هل ستؤدي حُمى العملات المشفرة في أميركا إلى كارثة؟
تاريخ النشر: 29th, January 2025 GMT
ذكرت صحيفة إيكونوميست أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب دعا، قبل 3 أيام من تنصيبه، إلى شراء العملة المشفرة الخاصة به "ترامب دولار" ($TRUMP)، التي بلغت قيمتها الإجمالية 15 مليار دولار مسجلة مستوى الذروة.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الخطوة تعكس الدعم الكبير الذي تقدمه إدارته للأصول الرقمية، حيث تم الإعلان عن إنشاء وزارة جديدة تحت اسم "دوج" (DOGE)، تيمّنًا بعملة "دوجكوين" المشفرة.
وفي 23 يناير/كانون الثاني، أصدر ترامب أمرا تنفيذيًا أكد فيه أن الأصول الرقمية ستلعب "دورًا حاسمًا في الابتكار والتنمية الاقتصادية في أميركا، فضلًا عن دورها في تعزيز القيادة الدولية للبلاد".
تحول جذري في تنظيم العملات المشفرةوأشارت إيكونوميست إلى أن إدارة الرئيس السابق جو بايدن فرضت قيودًا صارمة على اندماج العملات المشفرة في القطاع المالي التقليدي، حيث جعلت القوانين من الصعب على البنوك الاحتفاظ بالأصول الرقمية لعملائها أو تطوير منتجات مالية قائمة على هذه الأصول.
لكن إدارة ترامب تتبنى نهجا مختلفا، حيث أعلنت لجنة الأوراق المالية والبورصات في 23 يناير/كانون الثاني عن تعديل إرشاداتها، مما سمح للمؤسسات المالية بتسهيل عمليات حفظ الأصول المشفرة دون الحاجة إلى تسجيلها في ميزانياتها العمومية.
وأوضحت إيكونوميست أن هذه التعديلات سيكون لها تأثير كبير على القطاع المصرفي، حيث أكد الرئيس التنفيذي لبنك أميركا، براين موينيهان، أن البنوك ستبدأ في اعتماد العملات المستقرة، وهي الأصول الرقمية المرتبطة بالدولار أو غيره من العملات، لتسهيل المعاملات المالية.
إعلانكما أشار إلى أن العديد من البنوك بدأت في تطوير رموز مشفرة تمثل ملكية أسهم في صناديق أسواق المال، مع استعدادها لتعزيز تداول العملات المشفرة بمجرد وضوح اللوائح التنظيمية الجديدة.
وذكرت إيكونوميست أن بعض المؤسسات المالية قد تسعى إلى الاستحواذ على شركات العملات المشفرة لتعزيز وجودها في هذا المجال، فيما قد تقوم بعض الشركات الرقمية بشراء مؤسسات مالية تقليدية للحصول على تراخيص مصرفية تتيح لها قبول الودائع وتقديم القروض.
ونقلت الصحيفة عن ديلان والش، المحلل في شركة "أوليفر وايمان"، قوله "قد نشهد موجة من الاستحواذات المتبادلة بين الشركات المالية التقليدية وشركات الأصول الرقمية، ما سيؤدي إلى اندماج غير مسبوق بين القطاعين".
خلافات حول بنية الدفع في الاحتياطي الفدراليورغم هذه التطورات، أوضحت إيكونوميست أن هناك خلافات قائمة بين القطاع المصرفي التقليدي وشركات العملات المشفرة، لا سيما حول حسابات الدفع الرئيسية في الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي). فهذه الحسابات، التي تتيح تحويل الأموال مباشرة دون وسطاء، تمثل مصدر نزاع رئيسي.
وأشارت الصحيفة إلى أن بنك "كوستوديا" الاستثماري، الذي يركز على العملات الرقمية، تقدم بطلب للحصول على حساب رئيسي لدى الاحتياطي الفدرالي عام 2020، لكنه قوبل بالرفض، في حين أن شركة "كراكن فاينانشال" قدمت طلبًا مماثلًا منذ 4 سنوات، لكنها لا تزال تنتظر الرد.
وأوضحت الصحيفة أن الجمعية الأميركية للمصرفيين دعمت قرار الاحتياطي الفدرالي بحجب هذه الحسابات عن شركات العملات المشفرة، بحجة مخاطر الائتمان والأمن السيبراني والامتثال لقوانين مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وقالت إيكونوميست إن بعض المسؤولين الماليين حذروا من المخاطر المحتملة للاندماج الكبير بين وول ستريت والقطاع الرقمي.
إعلانمايكل بار، الرئيس السابق للإشراف المالي في الاحتياطي الفدرالي، حذر من أن "توسيع نطاق العملات المشفرة داخل النظام المالي قد يؤدي إلى مخاطر نظامية ضخمة"، مشيرًا إلى انهيارات سابقة مثل "سيلفرغيت" و"سيغنتشر"، اللذين انهارا بعد هبوط حاد في أسعار العملات المشفرة عام 2023.
كما نقلت الصحيفة عن ستيفن كيلي، الخبير الاقتصادي بجامعة ييل، قوله "إذا أصبحت ودائع البنوك مرتبطة مباشرة بتقلبات العملات المشفرة، فقد نشهد أزمات مالية متكررة بسبب سحب الودائع الجماعي، كما حدث أثناء انهيار منصة "إف تي إكس".
بين الفرص والمخاطرواختتمت إيكونوميست تقريرها بالإشارة إلى أن إدارة ترامب ترى في العملات المشفرة فرصة اقتصادية ضخمة، لكنها في الوقت ذاته تختبر مدى قدرة الأسواق والمستهلكين الأميركيين على تحمل المخاطر الناجمة عن هذا التحول الكبير.
وقالت جولي أندرسون هيل، الخبيرة في جامعة وايومنغ "بمجرد بدء هذه اللوائح، سيكون من الصعب جدًا على الإدارات المستقبلية التراجع عنها".
وفي ظل هذه التغيرات السريعة، يبقى السؤال المطروح: هل ستؤدي "حمى العملات المشفرة" في أميركا إلى ازدهار مالي أم إلى أزمة جديدة؟
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الاحتیاطی الفدرالی العملات المشفرة الأصول الرقمیة إیکونومیست أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
بتكوين تهوي لأدنى مستوى منذ 11 نوفمبر
تراجعت بيتكوين إلى أدنى مستوياتها في تعاملات اليوم الجمعة في أكثر من ثلاثة أشهر ونصف الشهر على خلفية حالة الضبابية التي تكتنف خطط الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية وسياسة العملات المشفرة، إلى جانب تراجع ثقة المستثمرين بعد واقعة قرصنة استهدفت عملة إيثريوم المشفرة.
وانخفضت بيتكوين -أكبر عملة مشفرة في العالم من حيث القيمة السوقية- في أحدث تعاملات بأكثر من 5% إلى 79666 دولارا، لتنزل عن مستوى 80 ألف دولار للمرة الأولى منذ 11 نوفمبر/ تشرين الثاني.
وجاء انخفاض البيتكوين اليوم الجمعة مع تزايد عمليات البيع في قطاع العملات المشفرة وسط التقلبات في الأسواق العالمية.
وبذلك تنخفض البيتكوين بشكل حاد عن المستوى القياسي الذي سجلته الشهر الماضي وتجاوز 109 آلاف دولار.
وشهدت هذه العملة ارتفاعا كبيرا بعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات في تشرين الثاني/نوفمبر بعد أن وعد خلال حملته الانتخابية بتخفيف القوانين المنظمة للعملات المشفرة وبجعل الولايات المتحدة عاصمة العملات المشفرة في العالم.
وكان ارتفاع قيمة البيتكوين متوافقا مع المكاسب في الأسواق العالمية لكن تلك الحيوية خفت في الأسابيع الأخيرة وسط مساعي ترامب اتباع سياسة صارمة تتمثل بفرض رسوم جمركية على شركاء بلاده والتهديد بإشعال حرب تجارية عالمية.
إعلانكما أثارت تعهداته بخفض الضرائب والحد من الهجرة مخاوف من احتمال تسببه بعودة التضخم، ما أجبر الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) على إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول مما كان متوقعا بينما أشارت البيانات الأخيرة إلى تباطؤ الاقتصاد الأميركي.
وقال ترامب أمس الخميس إن رسومه الجمركية المقترحة البالغة 25% على السلع المكسيكية والكندية ستدخل حيز التنفيذ يوم الثلاثاء المقبل، إلى جانب رسوم إضافية 10% على الواردات الصينية لتصبح في المجمل 20%، في تحد لتوقعات من كانوا يأملون في مد تأجيل فرض هذه الرسوم.
وزادت التحركات التي تهدف لتجنب المخاطرة خلال جلسة التداول وصارت العملات المشفرة من أكبر الخاسرين خلال اليوم.
كما نزلت عملة الإيثريوم بأكثر من 5% إلى أدنى مستوى لها في أكثر من 13 شهرا عند 2099.37 دولار.
والعملتان المشفرتان (البيتكوين والإيثريوم) في طريقهما إلى تسجيل أكبر انخفاض شهري منذ يونيو/ حزيران 2022 بعد ارتفاع كبير في أواخر العام الماضي.
وقال جوشوا تشو الرئيس المشارك لجمعية ويب3 في هونغ كونغ "انخفاض البيتكوين إلى ما دون 80 ألف دولار يظهر تلاشي الآراء الإيجابية حول الإدارة الصديقة للعملات المشفرة".
وأضاف "من الواضح أن البيتكوين هي أصل محفوف بالمخاطر، وليست (من أصول) التحوط من التضخم أو الذهب الرقمي كما يروج لها في كثير من الأحيان".