سودانايل:
2025-03-01@18:05:37 GMT

واقع السودانيين بمصر… إهمال الأمم المتحدة المذري

تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT

حل قطاع مقدر من السودانيين ضيوفاً على مصر، وقد وفدوا إليها أسراً وافراداً في موجات كبيرة بالطرق البرية بُعيد اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023م، وهي حرب غشوم أجبرتهم على ترك منازلهم بما حوت واتجهوا لمصر التماسا لأمنهم الشخصي.. ولقد أفادتهم اتفاقية الحريات الأربعة التي ذللت إمكانية الدخول لمعظم الفئات عبر تأشيرة الدخول عند المعابر ما عدا الفئة العمرية أقل من الخمسين عاما من الشباب الذكور.

. ومع تزايد دخول السودانيون لمصر عملت السلطات المصرية لتحجيم ذلك التدفق فضيقت إمكانية الدخول مجبرة الفئات المستثناة على وجوب الحصول على تأشيرة دخول - ولربما كان ذلك من حقها وفقاً لتقييمها لمقتضيات أمنها القومي - غير أن الأعداد الغفيرة التي دخلت تحتاج لتوصيف أكثر دقة من كونهم زائرين.. فالتأشيرة التي حصلوا بموجبها على إذن الدخول هي في الواقع "سياحية" غير أن الغرض الأساسي من الدخول لم يكن السياحة، وإنما بغرض الحماية من الواقع الذي أفرزته الحرب.
حيث تُعتبر حالات الدخول لمصر بهذه الوضعية أمراً مربكاً لدى المنظمات التابعة للأمم المتحدة العاملة في مجال الحماية والهجرة وبالتحديد للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين UNHCR وللمنظمة الدولية للهجرة IOM.. ذلك أن السبب الحقيقي لتدفق السودانيين كان الخوف على حياتهم وهم في هذه الحالة، يحتاجون للحماية Protection تحت توصيف اللاجئ الذي ينطبق على حالة كل سوداني دخل لمصر بعد الحرب هاربا من جحيمها.. غير أن كيفية الدخول بموجب اتفاقية الحريات الأربعة حرمتهم من هذه الصفة وهي ميزة إيجابية وسلبية في نفس الآن وتحتاج لمقاربة خاصة من الأمم المتحدة. فتوصيف لاجئ ينطبق عليهم بذات الدرجة التي ينطبق فيها عليهم وصف السائح أو الزائر.. وهذه الوضعية الشاذة سوف تظهر آثارها مع تطاول أمد الحرب. فالمعروف أن الزائر أو السائح يدخل بلدا آخرا بغرض الإقامة فيه لمدة معلومة يستطيع تحديدها حسب رغبته وفي الغالب لا تطول ولا تتطاول بل ولا ترتهن لمجريات أوضاع حربية في بلده. أما اللاجئ فهو الشخص الذي عبر حدود بلاده لبلد آخر بغرض الحماية لأن حياته باتت مهددة ولا يستطيع بسبب خوف مبرر العودة لبلده طالما كانت الأوضاع غير آمنة أو مواتية لعودته.. لذلك فإن السودانيين الذين دخلوا مصر بعد الحرب هم أقرب لوضع اللاجئ من الزائر، فالمعلوم أن معظم السودانيين الذين دخلوا مصر من الطبقة الوسطى والعليا والذين يمتلكون قدرات مالية معقولة تمكنهم من العيش في مصر مثلهم مثل السياح أو الزائرين العاديين دون الحاجة لدعم مادي أو مالي من الأمم المتحدة خاصة المنظمتين المعنيتين بقضايا اللجؤ والهجرة.. غير أن ذلك لا يعفي هاتين المنظمتين من مسؤوليتهما تجاه هؤلاء السودانيين، فأقصى ما استطاعت أن تقدمه المفوضية السامية للسودانيين هو اعطاءهم صفة اللاجئ Refugee status مع توفير الحماية فقط.. أما منظمة الهجرة فإكتفت برصد أعدادهم إحصائيا وبدعم مادي خجول للغاية لا يكاد يسمن ولا يغني من جوع. كما ودخل برنامج الغذاء العالمي بمنحة شهرية على نحو أكثر استحياء من النفس الأمّارة. يكاد الحصول على تلك الدعومات الشهرية المتواضعة يريق ماء وجههم بالكيفية التي يحصلون بها عليه.
على عموم الأمر؛ يشير واقع حال هؤلاء السودانيون أنهم مازالوا صامدون في وجه ميكانزمات السوق المستعر فهم مجبرين على توفير متطلبات الحياة اليومية من إجار وأكل وشرب ومواصلات وملابس وعلاج وحتى تعليم...إلخ غير أن هذا النوع من الصمود سوف يتهاوى مع تطاول أمد تواجدهم في مصر دون رعاية حقيقية من المنظمة الدولية، ولن يقووا على مواكبة تلك المتطلبات لاسيما وأن مصر نفسها تشهد حالة من إرتفاع الأسعار يشتكي منها ابناؤها أنفسهم. فالأمم المتحدة والحالة هكذا لا يبدو أنها تعمل ما يكفي لمساعدة السودانيين، ولا يبدو أن ذلك يمكن أن يتحقق في المستقبل المنظور. ولم تصدر نأمة تنم عن الإهتمام بتكييف ذلكم الوضع الشاذ للسودانيين. فهم ليسوا لاجئين بالتوصيف الدقيق والعلمي للمصطلح، ولا هم سياح هبطوا مصر مأخوذين بتجربة الفراعنة في فن العمارة وتشييد الأهرامات. وبذلك أراحت المنظمة الدولية نفسها من عناء تحديد إحتياجاتهم وتلبيتها من مأوى ومأكل ومشرب وتعليم وعلاج وما إليه واكتفت في معظم الحالات بإعطاء صفة اللجؤ لمن طلبها بما يشمل الحماية وتيسير أمر الإقامة ولم تتعد ذلك بقيد أنملة.. فإذا كانت هاتين المنظمتين الأمميتين جادتين في مساعدة السودانيين لكانتا قد وجدتا مقاربة لتكييف أوضاعهم كلاجئين يستحقون الرعاية والحماية وتقديم تلك الخدمات اللازمة في كل القطاعات التي تقدم للاجئين بما يحفظ كرامتهم. ولربما في غضون وقت قريب إن لم تنتهي الحرب في السودان ستشهد أوضاعهم تدهوراً مستمراً مع نفاد ما بأيديهم من سيولة نقدية خاصة وأن معظمهم قد تقطعت موارد رزقه وفقد وسائل سبل كسب عيشه في السودان، ولربما تتفجر مشكلات إجتماعية ترتبط بعدم قدرتهم على الصمود في وجه متطلبات الحياة مما سيرهق كاهل الدولة التي تستضيفهم، ويؤثر سلباً على سمعتهم التي لا يملكون سواها من رأسمال.
د. محمد عبد الحميد  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: غیر أن

إقرأ أيضاً:

برلمانية: حزمة الحماية الاجتماعية تحسن معيشة الفئات التي تعاني من صعوبات اقتصادية

أكدت النائبة هند رشاد أمين سر لجنة الإعلام والثقافة بمجلس النواب أن حزمة الحماية الاجتماعية الجديدة تمثل استجابة شاملة ومدروسة لمواجهة الآثار السلبية التي أفرزتها الأزمات الاقتصادية العالمية، وعلى رأسها التضخم وارتفاع أسعار المواد الأساسية. 

وأوضحت النائبة هند رشاد أن هذه الحزمة ستسهم في استقرار الأسر المصرية وتخفيف الضغوط التي يواجها المواطنون في حياتهم اليومية، خاصة قبل شهر رمضان المبارك، وأكدت أن هذه المبادرة تعكس التزام الدولة بتحقيق العدالة الاجتماعية والتوازن في توزيع الموارد، وهو ما يعكس تطلعات القيادة السياسية لتحسين حياة المواطن المصري.

وأوضحت النائبة هند رشاد أن هذه الحزمة الاجتماعية تُعد خطوة استراتيجية نحو بناء شبكة حماية اجتماعية أكثر قوة واستدامة، والتي تشمل فئات متنوعة مثل الأسر الأكثر فقراً، والعمالة غير المنتظمة، والفئات التي تعاني من صعوبات اقتصادية.

وأشادت عضو مجلس النواب بقرار الحكومة بتوسيع قاعدة المستفيدين من الدعم النقدي، مشيرة إلى أن ذلك سيؤدي إلى تحسين حياة العديد من المواطنين الذين يعانون من تداعيات الأزمة الاقتصادية، مما يسهم في تعزيز التماسك الاجتماعي ورفع مستوى الأمان الاجتماعي في المجتمع، كما أكدت على أهمية زيادة مخصصات الدعم التمويني لضمان توفير السلع الأساسية بأسعار مدعومة، بما يخفف عن المواطنين أعباء غلاء الأسعار.

وتابعت النائبة هند رشاد بأنه بالرغم من التحديات، فإن هذه الإجراءات تعكس قدرة الدولة على الاستجابة السريعة والفورية لمتطلبات المواطنين في الأوقات الصعبة، وهو ما يعكس التزام القيادة السياسية برؤية واضحة لرفع المعاناة عن المواطنين وتوفير حياة كريمة لهم.

وفي ختام تصريحها، دعت النائبة هند رشاد إلى تضافر الجهود بين مختلف الهيئات والمؤسسات التنفيذية لضمان تنفيذ الحزمة بكفاءة وفاعلية، مؤكدة أن نجاح تنفيذ هذه الإجراءات سيعزز من ثقة المواطن في الحكومة ويحقق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي على المدى الطويل.

مقالات مشابهة

  • لقاء ترامب وستارمر.. تعزيز علاقات تاريخية أم استكشاف واقع جديد؟
  • مبادرة مناصرة اللاجئين السودانيين بمصر تعلن عن إطلاق حملتها سلة إفطار صائم
  • «الأغذية العالمي»: نصف السودانيين يعانون الجوع الحاد… لا سبيل لمواجهة المجاعة سوى توقف القتال
  • الأمم المتحدة: السودان يواجه خطر السقوط في "الهاوية" ما لم تتوقف الحرب  
  • برلمانية: حزمة الحماية الاجتماعية تحسن معيشة الفئات التي تعاني من صعوبات اقتصادية
  • أبطال لا يموتون… بل تخلدهم المواقف والتاريخ
  • مندوب السودان لدى الأمم المتحدة: 12 مبعوثاً أممياً تجاهلوا مطالب دمج مليشيا الدعم السريع في الجيش
  • الأمم المتحدة: السودان يواجه خطر السقوط في الهاوية ما لم تتوقف الحرب
  • الأمم المتحدة: السودان يواجه خطر السقوط في الهاوية
  • الأمم المتحدة: خطط الضم وتهجير الفلسطينيين تهدد المنطقة