50 عاماً على ولادة مفهوم "متلازمة ستوكهولم"
تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT
"الجميع على الأرض، لتبدأ الحفلة!".. بهذه الكلمات اقتحم يان إريك أولسن مسلحاً برشاش مصرفاً في وسط ستوكهولم يوم 23 أغسطس (آب) 1973، مطلقاً عملية احتجاز رهائن ولّدت مفهوماً بات معروفاً في كل أنحاء العالم بمتلازمة ستوكهولم.
احتجز يان أولسن على مدى ستة أيام أربعة موظفين، ثلاث نساء ورجل، رهائن.. أُرسل عدد كبير من الشرطيين إلى المكان وانتشر قناصة من النخبة صوبوا أسلحتهم نحو المصرف.
استخدم يان رهينتين درعاً بشرية مهدداً بقتلهما.
تستذكر كريستن إنمارك التي كانت تبلغ 23 عاماً وقتها في رواية قدمت فيها شهادة: "فكرت كثيراً في ذلك الموقف المجنون الذي وجدنا أنفسنا فيه"، مضيفة "لقد أصبحت أنا متلازمة ستوكهولم"، وأوضحت "كنا مذعورين وعالقين بين خطرين، من جانب الشرطة ومن جانب آخر الخاطف".
وتشير هذه التسمية إلى حالة يطور فيها أشخاص محتجزون رابطاً عاطفياً مع آسريهم.
كانت لأولسن أكثر من مطالب: ثلاثة ملايين كرون (حوالي 700 ألف دولار في ذلك الوقت) وإطلاق سراح كلارك أولوفسن، أحد أشهر سارقي البنوك والذي كان مسجوناً في ذلك الوقت، وإحضاره إلى المصرف.
وفي مسعى لتهدئة الوضع، وافقت الحكومة السويدية على مطالبه، وكانت البلاد بأسرها مذهولة بهذا الحدث الاستثنائي الذي نُقل في بث مباشر على الهواء.
ويروي برتيل إريكسن (73 عاماً) المصور الذي غطى الحدث: "عندما وصل كلارك أولوفسن، تولى زمام الأمور وأجرى مفاوضات مع الشرطة بطريقته الخاصة"، ويضيف "كان يتمتع بكاريزما.. كان متحدثاً جيداً".
وبمجرد وصول أولوفسون، هدأ أولسن وسرعان ما رأت كريستن إنمارك فيه منقذاً، وتقول في شهادتها: "وعدني بأنه لن يحدث لي شيء وقررت تصديقه.. كنت في الثالثة والعشرين، كنت مذعورة".
تحدثت عبر الهاتف إلى السلطات مرات عدة خلال احتجاز الرهائن، وصدمت العالم عندما خرجت إلى العلن ودافعت عن خاطفيها.
وقالت في اليوم الثاني من أسرها خلال مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء آنذاك أولوف بالمه: "أنا أثق تماماً بكلارك وبالرجل الآخر.. لست خائفة منهما على الإطلاق، لم يفعلا لي شيئاً.. كانا لطيفين للغاية.. هل تعرف ما يخيفني؟ أن تقتحم الشرطة البنك".
وفي نهاية اليوم السادس، قررت الشرطة التحرك.. فاخترقت سقف المصرف ورشته بالغاز.. فاستسلم يان وحُرر الرهائن.
كان الطبيب النفسي نيلس بييرو ضمن فريق المفاوضين.. حلّل سلوك اللصين والرهائن مباشرة، وابتكر في ما بعد مصطلح "متلازمة ستوكهولم".
المفهوم متنازع عليه الآن.. ويوضح كريستوفر رام، الطبيب النفسي والباحث في معهد كارولينسكا، "هذا ليس تشخيصاً نفسياً".
يصف المصطلح "آلية دفاع تساعد الضحية" على تقبّل موقف صادم، وهو ما يسمح بتقليل التوتر الذي تعانيه وفق رام.
بالنسبة إلى سيسيليا أسي أستاذة العلوم السياسية في جامعة ستوكهولم والمتخصصة في قضايا الجندرية، فإن المفهوم يخفي بعداً سياسياً.
فسّرت السلطات تصريحات كريستن والرهينتين الأخريين "ببعد جنسي للغاية، كما لو أنهن وقعن تحت تأثير متلازمة،" وفقدن كل القوة أو القدرة على التفكير، وهذا التصور غذته شائعات عن علاقة بين إنمارك وأولوفسن.
وعلى الرغم من أن الاثنين دخلا في علاقة غرامية بعد سنوات، ليس هناك ما يشير إلى أن قصة حب ولدت بينهما في غرفة خزنة المصرف.
وتؤكد إنمارك التي كانت الإلهام لشخصية "كيكي" في مسلسل "كلارك" الذي عرض على نتفليكس": "من جانبي، لم يكن هناك حب ولا جاذبية جسدية، لقد كانت فرصتي للبقاء وحمايتي من يان".
وتقول سيسيليا إن الأسرى "تصرفوا بعقلانية إلى حد لا يصدق"، مضيفة "لقد اتصلوا بوسائل الإعلام، وحاولوا إقناع السياسيين والشرطة بالسماح للسارقين بإخراجهم من المصرف".
وفقاً لها، فإن "متلازمة ستوكهولم مفهوم اخترع" لإخفاء فشل الدولة في حمايتهم.
يقول قائد فرقة الشرطة التي أرسلت إلى المصرف آنذاك إريك رونيغارد بعد سنوات في كتاب: "لقد مثلنا تهديداً حقيقياً للرهائن".
ويوضح "مع محاصرة هذا العدد الكبير من الشرطيين للبنك، كان هناك خطر إطلاق النار على الرهائن الأربعة".
وفي علامة على استيائهم من السلطات، اختار الرهائن عدم الشهادة ضد الخاطفين أثناء محاكمتهما.
على المستوى النفسي، يرى الباحث كريستوفر رام أن كثراً يمكنهم التماهي مع مفهوم متلازمة ستوكهولم، ويشرح "تطوير علاقة عاطفية إيجابية مع شخص يمثل تهديداً"، هو واقع موجود على سبيل المثال في العلاقات المسيئة.
وأضاف أنه بتفهم رد الفعل النفسي للضحية، نخفف من وطأة العار والذنب اللذين تشعر بهما.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني ستوكهولم السويد
إقرأ أيضاً:
عاجل.. «التنمر يؤدي إلى القتل»| طالبة إعدادية ضحية الإيذاء النفسي بالقليوبية.. واستشاري يعلق
«التنمر يؤدي إلى القتل».. هكذا يمكن أن نصف واقعة طالبة المرحلة الإعدادية في محافظة القليوبية بعد أن دفعت حياتها ثمنًا للتنمر والإيذاء النفسي والجسدي الذي تعرضت له من قبل الطلاب بالمدرسة.
طالبة إعدادية ضحية الإيذاء النفسي بالقليوبية
وفي الساعات الأخيرة، لقيت الطالبة بالصف الأول الاعدادي صباح وليد عثمان مصرعها في العبور بالقيلوبية إثر تعرضها للعنف من جانب زميلتها التي دفعتها بقوة لتصطدم رأسها بجسم صلب داخل المدرسة.
وحسب المعاينة الأمنية للواقعة، تبين وفاة الطالبة صباح وليد عثمان بعد أن دفعتها زميلة لها بالمدرسة بقوة ما أدى إلى ارتطام المجني عليها بجسم صلب ما أدى إلى وفاتها في الحال، وتبين أن المجني عليها كانت تعاني بشكل متكرر من التنمر والإيذاء النفسي من زميلتها.
وتحقق نيابة العبور فى حادثة التنمر الذي أسفر عن وفاة الطالبة، وأمرت النيابة بتشريح جثة المجنى عليها لتحديد أسباب الوفاة، كما أمرت بإيداع الطفلة المتهمة أسبوعا داخل إحدى دور الرعاية الاجتماعية على ذمة التحقيقات.
«التعليم»: الطالبة مريضة قلب.. والواقعة حدثت خارج المدرسة
ومن ناحيتها قالت مصادر بوزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، أن الطالبة صباح وليد عثمان مريضة قلب، وأن الواقعة حدثت خارج المدرسة.
التنمر في المدارسوالد الطالبة: نجلتي كانت تعانى من التنمر من زميلتها المتهمةوقال وليد عثمان، والد طالبة المرحلة الإعدادية المجنى عليها إنها كانت تعانى بشكل متكرر من التنمر والإيذاء النفسى من زميلتها المتهمة.
استشاري نفسي يكشف أضرار التنمر بين الطلاب
وفي هذا الشأن، قالت الكاتبة واستشاري العلاقات الأسرية والنفسية ميادة عابدين أن التنمر مشكلة كبرى تعاني منها مختلف المجتمعات في شتى أنحاء العالم، وهو يأتي بصيغ وأشكال متعددة وفي مراحل عمرية مختلفة، ولعل أخطرها هو التنمر في المدارس وأثناء مرحلة الطفولة لما له من أثار صحية عميقة قد تستمر إلى مراحل متقدمة من الحياة.
وأضافت استشاري العلاقات الأسرية والنفسية، في تصريحات خاصة لـ«الفجر»، أن التنمر بشكل عام هو سلوك عدواني يمارس من قبل طفل على طفل آخر بقصد إيذائه ومضايقته عن قصد، ويحدث بشكل متكرر نظرا لوجود نقص شديد عنده أو هناك تفوق من الاخر، أو أن الآخر يتمتع بقدر من الهدوء والأخلاق وعادةً ما يحدث التنمر بين الاطفال في المدارس، أي أن يقوم أحد الطلاب بممارسة سلوك سيء على طالب آخر، أو حتى من قِبل مجموعة من الطلاب على مجموعة أخرى أضعف منها، بقصد الإيذاء إما جسديًا أو لفظيًا، مما يؤدي إلى توتر وقلق الطفل المتنمر عليه.
وأشارت استشارى العلاقات الأسرية والنفسية إلي أن لهذا السلوك العدائي أضرارًا سلبية على المعتدى عليه، ويجب معالجتها فورًا من قبل الأهل والمدرسة، لأنها وإن لم تُعالج فستؤدي مستقبلًا إلى حدوث أضرار عقلية ونفسية على الشخص الذي تعرّض للتنمر، ويجب التعرف على العلامات التي تدل على تعرض طفلك للتنمر، ومن ثم معالجة مشكلة التنمر بين الاطفال.
وأوضحت عابدين أنها قد تناولت قضية التنمر بكافة أشكاله في كتابها الذى يحمل عنوان «يستاهلوا الدبح» ولفتت إلي أن التنمر كارثة حقيقة تؤدى في أحيان كثيرة إلي التسبب في مقتل أشخاص آخرون.
الكاتبة واستشاري العلاقات الأسرية والنفسية ميادة عابدينكيف يواجه الطلاب ظاهرة التنمر في المدارس؟وعن الطريقة التي يمكن من خلالها مواجهة التنمر، تابعت أن هناك العديد من النصائح الذي لا بد على جميع الطلاب معرفتها من أجل معرفة كيفية التصرف عند التعرض لأي شكل من أشكال التنمر المدرسي وهي:
التغلب على المتنمر بفهم مشكلة التنمر لا بد على الطالب أن يدرك أن كل عنف يتم ممارسته ضده في المدرسة هو أحد أشكال التنمر وبالتالي عليه أن يدرك أن مشكلة التنمر لا يمكن أن يتم حلها من خلال المواجهة مع المتنمِّر بل من خلال إبلاغ إدارة المدرسة والأخصائي الاجتماعي ليتم تتبع المشكلة ومعالجتها بشكل فوري ثانيا. على كل طالب يتعرض للتنمر بأن يبلغ ولي أمره عند تعرُّضه لأي شكل من أشكال التنمر من قِبَل في المدرسة أو خارجها، وتعد هذه الخطوة مهمة للغاية حتى يقوم ولي الأمر بالتواصل مع كل من إدارة المدرسة والأخصائي الاجتماعي في المدرسة، كما أن الأهل لهم عامل مهم من البداية في مساعدة أبناءهم في تعليمهم تجنب التنمر والثقة في أنفسهم. على الطالب أن يحرص على إبلاغ الأخصائي الاجتماعي في المدرسة بكافة المضايقات التي يتعرض إليها. عدم الرد على المتنمِّر بتصرف مشابه وذلك لأن كل تصرف يسبب الأذى لطرف أخر يدخل في نطاق التنمر الذي لا بد على كل طالب تجنب ممارسته لما فيه من آثار سلبية على الصحة النفسية والجسدية ومستوى التحصيل الدراسي للطلاب.