تظهر نتائج دراسة علمية جديدة أن النفايات البلاستيكية الدقيقة أصبحت تشكل تهديدا متزايدا على الحياة في البحار والمحيطات. وأكدت النتائج أن انتشار هذه المواد يعرّض صحة النظم البيئية البحرية والساحلية للخطر، ومن ثم يؤثر على التنوع البيولوجي وخدمات النظم البيئية التي يعتمد عليها مليارات الأفراد.

وبحسب الدراسة الجديدة المنشورة حديثا في دورية "جورنال أوف هازردوس ماتيريالز أدفانسز"، فإن هذه النفايات المتزايدة تلحق أضرارا فادحة بالنظام البيئي العالمي تستوجب اتخاذ إجراءات متضافرة لوقف هذه الظاهرة.

الاعتماد المتزايد على المنتجات البلاستيكية أدى إلى زيادة هائلة في النفايات البلاستيكية (بيكسلز) ظاهرة في تفاقم

أدى الاعتماد المتزايد على المنتجات البلاستيكية إلى زيادة هائلة في النفايات البلاستيكية، فقد قفز الإنتاج العالمي من 1.7 إلى 311 مليون طن خلال نصف قرن، كما تقول الدكتورة سناء بن سماعيل الباحثة في المعهد الوطني لعلوم وتكنولوجيا البحار بتونس، في حديث خاص مع الجزيرة نت.

وتظهر الدراسات أن المواد البلاستيكية تشكل حوالي 80% من إجمالي نفايات المحيطات، وفي كل عام يدخل أكثر من 13 مليون طن من البلاستيك إلى البيئة البحرية. وتشير بن سماعيل إلى أن البحر الأبيض المتوسط يعدّ سادس أكبر منطقة تراكم للنفايات البلاستيكية في العالم بحوالي 229 ألفا منها 13 ألف طن من الجسيمات البلاستيكية الدقيقة.

إعلان

تهدد هذه النفايات التنوع البيولوجي البحري وتؤثر تأثيرا بالغا على خدمات النظم البيئية التي تعتمد عليها اقتصادات البلدان الساحلية، حيث تلعب الموائل البحرية، مثل أشجار المانغروف وأعشاب البحر والشعاب المرجانية، دورا حيويا في توفير المأوى والغذاء للعديد من الأنواع.

ويعتمد أكثر من 3 مليارات شخص على الموارد البحرية والساحلية، وتقدر القيمة السوقية لهذه الموارد والصناعات الزرقاء المرتبطة بها بنحو 3 تريليونات دولار سنويا، أو نحو 5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

جسيمات البلاستيك الدقيقة يمكن أن تتسبب في الحد من قدرة العوالق النباتية التي تلعب دورا رئيسيا في مضخة احتجاز الكربون (بيكسابي) البلاستيك الدقيق كارثة على البيئة البحرية

في الدراسة الجديدة، قام باحثون من المركز الوطني للطاقة والعلوم والتقنيات النووية بالرباط المغربية باستكشاف تأثير النفايات البلاستيكية على خدمات النظم البيئية البحرية والساحلية. وأظهروا أن وجود الحطام البلاستيكي في مياه المحيطات والبحار يمكن أن يلحق أضرارا جسيمة بالنظم البيئية الهشة.

وكشفت الدراسة أن وجود المواد البلاستيكية الدقيقة في الموائل البحرية، سواء الشعاب المرجانية أو أشجار المانغروف أو المستنقعات المالحة أو أعشاب البحر، يمكن أن تكون له عواقب مدمرة.

وذلك لأن الحطام البلاستيكي يعمل على خنق الشعاب المرجانية، وحجب ضوء الشمس الضروري لعملية التمثيل الضوئي في النباتات البحرية، وتعطيل العمليات الأيضية في الكائنات الحية. ويمثل تراكم المواد البلاستيكية الدقيقة في رواسب أشجار المانغروف، التي تعد مصادر حقيقية للكربون، أمرا مثيرا للقلق بشكل خاص، حيث تلعب هذه النظم البيئية دورا أساسيا في حماية السواحل وتعد موطنا للتنوع البيولوجي الغني.

وتقول سناء بن سماعيل إن "التلوث بالجسيمات البلاستيكية الدقيقة يعد من أخطر أنواع التلوث في المحيطات؛ فقد أثبتت الدراسات أن المنظومات البيئية البحرية قادرة على امتصاص هذه الجسيمات التي يمكن أن تتراكم في العديد من الأنواع من الكائنات البحرية".

إعلان

وأضافت أن "دراسات أخرى أثبتت كذلك تأثيرها على الكائنات في قاع البحار والمحيطات مثل المرجان القاعي ونبتة البوسيدونيا بالإضافة إلى عدد من الأنواع البحرية كالسلاحف البحرية التي تلتهم قطع البلاستيك على أنها طعام، مما يؤدي إلى اختناقها وموتها".

وبحسب المؤلفين، فإن تلوث البيئات البحرية بالجسيمات البلاستيكية الدقيقة لا يهدد النباتات والحيوانات المحلية فحسب، بل يهدد أيضا السكان الذين يعتمدون على هذه الموارد في غذائهم، حيث "يمكن للجسيمات البلاستيكية الدقيقة أن تتسرب إلى أنواع الأسماك التي يستهلكها الإنسان مما قد يسبب بعض الأمراض ويهدد الصحة البشرية"، كما تقول الباحثة التونسية في حديثها مع الجزيرة نت.

التلوث البلاستيكي يؤثر على المناخ أيضا

من ناحية أخرى، كشفت الدراسة أن انتشار المواد البلاستيكية قد يعطل الدور الحاسم الذي تلعبه النظم البيئية البحرية والساحلية في التخفيف من آثار تغير المناخ من خلال عزل الكربون.

ويمكن لجسيمات البلاستيك الدقيقة أن تتسبب في الحد من قدرة العوالق النباتية على احتجاز الكربون فهي تلعب دورا رئيسيا في مضخة احتجاز الكربون البيولوجية. وعلى نحو مماثل، تواجه النظم البيئية الساحلية "للكربون الأزرق"، مثل أشجار المانغروف وأعشاب البحر التي تخزن قدرا كبيرا من الكربون البحري، تهديدا متزايدا من المواد البلاستيكية الدقيقة، يهدد أيضا قدرتها على توفير خدمات أساسية مثل الحماية من الفيضانات والتآكل والعواصف.

وقد أشار الباحثون في الدراسة إلى نقص البيانات المتعلقة بتأثير المواد البلاستيكية الدقيقة على بعض خدمات النظام البيئي، كالخدمات الداعمة. وشددوا على الحاجة إلى إجراء مزيد من الأبحاث لفهم الآليات التي تؤثر بها المواد البلاستيكية الدقيقة على الكائنات البحرية والنظم البيئية البحرية.

ودعا الباحثون إلى اتخاذ إجراءات عالمية متضافرة للحد من إنتاج البلاستيك واستهلاكه، وتحسين إدارة النفايات، وتطوير حلول مبتكرة لمكافحة التلوث البلاستيكي.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات المواد البلاستیکیة الدقیقة النظم البیئیة البحریة النفایات البلاستیکیة البحریة والساحلیة أشجار المانغروف یمکن أن

إقرأ أيضاً:

السلطات الصحية الفرنسية تحقق في تلوث جديد لمياه بيريي

أعلنت السلطات الصحية في إقليم أوكسيتاني الفرنسي، اكتشاف تلوث جديد في زجاجات مياه "بيريي" المنتجة في مصنع فيرجيز، مشيرة إلى فتح تحقيقات بكتريولوجية إضافية عقب ثلاث حالات موثقة من "عدم المطابقة الصحية".

وذكرت إذاعة فرنسا الدولية، أن نحو 300 ألف زجاجة سعة 75 سنتيليتر قد تم اعتبارها ملوثة بـ"بكتيريا معوية ممرِضة" بعد عملية فحص داخلي أجريت في 11 مارس الماضي.

وتعود هذه الزجاجات إلى دفعات إنتاج بتاريخ 10 و11 مارس، حيث تم رصد وجود كوليفورم (نوع من الإشريكية القولونية) في الفحوص، ما دفع الشركة إلى تجميد توزيعها لحين استكمال التحاليل.

أخبار ذات صلة حزب "الخضر" الفرنسي يعيد انتخاب مارين تونديلييه أمينة عامة «مراد» يُطارد لقب «بري قرطاج» في «مضمار تولوز»

وكشفت الشركة في بيانها، أن هناك أيضًا دفعة ثانية مكونة من 395 منصة تحميل، أبلغت الشركة بشأنها عن خلل متعلق بتزويد الأغطية، ما أدى إلى عدم مطابقة فنية تم تسجيلها في 22 مارس، وتبعتها إشعارات رسمية في 4 أبريل. كما رُصدت حالات تلوث بكتيري في 10 أبريل أثناء مراقبة صحية أجرتها "ARS" على الآبار وخطوط التعبئة، ما أدى إلى عزل دفعة أخرى تضم 1018 منصة تحميل.

ورغم هذه التلوثات المتكررة، أكدت الشركة أن حالات مماثلة في فبراير ومارس خضعت لتحاليل تكميلية أظهرت لاحقًا مطابقتها، ما سمح بتوزيعها بقرار مشترك بين "ARS" ومحافظة "Gard".

من جهتها، أوضحت مياه نيسليه، المالكة للعلامة التجارية "Maison Perrier"، أن بعض الزجاجات حجزت داخل المخازن بسبب تجاوزات طفيفة في "الفلورا الطبيعية غير الممرِضة" أو نتيجة تدخلات تقنية سببت خللاً.

 

المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • إزالة مكب النفايات خلف نادي الفروسية بمدينة حماة 
  • من الابتدائية لقيادة أخطر شبكة مخدرات بالقاهرة .. من هي سارة خليفة؟
  • إنترنت الطبيعة.. الكشف عن لغة خفية لتواصل الحيوانات بين بعضها
  • فوز قاتل.. ريال مدريد يتغلب على أتلتيك بيلباو في الدقيقة 92
  • تعاون بين جامعة صحار و"البحار السبع" لتنمية مهارات الكفاءات الوطنية في قطاع الطاقة
  • تركيا.. استبدال شواهد القبور الرخامية بالبلاستيك في تركيا!
  • الزراعة تكشف.. هذا جديد ملف تلوث مياه الري في بعلبك
  • السلطات الصحية الفرنسية تحقق في تلوث جديد لمياه بيريي
  • علماء اليمن يؤكدون:الفتاوى التي تعطل الجهاد أمام مجازر الإبادة الجماعية في غزة خطيئة كبرى وذنب عظيم لا تبرأ ذمة من أصدروها إلا بالتراجع عنها
  • مفاجأة عن النفايات البحرية في لبنان.. إليكم قصتها