بيان الأعضاء التي يجب السجود عليها في الصلاة
تاريخ النشر: 29th, January 2025 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية إن من رحمة الله تعالى بعباده المؤمنين أنه يسَّر لهم طريق العبادة، ورفع عنهم كل حرجٍ فيه؛ فما كلفهم إلا بما هو في طاقتهم ووسعهم؛ قال تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185]، وقال تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا﴾ [النساء: 28]، وقال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78].
قال الإمام البغوي في "معالم التنزيل" (1/ 601، ط. دار إحياء التراث العربي): [﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ﴾: يُسَهِلَ عليكم أحكام الشرع، وقد سَهَّلَ؛ كما قال جَلَّ ذِكْرُهُ: ﴿وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ﴾ [الأعراف: 157]، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ السَّهْلَةِ»] اهـ.
ومن المقرر شرعًا أنه ينبغي للمصلِّي عند سجوده أن يباشر الأرض بسبعة أعضاء مخصوصة؛ منها: اليدان؛ فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ: عَلَى الْجَبْهَةِ -وَأَشَارَ بِيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ-، وَالْيَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ، وَلَا نَكْفِتَ الثِّيَابَ وَالشَّعَرَ» متفق عليه.
قال الإمام النووي في "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (4/ 208، ط. دار إحياء التراث العربي): [هذه الأحاديث فيها فوائد؛ منها: أن أعضاء السجود سبعة، وأنه ينبغي للساجد أن يسجد عليها كلها] اهـ.
المقصود باليدين في الحديث باطن الكفين
والمقصود باليدين في الحديث باطن الكفين؛ لما أخرجه الإمام ابن خزيمة في "صحيحه" عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: "أُمِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةٍ: عَلَى وَجْهِهِ، وَكَفَّيْهِ، وَرُكْبَتَيْهِ، وَقَدَمَيْهِ، وَنُهِيَ أَنْ يَكُفَّ شَعَرًا أَوْ ثَوْبًا".
قال الإمام الرافعي في "العزيز شرح الوجيز" (1/ 521، ط. دار الكتب العلمية): [والاعتبار في اليدين بباطن الكف] اهـ.
وقال العلامة العدوي في "حاشيته على كفاية الطالب الرباني" (1/ 269، ط. دار الفكر) عقب استدلاله بهذا الحديث: [المراد باليدين: الكفان] اهـ.
حكم صلاة من يصلي بالقفازين "الجوانتي" لشدة البرد
أوضحت الإفتاء أنه إذا شق على المصلي أن يباشر الأرض بكفَّيه وهما مكشوفتان عند سجوده من شدة البرد، فله أن يسجد عليهما مع وجود حائلٍ بينهما وبين الأرض؛ كأن يلبس القفاز الساتر لكفَّيه ونحوه، ولا يمنع ذلك من صحة الصلاة؛ قياسًا على ما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يتقي -عند سجوده- حرَّ الأرض وبرودتها بفضول ثوبه، وكذلك ما جاء عن الصحابة رضوان الله عليهم أنهم كانوا يصلون وأيديهم داخل أكمامهم دون أن يخرجوها؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ يَتَّقِي بِفُضُولِهِ حَرَّ الْأَرْضِ وَبَرْدَهَا" أخرجه الإمامان: أحمد في "مسنده"، وابن أبي شيبة في "مصنفه".
وقد بوَّب الإمام البخاري في "صحيحه" بابًا أسماه: (باب السجود على الثوب في شدة الحر)، وقال: قال الحسن: "كَانَ الْقَوْمُ يَسْجُدُونَ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْقُلُنْسُوَةِ، وَيَدَاهُ فِي كُمِّهِ".
وأخرج فيه عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: "كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَيَضَعُ أَحَدُنَا طَرَفَ الثَّوْبِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ فِي مَكَانِ السُّجُودِ".
وبوَّب الإمام ابن خزيمة في "صحيحه" بابًا أسماه: (باب إباحة السجود على الثياب اتقاء الحر والبرد).
وبوَّب الإمام ابن ماجه في "سننه" أيضًا بابًا أسماه: (باب السجود على الثياب في الحر والبرد)، وأخرج فيها عن ثابت بن الصامت رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم "صَلَّى فِي بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ وَعَلَيْهِ كِسَاءٌ مُتَلَفِّفٌ بِهِ، يَضَعُ يَدَيْهِ عَلَيْهِ، يَقِيهِ بَرْدَ الْحَصَى".
وكذلك بوَّب الإمام الترمذي في "سننه" أيضًا بابًا أسماه: (باب ما ذكر من الرخصة في السجود على الثوب في الحر والبرد).
وعن إبراهيم النخعي أنه قال: "كَانُوا يُصَلُّونَ فِي مَسَاتِقِهِمْ وَبَرَانِسِهِمْ وَطَيَالِسِهِمْ؛ مَا يُخْرِجُونَ أَيْدِيَهُمْ مِنْهَا"، قلنا له: ما الْمِسْتَقَةُ؟ قال: "هِيَ جُبَّةٌ يَعْمَلُهَا أَهْلُ الشَّامِ، وَلَهَا كُمَّانِ طَوِيلَانِ، وَلَبِنُهَا عَلَى الصَّدْرِ، يَلْبَسُونَهَا، وَيَعْقِدُونَ كُمَّيْهَا إِذَا لَبِسُوهَا" أخرجه الإمامان: عبد الرزاق في "مصنفه" واللفظ له، والبيهقي في "السنن الكبرى".
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الإفتاء دار الإفتاء السجود الصلاة النبی صلى الله علیه وآله وسلم السجود على ب الإمام رضی الله ى الله ع
إقرأ أيضاً:
«وزير الأوقاف»: مسجد الحسين منارة إيمانية ووجهة روحية تتطلب عناية خاصة في رمضان
أكد الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، أهمية العناية الفائقة بالمسجد، سواء من حيث النظافة أو الإنارة أو أعمال الصيانة، لضمان راحة المصلين وتوفير أجواء روحانية تساعدهم على أداء الشعائر في خشوع وطمأنينة.
وشدد وزير الأوقاف على ضرورة متابعة جميع المرافق والخدمات باستمرار، خاصة مع الإقبال الكبير المتوقع في الشهر الكريم، لا سيما خلال صلاة التراويح، وملتقى الفكر الإسلامي.
جاء ذلك خلال تفقد، وزير الأوقاف، اليوم الجمعة، مسجد الإمام الحسين (رضي الله عنه) بالقاهرة، للوقوف على مدى جاهزيته لاستقبال المصلين خلال شهر رمضان المبارك، وذلك بمرافقة قيادات الوزارة ومديرية أوقاف القاهرة.
وتأتي هذه الجولة ضمن خطة الوزارة لضمان توفير الأجواء الإيمانية المناسبة في المساجد الكبرى، خاصة التي تحظى بمكانة دينية وروحانية خاصة لدى المصريين، وذلك في إطار جولاته الميدانية لمتابعة المساجد الكبرى ومساجد آل البيت -رضي الله عنهم-.
وأشار إلى المكانة العظيمة التي يحظى بها مسجد الإمام الحسين (رضي الله عنه)، بوصفه أحد أهم مساجد آل البيت (رضي الله عنهم)، وكونه مقصدًا للزوار من داخل مصر وخارجها، ما يستلزم توفير أعلى درجات العناية به ليبقى منارة إيمانية تؤكد روحانية شهر رمضان. كما أوضح أن المسجد سيشهد برامج دعوية وتوعوية متميزة، لتعزيز القيم الإيمانية وترسيخ المفاهيم الدينية الصحيحة.
وأكد الدكتور أسامة الأزهري، في ختام جولته، أن الوزارة تبذل أقصى جهدها لتقديم أفضل الخدمات لرواد المسجد، ولجعل المساجد الكبرى، وعلى رأسها مسجد الإمام الحسين، نموذجًا يُحتذى به في تهيئة بيوت الله لاستقبال المصلين خلال الشهر الكريم، بما يتناسب مع قدسية المكان وعظمة المناسبة.