مشكلة واحدة وسبع إجابات: كيف ستستجيب الدول لرسوم ترامب الجمركية؟
تاريخ النشر: 29th, January 2025 GMT
نشرت صحيفة "إزفيستيا" الروسية تقريرًا تحدثت فيه عن اعتزام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الإعلان في أوائل شباط/ فبراير عن فرض رسوم جمركية قد تشمل أغلب دول العالم.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن هذه الإجراءات قد ينتج عنها نشوب حرب تجارية لم يشهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية.
وتضيف الصحيفة أن جميع الأطراف المعنية تدرس كيفية اتخاذ تدابير مضادة، يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أنواع؛ محاولة كسب رضا الولايات المتحدة، أو فرض رسوم جمركية مضادة، أو تعزيز العلاقات مع دول أخرى.
الهند: شراء المزيد من الويسكي والصلب
ذكرت وكالة "بلومبرغ" هذا الأسبوع أن الحكومة الهندية حددت عدة سيناريوهات لمنع أو تخفيف الأضرار الناجمة عن الرسوم الجمركية الأمريكية في حال تنفيذ تهديدات دونالد ترامب. ويناهز حجم الفائض التجاري للهند مع الولايات المتحدة حوالي 35.3 مليار دولار.
ومن بين الخيارات المطروحة للمناقشة، فقد أباحت الحكومة استيراد كميات كبيرة من الويسكي والصلب والنفط من الولايات المتحدة. وقد تلجأ الهند أيضًا إلى خفض الرسوم الجمركية على السلع المستوردة من الولايات الأمريكية، العامل الذي يشكل أهمية سياسية للحزب الجمهوري.
علاوة على ذلك، تخطط الهند لإعادة 18 ألف مهاجر هندي غير شرعي يعملون في الولايات المتحدة لكسب رضا إدارة ترامب.
ومع ذلك، تأمل الهند في تحقيق بعض المكاسب في حال تحقق سيناريوهات معينة مثل فرض الولايات المتحدة تعريفات جمركية أعلى على الصين وقيودًا على الوصول إلى التقنيات المتقدمة، الذي يخول لبعض القطاعات في الاقتصاد الهندي مثل قطاع الإلكترونيات والمعدات عالية التقنية والمنسوجات والأحذية والكيماويات اكتساح السوق الأمريكية.
بالإضافة إلى ذلك، قد يساهم فرض رسوم أمريكية عامة تتراوح بين 10 و 20 بالمئة في زيادة صادرات مكونات السيارات والمعادن من الهند.
إلى جانب ذلك، أكدت وزارة النفط الوطنية الهندية اعتزام شركات الطاقة الهندية زيادة واردات النفط والغاز من الولايات المتحدة استجابةً لرغبات ترامب.
في الحقيقة، لا تصب هذه المستجدات في صالح الجانب الروسي، الذي اعتمد بشكل كبير منذ انطلاق الأزمة الروسية الأوكرانية على مبيعات النفط الخام إلى الهند.
الاتحاد الأوروبي: كل يبحث عن مصلحته
وذكرت الصحيفة أن الاتحاد الأوروبي يقف على شفا حرب تجارية، حيث يبلغ حجم التبادل التجاري بين الاتحاد والولايات المتحدة 1.54 تريليون يورو.
وفي حين تحقق الولايات المتحدة فائضاً في مجال الخدمات، إلا أن الوضع مختلف تمامًا فيما يتعلق بالسلع. ومع ذلك، يركز ترامب على السلع بشكل خاص، حيث وعد خلال حملته الانتخابية بإحياء الصناعة الأمريكية.
وينطبق هذا بشكل خاص على صناعة السيارات التي تمر بأسوأ ظرف بسبب التحول إلى السيارات الكهربائية والمنافسة مع الصينيين.
في حال فرض ترامب الرسوم الجمركية على الاتحاد الأوروبي بالتزامن مع الرسوم الجمركية على الصين قد تكتسح البضائع الصينية السوق الأوروبية.
في الأثناء، اجتمع زعماء فرنسا وألمانيا هذا الأسبوع لمناقشة التدابير المضادة المحتملة. لكن التصريحات الغامضة الصادرة بعد الاجتماع كشفت عن غياب وجود أي اتفاق في الأفق.
من جانبها، تعلق ألمانيا أمالًا على تمكنها بطريقة ما من الحصول على تنازلات من الجانب الأمريكي. أما، فرنسا فتهدد بفرض رسوم جمركية انتقامية.
في هذا السياق، قدمت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين لفتة تصالحية، حيث قالت إن المفوضية الأوروبية قادرة على تلبية احتياجاتها من الغاز الطبيعي المسال من خلال الإمدادات من الولايات المتحدة.
وبحسب خطتها، فإن زيادة المشتريات من أمريكا – على حساب المشتريات الروسية، التي تبلغ حاليًّا 21.5 مليار متر مكعب سنويًّا – من شأنه إرضاء الإدارة الأمريكية، التي ترغب في ضمان ظروف مميزة لمنتجي الطاقة الهيدروكربونية الأمريكيين. ومع ذلك، تهدد هذه الخطوة الاتحاد الأوروبي بتكبد خسارة على الصعيد الاقتصادي، لأن الغاز الأمريكي أكثر تكلفة. أما على الصعيد الفني، من الصعب تنفيذ ذلك؛ وربما يتطلب إنشاء احتياطي استراتيجي من الغاز الطبيعي المسال المستورد من الولايات المتحدة، مما يتطلب ضخ استثمارات مالية إضافية.
في الشأن ذاته، تراهن بعض الدول على العلاقات الخاصة مع الولايات المتحدة التي تعتمد على الروابط الشخصية. فعلى سبيل المثال، تتوقع إيطاليا والمجر، اللتان تربطهما علاقات قوية مع ترامب، الحصول على مزايا كبيرة إذا تم فرض الرسوم الجمركية. فمن المحتمل معاملة هذه الدول بطريقة مختلفة؛ حيث تفضل إدارة ترامب التعامل مع الدول الفردية بدلاً من التعامل مع البيروقراطية في بروكسل.
الصين: رد صارم مشكوك فيه
تجيز الإدارة الأمريكية الجديدة فرض رسوم جمركية بنسبة 60 بالمئة على جميع السلع والخدمات القادمة من الصين، بالإضافة إلى الرسوم الحالية. كما قد يسحب الكونغرس من الصين صفة الشريك التجاري المفضل، مما سيسمح بفرض أي رسوم جمركية بسرعة.
بالنسبة للصين، التي تتمتع بفائض تجاري ضخم مع الولايات المتحدة، تشكل هذه الخطوة ضربة لاقتصادها ومن شأنها تقليص حجم الصادرات بنسبة 20 بالمئة.
على الرغم من الخطاب الحاد، من غير الواضح بعد كيفية رد الصين على الهجوم التعريفي من الولايات المتحدة. ومع ذلك، يبدو السيناريو الأكثر احتمالاً هو فرض قيود على صادرات المنتجات الزراعية الأمريكية فضلا عن تخفيض قيمة اليوان بشكل مصطنع. ومع ذلك، فإن هذه الخطوة الأخيرة ستؤثر بدرجة أكبر على منافسي الصين الآخرين، بما في ذلك أوروبا، وقد تؤدي إلى جولة جديدة من الحروب النقدية والتجارية.
كندا والمكسيك: العين بالعين؟
وأوردت الصحيفة أنه فيما يتعلق بكندا تم اقتراح فرض تعريفات جمركية بنسبة 25 بالمئة على الرغم من كونها الشريك التجاري الرئيسي للولايات المتحدة. وتشكل هذه الإجراءات ضربة قوية تهدد كندا بخسارة عشرات، إن لم يكن مئات، المليارات من الدولارات. من جانبه، اقترح رئيس الوزراء الكندي المنتهية ولايته جاستن ترودو اتخاذ رد مماثل، القرار الذي يعارضه حكام بعض المقاطعات لأنه لن يؤدي إلا إلى تفاقم الوضع.
بالنسبة للمكسيك، تدرس الرئيسة كلوديا شينباوم إلغاء التفضيلات التي كانت تتمتع بها تقليديًّا الشركات الأمريكية، فضلًا عن إمكانية تعزيز التعاون مع الصين، التي تبحث منذ فترة طويلة عن فرص لدخول أمريكا اللاتينية.
ومع ذلك، في حالة جيران أمريكا الشمالية، يُعد فرض الرسوم الجمركية بمثابة وسيلة للضغط السياسي بدلاً من محاولة الحصول على مزايا تنافسية في الاقتصاد. ويتوقع البيت الأبيض من الجانب الكندي فرض رقابة صارمة على تجارة المخدرات، وخاصة الفنتانيل. أما المكسيك، فيتعين عليها وقف تدفق المهاجرين إلى الولايات المتحدة. وعليه، فإن التوصل إلى اتفاق مع كل من كندا والمكسيك أمر محتمل خاصة أن كندا ستشهد تغييرًا في الحكومة.
وفي ختام التقرير نوهت الصحيفة بأن الرسوم الجمركية تحمل تداعيات خطيرة على التجارة العالمية بغض النظر عن التدابير المضادة ومحاولات التفاوض من قبل الأطراف الأخرى. علاوة على ذلك، تنذر الرسوم الجمركية ليس فقط بتجزئة الاقتصاد العالمي، بل بتفكك بعض الكتل الإقليمية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية رسوم جمركية الصين امريكا الصين رسوم جمركية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من الولایات المتحدة الاتحاد الأوروبی الرسوم الجمرکیة فرض رسوم جمرکیة ومع ذلک
إقرأ أيضاً:
واشنطن بوست: رسوم ترامب الجمركية تهدد أوروبا وتعزز نفوذ الصين عالميًا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية مقالًا تحليليًا للكاتب إيشان ثارور حول تداعيات السياسة التجارية الجديدة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، المتمثلة في فرض رسوم جمركية كبيرة على الواردات.
وقال الكاتب، في مقال تحليلي نشرته الصحيفة، اليوم الأربعاء إن هذه الخطوة، التي وصفها ترامب بـ"يوم التحرير"، قد تحمل عواقب وخيمة على العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة وحلفائها، لا سيما في أوروبا، بينما قد تصب في مصلحة الصين، التي تراقب المشهد عن كثب بحثًا عن فرص لتعزيز نفوذها الاقتصادي على الساحة العالمية.
وأضاف: رغم غموض التفاصيل، فإن توجه ترامب واضح: فرض تعريفات جمركية واسعة النطاق على معظم الواردات إلى الولايات المتحدة، وهو ما قد يعلنه رسميًا خلال فعالية في البيت الأبيض هذا الأسبوع.
وأفاد ثارور بأن ترامب وأنصاره يرون أن هذه الإجراءات ضرورية لمواجهة ما يصفونه بعدم التوازن في التجارة العالمية، ولتوفير مصادر جديدة للدخل في ظل التغييرات الجذرية التي تجريها إدارته على الحكومة الفيدرالية. لكن منتقديه يحذرون من أن هذه السياسة قد تتحول إلى "ضريبة غير مباشرة" على المستهلكين الأمريكيين، بل وقد تدفع الاقتصاد إلى حالة من الركود التضخمي لم يشهدها منذ عقود.
وأشار إلى أن الوضع في أوروبا مختلف، فهناك استياء متزايد، إذ لم تخفِ رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين خيبة أملها، مشددة على أن الاتحاد الأوروبي مستعد للرد بفرض رسوم على المنتجات والخدمات الأمريكية، رغم أن هذا المسار ليس الخيار المفضل لدى الأوروبيين.
وعلى مستوى الرأي العام، تظهر استطلاعات الرأي تزايد المشاعر المعادية لسياسات واشنطن. ففي فرنسا، أعربت غالبية المواطنين عن دعمهم لمقاطعة المنتجات الأمريكية، بينما أظهر استطلاع ألماني أن 16٪ فقط من الألمان ما زالوا يعتبرون الولايات المتحدة شريكًا موثوقًا. وفي كندا، أعلن رئيس الوزراء الجديد مارك كارني بوضوح أن "العلاقة القديمة والمتشابكة" مع واشنطن قد انتهت.
وتابع الكاتب الصحفي قائلا إن الصين في المقابل، تراقب هذه التطورات عن كثب. ويرى خبراء في بكين أن التوترات بين الولايات المتحدة وأوروبا قد تدفع الأخيرة إلى تبني نهج أكثر مرونة تجاه الصين، وهو ما يتعارض مع الجهود التي بذلتها إدارة بايدن سابقًا لحشد الحلفاء في مواجهة النفوذ الصيني.
واختتم مقاله بالقول إن البيت الأبيض يبدو غير مكترث بالتحذيرات العالمية، بل وربما يستمتع بإثارة الفوضى بين حلفائه. وبينما يواصل ترامب تفكيك سياسات الإدارة السابقة، يبدو أن العالم يتجه نحو نظام اقتصادي جديد، تزداد فيه الهيمنة الصينية مع كل خطوة تخطوها واشنطن في الاتجاه المعاكس.