القدس المحتلة – بعد يومين ستوقف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) كافة خدماتها وأنشطتها في مدينة القدس المحتلة وإخلاء كافة المباني التابعة لها، وذلك امتثالا لقانونين صادق عليهما الكنيست الإسرائيلي أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ويحظر القانون الأول نشاط الوكالة داخل "المناطق الخاضعة للسيادة الإسرائيلية" بما يشمل تشغيل المكاتب التمثيلية وتقديم الخدمات، في حين يحظر القانون الثاني أي اتصال مع هذه الوكالة الدولية.

وسيتأثر بشكل مباشر من الإغلاق أكثر من 100 ألف لاجئ مقدسي مُدرجون في سجلات الوكالة الأممية، ويتلقى هؤلاء خدمات أساسية إغاثية إما تعليمية وإما صحية وإما اجتماعية وإما تلك المتعلقة بالصحة النفسية إما القروض الشخصية.

وللتعرف على هذه الخدمات والوجود التاريخي لوكالة الأونروا في القدس، والخطر الذي يشكله إنهاء عملها في المدينة المحتلة، حاورت الجزيرة نت سامي مشعشع الخبير في شؤون المنظمات الدولية والإعلام، والناطق الرسمي السابق باسم الوكالة، وتاليا نص الحوار:

مشعشع: السطر الأخير في تاريخ الأونروا لم يكتب بعد وما زال هناك متسع للتحرك (الجزيرة)  ما أهمية وجود وبقاء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)؟ إعلان

هناك ارتباط عضوي وتاريخي بين الأونروا واللاجئ الفلسطيني، فبالإضافة لدورها المحوري الإغاثي والخدماتي، نجحت الوكالة في لملمة شتات الشعب الفلسطيني بعد نكبة عام 1948، وأعادت اللحمة للمشتتين في الأرض.

تشبث اللاجئون في المخيمات وخارجها بالوكالة رغم بعد ملاحظاتهم ومآخذهم عليها لأنهم ينظرون إليها في البعد الرمزي وارتباطها بحق العودة المنصوص عليه في قرار الجمعية العامة رقم 302.

ما العمليات التي تديرها الأونروا من مقرها في حي الشيخ جرّاح بالقدس؟

دور مقر الوكالة في القدس محوري وأساسي وسياسي، فبعد أيام من احتلال شرقي القدس عام 1967 تم توقيع اتفاقية لازمة بين دولة الاحتلال والأونروا سميت باتفاقية "كوماي-مكليمور"، وحُدد من خلالها دور ومهام الأونروا ورُسِخت امتيازاتها وحصانتها الدبلوماسية.

هذا مكّنها من العمل في القدس، ويعتبر المقر أيضا نقطة ارتكاز لعمل الأونروا في الضفة الغربية وإدارة الخدمات التي تقدم للاجئين في 19 مخيما، وبعد سنوات أصبح يضم مكتب المفوض العام للأونروا وبعض المكاتب الرئيسية التي تنسق عمل الوكالة في الشرق الأوسط، وهذه الرمزية مهمة.

ولأن الوكالة تنطلق بعملياتها من منطقة تعتبر محتلة وفق القانون الدولي، فإن ذلك أثار حفيظة الإسرائيليين، فمن جهة هم أرادوا استمرار عملها لأنها تحمل عنهم "همّ" تقديم الخدمات، رغم أن الدولة المحتلة هي من يجب أن تقدمها لكنها من هذا المنطلق سمحت للوكالة بالتحرك.

ومن جهة أخرى، وجود الأونروا كان يذكر إسرائيل دائما بأنها دولة محتلة، وهي التي تقول دائما إن القدس عاصمة موحدة بشطريها لإسرائيل رغم وجود مخيم للاجئين الفلسطينيين داخل حدود بلدية القدس وهو مخيم شعفاط، وبالتالي لا يمكن فصل محاولات إنهاء وجود الوكالة عن هذه الأسباب.

من يستفيد من خدمات الوكالة في القدس؟ إعلان

مقر الشيخ جراح يشرف على تقديم خدمات أساسية لأكثر من 850 ألف لاجئ في الضفة الغربية وأكثر من 100 ألف لاجئ في القدس، وهذه الخدمات تعليمية واجتماعية وصحية وقروض صغيرة وغيرها.

خدمات الأونروا متنوعة في القدس وتتركز بالأساس في مخيم شعفاط وهو الوحيد الواقع ضمن حدود المدينة التي رسمتها إسرائيل، ولهذا السبب هناك محاولات جادة لتجريد هذا المخيم من صفته كمخيم وسكانه من صفة لاجئين.

يتلقى التعليم في مدارس وكالة الأونروا بالقدس 1100 طالب وطالبة، وأكبر هذه المدارس مدرستان، إحداهما للذكور والأخرى للإناث في مخيم شعفاط.

ومن أهم المقرات التابعة للأونروا في القدس ما تعرف بعيادة "الزاوية" التي تقدم الخدمات الصحية للاجئين، بالإضافة للمقدسيين الذين لا يملكون الحق في التأمين الصحي بالقدس لأسباب مختلفة، وستغلق هذه العيادة أبوابها مع نهاية يناير/كانون الثاني الجاري.

وهناك أيضا محاولات قديمة ومستمرة لطرد الوكالة من معهد التدريب المهني في قلنديا، وهو مركز ملاصق لمخيم قلنديا، وتكمن أهميته في مساحته الكبيرة وإطلالته على مطار القدس الدولي.

وتخطط إسرائيل لبناء حي استيطاني على أرض المطار التاريخي ثم التوسع على أرض المعهد المهني بعد طرد الوكالة من المكان.

الأونروا تقدم خدمات صحية وتعليمية واجتماعية لنحو 100 ألف لاجئ في القدس (الجزيرة) لماذا تلاحَق الأونروا؟ وما انعكاسات إغلاق مكتبها في القدس على خدماتها بالضفة وغزة؟

هي سلسلة متكاملة ومحاولات الكيان الإسرائيلي إضعاف الوكالة وتشتيت مواردها المالية وشيطنتها واتهامها بأنها تحرض على العنف والإرهاب وأن موظفيها ضالعون في أعمال إرهابية، كل ذلك سلسلة متواصلة من أجل إنهاء وجود الأونروا.

الهدف الأول في حرب الإبادة على غزة كان القضاء على المقاومة، والثاني غير المعلن والأساسي بالنسبة لهم هو شيطنة الوكالة ومنعها من العمل في قطاع غزة وضمان أن لا يكون لها دور في إعادة إعمار القطاع كمدخل للقضاء على حق العودة.

إعلان

كان لهم نجاحات في بداية الحرب حيث منعوا الوكالة من العمل في شمال غزة، ولاحقا انسحبت الكثير من الدول من دعم الوكالة بسبب الهجمة الكبيرة وخاصة أميركا والسويد، بينما تراجع دعم دول أخرى مثل هولندا وسويسرا، وبالتالي فإن الضائقة المالية الكبيرة التي تعيشها الأونروا اليوم تحد من قدرتها على العمل الآن في مرحلة إعادة إعمار غزة.

وما يزيد الطين بلّة إقصاء الوكالة وطردها من القدس، وهذه الخطوة لن تكون نهاية الحكاية لأن الحكومة الإسرائيلية تريد أن تُدحرج عملية إنهاء الوكالة في الضفة الغربية عبر خطة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش للضم، وسيكون هناك عمل مضطرب، وكلما ازدادت عملية الضم، تأثر عمل الوكالة لأن معظم عملياتها تتركز في مناطق "ب" و"ج".

الهدف الآخر لشيطنة الوكالة وإضعافها هو ما صرح به الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤخرا بضرورة ترحيل الفلسطينيين إلى كل من مصر والأردن، وهناك دور كبير ونية للكيان وأعوانه وداعميه وشركائه للتأكيد ليس فقط على إضعاف الوكالة وإنهائها، بل التحفيز على التهجير والترحيل القسري والطوعي وصولا لمرحلة توطين من بقي من اللاجئين في سوريا ولبنان والأردن، ولدفع الكفاءات الشابة للرحيل إلى دول أوروبية وغيرها.

إغلاق مكاتب الأونروا في القدس يؤثر على خدماتها في الضفة الغربية وقطاع غزة (الأوروبية) كيف ستؤدي الأونروا مهامها بعد الإغلاق؟ وهل من خطط بديلة لاستمرارها في أداء دورها؟

للأسف الشديد أداء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في ملف فلسطين وملف الأونروا كان هزيلا مترددا شاحبا وضعيفا ومهلهلا إن جاز التعبير، وأداء المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني لم يخرج من دائرة الشجب والإدانة.

ناشدناهم منذ أكثر من 15 شهرا ضرورة البدء بخطة عملية فعالة على الأرض لردع الجانب الإسرائيلي عن إنهاء دور الوكالة وحق العودة، لكن هناك غياب لخطة واضحة من قبل الأمم المتحدة، وهناك انقسام فلسطيني حاد يمنع أن يتكاتف الفلسطيني رغم انقسامه السياسي لكي تتبلور سياسة للرد على هذا الموضوع شعبيا وفصائليا، ويؤسفني أننا نحن الفلسطينيين لم نقدم ولو خطة واحدة لوقف نزيف الأونروا ومواجهة مخطط إنهاء وجودها.

إعلان

كان بإمكان الأمين العام أن يُفعّل المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة والتي تعطيه صلاحية دعوة مجلس الأمن بكامل هيئته لاجتماع طارئ، والطلب منهم فرض عقوبات رادعة على دولة عضو في الأمم المتحدة كإسرائيل لتُجبرَ على إيقاف إجراءات إنهاء عمل الوكالة، وهذا لم يتم بسبب اعتبارات سياسية ومالية منعته من القيام بدوره، وهذا هو لب الغضب عليه ولب المأساة التي نعيشها.

وطالبنا رئيس الجمعية العمومية للأمم المتحدة والأمين العام بدعوة الدول الأعضاء في الجمعية لتجميد عضوية إسرائيل أو إعلانها دولة مارقة إذا سارت في مسار إنهاء الوكالة، وهذا أيضا لم يتم للأسف الشديد.

لا الدول العربية ولا الإسلامية ولا جامعة الدول العربية ولا فلسطين بكافة أطيافها استطاعوا أن يقدموا خطة عملية واضحة لإنقاذ الوكالة، وبعد أيام سنرى ترجمات هذا الشلل على الأرض بنجاح الجانب الإسرائيلي في طرد الأونروا.

الأونروا تستعد لوقف عملياتها بالقدس بعد الحظر الإسرائيلي: تستعد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) إغلاق مقرها في القدس مع دخول الحظر الإسرائيلي على الوكالة حيز التنفيذ يوم الخميس. https://t.co/LoQZeWq5GT

— الجزيرة نت | قدس (@Aljazeeraquds) January 28, 2025

لماذا يبدي سكان مخيمات القدس خاصة قلقهم من إغلاق الوكالة، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن مخيم قلنديا يقع داخل حدود محافظة القدس وفق التصنيف الفلسطيني، بالإضافة لمخيم شعفاط؟

لأن أفقر الفقراء في فلسطين وأفقر الفقراء في القدس هم اللاجئون، وأعداد كبيرة منهم يعيشون دون خط الفقر، وأعداد أخرى نصنفها ضمن حالات العسر الشديد، وهم يعيشون دون خط الفقر المدقع حسب التصنيفات الدولية.

وبالتالي هناك اعتماد كبير على خدمات الوكالة التعليمية والصحية والاجتماعية والإغاثية، وحتى برنامج القروض مهم للشباب من اللاجئين ليتمكنوا من البدء بمشاريع تخصهم.

إعلان

غياب هذا الدور ومرور الوكالة بأزمة مالية خانقة خطيرة جدا لن تمكنها حتى من الإيفاء بالحد الأدنى من خدماتها لكل اللاجئين في كل مناطق عملياتها، وطردها الآن من القدس يشل عملها ويحد من قدرتها على الوصول إليهم مباشرة.

قلق اللاجئين مشروع، بالإضافة للقلق الناتج عن إمكانية مساومتهم ما بين هوية القدس الإسرائيلية الزرقاء والبقاء في سجلات الأونروا، وهذا واقع مر في ظل غياب أي دور فلسطيني ودولي يحافظ على حقهم كلاجئين ويحصنهم من أجل مطالبتهم بحق العودة.

مستوطنون إسرائيليون يحاصرون مكتب وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في #القدس للمطالبة بإغلاقه#حرب_غزة #فيديو pic.twitter.com/cWqkybK0sQ

— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) March 21, 2024

بوصفك مقدسيا عمل في الأونروا لمدة ثلاثة عقود، كيف تشعر اليوم والوكالة توشك على إغلاق أبوابها في القدس قسرا؟

أشعر بمرارة وأنا لا أقصد أن أعيب على زملائي الذين ما زالوا على رأس عملهم، ولكن أتحدث عن المفوض العام والإدارة العليا التي كنت جزءا منها على مدى أكثر من 30 عاما.

في الماضي مهما اشتدت المخاطر على الوكالة والتحديات، كان هناك دائما حراك مضاد.. أنا أدرك الضغوط التي يرزخ تحتها المفوض الحالي وأنه يعمل مع جهاز ومنظومة أمم متحدة محكومة وضعيفة، ولكن أداء الأونروا خلال حرب الإبادة كان دون المستوى وكانت هناك أخطاء جسيمة، أولاها الانسحاب المتسرع من شمال غزة مما كشف النازحين في مراكز الإيواء وعرضهم للمخاطر واستشهد كثير منهم.

بالإضافة لضعف الوكالة في الرد على تهميشها وشيطنتها والهجوم عليها، ودائما كان هناك لجوء للدبلوماسية في الوقت الذي كانت فيه حاجة لوقوف صارم ومتفاعل مع التحديات والرد عليها بالقسطاس نفسه.

أشعر بالمرارة أيضا وأنا أرى عيادة الزاوية تغلق أبوابها خاصة أنني كنت أحد المرضى الذين يترددون عليها لسنوات طويلة، ومن الصعب عليّ المرور أمام مقر الرئاسة التاريخي في الشيخ جراح برمزيته وجغرافيته ومكانته وأدرك أنه سيغلق بعد ساعات، وأن أرى الوكالة بدورها ومكانتها تطرد طردا من القدس في الوقت الذي تعيش فيه أزمة وجودية في غزة ومناطق عملياتها الأخرى.

إعلان

السطر الأخير في تاريخ الأونروا لم يكتب بعد، وما زال هناك متسع للتحرك ولتسجيل موقف، ولكن هناك غياب لخطط فلسطينية واضحة جامعة وخطة أممية يشتركان من خلالها في تثبيت الأونروا وحق العودة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات وتشغیل اللاجئین الفلسطینیین فی الضفة الغربیة الأمم المتحدة الوکالة فی مخیم شعفاط أونروا فی فی القدس ألف لاجئ عمل فی

إقرأ أيضاً:

مدير المستشفيات الميدانية للجزيرة نت: غزة تواجه كارثة الوفاة الجماعية للجرحى

غزة- كشف مدير المستشفيات الميدانية في وزارة الصحة بقطاع غزة الدكتور مروان الهمص عن أن أعدادا كبيرة من الجرحى فقدوا حياتهم أو أصيبوا بالشلل والبتر، وكان يمكن إنقاذهم لو توفرت الإمكانيات لتقديم الخدمة الطبية لهم وإجراء العمليات الجراحية اللازمة داخل المستشفيات التي تواجه خطر الانهيار في غضون شهر إلى 3 أشهر في حال استمر الحصار ووتيرة الحرب الإسرائيلية المتصاعدة.

واتهم الهمص في حوار خاص للجزيرة نت الاحتلال الإسرائيلي باستهداف المستشفيات الحكومية والخاصة والتابعة لهيئات دولية -بما فيها المستشفيات الميدانية- بشكل ممنهج، بهدف إخراج المنظومة الصحية من الخدمة تماما، ورفع فاتورة ضحايا الحرب.

وفيما يلي نص الحوار..

الهمص: الاحتلال يستهدف المنظومة الصحية بشكل ممنهج (الجزيرة) كيف تصف واقع المستشفيات في غزة في ظل الحصار المشدد واستئناف الحرب؟

كنا نتمنى استمرار وقف إطلاق النار وإنقاذ أرواح كثيرة من أبناء شعبنا، ولكن بعد انهياره في 18 مارس/آذار الماضي -وسبق ذلك تشديد الحصار وإغلاق المعابر في الثاني من الشهر نفسه- لم تدخل منذ ذلك الحين أي حبة دواء أو قطرة ماء أو لقمة غذاء.

وهناك أيضا أزمة كهرباء خانقة، وحتى الهواء في غزة ملوث بغبار الرصاص والقذائف والغارات، ونلاحظ إصابات بحروق بنسبة 100% وحالات بتر تصل إلى 30% من الإصابات، وتصلنا الكثير من جثامين الشهداء على شكل أشلاء ممزقة، ويبدو أن الاحتلال يستخدم أسلحة جديدة أشد فتكا تؤدي إلى إصابات غير معتادة، وأغلبية الضحايا من النساء والأطفال وكبار السن.

إعلان

ونتيجة لشراسة المرحلة الحالية من الحرب المستشفيات ممتلئة بنسبة إشغال تتراوح بين 130 و150%.

الوضع داخل الأقسام -خصوصا العناية المركزة- مأساوي جدا، ونضطر في الاستقبال والطوارئ للعمل بنظام المفاضلة لتقليل الضغط على أسرّة العناية.

وأيضا الأقسام الداخلية مكتظة بعد استهداف مستشفيات مثل المستشفى الأهلي العربي (المعمداني) في غزة، والذي تعرّض للقصف المباشر مرتين، ومبنى الجراحة رجال في مجمع ناصر الطبي.

ولدينا 80 ألف مريض بالسكري و110 آلاف مريض بالضغط والقلب ونحو 10 آلاف مريض بالسرطان، 55% منهم لا يجدون علاجا بيولوجيا أو كيميائيا أو إشعاعيا، كثير منهم ينتظرون منذ فترة طويلة على قوائم السفر بلا جدوى، وأصبحوا فعليا على قوائم انتظار الموت بسبب عدم توفر الأدوية.

هل تعتقد أن معدلات الإصابة بالسرطان سترتفع في غزة نتيجة هذه الحرب؟

نعم، في الحروب السابقة رصدنا ارتفاعا في معدلات الإصابة بالسرطان، خصوصا في المناطق التي تعرضت للقصف.

هذه الحرب غير مسبوقة من حيث التدمير، ومن المتوقع أن نشهد بعد 3 إلى 4 سنوات ارتفاعا في عدد الإصابات، خاصة أن المواد المستخدمة في القذائف تلوث البيئة والمياه والتربة، أضف إلى ذلك أن نوعية الغذاء المتوفر حاليا تعتبر عاملا مساعدا للإصابة بالسرطان.

كم عدد المسجلين على قوائم السفر للعلاج بالخارج؟

لدينا 11 ألف حالة مسجلة رسميا لدى منظمة الصحة العالمية وتحتاج إلى السفر العاجل لتلقي العلاج، وفي كشوفات وزارة الصحة يوجد نحو 25 ألف جريح ومريض بدرجات متفاوتة من الحاجة للعلاج في الخارج، جميعهم ينتظرون في ظروف صعبة للغاية، وكثير منهم معرضون للموت في أي لحظة.

هل وصل القطاع الصحي لحالة الانهيار؟

نعم، هناك انهيارات في بعض الجوانب، خدمات القسطرة القلبية وجراحة القلب توقفت بالكامل، فقدنا 85% من خدمات جراحة العظام، و73% من خدمات الجراحة العامة، وإذا استمر الحصار ومنع إدخال العلاج والوقود نتوقع انهيارا كاملا خلال شهر إلى 3 أشهر، مما يعني وفاة جماعية بين المرضى والجرحى.

إعلان

منظمة الصحة العالمية وغيرها من الهيئات على علم بالوضع، لكنها لا تستطيع التدخل، والاحتلال يستهدف الجميع، بما في ذلك مستشفيات تابعة للصليب الأحمر والهيئة الطبية الدولية وأطباء بلا حدود.

بعد خروج 36 مستشفى من الخدمة كم مستشفى لا يزال يعمل في القطاع؟

توجد في الجنوب 3 مستشفيات حكومية: غزة الأوروبي ومجمع ناصر الطبي ومستشفى شهداء الأقصى.

وفي الشمال يعمل المستشفى الإندونيسي بإمكانيات محدودة وتحت تهديد دائم، وفي غزة المدينة فقط يعمل قسم الاستقبال والطوارئ وغرفة عمليات بمستشفى الشفاء.

أما المستشفيات الخاصة فهناك المعمداني وأصدقاء المريض والخدمة العامة ومستشفى الحلو الذي تديره الوزارة لخدمة النساء والولادة، وفي خان يونس يوجد مستشفى الأمل التابع للهلال الأحمر الفلسطيني، وفي الشمال يوجد مستشفى العودة في جباليا.

ما واقع المستشفيات الميدانية؟

الاستهداف والحصار يطولان هذه المستشفيات أيضا، والاحتلال يمنع دخول المعدات وقطع الغيار، ونحن بحاجة إلى مستشفيين ميدانيين في رفح بسعة 200 سرير، ولا يوجد فيها حاليا سوى المستشفى الإماراتي المحاصر، وفي خان يونس توجد 3 مستشفيات ميدانية: الصليب الأحمر، والبريطاني، والكويت التخصصي.

وفي المحافظة الوسطى نحتاج مستشفى إضافيا إلى جانب المستشفى الذي تشغله منظمة أطباء بلا حدود، وفي غزة المدينة نحتاج مستشفى ميدانيا بسعة 400 سرير بدل مستشفى الشفاء الذي كان يضم 700 سرير.

حدثنا عن الوضع الدوائي؟

مخازن وزارة الصحة شبه فارغة، لدينا فقط 37% من الأدوية و57% من المستلزمات الطبية.

فقدنا 99% من خدمات جراحة القلب والقسطرة، و85% من خدمات جراحة العظام، و73% من الجراحة العامة، و54% من خدمات مرضى السرطان، و45% من غسيل الكلى، و54% من أدوية الضغط والسكري والأطفال.

كيف تتعاملون مع الأعداد الكبيرة من الجرحى يوميا؟ إعلان

نستخدم نظام المفاضلة، نقدم الرعاية لمن يمكن إنقاذه، ونترك الحالات الميؤوس منها للأسف، ونُسرّح الحالات المتوسطة بسبب نقص الأسرّة، ونرشّد في استخدام الأدوية والمستلزمات، وحتى الكهرباء، فمنظمة الصحة العالمية لديها مخزون وقود يكفي فقط لأسبوعين.

هل فقد بعض المرضى حياتهم نتيجة نقص الإمكانيات؟

نعم، فقدنا كثيرين كان من الممكن إنقاذهم، بعضهم توفي لعدم توفر عمليات أو أدوية، والبعض أصيب بالشلل أو البتر بسبب غياب التدخل الجراحي المناسب.

هل تعملون في بيئة آمنة؟

منذ بداية الحرب الطواقم تعمل على مدار الساعة، فقدنا 1400 شهيد من الكوادر الطبية، بينهم مختصون نادرون، فضلا عن أن 380 من العاملين معتقلون لدى الاحتلال، بالإضافة إلى أن الكوادر في غزة لم يتلقوا رواتبهم منذ 3 أشهر، ومن يتقاضى راتبه من رام الله يخسر نحو 30% منه عند سحبه، كما أننا نعيش في خيام بلا خصوصية أو أمان، ونكمل مهامنا تحت الخطر دون أدنى مقومات الحياة الكريمة.

مقالات مشابهة

  • عاجل | مصادر للجزيرة: قوات من وحدات المستعربين الخاصة تقتحم الحي الشرقي في مدينة جنين
  • الأردن يدين اعتداء شرطة الاحتلال الإسرائيلي على المسيحيين وتقييد وصولهم إلى كنيسة القيامة بالقدس
  • أنشيلوتي يشرح أسباب فوز ريال مدريد المثير على أتلتيك بيلباو
  • مدير المستشفيات الميدانية للجزيرة نت: غزة تواجه كارثة الوفاة الجماعية للجرحى
  • الإمارات تدين بشدة دعوات تفجير الأقصى وانتهاكات الاحتلال بحق المسيحيين بالقدس
  • خبير إسرائيلي: المعارضة لإسقاط نتنياهو "وهمية".. وأمريكا الوحيدة القادرة على إنهاء الحرب
  • اكتشاف نقوش مخفية في غرفة العشاء الأخير بالقدس
  • إدانة فلسطينية لاعتداء شرطة الاحتلال على المسيحيين بكنيسة القيامة بالقدس (شاهد)
  • شرطة إسرائيل تعتدي على مسيحيين فلسطينيين في كنيسة القيامة بالقدس
  • «الأونروا» توزع طروداً غذائية على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان