سودانايل:
2025-04-22@17:06:06 GMT

الوجود الأجنبي .. التفريط .. التلاعب بهويّة الدوله

تاريخ النشر: 29th, January 2025 GMT

محمد عبد الله الصايغ

عندما كانت الدانات والصواريخ الأولى تُعانق سَماء الخرطوم وأبريل العام ٢٠٢٣ يكاد أن ينتصِف ؛ وعندما كانت الأرضُ تهتز بِقوَّةِ النيران على خلافِ ما شَهِدَتهُ أجيالُنا من إنقلاباتٍ عسكريه كانت هُنالك بصّات أنيقه تحوي في جَوفِها ( الوُّجود الأجنبي ) في السودان مَحروسةً بِخَوفِ طَرَفَي الحرب مِن التَعَرُّض لها.

إستَمَرّت عمليّة الإجلاءِ هذه لفترةٍ تؤكّد أنّ الأعداد من الضخامة بحيثُ أنّها تتجاوز المسموح بِهِ قانوناً وأخلاقاً حسب التوصيف المُتعارف عليه بين الدوَل حمايةً لأمنِها واقتصادِها والحفاظ على سيادتِها. هذا التدافُع للمُغادَره حتّمَتهُ ظروف الحرب المُفاجِئه وهو الذي أعطى لهذه الدراسه الأمينه العَفويه مصداقيتَها لما كانَ عليهِ حال الوجود الأجنبي ببلادِنا ( الهامِلَه ) الذي إمتَدّ بين الأعوام ١٩٨٩ وحتى قيام الحرب.

إضطُرِرنا لمغادَرة منزلنا بحي العمارات في اليوم الأول للحرب بعد أن وقعت دانه على المنزل وحطمت جزءاً كبيراً منهُ ورَعتنا العنايه الإلهيه. عُدنا للمنزل بعد أيّام راجلين لأخذ بعض حوائجِنا وكان حي العمارات خالياً بحكم استهدافه. وجدنا أعداداً من ( تسعه طويله ) في مختلف الأعمار وهم يجلسون على الشوارع عند ما يبدو أنّها مراكز تجميع للمنهوبات ( أشكالاً وألواناً ). كان من الصعب تحديد ( الدوَل )التي ينتمون إليها من واقع اللهجه التي كانوا يتحدثونَ بها. كانَ حي مايو ، بحُكم الموقع الجغرافي ، هو الحاضنه وحسبما أفادوا.

في طريقنا بالحافله إلى ام درمان للمغادره للشماليه مررنا بالمنطقه الصناعيه الخرطوم بحري. لن اجد توصيفاً أعبّر به عمّا رأيت من مظاهرٍ للنهب خلاف الجراد. لم يكن هنالك شبراً واحداً على كلّ تلك المساحه الشاسعه ليس فيه طفل او رجل او إمرأه او عربة كارو وهم يحملون المنهوبات ويُهَروِلون مُسرِعين ليس خوفاً وإنّما ليتمكّنوا من العوده مراتٍ ومرّات وكان كل ذلك يحدُثُ في وسطِ قصفٍ بالأسلحةِ الثقيله… وكانت منطقة العِزبه هي مربط الفرس.

قبل الحرب كانت مدن العاصمه الثلاث تكتظُّ تقاطعات شوارعها بالمتسوّلين رجالاً ونساءً وأطفالاً وجميعهُم أجانب ينتمون لدولٍ أخرى حتى أنّ ذلك شكّل ظاهرةً خطيره أمنيّاً وصحيّاً لكنّهُ لم يُشَكّل أي هاجس بالنسبةِ للسلطات زمن الإنقاذ أو ( إمتدادِها ) المُستَحّق حكومة الإنتقال.

ينسى الكثيرون من ( قادة ) القوات النظاميه ( القانون المُغَلَّظ ) الذي ردّدوه واليد اليُمنى على المصحف والأُخرى شاخصه إلى السماء الذي يقول ( أن أطيع في كلّ الأوقات الأوامر ( القانونيه ) الصادره إليّ من ضابطيَ الأعلا. ) وهُم يغضّونَ الطّرف عن الجريمه الكامنه خلف صرف الرقم الوطني إذا صادَفَ ، توصيف قائد الدعم السريع عبارة ( ضابطيَ الأعلا ) أمّا الفعل فهو لا علاقةَ له بتوصيف ( القانوني ) الوارده بذلك القَّسَم فهو يستوجِبَ الرَّفض أيّاً كانَ مُصدِرُهُ.
كم نحنُ في حَوجّةٍ لِمَن يقولونَ لا ويذهَبونَ ( مَطرودينَ إلى منازِلِهِم يستطيعونَ النظر في عيونِ أطفالِهِم بِفَخر.

شعبنا الكريم المضياف التلقائي ، الذي لم يسأل يوما عن أصول شخصٍ ، وهوَ يُكرِمَهُ ، ينتشر اليوم في أرجاءِ العالَم. رأى بأُمّ عينيه ( القيود ) التي تُكَبّل دخولَهُ وحركَتَهُ ورأى ( المهانَه ) في منسوبيه الذين يُبعَدون يوميّاً للوطنِ أو لِما تَبقّى منهُ ويُلقى بهم إلى النقاط الحدوديه في أسوأِ حال.

قبل العام ١٩٨٩ لم يكن لأجنبي أن يتواجد داخل السودان إلّا لأسبابٍ قانونيه مقبوله ومستوفية المستندات وكانَ مكان إقامَتِه معروفاً للسلطات وكذلك زمن مغادرته. كانت عربة الشرطه تقف امام نُزُلِه فورَ إخلالِه بأيّ شرطٍ من شروط الإقامه أو المغادره. كان أيضاً للسودانيين من اصحاب الجنسيات الأخرى إقامات قانونيه تُعطى وتُجدَّد وتُنزَع حسب الحال.

تعوّدَ الكثيرون ، بعدَ رحيل أعِزّاءٍ لَهُم ، أن يَعُضّوا أيادي النّدَم على أبٍ ، قَريبٍ أو صديقٍ فقدوه ولم يُبِرُّوه أو يُحسنوا إليه. كانَ الوطنُ كريماً على امتدادِ تأريخِه مَعَ أبنائهِ. احتمَل الكثير من عقوقِهِم وذِلّتِهِم لَهُ وتمثيلِهِم بهِ ومرمَغة كرامَتِهِ بالوحل.غابت التربيه الوطنيه فصار المال العام هدفاً ستراتيجياً وصارت ( العماله ) للأجنبي شيئاً عاديّاً وصار حُكّام الأمر الواقع يُدينون بالولاء كُلٌّ إلى دولَةٍ ما ولم نَسلَم حتّى من إسرائيل عَلَناً و ( قوّة عين ) ولم يعض أحدٌ أصابعهُ ندماً عندما ، أخيراً ، مات الوطن… ذهب الجميع إلى الأوطان البديله أمّا البقيه فقد احتاطوا في الكثير من الدول بالقصور وبالشقق فذهبوا إليها واستمرّ الحُكام في حُكمِهِم ( كأنّ شيئاً لم يَكُن ) وذهب الشعب إلى المطاحن والمحارق.

لا نُطالب ، إن سَلِمَتِ الجَرّه هذه المره ، سوى أن نَعتَبِر بِحجم عَصفِ الكارِثَه .. فرُبّما تكون الإنذار الأخير.

melsayigh@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

اليوم.. محاكمة 37 متهما في قضية "فساد التموين"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تنظر محكمة جنايات القاهرة، بمجمع محاكم العباسية، اليوم الأحد، جلسة استكمال محاكمة 37 متهمًا في القضية المعروفة إعلاميًا بـ"فساد التموين"، والتي تضم مسؤولين بارزين في شركة النيل للمجمعات الاستهلاكية، وعددًا من الموظفين والمحاسبين، وأصحاب منافذ بيع ضمن مشروع "جمعيتي".

وكانت هيئة المحكمة قد أجلت الجلسة السابقة لحين ورود تقرير وزارة العدل، وذلك بعد تعذر اللجنة الفنية المكلفة من خبراء وزارة العدل برئاسة المحاسب محمد فكري من أداء مهامها.

وأوضحت اللجنة أن استكمال مهمتها يتطلب استخراج المتهمين من محبسهم لمناقشتهم وعرض المستندات المقدمة من النيابة العامة.

إحالة المتهمين للمحاكمة

أحالت النيابة العامة كلاً من العضو المنتدب التجاري لشركة النيل للمجمعات الاستهلاكية، ومدير ونائب مدير مشروع "جمعيتي"، و12 موظفًا بالشركة، إلى جانب 23 من أصحاب المنافذ التموينية، إلى المحاكمة الجنائية، بعد توجيه تهم بالتلاعب في صرف السلع التموينية.

وأظهرت التحقيقات أن المتهمين استغلوا مناصبهم للتربح غير المشروع، من خلال التلاعب في أذون الصرف الخاصة بسلع تموينية مثل الزيت والسكر، وبيع الفائض في السوق السوداء.

بحسب ما أعلنته النيابة العامة، فقد قام المتهمون بصرف كميات أكبر من المستحق قانونيًا لأصحاب المنافذ، بالمخالفة لمنظومة الدعم التمويني، وقاموا بإعادة بيع تلك السلع بأسعار مضاعفة في السوق السوداء.

وأضافت النيابة أن المتهمين حققوا أرباحًا غير مشروعة تقدر بـ58 مليون جنيه نتيجة هذا التلاعب، الأمر الذي يُعد إهدارًا للمال العام ومساسًا بحقوق المواطنين في الحصول على الدعم المقرر لهم.

 

مقالات مشابهة

  • غالانت: تم التلاعب بصورة “نفق فيلادلفيا” لتأخير صفقة الرهائن
  • صحيفة بريطانية: البابا فرنسيس أشاع السلام فى العالم وكان نصير المهمشين
  • "الجارديان": البابا فرنسيس أشاع السلام وكان نصيرًا للمهمشين حول العالم
  • «الجارديان»: البابا فرنسيس أشاع السلام في العالم وكان نصير المهمشين
  • البابا فرنسيس.. الكاردينال الذي باع ثروته واشترى قلوب الفقراء
  • بالفيديو.. ملامح الغدر كانت واضحة.. شاهد ماذا كان يدور داخل منزل قائد ثاني قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو بالخرطوم قبل يوم واحد من الحرب
  • شوبير يوجه رسالة نارية: الدوله مش هتديك فلوس عشان تشتري لاعب
  • شم النسيم.. احذر الحبس وغرامة 20 ألف جنيه عقوبة التلاعب بصحة المواطنين
  • اليوم.. محاكمة 37 متهما في قضية "فساد التموين"
  • الحرب الصامتة على الوجود المسيحي في القدس