عزلة وخبز مهلوس.. صور لجزيرة في إيطاليا لا يعيش فيها سوى 100 شخص
تاريخ النشر: 29th, January 2025 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تجذب جزيرة أليكودي الإيطالية النائية في كل صيف سيلًا بطيئًا من السياح الذين يتطلعون إلى الهروب من حياة المدن.
لا توجد سيارات أو طرق في الجزيرة التي تبلغ مساحتها 5 كيلومترات مربعة، ولكن يمكن عبور مسارات المشي على متن حمار.
رغم أنّ تغطية الهاتف المحمول أصبحت متاحة الآن في غالبية الأماكن، إلا أنّ العديد من المنازل تفتقر إلى الكهرباء والماء.
بالنسبة لسكان الجزيرة، الذين يبلغ عددهم حوالي 100 شخص (وتتناقص أعدادهم بشكلٍ حاد في الشتاء)، فإنّ خوض تجربة هذا الفصل ليست بالأمر السهل.
في ظل غياب مرافق المستشفيات، يجب على السكان السفر بالعبّارة، أو في حالات الطوارئ، بطائرة مروحية، لتلقي العلاج الطبي.
وقالت المصورة الإيطالية كاميلا ماريسي، التي زارت جزيرة أليكودي خلال جائحة "كوفيد-19" لتوثيق الحياة اليومية هناك، فإن مدرسة الجزيرة أُغلِقت بسبب نقص عدد الأطفال.
ورُغم وجود متجري بقالة وحانة، إلا أنّ الأخيرة تفتح أبوالها لثلاثة أشهر فقط من العام.
وقالت ماريسي في مقابلة مع CNN: "بالنسبة لبقية العام، ينطوي التجمع الاجتماعي الكبير على التوجّه إلى الميناء عندما تصل القوارب. ويذهب السكان إلى هناك فقط لتفقد هوية الواصلين والمغادرين".
وأضاف شريكها وزميلها، غابرييل تشياباريني، الذي كان معها خلال المقابلة: "تقع بعض المنازل على بُعد ساعتين سيرًا على الأقدام من الميناء، لذا يستخدم بعض الأشخاص المنظار لمراقبة ما يحصل في المكان".
وأمضى الثنائي ما يقرب من شهرين لاستكشاف أليكودي، وتصوير طبيعتها، وتكوين صداقات مع سكانها على أمل توثيق لمحة نادرة عن الجزيرة وسكانها خلال فصل الشتاء.
وكانت النتيجة كتاب بعنوان "Thinking Like an Island" يجمع بين صور الـ"بورتريه" والمناظر الطبيعية التي توحي بشعور عميق بالعزلة.
يُحتمل أنّ تكون أليكودي أصبحت مأهولة بالسكان منذ القرن الـ17 قبل الميلاد، ولكن أدّت الهجرة إلى تغير ديموغرافي كبير في العقود الأخيرة.
ووصفت ماريسي السكان الحاليين بأنهم عبارة عن مزيج من السكان المحليين والغرباء الذين انتقلوا إليها من أماكن أخرى في أوروبا بحثًا عن حياة هادئة.
وقال تشياباريني: "تحدثنا مع الكثير من الأشخاص الذين اختاروا الجزيرة لأنهم سئموا من الطريقة التي يسير بها العالم الآن، في ظل تغير المناخ، والتلوث، والأنظمة الاقتصادية".
رَصَد الثنائي إحساسًا فريدًا بالمجتمع رُغم الافتقار لأماكن التجمع أو المساحات الاجتماعية المشتركة.
وأوضحت ماريسي: "كل المنازل متناثرة، لذا من الصعب للغاية أن يتطور الإحساس بالمجتمع. لكن، هناك شعور كبير بالانتماء، حيث يعرف الجميع بعضهم البعض، وهم على استعداد لتقديم المساعدة لأي شخص".
ووجد الثنائي المصور أنّ عقلية سكان الجزيرة سهّلت عليهما اكتساب ثقتهم بسرعة لتوثيقهم.
الخبز المُهلوِستُظهِر الصور في كتاب "Thinking Like an Island" سكان الجزيرة بين أنحاء الطبيعة، أو على الشواطئ تحت سماء داكنة.
غالبًا ما امتنع الثنائي عن ذكر أسماء السكان، بينما تم إخفاء وجوه بعض الأشخاص بالكامل لحماية خصوصيتهم، ما يضيف إلى إحساس الغموض المحيط بالجزيرة الغنية بالفولكلور المحلي.
تتميز الجزيرة بجانب تاريخي غريب، وهو إنتاجها للخبز المُهَلوِس عن طريق الخطأ.
وحتى خمسينيات القرن العشرين، أكل المحليون أرغفة خبز ملوثة بفطر يُدعى "ergot"، وهو المكوِّن الأساسي لمخدِّر "LSD".
تناولت أجيال من القرويين ما يُشار إليه بـ "الجاودار المجنون" من دون قصد، وقد يكون ذلك مصدر العديد من الأساطير المحلية، مثل النساء اللواتي قيل عنهن إنهن كنً يحلقن في سماء أليكودي.
وأوضحت ماريسي: "هناك الكثير من الأساطير التي تم تناقلها عبر الأجيال. ويُحتمل أنّها كانت لحظة من الهلوسة تقاسمها جميع سكان الجزيرة الذين كانوا يتناولون هذا الخبز كل يوم".
وبذل الثنائي جهدهما لتجنب إبراز جزيرة أليكودي كمكان مرعب رُغم الحقائق الاقتصادية القاسية فيها.
لكن أدّت حتى المستويات الصغيرة نسبيًا من السياحة إلى تغيير حظ الجزيرة.
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: التصوير
إقرأ أيضاً:
بين الروحانية والفن..مصور يبرز زاوية منسية داخل مساجد الإمارات
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- عادة ما تتمتع المساجد بالعمارة الإسلامية المهيبة، لكن هناك جانبا قلّ ما يحظى بالانتباه داخل هذه التحف المعمارية، أي القباب.
وفي هذه السلسلة التي عُرضت خلال النسخة التاسعة من المهرجان الدولي للتصوير "إكسبوجر 2025" في إمارة الشارقة بدولة الإمارات، يوجّه المصور الصحفي السوري عماد الدين علاء الدين عدسته نحو الأعلى، مستعرضا الجوانب المعمارية والفنون الروحية داخل مساجد الإمارات.
ويبرِز علاء الدين من خلال مشروعه الذي يحمل عنوان "مساجد الإمارات: تناغم الفن والروحانية"، مزيجًا من الإبداع والروحانية، مجسدًا جهود الفنانين، والنحاتين، والخطاطين في صياغة هوية بصرية مميزة لهذه المساجد.
وقال المصور السوري في مقابلة مع موقع CNN بالعربية إنه يسعى عبر عدسة كاميرته إلى إبرز التفاصيل الخفية التي تعكس التناغم الفريد بين الفن والروحانية في مساجد الإمارات، بهدف مشاركة العالم جمال هذا الإرث المعماري.
وقد استلهم هذا المشروع الفريد من خلال "تأمله العميق" داخل هذه المساجد، قائلًا: "لطالما كنت مفتونًا بجمال العمارة الإسلامية، ووجدت أن المساجد ليست فقط دور عبادة، بل عبارة عن تحف فنية متكاملة تعكس التراث الإسلامي العريق من خلال التصميمات الهندسية المعقّدة، والزخارف الدقيقة، والخطوط القرآنية التي تتناغم مع الإضاءة الطبيعية، ما يخلق أجواءً روحانية ساحرة".
وبصفته فنانا ومصورا، سعى علاء الدين إلى "نقل هذه التجربة البصرية والروحانية إلى العالم" من خلال عدسته، إذ أوصح "التصوير هو لغتي البصرية، ومن خلاله أسعى لإبراز هذا الفن العريق، وتعريف العالم بالحضارة الإسلامية من زاوية جديدة، تتجاوز الصور النمطية، وتُظهر مدى الدقة والإبداع الذي انعكس في بناء هذه المساجد".
وأِشار المصور السوري إلى أنه كان يبحث عن مشروع "يحمل رسالة ثقافية وإنسانية"، وقد وجد في تصوير المساجد من الداخل، وتسليط الضوء على القباب بتناسقها الهندسي الفريد "وسيلة لإبراز التراث الإسلامي بطريقة فنية يفهمها الجميع، حيث يجتمع الفن والروحانية في صورة واحدة".
تتميز المساجد التي وثقها في الإمارات بـ"تنوعها الفريد من حيث طرازها المعماري، حيث يعكس كل منها مزيجًا من التأثيرات الإسلامية المختلفة، بدءًا من العمارة العثمانية والمغولية، وصولًا إلى الطراز الفاطمي والمملوكي، مع لمسات حديثة تتناسب مع روح العصر"، حسبما ذكره.
خلال رحلته التي استغرقت مدة شهرين، وثقت عدسة علاء الدين في هذا المشروع عددا من المساجد في الإمارات السبع، ومن بين أبرزها: مسجد الشيخ زايد الكبير في العاصمة الإماراتية أبوظبي، ومسجد النور في الشارقة، ومسجد الفاروق عمر بن الخطاب في دبي.
وأضاف المصور السوري: "لكل مسجد وثقته سحره الخاص، سواء من حيث التصميم أو التاريخ أو الروحانية التي يشعر بها كل من يزوره. لكن ما جذبني تحديدًا بتلك المساجد هي القباب الهندسية المتقنة، التي تعكس عبقرية الهندسة الإسلامية وروعة التناظر البصري، ما جعلها محور هذا المشروع".
أما عن زاوية التصوير الفريدة التي اختارها للمشروع، فشرح قائلًا إن زاوية التصوير نحو الأعلى تلعب دورًا أساسيًا في إبراز الدقة الهندسية والجمال البصري لمساجد الإمارات، خاصة عند توثيق القباب والزخارف المعمارية المعقدة.
لكن علاء الدين لم يعتمد هذه الزاوية في التصوير فقط لإبراز التفاصيل المختلفة، بل لتقديم منظور جديد، حيث قام بتحويل المشهد ثلاثي الأبعاد إلى منظور مسطّح، ليبدو وكأنه طبقة واحدة منسجمة، ما أضفى بعدًا فنّيًا فريدًا على الصور.
وأوضح: "هذا الأسلوب في التصوير يسمح بإبراز التفاصيل الدقيقة بطريقة أكثر وضوحًا، ويصنع تجربة بصرية تجعل المشاهد يتأمل في التناغم المثالي بين الفن الإسلامي والهندسة المعمارية".
واستطاع المصور السوري أن يوازن بين الجوانب الفنية والجوهر الروحي لمساجد الإمارات من خلال اختيار الإطار المربع، والذي يصنع إحساسًا بالتوازن والتناظر، ما يعكس الهندسة الدقيقة للعمارة الإسلامية، إذ قال: "الشكل المربّع يوجّه عين المشاهد مباشرة نحو التفاصيل المعمارية والزخارف، من دون تشتيت، ما يعزز التأمل في البنية والتناسق".
وأضاف: "هذا النهج لا يبرز فقط جمال التصميم، بل يعكس أيضًا الشعور بالسكينة والروحانية".
مع ذلك لم يخل هذا المشروع الفني الفريد من التحديات، إذ كان على المصور السوري تحديد مركز قبة المسجد من الأسفل من دون الاستعانة بجهاز الليزر، الذي قرر عدم استخدامه، التزامًا بحاية نفسه ومن حوله.
كما كان عليه التصوير قبل غروب الشمس مباشرة للحصول على أفضل إضاءة طبيعية تُظهر الضوء المنبعث من نوافذ القبة، وكذلك لتسليط الضوء على النقوش، والألوان، والزخارف، التي تزين النوافذ، ما يعكس جمال التفاصيل المعمارية.
ويجدر بالذكر أنّه خلال الفترة بين 20 و26 فبراير/ شباط الماضي، في منطقة الجادة بالشارقة، استضاف المهرجان الدولي للتصوير "اكسبوجر 2025" أبرز المصورين بالعالم، حيث شاركوا حكاياتهم وخبراتهم مع هواة وعشاق التصوير.