توقيع مذكرة تفاهم بين سوناطراك ومركز تنمية الطاقات المتجددة
تاريخ النشر: 29th, January 2025 GMT
تم, اليوم الأربعاء بالجزائر العاصمة, التوقيع على مذكرة تفاهم بين مجمع سوناطراك ومركز تنمية الطاقات المتجددة, بهدف تشجيع وتطوير الخبرة الوطنية ودعم المحتوى المحلي في مجال الطاقات المتجددة.
ووقع على مذكرة التفاهم كل من المدير المركزي للطاقات المتجددة بسوناطراك,يوسف خنفر ومدير مركز تنمية الطاقات المتجددة, نور الدين عبد الباقي, وذلك بحضور وزير الدولة وزير الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة, محمد عرقاب, وزير التعليم العالي والبحث العلمي, كمال بداري, كاتب الدولة لدى وزير الطاقة المكلف بالطاقات المتجددة, نور الدين ياسع, والرئيس المدير العام لمجمع سوناطراك, رشيد حشيشي.
وتهدف مذكرة التعاون إلى تعزيز الخبرة الوطنية, وتطوير المحتوى المحلي والمساهمة في خلق فرص العمل والتنمية الاقتصادية, كما ستعمل مشاريع البحث والتطوير التي يتم الاضطلاع بها بشكل مشترك, على تحفيز ظهور قطاعات صناعية
جديدة ومؤسسات صغيرة ومتوسطة مبتكرة.
وتهدف هذه المذكرة أيضا إلى تحقيق أهداف محددة ستترجم إلى إجراءات ملموسة,ويشمل ذلك على وجه الخصوص إجراء مشاريع بحث مشتركة في مجالات الطاقات المتجددة والهيدروجين, وتطوير تقنيات مبتكرة لدمج الطاقات المتجددة في المواقع الإدارية والصناعية للشركة.
كما تشمل أيضا تعزيز القدرات البشرية من خلال نقل المهارات, وكذا إنجاز مشاريع تجريبية لاختبار والتحقق من صحة الحلول المطورة بشكل مشترك, قبل نشرها على نطاق واسع.
وفي كلمة له بالمناسبة, أكد بداري على أهمية البحث العلمي والابتكار في تحقيق هدف تطوير مصادر طاقوية متنوعة ومستدامة, تساهم في تقليل الاعتماد على الطاقة الأحفورية.
ولفت الوزير إلى أن مراكز البحث الجامعية ستكون في خدمة سوناطراك من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة, عبر بحوث تساهم في تطوير مشاريع لاستغلال الطاقات المتجددة.
من جهته, أكد ياسع أن “الجزائر تسير بخطى ثابتة نحو تحول طاقوي يعتمد على نموذج أكثر تنوعا واستدامة”, مضيفا أن هذا التوجه يأتي “في سياق ديناميكية عالمية تسعى الجزائر, بإمكاناتها الواعدة, إلى أن تكون فيها فاعلا أساسيا”.
وأشار إلى أن الجزائر عازمة على تقليل اعتمادها على الطاقات الأحفورية واستغلال كامل إمكاناتها في مجال الطاقات المتجددة, خاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الحرارية الأرضية وتطوير الهيدروجين الأخضر, بهدف تحقيق نسبة
30 بالمائة من الطاقات المتجددة في المزيج الطاقوي بحلول عام 2035.
كما عبر ياسع عن قناعته بأن الشراكة بين مركز تنمية الطاقات المتجددة وسوناطراك, ستكون “قوة دافعة” لتسهيل التنوع الطاقوي في المنشآت الصناعية.
أما حشيشي, فأبرز في كلمته أهمية هذا النوع من الشراكات, نظرا لمساهمتها في تبادل المعارف والتجارب وتقاسمها, بما يمكن سوناطراك والجامعات ومراكز البحث على حد سواء من “التقدم معا”, وكذا توحيد الجهود لتطوير حلول عملية ملموسة ومبتكرة من شأنها إحداث أثر مباشر على عمليات المجمع ومشاريعه.
وثمن حشيشي المبادرات التي أطلقها قطاع التعليم العالي والبحث العلمي,لا سيما ما تعلق منها بالبرامج الوطنية للبحث, والتي أكد أنها تشجع على إنشاء فرق مختلطة لتنفيذ مشاريع بحث تطبيقية في مختلف مجالات صناعة المحروقات والانتقال الطاقوي.
ويتطلع مجمع سوناطراك إلى انخراط مركز تنمية الطاقات المتجددة بشكل فعال في تنفيذ عمليات المجمع المتعلقة بالانتقال الطاقوي, لاسيما عن طريق إعداد دراسات الجدوى, وتصميم المشاريع ومتابعة إنجازها, يضيف حشيشي.
كما أكد على “ضرورة العمل معا أيضا على دراسة كل فرص التعاون المتاحة وإطلاق مشاريع مشتركة في المجالات ذات الصلة بالطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر,بما يتيح اكتساب التحكم المطلوب على الصعيدين التكنولوجي والعملياتي على
امتداد سلسلة القيمة لهذا النمط من الصناعة”, لافتا إلى أن هذا التعاون سيمكن الطرفين من التوجه مستقبلا نحو آفاق أكثر طموحا, من أجل تنفيذ مشاريع كبرى تستجيب لأهداف الاستراتيجية الوطنية للانتقال الطاقوي.
وبدوره, نوه عبد الباقي بأهمية مذكرة التفاهم, التي أشار إلى أنها تعكس الإرادة المشتركة بين المركز وسوناطراك للمساهمة في تنويع المزيج الطاقوي وتقليل استغلال الطاقة الأحفورية وتعزيز السيادة الطاقوية, مؤكدا أن مركز
تنمية الطاقات المتجددة يتوفر على الكفاءات اللازمة لمواكبة توجه البلاد نحو تطوير الطاقات المتجددة.
وذكر في هذا السياق بإنجازات المركز سنة 2023 المتمثلة في 396 منشور مفهرس في مجلات دولية رفيعة المستوى, 67 نموذج أولي مبتكر تم تنميته واختباره ميدانيا و13 براءة اختراع مسجلة, وهي النتائج المحققة في إطار تعاون مع شركاء محليين وأجانب من خلال 13 مشروع بحثي وطني و9 مشاريع دولية.
ولفت المتحدث إلى أن المركز سيعمل من خلال مذكرة التفاهم الموقعة اليوم على تعزيز الرابط بين البحث والصناعة, لاسيما وأن هذه الأخيرة ستعزز قدرات المركز على تحويل البحوث إلى مشاريع ملموسة.
المصدر: النهار أونلاين
كلمات دلالية: إلى أن
إقرأ أيضاً:
العيد.. فرحة تمتزج بين عبق الماضي والمظاهر المتجددة
- أجواء البساطة والمودة وروح الجماعة تسود الزمن الجميل
- تبادل الزيارات والعيديات من السمات الاجتماعية المتوارثة
- سباقات الهجن والألعاب التقليدية تواصل إضفاء طابعها الأصيل
- انتعاش تجاري ومناشط تبعث البهجة في نفوس الأطفال
العيد في الماضي كان يحمل طابعًا مميزًا، حيث كانت البساطة عنوانًا لكل شيء، ابتداء من التحضيرات قبل أيام، إلى اجتماع الأسر حول العادات والتقاليد العريقة، وفي عصرنا الحاضر تغيرت الكثير من تلك المظاهر بفعل الحداثة ولا تزال السمات الاجتماعية المتوارثة وبعض الفعاليات الشعبية تضفي على العيد طابعه الأصيل، لكن الحنين إلى تفاصيل الماضي يبقى حاضرًا في وجدان من عاشوا تلك الأيام. "عمان" التقت عددًا من الذين عاصروا العيد في العقود الماضية يرون عبق العيد في الماضي وبهجته المتجددة.
يحكي الوالد محمد بن سليم العامري من ولاية مسقط: عن استقبالهم للعيد في زمن الستينات والسبعينات بقوله: العيد في الماضي له مذاق خاص بخلاف الوقت الحاضر، ويتميز بلمة الأهالي والأقارب، وقبل العيد تصدح النساء بالأغاني الشعبية وتعلوا أصوات المراجيح استعدادا للعيد، وتتزين بالحناء والبعض منهن يعد العرسية لصباحية العيد، وكان الرجال يعدون على الثور أو البقرة، ويطلق عليها اسم "عدية" أي بمعنى كل شخص يشتري جزءا من الثور أو البقرة، ويأخذون سهما من اللحم لإعداده للعرسية، وكانت هناك مناداة لمن أراد أن يشتري الكبد أو الكرش وغيرها من أجزاء الذبيحة.
أما عن تجهيز ملابس العيد فقد أشار إلى أنه في الماضي لا يوجد محلات خياطة فالنساء هن من يقمن بالخياطة وحياكة الملابس، كل امرأة كانت تقوم بخياطة الدشداشة البيضاء والكمة لزوجها وأبنائها، وكان الشياب يرتدون المصر الأبيض والأطفال يرتدون الأحزمة "الحزاق" الفضية والعيدية، وكانت تتراوح بين بيستين إلى ثلاث وخمس بيسات، وأضاف في أول أيام العيد الكل يذهب إلى صلاة العيد في مصلى "السيح" خارج الحارة مرتب ومنظف ومفروش بالبساط، ويخطب الإمام بصوته العالي بحكم لا توجد ميكرفونات في ذاك الزمن وبعد الصلاة تبدأ المعايدة بين الأهل والجيران.
أما عن أسواق العيد فقال لا توجد أسواق غير سوق السيب ووسيلة النقل كانت أما الحمار والقليل من يملك السيارات، ومن المشتريات التي كنا نسعى لشرائها القهوة السيلانية المشهورة لدينا والزبيب للترشة، والأرز والطحين للخبز والملح والبهارات والحلوى، والكميم للأطفال.
مظاهر نابضة بالحياة
ومن محافظة البريمي قالت الدكتورة وفاء بنت سالم الشامسية: إن مظاهر الاستعداد للعيد اليوم تختلف كثيرًا عن الماضي. ففي زمن الأجداد، كانت التحضيرات تبدأ قبل أسابيع، حيث تتعاون العائلة كلها في تنظيف المنزل وتزيينه، وتجهيز الملابس الجديدة التي غالبًا ما كانت تُخاط يدويًا، ولم تكن الأسواق كما نعرفها اليوم، بل كانت تجمعات شعبية حافلة بالحياة، ويتردد عليها الناس لشراء الأقمشة والبخور والمواد الغذائية، في أجواء تسودها البساطة والمودة. وكان يوم العيد يبدأ بعد صلاة الفجر، حيث يرتدي الجميع أجمل ما لديهم من ملابس وأزياء وطنية، وغالبًا ما تكون "الدشداشة" العمانية البيضاء، والعمائم بالنسبة للرجال، أما النساء فيلبسن الأزياء التقليدية كلٌ حسب محافظته، حيث يخرجون لأداء صلاة العيد في الساحات المفتوحة. وبعد الصلاة، يتبادلون التهاني وجهًا لوجه، يزورون بعضهم البعض ويقدمون الحلوى والعيديات للأطفال الذين يتنقلون بين البيوت في فرحٍ بالغ، يجمعون قطع الحلوى والعملات المعدنية التي تمثل لهم كنزًا صغيرًا.
أجواء مليئة بالمرح
وأضافت الشامسية: طقوس الأكل كانت جزءًا أساسيًا من العيد، حيث تُحضَّر الأكلات التقليدية، وتُقدّم بعد الصلاة مباشرة. أما الحلوى العمانية، فإنها عمود الضيافة العمانية، ولا بد أن تتوسط المائدة. وكانت الألعاب الشعبية والسباقات والرياضات الشعبية التنافسية جزءًا مهمًا من فرحة العيد، فهي تُضفي على الأعياد بهجة خاصة، حيث يجتمع الأطفال والشباب حولها في أجواء مليئة بالمرح.
ورغم بقاء جوهر العيد المتمثل في الصلاة وصلة الرحم، إلا أن مظاهره اليوم باتت مختلفة إلى حد ما. فقد حلت الأسواق الحديثة والمجمعات التجارية مكان الأسواق الشعبية، وباتت الملابس تُشترى جاهزة، كما تغيّرت وسائل التهنئة مع ظهور الهواتف ووسائل التواصل الاجتماعي التي قللت من الزيارات المباشرة. في حين أخذت الألعاب الإلكترونية نصيبًا كبيرًا من أوقات الأطفال، مما جعل الألعاب التراثية تتراجع إلى حد كبير. ونحن على مستوى العائلة ما زلنا نحتفظ بكثير من الممارسات المرتبطة باجتماع العائلة في البيت الكبير بعد انتهاء صلاة العيد، ومعايدة الأهل والجيران والمعارف. ومن خلال هذا التجمّع العائلي نتشارك كل التفاصيل المتعلقة بتجهيز اللحم والشواء وإعداد وجبات الطعام بطريقتها التقليدية قدر المستطاع، وينتهي اليوم بمجموعة من الفعاليات والمسابقات بين أفراد العائلة.
ورغم هذه التغيرات، يبقى العيد مناسبة اجتماعية وروحانية تتجدد فيها معاني التآخي والفرح. ولعل الأجداد يفتقدون اليوم تلك البساطة وروح الجماعة التي كانت تملأ أعيادهم في الماضي، لذا فإنه من الأهمية بمكان أن تتمسك الأجيال الجديدة بالعادات الأصيلة، مثل: زيارة الأهل والجيران، والمشاركة في إعداد الطعام، وإحياء الألعاب التراثية لتعزيز الروابط الاجتماعية وتقاسم الفرحة بين أفراد العائلة.
طعم خاص
ومن ولاية محضة يقول راشد بن سعيد الكعبي: في الماضي أجواء العيد كان لها طعم خاص وفرحة الناس والأطفال لاستقبال العيد والذهاب إلى الأسواق الموجودة آنذاك لشراء احتياجات العيد وشراء الاغنام وبيعها، وكنا نقوم بتجهيز أسياخ المشاكيك من زور النخيل، وتجهيز الخصف من سعف النخيل وتجهيز بهارات اللحم (الخل)، ويبدأ صباح العيد من بعد صلاة الفجر، حيث يقوم كل من في البيت بلبس ملابسه الجديدة والتجهز لصلاة العيد. كانت تقام الصلاة في الوادي لا توجد أسوار أو أي بنيان في مصلى العيد، وكان المصلى يجمع الرجال في المقدمة وأغلب نساء المنطقة في الخلف. أما الآن فالصلاة بعض الأحيان في الجوامع، ولا ترى الكثير من الأطفال والنساء تكاد تنعدم، وبعد الخروج من صلاة العيد مباشرة يجتمع جميع الأهالي وأعيان الولاية، ونقوم بالمشي مرورًا أولا بكبار السن في كل بيت وبعدها نأكل وجبة الإفطار في مجلس الشيخ وكانت الوجبات عبارة عن ثريد اللحم والهريس وتوزيع العيدية بعد صلاة العيد وعند مرور الأطفال البيوت. ومن العادات الجميلة عمل (المريحانة) وهي عبارة عن جذوع نخل ويربط بينها حبل، ويقوم الأطفال باللعب وخاصة البنات. بالإضافة إلى وجود التجمعات بين الأقارب والأهل وتناول المقلي والمشاكيك واللحم المشوي، والتنور والعرسية والحلوى وحلوى الدخن.
يصف فهد بن عبيد الفارسي طقوس عيد الفطر في قريته ظاهر الفوارس بولاية عبري باعتبارها نموذجًا حيًا لاستمرارية العادات والتقاليد العمانية المتجذرة، حيث تبدأ الاستعدادات في العشر الأواخر من رمضان بشراء المواشي وملابس العيد، لتكتمل فرحة الأسرة، ويترافق ذلك مع تجهيز الأكلات الشعبية مثل: المقلاي والمشاكيك والشواء العماني، التي تستمر لعدة أيام. ويؤكد أن اليوم الأول للعيد يبدأ بصلاة العيد في مصلى القرية، ثم يتبادل المصلون التهاني، وبعد ذلك يتجمع أصحاب القرية لإحياء فن "الرزحة"، والذي ينطلق من المصلى مرورًا بحارات القرية القديمة، مرددين الزامل حتى يصلوا إلى حارة الزامة، قبل أن يتفرقوا لبدء الزيارات العائلية، وخاصة لكبار السن والمرضى.
سمات بارزة
ويشير إلى أن تبادل الزيارات والعيديات يعد من السمات الاجتماعية البارزة، حيث يحرص الجميع على تقديم التهاني بعد الصلاة، ثم زيارة أهالي القرية، وتناول وجبة الغداء جماعيًا في منزل كبير الأسرة أو حسبما يتفق عليه الأهالي. وتحتفظ القرية أيضًا بدورها الخيري، إذ تتشكل لجان لتجميع الزكاة وتوزيعها على المستحقين قبيل العيد. أما الأنشطة الاحتفالية، فتأخذ طابعًا تراثيًا بامتياز، إذ يجتمع الأهالي عصرًا في موقع (المد) لأداء فنون الرزحة والزامل، مرددين الأهازيج العمانية التي تتنوع بين المدح والحماس، بمشاركة واسعة من جميع الفئات العمرية، مما يمنح الاحتفال هوية ثقافية مميزة، تجتذب الزوار من خارج القرية، وتبرز روح التماسك والانتماء.
وفي بلدة خدل بولاية عبري، تبدأ الأسر بالاستعداد لعيد الفطر المبارك بشراء الملابس للكبار والصغار، كما يوضح عبدالعزيز بن سالم الكلباني، مشيرًا إلى أن الأولاد يرتدون الدشداشة العمانية والغترة أو الكمة، بينما ترتدي البنات الدشداشة المخورة. وفي صباح أول يوم من العيد، يحرص الجميع على ارتداء الملابس الجديدة، وتجهيز وجبتي العرسية والهريس لتناولها بعد صلاة العيد مباشرة. ويؤكد الكلباني أن تبادل الزيارات والعيديات من أهم مظاهر العيد، حيث يتبادل الأهالي التهاني ويزورون بعضهم بعضًا، ويتناولون المأكولات الشعبية مثل: الهريس والعرسية والحلوى والقهوة العمانية، مضيفًا: إن أفراد العائلة يتجمعون في بيت الجد والجدة. ويضيف: إن اليوم الثاني والثالث والرابع من العيد يشهدون عادةً تجمعًا في المسجد لتناول وجبة الغداء، حيث يُقدَّم في اليوم الثاني لحم مقلي مع الأرز الأبيض أو الخبز العماني، وفي اليوم الثالث المشاكيك، وفي اليوم الرابع الشواء مع الأرز.
ويشير الكلباني إلى أن بلدة خدل تتميز بإقامة العديد من الفعاليات التقليدية، مثل: الرزحات والرقصات الشعبية التي يشارك فيها الجميع من مختلف الأعمار، كما تُنظم سباقات الهجن وعرضة الهجن في ثاني أو ثالث أيام العيد. كما تحدث الكلباني عن دور الجمعيات الخيرية، حيث يتم تجميع الزكاة عند كبير المنطقة، ثم توزيعها على المحتاجين، مؤكدًا أهمية هذا الدور في تعزيز قيم التكافل الاجتماعي. ويختتم عبدالعزيز الكلباني بالحديث عن النشاط الاقتصادي، لافتًا إلى أن الأسواق تشهد حركة كبيرة قبيل العيد، مع إقبال الناس على شراء الملابس والحلوى العمانية، ولا يقتصر ذلك على الأسواق المحلية، بل يشمل التنقل بين المناطق، مما يسهم في تحريك النشاط التجاري والسياحي في الولاية وخارجها.
انتعاش اقتصادي
ويقول عبدالله بن سعيد الصباري: إن العيد يُعد فرحةً متجددةً، وأن أبرز ملامح العيد في مدينة نزوى، التحضير للعيد، وتبادل الزيارات، والاحتفالات إلى جانب الانتعاش الاقتصادي والسياحي المصاحب لهذه المناسبة.
وأوضح أن الاستعداد للعيد يبدأ قبل أن تسطع شمس يومه المبارك، حيث تتوجه الأسرة نحو خياطة الملابس المناسبة لأفرادها، وشراء اللوازم المعيشية، والتفكير في موائد الضيافة، مؤكدًا على أهمية وجبة "الهريس" التي تُعد من القمح باللحم والزبيب والسمن المحلي، وتُعتبر الوجبة الأساسية لصباح يوم العيد.
وبيّن أن زيارات العيد العائلية تتخلل أيامه، حيث تتجلى فيها عبادة صلة الأرحام والتواصل مع الأقارب والجيران والمعارف، وغالبًا ما تكون بالحضور المباشر، مشيرًا إلى أن المجتمع يحيي مظاهر الفرحة بفنون مثل فن الرزحة الذي يُعد من الفنون التي تتغنى بالأمجاد والمفاخر الوطنية، إلى جانب مسابقات الرماية، وإقامة الأسواق المحلية التي تُعرض فيها ألعاب الأطفال المتنوعة والمبهجة للناشئة.
ولفت إلى الدور الذي تلعبه الجمعيات الخيرية خلال العيد في إيصال معروف أهل الخير إلى الأسر المستحقة من فئات الدخل المحدود، من خلال تقديم المساعدة سواءً مادية أو عينية، معتبرًا ذلك من سنن الإسلام التي تحقق مقاصده الرحيمة والنبيلة. وأضاف: إن العيد يُرافقه انتعاش تجاري ملحوظ تشهده الأسواق المحلية، وهذا الانتعاش يرتبط بالحركة السياحية النشطة خلال فترة العيد، حيث تتنقل الأسر بين القرى والمدن العمانية، ما يتيح الفرصة لاكتشاف معروضات الأسواق والاطلاع على ما تزخر به البيئة العمانية من صناعات يدوية وآثار وتراث متجذر. وفي ختام حديثه، قال الصباري: إن العيد في سلطنة عمان بشكل عام، وفي نزوى بشكل خاص، يُعد امتدادًا جميلًا لثقافة العالم العربي والإسلامي، بما يحمله من قيم اجتماعية وروحية أصيلة.
من جانبه، يشاركه الرأي سالم بن عيسى الهطالي من الجبل الشرقي بولاية الحمراء، واصفا أن التحضيرات للعيد، تبدأ قبل أيام من حلوله، وتشمل شراء اللحوم والبهارات والملابس والحلوى والفواكه. وفي صباح العيد تُعد العرسية لتناولها بعد الصلاة ضمن تجمع عائلي يرسّخ أواصر القربى. وتُعد المعايدة وزيارة الأقارب من الطقوس المهمة التي تبدأ بعد الصلاة وتستمر حتى اليوم الثالث، حيث يحرص الأهالي على دعوة الزوار من القرى المجاورة لتناول القهوة العمانية والمأكولات الشعبية.
ويضيف: إن الفنون الشعبية تحضر بقوة ضمن فعاليات العيد، إذ تبدأ فور الانتهاء من الصلاة، وتشمل العرضة والرزحة والعروض المغنّاة، كما تُقام أنشطة ترفيهية ومسابقات وسباقات تقليدية، بدعم من الجهات المحلية. وتواصل الجمعيات الخيرية دورها في توزيع الزكاة والكسوة والهدايا للمحتاجين، في حين يحافظ الشباب على استمرارية الفنون التراثية كجزء أصيل من هويتهم الوطنية.
أما على الصعيد الاقتصادي، فيشير إلى انتعاش الأسواق والمحال التجارية قبيل العيد، وزيادة الإقبال على الحلويات والمطاعم التقليدية، بالإضافة إلى النشاط السياحي المتزايد، إذ تُعد ولاية الحمراء وجهة رئيسية خلال فترة العيد بفضل ما تمتلكه من معالم طبيعية وتاريخية.
تحضيرات مبكرة
بدوره، تحدث أحمد بن محمد المدحاني من ولاية مدحاء بمحافظة مسندم، عن الاستعداد للأعياد في السلطنة يبدأ مبكرًا، ولا تختلف ولاية مدحاء عن غيرها من ولايات عمان في هذا الجانب، حيث تنطلق التحضيرات لعيد الفطر منذ الثلث الأخير من شهر رمضان، من خلال شراء ملابس العيد والحلويات. ويؤكد أن مظاهر الفرح تبدأ قبل العيد بيومين، وتُقام في المساء احتفالات تشمل أداء الرقصات والفنون الشعبية مثل: الرزفة والعازي، وتستمر حتى ثالث أيام العيد.
ويذكر المدحاني أن صلاة العيد تُقام في المصليات أو الجوامع، يعقبها توجه الأهالي إلى منزل الشيخ لتناول الإفطار المكون من اللحوم والحلوى العمانية، ثم تنطلق الزيارات والمعايدات بين الأقارب والجيران. ويرى أن بعض هذه العادات بدأت تتقلص بفعل الحداثة، غير أن هناك من لا يزال متمسكًا بها. وتعم الفرحة أرجاء الولاية من خلال الألعاب الشعبية والأهازيج التي تملأ الطرقات، ويشارك الأطفال في تبادل الهدايا والعيديات. ويشير إلى أن سباقات الهجن التي كانت تُقام سابقًا اختفت، وهناك بعض مظاهر الاحتفال الحالية باقية كالرزيف، واليولة، ومبارزة السيف، إلى جانب الألعاب التقليدية التي ما زالت تضفي على الأعياد طابعها الأصيل.