سودانايل:
2024-11-15@09:46:59 GMT

واقع السودانيين بمصر… إهمال الأمم المتحدة المذري

تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT

حل قطاع مقدر من السودانيين ضيوفاً على مصر، وقد وفدوا إليها أسراً وافراداً في موجات كبيرة بالطرق البرية بُعيد اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023م، وهي حرب غشوم أجبرتهم على ترك منازلهم بما حوت واتجهوا لمصر التماسا لأمنهم الشخصي.. ولقد أفادتهم اتفاقية الحريات الأربعة التي ذللت إمكانية الدخول لمعظم الفئات عبر تأشيرة الدخول عند المعابر ما عدا الفئة العمرية أقل من الخمسين عاما من الشباب الذكور.

. ومع تزايد دخول السودانيون لمصر عملت السلطات المصرية لتحجيم ذلك التدفق فضيقت إمكانية الدخول مجبرة الفئات المستثناة على وجوب الحصول على تأشيرة دخول - ولربما كان ذلك من حقها وفقاً لتقييمها لمقتضيات أمنها القومي - غير أن الأعداد الغفيرة التي دخلت تحتاج لتوصيف أكثر دقة من كونهم زائرين.. فالتأشيرة التي حصلوا بموجبها على إذن الدخول هي في الواقع "سياحية" غير أن الغرض الأساسي من الدخول لم يكن السياحة، وإنما بغرض الحماية من الواقع الذي أفرزته الحرب.
حيث تُعتبر حالات الدخول لمصر بهذه الوضعية أمراً مربكاً لدى المنظمات التابعة للأمم المتحدة العاملة في مجال الحماية والهجرة وبالتحديد للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين UNHCR وللمنظمة الدولية للهجرة IOM.. ذلك أن السبب الحقيقي لتدفق السودانيين كان الخوف على حياتهم وهم في هذه الحالة، يحتاجون للحماية Protection تحت توصيف اللاجئ الذي ينطبق على حالة كل سوداني دخل لمصر بعد الحرب هاربا من جحيمها.. غير أن كيفية الدخول بموجب اتفاقية الحريات الأربعة حرمتهم من هذه الصفة وهي ميزة إيجابية وسلبية في نفس الآن وتحتاج لمقاربة خاصة من الأمم المتحدة. فتوصيف لاجئ ينطبق عليهم بذات الدرجة التي ينطبق فيها عليهم وصف السائح أو الزائر.. وهذه الوضعية الشاذة سوف تظهر آثارها مع تطاول أمد الحرب. فالمعروف أن الزائر أو السائح يدخل بلدا آخرا بغرض الإقامة فيه لمدة معلومة يستطيع تحديدها حسب رغبته وفي الغالب لا تطول ولا تتطاول بل ولا ترتهن لمجريات أوضاع حربية في بلده. أما اللاجئ فهو الشخص الذي عبر حدود بلاده لبلد آخر بغرض الحماية لأن حياته باتت مهددة ولا يستطيع بسبب خوف مبرر العودة لبلده طالما كانت الأوضاع غير آمنة أو مواتية لعودته.. لذلك فإن السودانيين الذين دخلوا مصر بعد الحرب هم أقرب لوضع اللاجئ من الزائر، فالمعلوم أن معظم السودانيين الذين دخلوا مصر من الطبقة الوسطى والعليا والذين يمتلكون قدرات مالية معقولة تمكنهم من العيش في مصر مثلهم مثل السياح أو الزائرين العاديين دون الحاجة لدعم مادي أو مالي من الأمم المتحدة خاصة المنظمتين المعنيتين بقضايا اللجؤ والهجرة.. غير أن ذلك لا يعفي هاتين المنظمتين من مسؤوليتهما تجاه هؤلاء السودانيين، فأقصى ما استطاعت أن تقدمه المفوضية السامية للسودانيين هو اعطاءهم صفة اللاجئ Refugee status مع توفير الحماية فقط.. أما منظمة الهجرة فإكتفت برصد أعدادهم إحصائيا وبدعم مادي خجول للغاية لا يكاد يسمن ولا يغني من جوع. كما ودخل برنامج الغذاء العالمي بمنحة شهرية على نحو أكثر استحياء من النفس الأمّارة. يكاد الحصول على تلك الدعومات الشهرية المتواضعة يريق ماء وجههم بالكيفية التي يحصلون بها عليه.
على عموم الأمر؛ يشير واقع حال هؤلاء السودانيون أنهم مازالوا صامدون في وجه ميكانزمات السوق المستعر فهم مجبرين على توفير متطلبات الحياة اليومية من إجار وأكل وشرب ومواصلات وملابس وعلاج وحتى تعليم...إلخ غير أن هذا النوع من الصمود سوف يتهاوى مع تطاول أمد تواجدهم في مصر دون رعاية حقيقية من المنظمة الدولية، ولن يقووا على مواكبة تلك المتطلبات لاسيما وأن مصر نفسها تشهد حالة من إرتفاع الأسعار يشتكي منها ابناؤها أنفسهم. فالأمم المتحدة والحالة هكذا لا يبدو أنها تعمل ما يكفي لمساعدة السودانيين، ولا يبدو أن ذلك يمكن أن يتحقق في المستقبل المنظور. ولم تصدر نأمة تنم عن الإهتمام بتكييف ذلكم الوضع الشاذ للسودانيين. فهم ليسوا لاجئين بالتوصيف الدقيق والعلمي للمصطلح، ولا هم سياح هبطوا مصر مأخوذين بتجربة الفراعنة في فن العمارة وتشييد الأهرامات. وبذلك أراحت المنظمة الدولية نفسها من عناء تحديد إحتياجاتهم وتلبيتها من مأوى ومأكل ومشرب وتعليم وعلاج وما إليه واكتفت في معظم الحالات بإعطاء صفة اللجؤ لمن طلبها بما يشمل الحماية وتيسير أمر الإقامة ولم تتعد ذلك بقيد أنملة.. فإذا كانت هاتين المنظمتين الأمميتين جادتين في مساعدة السودانيين لكانتا قد وجدتا مقاربة لتكييف أوضاعهم كلاجئين يستحقون الرعاية والحماية وتقديم تلك الخدمات اللازمة في كل القطاعات التي تقدم للاجئين بما يحفظ كرامتهم. ولربما في غضون وقت قريب إن لم تنتهي الحرب في السودان ستشهد أوضاعهم تدهوراً مستمراً مع نفاد ما بأيديهم من سيولة نقدية خاصة وأن معظمهم قد تقطعت موارد رزقه وفقد وسائل سبل كسب عيشه في السودان، ولربما تتفجر مشكلات إجتماعية ترتبط بعدم قدرتهم على الصمود في وجه متطلبات الحياة مما سيرهق كاهل الدولة التي تستضيفهم، ويؤثر سلباً على سمعتهم التي لا يملكون سواها من رأسمال.
د. محمد عبد الحميد  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: غیر أن

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة تحذر من تصاعد الأزمة في السودان بسبب الحرب

حذرت الأمم المتحدة، أمس الثلاثاء، من أن الحرب الأهلية المتواصلة في السودان بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، تزداد عنفا واتساعا مع وقوع مجازر مروعة وأعمال عنف جنسي جماعية.

وأفاد مسؤولون أمميون في جلسة لمجلس الأمن بأن قادة الصراع لا يظهرون أي رغبة في التفاوض، بل يبدو أنهم يراهنون على حسم المواجهة عسكريا.

وأوضح مدير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة، راميش راجاسينغهام، خلال تقريره أمام مجلس الأمن، أن "النزاع في السودان يهدد بمزيد من التصعيد"، وأن تصاعد الأعمال العسكرية من الطرفين قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على المدنيين الذين يعانون من نقص في الغذاء والأمن.

وأشار التقرير إلى أن المواجهات تسببت حتى الآن في مقتل الآلاف وتشريد الملايين، كما أصبحت المجازر والعنف الجنسي سمة مروعة لهذا النزاع.

وأبدت وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية، روز ماري ديكارلو، قلقها من استئناف العمليات العسكرية بشكل مكثف مع نهاية موسم الأمطار، حيث يواصل الطرفان تجنيد المقاتلين وتوسيع هجماتهم، مؤكدة أن الجيش وقوات الدعم السريع "مقتنعان بقدرتهما على تحقيق النصر" على الرغم من المعاناة الإنسانية التي خلّفتها الحرب.

وأعربت الوكيلة عن استنكارها لتدفق الأسلحة إلى السودان، متهمة بعض الحلفاء المفترضين للطرفين المتحاربين بالتواطؤ في إدامة العنف.

المجاعة والأمراض

في الأثناء، كشف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تقرير حديث أن نحو نصف سكان السودان، أي حوالي 26 مليون شخص، يواجهون انعدام الأمن الغذائي، مع تزايد مخاطر المجاعة في مختلف أنحاء البلاد.

وأوضح التقرير أن الصراع الدائر منذ 19 شهرا أدى إلى تدهور شديد في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، مشيرا إلى أن نسبة الوصول إلى الخدمات الصحية تراجعت إلى 15.5% فقط بعد أن كانت 78% قبل الحرب.

وفي ما يتعلق بعمليات النزوح، أفادت الأمم المتحدة بأن عدد النازحين تجاوز 11 مليون شخص، معظمهم من النساء والأطفال، مع تنامي الحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، خاصة في ظل صعوبة الوصول إلى بعض المناطق التي تستمر فيها الاشتباكات.

ورغم إعادة فتح معبر آدريه الحدودي مع تشاد في أغسطس/آب الماضي، الذي سمح بمرور "أكثر من 300 شاحنة" تحمل مساعدات لـ1.3 مليون شخص، فإن المساعدات الإنسانية التي تصل إلى مناطق النزاع لا تزال "غير كافية" وإن "بعض المناطق لا يمكن الوصول إليها"، بحسب تقرير راجاسينغهام.

وأضاف راجاسينغهام أن هذا الصراع خلق معاناة شديدة، وأصبحت الظروف مواتية لحدوث وفيات على نطاق غير مسبوق.

ويتفاقم الوضع الصحي في السودان مع انتشار أمراض مثل الكوليرا التي أودت بحياة أكثر من 800 شخص وأصابت نحو 28 ألفا آخرين. ووفقا للمنظمة الدولية للهجرة، تسببت الحرب في نزوح أكثر من 14 مليون شخص، مما أدى إلى أكبر أزمة نزوح في العالم هذا العام.

وتتصاعد الضغوط الدولية على طرفي النزاع لوقف القتال وبدء المفاوضات، وسط تحذيرات أممية من وقوع كارثة إنسانية تهدد حياة الملايين، في ظل نقص حاد في الغذاء والرعاية الصحية.

ودعت منظمات حقوق الإنسان الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي إلى تكثيف جهودهم من أجل وضع حد للعنف وإحلال السلام في السودان الذي بات يواجه أسوأ أزمة إنسانية في تاريخه الحديث.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: أطفال لبنان يواجهون أكثر فترات الحرب دموية
  • الأمم المتحدة: دق ناقوس الخطر والقيام بالمسؤولية
  • هل إيران أضعف من الدخول في حرب شاملة؟
  • لعمامرة: أفورقي أكد دعمه للجهود التي تقودها الأمم المتحدة في السودان
  • الأمم المتحدة تعلن عن عدد هائل للنازحين من لبنان منذ بدء الحرب
  • الأمم المتحدة تحذر من تصاعد الأزمة في السودان بسبب الحرب
  • جباليا… المدينة التي قهرت جنود الاحتلال الصهيوني
  • الأونروا: المساعدات التي تدخل غزة في أدنى مستوياتها منذ أشهر
  • أونروا: المساعدات التي تدخل غزة عند أدنى مستوياتها منذ أشهر
  • محافظ البحيرة تستقبل السفير الكندي بمصر