صلاح عُبيّة: معرض القاهرة الدولي للكتاب الحدث الثقافي الأهم عربيا
تاريخ النشر: 29th, January 2025 GMT
أكد العالم الدكتور صلاح عُبيّة رئيس المعاهد البحثية وأستاذ ورئيس مركز الفوتونيات والمواد الذكية بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، أن معرض القاهرة الدولي للكتاب يعد أحد أهم الأحداث الثقافية السنوية في مصر والوطن العربي، حيث يجتمع فيه الكتاب والناشرون والقراء من مختلف الأعمار والأجناس لتبادل المعرفة والأفكار.
وقال عُبيّة - وهو أستاذ كرسي بمنظمة اليونسكو وأستاذ فخري بجامعة نوتنجهام في حديث لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الأربعاء - إن تاريخ معرض الكتاب المصري يعود إلى منتصف القرن العشرين، حيث كانت انطلاقته متواضعة مقارنة بحجمه الحالية، ومر المعرض بعدة مراحل تطورية، شهد خلالها نموًا ملحوظًا في عدد المشاركين والزوار، وتنوعًا في الأنشطة والفعاليات المصاحبة.
وأضاف أن مرحلة معرض القاهرة الدولي للكتاب بدأت في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، وتميزت بطابعها الأكاديمي والثقافي، بالتركيز على نشر الكتب العلمية والأدبية ، في حين شهد في السبعينيات والثمانينيات توسعًا ملحوظًا في عدد دور النشر المشاركة، وزيادة اهتمام بالكتب الشعبية والروايات.
وتحفل مسيرة العالم الكبير الدكتور صلاح عُبيّة بالعديد من الجوائز والألقاب محليا وعالميا؛ حيث نال وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، من الرئيس عبد الفتاح السيسي، في عيد العلم عام 2019 ، كما حصل على زمالة أكبر مجمع هندسي بالعالم IEEE.
ويعد أحد أفضل علماء العالم في مجال الذكاء الاصطناعي ومطور أفضل الحزم الرقمية لأجهزة النانو .. وقال عنه الراحل الدكتور أحمد زويل إن الدكتور عبية واحد من أفضل علمائنا وأعلاهم مكانة.
وتمت دعوة الدكتور عبية رسميا للانضمام إلى " التحالف الدولي لصناعة الذكاء الاصطناعي في هونج كونج "باعتباره أحد أبرز علماء فوتونيات الذكاء الاصطناعي في العالم.
وعرج العالم الكبير الدكتور صلاح عُبيّة ، في حديثه لوكالة أنباء الشرق الأوسط ، على تطور معرض القاهرة الدولي للكتاب في مرحلة التسعينيات، وما بعدها ، حيث تحول المعرض إلى حدث ثقافي كبير يجذب ملايين الزوار، ويشهد تنوعًا في المحتوى، وظهور دور النشر المستقلة ، لافتا إلى أن المعرض يهدف إلى نشر الثقافة والمعرفة، وتعزيز القراءة، ودعم صناعة النشر، وتقديم منصة للكتاب الجدد لعرض أعمالهم.
وأوضح أن معرض القاهرة الدولي يعد من أكبر المعارض في المنطقة، ويشارك فيه عدد كبير من دور النشر المصرية والعربية والأجنبية، مما يوفر للزوار فرصة الاطلاع على أحدث الإصدارات في مختلف المجالات ، مشيرا إلى أن أسعار الكتب في المعرض تتميز بكونها مناسبة لجميع الشرائح، مما يشجع على شراء الكتب والقراءة علاوة على الأنشطة الثقافية والفنية، مثل الندوات والحلقات النقاشية وورش العمل، مما يضفي على المعرض أجواءً ثقافية حيوية.
وأوضح أن المعرض يركز على الثقافة العربية حيث يعكس اهتمامًا خاصًا بالثقافة العربية، حيث يخصص جزء كبير منه لعرض الكتب العربية في مختلف المجالات ، مؤكدا ضرورة تقديم المزيد من الدعم لصناعة النشر والناشرين والناشرين المستقلين وتشجيعهم على نشر الكتب ذات الجودة العالية.
وشدد على أهمية التركيز على جودة الكتب المعروضة في المعرض، وتشجيع النشر العلمي والأدبي الأصيل وتوسيع قاعدة الزوار من حيث استهداف فئات جديدة من الزوار، مثل الأطفال والشباب، من خلال تنظيم فعاليات وورش عمل مخصصة لهم.
يشار إلى أن الدكتور عبية فاز بجائزة "زويل للمعرفة العلمية" التي تمنح للعلماء ومؤرخي العلم والكتاب العلميين ولمن يقدمون إسهامات بارزة في مجالات تبسيط العلوم والثقافة العلمية ، كما تم تتويجه على عرش العلوم في القارة السمراء، بعد فوزه بجائزة "كوامي ناكروما" التي تعد الأولى والأهم في إفريقيا بمجال العلوم.
وكان الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة افتتح في 23 يناير الجاري معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته ال56 والتي تقام تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية وتستمر حتى 5 فبراير المقبل، بمركز مصر للمعارض والمؤتمرات الدولية.
وتقام الدورة ال56 من معرض الكتاب تحت شعار "اقرأ..في البدء كان الكلمة" بمشاركة 80 دولة عربية وأجنبية، 1350 دار نشر و 6000 عارض، وتحل سلطنة عمان ضيف شرف هذا العام، وتم اختيار اسم العالم المصري أحمد مستجير شخصية المعرض، والكاتبة فاطمة المعدول شخصية معرض الطفل.
ويشهد المعرض ، الذي يقام هذا العام على مساحة هي الأكبر منذ نقله إلى مركز مصر للمعارض والمؤتمرات الدولية بالتجمع الخامس، عقد سلسلة من اللقاءات الثرية بين الكتاب والمفكرين التي تناقش مختلف القضايا السياسية والثقافية والاجتماعية بمشاركة العديد من مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا معرض القاهرة الدولي للكتاب المزيد معرض القاهرة الدولی للکتاب صلاح ع بی ة
إقرأ أيضاً:
الخطأ في نسبة الآراء إلى أصحابها في الكتب الكلامية
لطالما كان التدقيق في نسبة الأقوال إلى أصحابها من أصول البحث العلمي الرصين، إذ تُبنى على هذه النسبة الأحكام والاستنتاجات التي تؤثر في مسار الفكر والعلم.
وفي العلوم العقدية والكلامية تزداد أهمية هذا التدقيق، نظرا لما يترتب عليه من تبعات قد تصل إلى التخطئة أو التجريح أو حتى التضليل.
من هنا، جاء كتاب "الخطأ في نسبة الآراء إلى أصحابها في الكتب الكلامية: دراسة تأصيلية تحليلية نقدية" من تأليف عبد اللطيف عمر المحيمد، والصادر عن دار المقتبس، في طبعة جديدة مؤخرا، ليسلط الضوء على الأخطاء الواقعة في نسبة الآراء إلى العلماء في كتب العقيدة والكلام، في محاولة لتنقية التراث من الخلط والتأويلات غير الدقيقة، وإرساء منهج علمي منضبط يستند إلى الأمانة العلمية والتثبت في النقل.
والمؤلف عبد اللطيف عمر المحيمد حاصل على الإجازة في كلية الشريعة في جامعة دمشق بترتيب الأول على دفعته، وحاصل على الماجستير في جامعة دمشق أيضا باختصاص العقائد والأديان عن هذا الكتاب، وعلى الدكتوراه من كلية الدعوة الجامعية في لبنان، وله مجموعة من الأبحاث والكتب المنشورة، وقد اعتقلته قوات قسد بعد الاتفاق الذي كان منهم مع الحكومة السورية من مدينة الحسكة.
إعلانوهذا العمل كان الدافع له خدمة أشرف العلوم؛ علم العقيدة لما نسب فيه من أقوال لبعض العلماء لا تتناسب مع مبادئ هذا العلم الشريف.
فكان محركه الحاجة لتنقيح تراثنا من الخطأ سواء منه المتعمد وغير المتعمد، ولتنزيه علم العقيدة عن غير الأدلة الواضحة النقية الصافية، ولمواجهة منهج في التأليف ذي خطر بالغ سمته التحيز أو قلة العلم أو ضعف الثبت، لما له من أثر في اتخاذ الأحكام مع ما يبنى على تلك الأحكام عند البعض من تراشق للتكفير والتفسيق والتضليل.
ضوابط النقل والنسبة إلى العلماءفالكتاب يتعقب أمثلة لهذه الأخطاء مع تبيينه ضوابط للنقل والنسبة إلى العلماء.
والكتاب -كما أُشير- هو رسالة ماجستير أعدّت في اختصاص العقائد والأديان في كلية الشريعة في جامعة دمشق عام 2012، ولها قصة، لعلّ ذكرها يسلّط الضوء على أهمية هذا العمل، وعلى شيء من شخصية مؤلفه وروحه.
فالباحث مع انتمائه لمؤسسة علمية مغلقة فكريًّا ما خشي من قول الحق ولا من إظهار منهجه، وتلقيت هذه الرسالة في الكلية بالعداء والنفور لما فيها من خروج عن النمط التقليدي.
وكانت جلسة المناقشة وما تلاها، كما يذكر الدكتور ثائر الحلاق (مدرس العقائد والأديان في كليّة الشريعة في جامعة دمشق سابقًا)، الذي قدم لهذا الكتاب، أشبه ما تكون بمحاكم تفتيش فكرية، حوسب فيها الباحث على لفتاته الإبداعية وعلى منهجه الفكري، ونازعه المحكّمون -كما قال الدكتور ثائر- في مسائل أصاب فيها الباحث وما أخطأ، وأحسن وما أساء، وبعد أخذ ورد أجيزت الرسالة على استحياء شديد بدرجة ضعيفة لا تليق بالجهد ولا بالعمل المميز الذي قدمه الباحث.
يسعى البحث ظاهرا ومضمونا إلى التنبيه على وضع ضوابط مطّردة للنقل من كتب التراث، وللنسبة إلى علماء المذاهب، سواء منهم المخالفون أو الموافقون بغية تجنب الزلل.
ومن مسالك هذا الخطأ وطرق هذا النحل التي نبّه عليها المؤلف ما تتبعه من نماذج لهذه الأفعال؛ من مثل أن يعمد أحد الباحثين إلى نقل آراء خصومه من كتب إمام معروف بالتشدّد عليهم، أو بالاعتماد على بعض كتبهم دون الأخرى، أو بالاعتماد على كتاب من كتبهم دُسّ فيه ما ليس منه أو أنقص منه ما فيه، أو يعتمد على الكتب المتقدّمة دون المتأخرة، أو على المتأخرة دون المتقدمة، وقد يعمد يعض الشراح إلى بعض المخطوطات التي وقع فيها بعض التصحيف أو بعض التحريف، فيشرحها ظنا منه أنه القول الصحيح، ثم يحاسبهم على هذا الأساس.
وضع الكاتب مادته في 612 صفحة من غير قوائم الفهارس موزعة على مقدمة وفصول خمسة وخاتمة.
إعلانعنون الدكتور المحيمد الفصل التمهيديّ بـ"التعريف بالخطأ وأثرِه في العلوم الإسلامية"، وقسمه إلى مطلبين:
في المطلب الأول: تعريف بالخطأ لغةً واصطلاحًا، وحديث عن حرص العلماء على نقل القول الصحيح. وكان المطلب الثاني: عن تجلّي أثر الخطأ في نقل الرأي في العلوم الإسلامية من خلال تعقب هذا في عدد من العلوم الشرعية، وهي: علم الحديث، وعلوم القرآن، وعلم الفقه وأصوله. ثم تحدث عن تجلي أثر الخطأ في نقل الرأي في علم التاريخ.لينتقل بعدها إلى محطته الرئيسة وهي الآثار المترتّبة على الخطأ في نقل القول في العقائد، وقسم هذا إلى مطلبين أيضًا، هما:
التكفير بوصفه أثرًا من آثار الخطأ في نقل القول، وعن التكفير عن حديث افتراق الأمة ومواقف العلماء منه وتوجيههم له وأثره في شيوع التكفير. والمطلب الثاني كان عن تبادل الألفاظ المنبوذة كالجبرية والقدرية والمرجئة والمشبِّهة.وعنون المؤلف الفصل الأول بـ"صور الخطأ وجهاته"، وفيه ثلاثة مباحث:
كان المبحث الأول عن الخطأ الراجع إلى الزيادة والنقص في الكلام، ومن جهاته التي أوردها: التعميم الفاسد، حيث عرّف المصطلح وبيّن موقف الشارع منه، وذكر نماذج من التعميم الفاسد في المسائل الاعتقادية، موضحًا الفرق بينه وبين التعميم الصحيح.كما تناول مسألة الاعتماد على لازم المذهب، فناقش فكرة الاحتكام إلى لازم القول، وهل لازم القول يُعدّ قولًا لصاحبه أم لا، مع التعريف بدلالة الالتزام وأقسامها، واستعراض مواقف العلماء واختلافهم حول لازم المذهب، ليخلص في النهاية إلى ترجيح الرأي الذي دعمه الدليل الأقوى. أما المبحث الثاني، فتناول الخطأ الراجع إلى النقل من الكتب، ومن جهاته التي أوردها الاحتكام إلى الكتب المشكوك في نسبتها إلى مؤلفيها، وكذلك الاعتماد على بعض الكتب دون غيرها. كما ناقش الخلاف حول تحريف بعض الكتب، وتأثير نسبة ذلك المحرَّف إلى مؤلفه، مع تقديم نماذج متعددة لكل حالة. وجاء المبحث الثالث حول فهم كلام الخصم على غير مراده، حيث سعى المؤلف إلى توضيح فكرته من خلال دراسة أسباب اختلاف الفهوم. فتطرق إلى مسألتي الحقيقة والمجاز، وأثرهما في فهم ألفاظ الشرع، وخاصة في مسائل الأسماء والصفات، كما ناقش الخلاف بين العلماء حول وجود المجاز في اللغة.
كذلك تناول مسألة الأخذ بظواهر النصوص، موضحًا المراد منها عند العلماء، وهل يؤدي ذلك إلى تشبيه الله بخلقه أم لا. كما تعرّض إلى قضية نفي الكيفية في الصفات الإلهية، وبيّن مقصود أئمة السلف عند إطلاق هذا المصطلح، إلى جانب مناقشة فكرة إطلاق الألفاظ على غير معانيها. إعلان
وعنوَن الفصل الثاني بـ"الخطأ في نسبة الآراء في الإلهيّات" وقسمه إلى ثلاثة مباحث:
وكان أولها عن مسائل الإيمان والتوحيد والعالم. وثانيها عن مسائل الصفات الإلهية، وأتى فيه على مسائل الصفات الذاتية، والصفات الخبرية (التي توهم التشبيه؛ كاليدين والوجه والضحك)، وعن الصفات الفعلية (التي توهم الحدوث والتغير؛ كالاستواء والنزول والمعية). وثالثها عن مسائل الأفعال الإلهية، وفيه خلق أفعال العباد، ومناقشتها عند المعتزلة وعند الجويني، والصحيح الموجود في آخر كتبه، وما يجب نقله عنه بصفته مذهبًا له، وفيه مناقشة مسألة التكليف بما لا يُطاق، والتحقيق في مذهب الإمام الأشعري فيه، وبيان مذاهب العلماء في هذه المسألة أيضًا، وفيه مناقشة لمسائل التحسين والتقبيح، ومذاهب أهل السنة والجماعة وكذلك المعتزلة.وعنون الفصل الثالث بـ"الخطأ في نسبة الآراء في النبوات"، وقسمه إلى مبحثين:
أولهما النبوة ومكانتها واكتسابها، وفيه مناقشة لفكرة مكانة النُبوّة عند الفلاسفة، وعن رأي الفلاسفة في النبوة بين الاكتساب والتوقيف. وكان المبحث الثاني عن النبي صلى الله عليه وسلم من حيث مكانته (وفيه معجزاته، وعرض لمسائل التوسل، وزيارة قبره صلى الله عليه وسلم ولغير ذلك) وفيه أدلة نبوته وحجيتها، وهو عن الأدلة العقلية والنقلية، وأهميتها عند الفرق الإسلامية.وعنون الفصل الرابع بـ"الخطأ في نسبة الآراء إلى أصحابها في السمعيّات" وقسمه إلى مبحثين:
أولهما شمل المسائل المتعلقة بعالمي الجن والملائكة، وما ينسب من إنكارهما إلى الفلاسفة والمعتزلة. وثانيهما في مسائل المعاد، وهو عن مسائل المعاد والبرزخ والمعاد الجسماني والنفساني، وعن مسائل اليوم الآخر وأحداثه؛ كالحساب ونطق الجوارح والميزان.إن أهمية هذا الكتاب تتجلى أنه يضع مسائل من التراث دار حولها إشكال تحت عدسة مجهر التحليل والنقد والإنصاف، وأنه يظهر النتائج الخطيرة المترتبة على هذه النقولات غير الصحيحة؛ مثل التكفير والتفسيق الذي كثيرا ما يكون ما يكون من علماء لعلماء آخرين بناء على أقوال منحولة.
وكذلك فالبحث قد يمكّن القارئ -من خلال ما فيه من تتبع وتحليل ونقد لأمثلة كثيرة – من ملكة تعينه على تمييز الصحيح من الخطأ من أقوال العلماء والفرق.
وجملة القول، إن الكتاب يسعى لحل بعض المسائل المشكِلة في التراث العقدي، مبينا ما يؤدي إليه الخطأ في النسبة من تجنّ ومن حيف عن الحق، ويحاول إكساب الباحث بالمقال وبالمثال أدوات التعامل مع التراث من حيث توخّي الدقة وامتلاك ضوابط النقل التي يحتاج إليها كل باحث عند نقله من كتاب أو عند نقله عن عالم آخر من المذاهب والفرق راسما ملامح منهج ضابط في النقل والنسبة.
إعلان