقليدية. وفي هذا المجال، نجحت تاليس في الحفاظ على مركزها الرائد  في مجال  التكنولوجيا.

أخبار ذات صلة تحت رعاية رئيس الدولة.. «آيدكس» و«نافدكس» ينطلقان اليوم «أترمس» الفرنسية تكشف عن تقنيات جديدة بأنظمة المراقبة آيدكس ونافدكس تابع التغطية كاملة

894 مليار درهم
قالت الدكتورة نعمت الجيار - مدير برنامج الدراسات العليا للذكاء الاصطناعي في كلية الرياضيات وعلوم الحاسوب في جامعة هيريوت وات – دبي، إن الذكاء الاصطناعي يلعب دوراً حيوياً في شتى المجالات ووفقاً لأحدث التقارير الصادرة عن «ستاتيستا» من المتوقع أن يصل حجم السوق في سوق الذكاء الاصطناعي إلى 243.70 مليار دولار في عام 2025 ما يعادل 894 مليار درهم ومن المتوقع أن يُظهر حجم السوق معدل نمو سنوي (CAGR 2025-2030) بنسبة 27.67%، مما يؤدي إلى حجم سوق يبلغ 826.70 مليار دولار بحلول عام 2030.
وقالت إنه تم دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في قطاعات عديدة حيث أصبح ضرورة وليس رفاهية، ففي قطاع الأمن والدفاع الحديث تستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي في اكتشاف ورصد التهديدات واتخاذ القرارات المناسبة، وبالتالي رفع مستوى الكفاءة التشغيلية وتعتمد الحكومات والمؤسسات الخاصة على التقنيات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي بشكل كبير لحماية الأصول، ومكافحة التهديدات السيبرانية، وتعزيز الدفاع الوطني.
وأضافت أنه في مجال الأمن السيبراني والذي لا يقل أهمية عن الأمن المادي (وهو الإجراءات الأمنية التي يتم تبنيها لحماية مواقع البناء والمعدات وكل المعلومات والبرامج الموجودة فيها) وبسبب التطور التكنولوجي الذي نشهده زادت نسب الهجمات السيبرانية فوفقًا لأحدث التقارير بلغت الخسائر جراء الهجمات السيبرانية نحو 10 تريليونات دولار عام 2023، وفي عام 2024 قدرت الخسائر بنحو 9 تريليونات دولار.
ونوهت بأنه يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لاكتشاف الهجمات السيبرانية ومنعها في الوقت الفعلي و تقوم خوارزميات التعلم الآلي بتحليل كميات هائلة من البيانات لتحديد الأنماط المرتبطة بالبرامج المشبوهة ومحاولات الاحتيال، كما يمكن للأنظمة الأمنية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي التعرف ورصد الأنشطة الغير مألوفة والتنبؤ بالتهديدات المحتملة والاستجابة بشكل أسرع من المحللين البشريين، وهذا مهم بشكل خاص لتأمين المعلومات الحيوية وحماية البنية التحتية.
وفي مجال الأمن المادي، تستخدم أنظمة المراقبة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي للتعرف على الوجه، وتحليل السلوك، والكشف عن التحركات المريبة ومراقبة الأماكن العامة والمرافق الحيوية كما تساعد الكاميرات والطائرات بدون طيار (الدرونز) المعززة بالذكاء الاصطناعي في أمن الحدود، وفحص المطارات، ومراقبة الحشود.
ويعمل الذكاء الاصطناعي أيضًا على تعزيز الأمن في العمليات العسكرية وتستخدم الطائرات بدون طيار والأنظمة الآلية ذاتية التحكم في الاستطلاع والمراقبة والخدمات اللوجستية، مما يعزز الأمن ويقلل من المخاطر فيوفر للقادة العسكريين رؤى في الوقت الفعلي لتعزيز التخطيط الاستراتيجي.

مقالات مشابهة

  • لمخاوف أمنية.. سول تعلق الذكاء الاصطناعي الصيني
  • الذكاء الاصطناعي يرسم ملامح جديدة لقطاعي الأمن والدفاع
  • ماذا خسر عصر الذكاء الاصطناعي من تراجع المسلمين؟
  • باستخدام الذكاء الاصطناعي.. ميتا تقترب من فك شفرة الأفكار البشرية
  • ول هاتف في العالم يدعم الذكاء الاصطناعي DeepSeek
  • الذكاء الاصطناعي
  • سام ألتمان يخطط لدمج جميع نماذج الذكاء الاصطناعي في نموذج جديد
  • ثورة في الذكاء الاصطناعي.. Gemini يتذكر كل شيء
  • GPT-5 سيتاح لمستخدمي الذكاء الاصطناعي مجانا
  • آبل تطور روبوتات شبيهة بالبشر.. بداية عصر جديد في الذكاء الاصطناعي