استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، نظيره الكيني ويليام روتو في قصر الاتحادية، لبحث سبل تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، إضافة إلى التنسيق بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.

تناولت المباحثات ملفات الأمن والمياه والاستثمار، في إطار الجهود المصرية لتعزيز الشراكة مع دول شرق إفريقيا ودعم الاستقرار والتنمية في القارة.

لذلك نستعرض إليكم جميع التفاصيل حول تاريخ العلاقات المصرية الكينية خلال السنوات الماضية.

العلاقات المصرية الكينية: تاريخ من التعاون والتكامل

لم تكن العلاقات المصرية الكينية وليدة اللحظة، بل تعود جذورها إلى ما قبل استقلال كينيا، حين لعبت مصر دورًا بارزًا في دعم الكفاح الكيني ضد الاستعمار البريطاني.

في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، لم تقتصر المساندة المصرية على الجانب السياسي فحسب، بل امتدت إلى الدعم الإعلامي والدبلوماسي، حيث أطلقت القاهرة إذاعة "صوت إفريقيا" باللغة السواحيلية لنقل صوت المقاومة الكينية إلى العالم.

كما قدمت مصر دعمًا معنويًا لحركة الماو ماو التي قادت الكفاح المسلح ضد الاحتلال البريطاني.

مع بزوغ فجر الاستقلال في كينيا عام 1963، كانت مصر من أوائل الدول التي فتحت أبوابها أمام القادة الكينيين الجدد، تأكيدًا لالتزامها بدعم الشعوب الإفريقية في سعيها نحو الحرية والتنمية.

لم يمر سوى عام حتى افتتحت كينيا سفارتها في القاهرة، مما رسّخ العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. لم يكن هذا التقارب مجرد بروتوكول رسمي، بل انعكس على التعاون العسكري والتنموي، حيث استضافت مصر مؤتمر القمة الإفريقي الثاني عام 1964، وناقش الرئيس عبد الناصر مع نظيره الكيني جومو كينياتا سبل دعم الجيش الكيني حديث التكوين. 

ومن هذا المنطلق، أرسلت مصر خبراء عسكريين لتدريب القوات الكينية، وأتاحت فرصًا للضباط الكينيين في الأكاديميات العسكرية المصرية، مما أسهم في بناء نواة الجيش الكيني.

في المجال التنموي، لم تتأخر مصر عن تقديم خبراتها، فمع حلول عام 1967، تم إطلاق مشروع "الهيدروميت" بالتعاون بين البلدين، لدراسة الأرصاد الجوية والمائية في منطقة البحيرات الاستوائية، مما وضع الأساس لتعاون طويل الأمد في مجال المياه والموارد الطبيعية.

لم تتوقف العلاقات عند هذه المحطات، بل استمرت في التطور عبر العقود اللاحقة، ففي 1973، عندما اندلعت حرب أكتوبر، أظهرت كينيا تضامنها مع مصر بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل. وفي 1984، زار الرئيس المصري حسني مبارك كينيا ضمن جولة إفريقية تهدف إلى تعزيز الروابط الاقتصادية والسياسية بين الدول الإفريقية والعربية، مقدمًا رؤية مصر لتعزيز التعاون جنوب-جنوب.

مع دخول مصر في اتفاقية الكوميسا عام 1998، بدأت مرحلة جديدة من العلاقات الاقتصادية، حيث أصبحت كينيا أحد أبرز الشركاء التجاريين لمصر في إفريقيا، مستفيدة من الإعفاءات الجمركية والتسهيلات التجارية التي أتاحتها الاتفاقية.

وفي القرن الحادي والعشرين، ومع تزايد التحديات التي تواجه القارة الإفريقية، لم تتراجع أهمية العلاقة بين مصر وكينيا، بل ازدادت قوة. ففي مايو 2010، زار رئيس الوزراء الكيني رايلا أودينجا القاهرة، مؤكدًا أن كينيا لا يمكن أن تتخذ أي خطوات من شأنها الإضرار بالمصالح المائية المصرية، في إشارة إلى قضية مياه نهر النيل التي تشكل محورًا أساسيًا في العلاقات المصرية الإفريقية. تبع ذلك زيارات متبادلة بين المسؤولين من الجانبين، كان أبرزها زيارة نائب وزير الخارجية الكيني ريتشارد أونيونكا في 2011، لبحث آفاق التعاون المشترك.

بعد عام 2014، دخلت العلاقات المصرية الكينية مرحلة جديدة من التنامي، خاصة في ظل توجه القيادة السياسية المصرية نحو تعزيز الروابط مع دول القارة السمراء. 

كانت زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لكينيا في 15 يوليو 2023 محطة هامة في هذا المسار، حيث التقى بالرئيس الكيني ويليام روتو، وتم بحث سبل تعزيز التعاون في مجالات التجارة، والاستثمار، والتنمية المستدامة. 

ولم تقتصر المحادثات على الجانب الاقتصادي، بل شملت أيضًا التعاون في القضايا الإقليمية، حيث تلعب الدولتان دورًا محوريًا في تحقيق الاستقرار في شرق إفريقيا.

وفي أغسطس 2023، تلقى السيسي اتصالًا هاتفيًا من نظيره الكيني، تم خلاله الاتفاق على تكثيف التنسيق في القضايا الإفريقية، خاصة في الملفات المتعلقة بالأمن المائي، وهو ما يعكس الوعي المشترك بين البلدين بأهمية حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التنمية المستدامة.

حجم التبادل التجاري

كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، عن تراجع قيمة التبادل التجاري بين مصر وكينيا خلال عام 2024 لتصل إلى 567 مليون دولار، مقارنةً بـ 638 مليون دولار في عام 2023.

إن العلاقات المصرية الكينية لم تكن مجرد اتفاقيات دبلوماسية، بل هي شراكة استراتيجية قائمة على التاريخ والمصالح المشتركة، من دعم كفاح كينيا من أجل الاستقلال، إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي في العصر الحديث. واليوم، تمثل كينيا أحد أهم الشركاء لمصر في إفريقيا، حيث يجمع بين البلدين طموح مشترك لتحقيق التنمية، والاستقرار، والتكامل داخل القارة السمراء.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: العلاقات المصرية الكينية مصر كينيا تعزیز التعاون بین البلدین

إقرأ أيضاً:

نائب: تطبيق نموذج التوكاتسو في المدارس المصرية الحكومية أمر إيجابي

قال النائب هاني أباظة، عضو لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس النواب، إن حديث وزير التعليم بشأن سعي الوزارة لتطبيق نموذج التوكاتسو في المدارس المصرية الحكومية، هو أمر إيجابي.

وأضاف أباظة، في تصريحات خاصة لـ"صدى البلد": “إننا في حاجة إلى توحيد منظومة التعليم في مصر خلال المرحلة الحالية، بحيث نأخذ من كل أنظمة التعليم المختلفة، ويكون لدينا شكل تعليم مصري”.

وأكد عضو لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس النواب، أن الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم السابق، كان يسعى قبل رحيله إلى تطبيق فكرة وجود نظام تعليمي موحد بعيدا عن التشتت، من خلال تغيير المناهج.

كان محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، أكد أن التعاون المصري - الياباني في مجال التعليم يُعد قصة نجاح مستمرة منذ سنوات، ويعكس رؤية القيادة السياسية في البلدين لتعزيز جودة التعليم وتنمية الموارد البشرية.  

وقال وزير التربية والتعليم إن الوزارة تسعى لتطبيق نموذج "التوكاتسو" في مختلف المدارس المصرية الحكومية بالتعاون مع الشركاء اليابانيين، نظرا لكونه يركز على بناء الشخصية وتنمية القيم القيادية لدى الطلاب.  

وأضاف أن مصر واليابان تمتلكان تاريخًا عريقًا وإرثًا ثقافيًا غنيًا، ما يجعلهما شريكين مثاليين لنقل هذا النموذج التعليمي إلى أفريقيا والشرق الأوسط، مشيرا إلى التعاون خلال الفترة المقبل لعرض نموذج التعاون خلال مؤتمر "تيكاد 9"، قائلا: "إذا أردنا أن نصنع المستقبل، فعلينا أن نخطط له معًا".

ووجه وزير التربية والتعليم والتعليم الفني الشكر للشركاء اليابانيين على دعمهم المستمر، مؤكدًا أن هناك خططًا طموحة لمواصلة هذا التعاون في المستقبل.

مقالات مشابهة

  • مجلس الأعمال المصرى المغربي: مباحثات لحل مشكلة حجز البضائع المصرية في الموانئ المغربية
  • لافروف وعبد العاطي يبحثان العلاقات الثنائية والوضع الإقليمي
  • الأمن الروسي: العلاقات مع الصين وصلت لمستوى غير مسبوق في تاريخ البلدين
  • نصر عبده: مصر حريصة على عودة العلاقات المصرية الإفريقية بقوة.. فيديو
  • النائب العام يؤكد عمق العلاقات المصرية - الصومالية وأهمية تعزيز التعاون القضائي
  • التجاري الدولي وجمعية البنوك الكينية يعلنان عن برنامج لخريجي الجامعات بأفريقيا
  • وزير الخارجية يبحث مع نظيره الروسي العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية
  • وزير الخارجية يبحث هاتفيًا مع نظيره الماليزي العلاقات الثنائية وأوجه تعزيز التعاون المشترك
  • البرلمان الجزائري يعلن تعليق العلاقات مع مجلس الشيوخ الفرنسي بعد زيارة لارشيه إلى الصحراء المغربية
  • نائب: تطبيق نموذج التوكاتسو في المدارس المصرية الحكومية أمر إيجابي