قتل 15 هنديا على الأقل وأصيب العشرات فجر اليوم الأربعاء في تدافع خلال مهرجان ديني ضخم في ولاية أوتار براديش شمال الهند، وفق مسؤولين ومصادر طبية.

ووقع الحادث أثناء تجمع الحشود في مهرجان ماها كومبه ميلا الهندوسي، حيث يتوجه عشرات الملايين على دفعات للاغتسال في مياه منطقة سانغام، إذ يلتقي نهر الغانغ الأكثر قداسة لدى الهندوس في الهند مع نهر يامونا.

وأظهرت مقاطع فيديو وصور بعد التدافع جثثا يتم نقلها وأشخاصا يجلسون على الأرض يبكون بينما خطا آخرون فوق متعلقات تركها الزوار وهم يحاولون الفرار من التدافع.

ورأى شهود عدة جثث وعشرات من سيارات الإسعاف المسرعة تصل نحو ضفة النهر حيث وقع الحادث.

وقال مسؤولون إن حادث تدافع أولي وقع حوالي الساعة الواحدة صباحا بالتوقيت المحلي "لم يكن خطيرا"، لكن سببه غير واضح. لكن شهود قالوا إن الزوار الذين حاولوا الفرار تدافعوا عند أحد المخارج، ثم عادوا نحو جسور عائمة بحثا عن مخرج آخر ليجدوا أن السلطات أغلقتها.

وغالبا ما تتحول التجمعات الدينية في الهند إلى مسرح لحوادث مميتة بسبب سوء إدارة الحشود الهائلة.

ومهرجان ماها كومبه ميلا الذي يستمر 6 أسابيع هو أكبر حدث في التقويم الديني الهندوسي والعالم، ويُنظَّم مرة كل 12 عاما بين 13 يناير/كانون الثاني و26 فبراير/شباط.

إعلان

وشهد مهرجان ماها كومبه ميلا تدافعا عام 1954 أدى إلى دهس أو غرق أكثر من 400 شخص في يوم واحد. وخلال نسخته عام 2013، شهد المهرجان مصرع 36 شخصا خلال تدافع في محطة براياغراج.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

عيد الفطر في مصر طقسًا دينيًا لا يشبه سواه بالعالم العربي والإسلامي.. صور

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يُطلُّ عيد الفطر كنسمةٍ باردةٍ بعد عناء الصيام، وكقطرةِ ندى تتهادى على خدودِ الفجر، يُعلن انتهاء شهرِ الرحمة والمغفرة، ليُشعل في القلوب شموعَ البهجة، ويكسو الوجوه بنورِ الرضا والسرور، وما إن يهلُّ هلالُ العيد حتى تتراقص الأرواح فرحًا، وتصدحُ المساجدُ بالتكبيرات التي تملأُ الآفاق بخشوعٍ يفيضُ من القلوب، فترتجفُ النفوسُ بين رهبةٍ من عظمة المولى وسعادةٍ بغفرانه، وفي شوارع مصر، تفيض الحياةُ بحُلّةٍ جديدةٍ من البهجة، حيث تتعانقُ الأيادي، وتتلألأ العيونُ بدموعِ الامتنان، وتمتلئ البيوتُ بأصواتِ الضحكات، وتنتشر رائحةُ الكعك التي تعبقُ في الأرجاء، وكأنها ترسمُ بسحرها لوحةً من الدفء والمحبة، كما يرتدي الصغارُ ثيابَ العيد الزاهية، تتراقصُ أقدامُهم على ألحانِ السعادة، ويجوبون الشوارع بوجوهٍ مشرقةٍ كأنها قِطَعٌ من نورِ الفجر.

وفي الساحات، تمتدُّ موائدُ الخير، يتزاور الأحباب، وتُغدَقُ الأيدي بصدقاتٍ تضيءُ دروبَ الفقراء، فيتجلّى المعنى الحقيقي للعيد كعرسٍ للمحبة والتكافل، وتتهادى المراكبُ على نيل القاهرة مزدانةً بالأنوار، تُعانقها أمواجُ الفرح، وكأن النيلَ نفسه يبتسمُ في حضرةِ البهجة، هنا العيدُ في مصر، حيث يمتزجُ عبقُ التراثِ بفرحة القلوب، فتولدُ ذكرياتٌ تُحفرُ في الوجدان، شاهدةً على فرحةٍ تُشبه النور، لا تنطفئُ أبدًا مها مر الزمان واختلفت العصور.

عيد الفطر في مصر.. طقس ديني وشعبي مميز عن الدول العربية والإسلامية

تتزين شوارع مصر مع اقتراب هلال شوالببهجةٍ خاصة، تفوح منها رائحة الفرح، وتنبض قلوب المصريين بانتظار لحظات العيد التي تأتي كنسمةٍ عذبةٍ بعد شهرٍ من الصيام والعبادة، فالعيد في مصريُعد طقسًا دينيًا وشعبيًا أيضُا، واحتفالًا يضرب بجذوره في أعماق التاريخ، حيث يختلط عبق التراث بوهج الحداثة، ليشكل مشهدًا فريدًا لا يشبه أي بلدٍ آخر.

ففي الأيام الأخيرة من رمضان، تشهد الأسواق المصرية زحامًا غير مسبوق، فالكل يسارع لشراء ملابس العيد الجديدة، التي تُعد واحدة من أبرز طقوس الاحتفال، خاصةً للأطفال الذين ينتظرون بفارغ الصبر ارتداء ثيابهم الزاهية صباح يوم العيد، وفي المطابخ تتحول الأمهات إلى فناناتٍ في صنع "كك العيد"، ذلك الطقس المتوارث منذ العصر الفاطمي، حيث تمتلئ البيوت برائحة الكحك المحشو بالتمر والمكسرات، إلى جانب البسكويت والغُريبة والبيتيفور، ولا تخلو الشوارع من أصوات بائعي الحلوى والمخبوزات، الذين يرددون العبارات الترحيبية بالعيد وكأنها أنغام تُدخل البهجة إلى القلوب، أما المساجد، فتتهيأ لاستقبال المصلين فجر يوم العيد، حيث تُنظف الساحات، وتُفرش السجادات، وتُجهز مكبرات الصوت التي تصدح بالتكبيرات، فتشعر وكأن مصر بأكملها تتحول إلى ساحة عبادة واحدة تمتد من شمالها إلى جنوبها.

ويبدأ يوم عيد الفطر المبارك في مصر بصلاة الفجر، يعقبها خروج العائلات إلى الساحات والمساجد لأداء صلاة العيد، حيث تصطف الصفوف، وتتردد تكبيرات العيد بأصوات تتداخل فيها الفرحة والسكينة، وبعد الصلاة، تبدأ التهاني الحارة والمصافحات بين الناس، حيث تتجلى روح المحبة والتآخي، وبعد العودة إلى المنازل، يجتمع أفراد العائلة حول مائدة الإفطار التي يغلب عليها طابع مصري خالص، حيث يكون كعك العيد هو الملك المتوج إلى جانب الشاي بالحليب أو القهوة، يليها انطلاق الأطفال للحصول على "العيدية"، تلك العادة التي تُبهج القلوب، حيث يمنح الكبار النقود للصغار ليشعروا بفرحة العيد ويشتروا ما يحلو لهم.

أما الحدائق والمتنزهات، فتكون الوجهة الأولى للعائلات، حيث تمتزج ضحكات الأطفال مع أصوات الباعة المتجولين الذين يعرضون البالونات والحلوى، وعلى ضفاف نهر النيل، تتهادى المراكب النيلية محملة بالعائلات والشباب، الذين يفضلون قضاء يوم العيد وسط الطبيعة الساحرةـ فالعيد في مصر يمتاز بطابعه الشعبي والاجتماعي، حيث تتحول الشوارع إلى ساحات احتفال مفتوحة، تعج بالحركة والبهجة، وعلى عكس بعض الدول التي يقتصر فيها العيد على التجمعات العائلية والمناسبات الرسمية، فإن الاحتفال في مصر يتخذ طابعًا جماهيريًا، حيث يشارك الجميع، حتى الغرباء، في أجواء الفرحة.

كما أن "كحك العيد" يُعد طقسًا مميزًا في مصر بشكلٍ خاص، إذ نادرًا ما تجد بلدًا عربيًا يحتفل بهذه الحلوى بنفس الشغف والاهتمام الذي يبديه المصريون، ولا يقتصر الاحتفال على المدن فقط، بل تمتد أجواء العيد إلى القرى، حيث تتسم بالبساطة والدفء العائلي، فتقام التجمعات الكبيرة، وتُذبح الأضاحي أحيانًا كتعبير عن الكرم والاحتفال.

أما في الدول الخليجية، فغالبًا ما يكون الاحتفال داخل البيوت أو في المولات الكبرى، بينما في المغرب العربي، تأخذ الأعياد طابعًا أكثر هدوءًا وتركيزًا على العادات الأسرية، أما في تركيا وإندونيسيا، فتبرز العادات الدينية مثل زيارة المقابر وتوزيع الصدقات، لكنها لا تحمل الطابع الشعبي الصاخب كما هو الحال في مصر.

سر ارتباط الكحك بعيد الفطر عند المصريين.. عادة فرعونية بلمسة إسلامية

لا يكتمل عيد الفطر في مصر دون رائحة الكحك والبسكويت التي تعبق في البيوت والأسواق، وكأنها إعلان رسمي عن قدوم العيد، فهي جزء من الهوية الثقافية للمصريين ولها امتداد لتاريخ طويل يعود إلى آلاف السنين، وليست مجرد تقليد موسمي، فما سر هذا الارتباط العريق بين عيد الفطر وصناعة الكحك، وكيف انتقلت هذه العادة إلى المصريين في العصور الإسلامية

يعود تاريخ الكحك إلى العصر الفرعوني، حيث كان المصريون القدماء يعدون "كحك القمح" في المناسبات الدينية، وخاصة في أعيادهم الكبرى، وقد كشفت النقوش على جدران معابد الدولة الحديثة (حوالي ١٥٠٠ ق.م) عن صور لصناعة الكحك بأشكال مختلفة، وكان يُقدم كقرابين للآلهة داخل المعابد، كما عثر علماء الآثار على قوالب حجرية منقوشة برسوم مختلفة، كانت تستخدم لصناعة كعكات محشوة بالعسل والمكسرات، تشبه تمامًا الكحك الذي نعرفه اليوم.

ورغم أن الكعك ظل موجودًا في مصر عبر العصور، إلا أن العصر الفاطمي (٩٦٩ - ١١٧١ م) كان نقطة التحول الحقيقية في ارتباطه بعيد الفطر، وقد اشتهر الفاطميون بحبهم للاحتفالات الباذخة، وكانوا يعتبرون المناسبات الدينية فرصة لتعزيز التواصل بين الدولة والشعب، وكان الخليفة الفاطمي يخصص “دار الفطرة” (وهي مخبز حكومي ضخم) لإنتاج كميات هائلة من الكعك، تُوزع على الفقراء والموظفين، وكان يُزين في ذلك العصر بنقوش مميزة، تحمل عبارات مثل "كل واشكر"، وكان يُقدم مع العيدية للأطفال والضيوف،كما انتشرت القوالب المزخرفة لصناعته في كل بيت، وتحولت عملية تحضيره إلى مناسبة اجتماعية تجتمع فيها العائلات لإعداده قبل العيد.

ومع دخول العصر المملوكي (١٢٥٠ - ١٥١٧ م)، بدأ المصريون في إدخال أنواع جديدة من الحلوى إلى موائد العيد، حيث اشتهرت الغريبة والبسكويت المُحلى، وكان الأمراء المماليك يقدمون هذه الحلويات في ولائم العيد الفاخرة، أما في العصر العثماني (١٥١٧ - ١٨٠٥ م)، فقد أضيفت بعض النكهات الشرقية مثل ماء الورد والفانيليا إلى وصفات الكحك والبسكويت.

ولم تفقد صناعة الكحك مكانتها رغم تغير الزمن، بل أصبحت أكثر انتشارًا مع تطور المخابز والمحال التجارية، ولا تزال الكثير من العائلات المصرية تحافظ على عادة تحضيره منزليًا قبل العيد، حيث تتجمع السيدات لصناعته، في جو يملؤه الفرح والحنين إلى التقاليد القديمة، كما أصبح شراء الكحك الجاهز من المخابز الكبيرة خيارًا مريحًا للكثيرين، خاصة مع توفر أنواع مختلفة تناسب جميع الأذواق.

ويمكن أن تفسير هذا الارتباط القوي بين الكحك والعيد بعدة عوامل منها، الطابع الاجتماعي حيث أن تحضيره يخلق جوًا عائليًا خاصًا، ويعزز روح المشاركة بين أفراد الأسرة، وهو رمز للفرح والمكافأة بعد شهر كامل من الصيام والعبادة، ليأتي العيد ليكون يوم الفرح والتكريم، وقد توارث المصريون هذا التقليد، ليصبح جزءًا لا يتجزأ من هويتهم وثقافتهم.

عيد الفطر في مصر.. رحلة في عراقة الطقوس والتجدد في الاحتفالات

لا تنتهي أجواء الفرح بانتهاء رمضان، بل تمتد إلى عيد الفطر المبارك، الذي يعد واحدًا من أجمل المناسبات الدينية والاجتماعية في مصر. فهو موسم للبهجة واللمة العائلية والتقاليد الموروثة، وتبدأ مظاهر العيد مع غروب شمس آخر يوم من رمضان، حيث تعلن “دار الإفتاء المصرية” رؤية الهلال، فتنطلق الزغاريد في البيوت، وتبدأ الاستعدادات لاستقبال العيد بأجمل صورة.

وتبدأ احتفالات العيد في صباح اليوم الأول بـ “صلاة العيد”، وهي من أهم مظاهر الفرحة الجماعية، حيث تمتلىء المساجد والساحات الكبرى بالمصلين، ويتوافد الرجال والنساء والأطفال بملابس العيد الجديدة، مكبرين ومهللين بصوت يملأ الأجواء سعادةً وروحانيةً، وفي بعض المناطق، تُقام الصلوات في الساحات المفتوحة، مثل ميدان الحسين، وجامع الأزهر، وساحة مسجد عمرو بن العاص، بينما في القرى تُخصص أماكن في الأراضي الواسعة أو الملاعب، وبعد الصلاة، يبدأ الجميع في تبادل التهاني والعناق، وتوزيع الحلوى على الأطفال.

ولا يمر العيد في مصر دون “كحك العيد”، الذي أصبح رمزًا ثابتًا للفرحة، فمع الساعات الأولى من الصباح، يبدأ المصريون بتقديم الكعك والبسكويت والغُريبة مع الشاي أو القهوة، في عادة توارثوها منذ العصر الفاطمي، سواء كان الكعك منزلي الصنع أو جاهزًا من المخابز، فهو جزء أساسي من العيد، يربط الأجيال الجديدة بتراث الماضي.

ولعل من أجمل تقاليد العيد في مصر "العيدية"، حيث يُعطي الكبار الصغار نقودًا جديدة تعبيرًا عن الفرح والمباركة، وينتظر الأطفال العيد بفارغ الصبر للحصول على أوراق نقدية لامعة، والتي يستخدمونها لشراء الألعاب أو الحلوى، كما يتبادل الكبار العيديات أحيانًا، كنوع من المجاملة والمودة.

ويُعتبر العيد فرصة مثالية لصلة الأرحام، حيث يحرص المصريون على زيارة الآباء والأجداد والأقارب، وقضاء أوقات دافئة مع العائلة، كما تمتلئ الموائد بأشهى الأطباق، وتُقام الولائم التي تجمع الأحباب بعد شهر من الصيام والعبادة، وبعد الزيارات العائلية، يخرج المصريون إلى المتنزهات والحدائق العامة والملاهي للاستمتاع بأجواء العيد، ومن أشهر أماكن التجمعات، حديقة الأزهر وحديقة الحيوان بالجيزة، حيث تتجمع الأسر لقضاء يوم ممتع، كما يزدحم كورنيش النيل بالعائلات والأطفال، حيث يستمتعون بجولات نيلية في المراكب، وكذلك الملاهي والمتنزهات الترفيهية مثل دريم بارك وحديقة الفسطاط،ويميل المصريون بعد شهر من الصيام، إلى تناول أطعمة غنية بالسعرات في العي، فيفضل البعض الفسيخ والرنجة، بينما يذهب آخرون إلى اللحوم المشوية والمحشي، وفي المساء، تعود العائلات إلى الحلوى مثل الكعك والبسكويت والآيس كريم.

ويتميز العيد بطابع أكثر بساطة وألفة في القرى المصرية، حيث تبدأ الاحتفالات منذ ليلة العيد بالتكبيرات من المآذن، ثم بعد صلاة الفجر، ثم توزع اللحوم على الفقراء والجيران، فيما يتجمع الأهالي في "الدوار" أو ساحات القرية لتبادل التهاني، وسط أجواء مبهجة، وتتنوع مظاهر الاحتفال في المدن الكبرى، حيث تُنظم الحفلات الغنائية والعروض المسرحية، خاصةً في دار الأوبرا المصرية والمسارح العامة، كما تعرض السينمات أحدث الأفلام، مما يجعل العيد فرصة للترفيه والانطلاق بعد شهر من العبادة والصيام.

الصيام وعيد الفطر.. رحلة روحية بدأت في السنة الثانية للهجرة

الصيام هو ركن من أركان الإسلام الخمسة، وقد فُرض على المسلمين لأول مرة في السنة الثانية من الهجرة، أي بعد هجرة النبي ﷺ من مكة إلى المدينة، وكان بمثابة اختبار إيماني جديد للمسلمين، حيث لم يكن الصيام معروفًا لديهم بالشكل الذي جاء به الإسلام، بل كان يُمارَس بشكلٍ جزئي عند بعض القبائل، وأيضًا عند بعض أهل الكتاب.

وقد جاءت فرضية الصيام عبر آياتٍ من سورة البقرة، حيث قال الله تعالى: *"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"* (البقرة: 183)، وكان الصيام في بدايته يُخير المسلم بين أن يصوم أو يطعم مسكينًا، لكن بعد ذلك أصبح الصيام فرضًا على كل قادر، باستثناء أصحاب الأعذار الشرعية، ومع انقضاء شهر رمضان من تلك السنة، شهد المسلمون أول عيد فطر في حياتهم، وهو أول عيد رسمي في الإسلام، حيث شرّعه الله ليكون يوم فرح وسعادة بعد شهر من الصيام والقيام.

ويذكر أنه كان أول عيد فطر يحتفل به المسلمون في الأول من شوال، للسنة الثانية من الهجرة، قد جاء في وقت كانت فيه المدينة المنورة تشهد تغيرات كبيرة، فقد بدأ المجتمع الإسلامي يتشكل، وكانت هناك تحديات داخلية وخارجية، خاصة مع تصاعد الصراع مع قريش، ورغم هذه التحديات، كان يوم العيد يومًا للفرح، حيث اجتمع المسلمون وأدوا صلاة العيد للمرة الأولى، فكانت لحظة استثنائية تبعث الأمل في قلوبهم، وتؤكد لهم أن الإسلام لا يقتصر على العبادة والصبر، بل يشمل أيضًا الفرح والاحتفال المشروع، وفي ذلك اليوم، أمر النبي ﷺ المسلمين بإخراج زكاة الفطر قبل صلاة العيد، تطهيرًا للصائمين وتعويضًا عن أي تقصير في الصيام، وأوصى بالتكبير والتهليل، ونشر السعادة بين الناس.

وقد خرج الرجال والنساء والأطفال إلى المصلى، مرددين تكبيرات العيد، مرتدين أفضل ما لديهم من ثياب، وقد بدت على وجوههم السعادة بأول عيد يمر عليهم وهم أمةٌ موحدة، لها طقوسها وشعائرها الخاصة، وصلاة عيد الفطر هي سنة مؤكدة عن النبي ﷺ، تقام بعد شروق الشمس بوقت قصير، ووقتها يمتد إلى قبيل الظهر، وتُؤدى الصلاة في العراء أو في المساجد الكبيرة، وتجمع المصلين في صفوف متراصة تعبيرًا عن وحدة المسلمين وتآخيهم.

وتتكون صلاة العيد من ركعتين، يُكبِّر الإمام في الركعة الأولى سبع تكبيرات بعد تكبيرة الإحرام، وفي الركعة الثانية خمس تكبيرات بعد تكبيرة القيام، وبعد الفراغ من الصلاة، يخطب الإمام خطبتين يُذكِّر فيهما المسلمين بأهمية العيد، وزكاة الفطر، وصلة الرحم، ويحثهم على نشر المودة والفرح بين الناس.

وقد حثَّ النبي ﷺ المسلمين على إظهار الفرح والبهجة في العيد، وجعل ذلك من مظاهر الدين الإسلامي، فقد قال ﷺ: "لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِندَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِندَ لِقَاءِ رَبِّهِ"، كما روى أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: "قدِمَ النبيُّ ﷺ المدينةَ، ولهم يومانِ يلعبونَ فيهما، فقال: ما هذانِ اليومانِ؟ قالوا: كنا نلعبُ فيهما في الجاهليةِ، فقال رسولُ اللهِ ﷺ: إنَّ اللهَ قد أبدلكم بهما خيرًا منهما: يومَ الأضحى، ويومَ الفطرِ"، مما يؤكد أن العيدين في الإسلام مناسبتان شرعهما الله ليكونا يومي فرح وسعادة، بديلين عن أعياد الجاهلية.

وكان النبي ﷺ يُظهر البهجة بنفسه، فقد ورد أن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: "دخل عليَّ رسولُ اللهِ ﷺ وعندي جاريتانِ تغنيانِ بغناءِ بُعاثٍ، فاضطجع على الفراشِ وحوَّل وجهَه، فدخل أبو بكرٍ فانتهرني، وقال: مزمارُ الشيطانِ عندَ النبيِّ ﷺ؟ فقال النبيُّ ﷺ: دَعْهُما يا أبا بكرٍ، فإنها أيامُ عيدٍ"، مما يشير بوضوح إلى أن العيد يوم للفرح المشروع، وأن الترفيه المباح، خاصة للأطفال، من السنن التي دعا إليها الإسلام.

قصة دخول الإسلام إلى مصر على يد عمرو بن العاص

دخل الإسلام مصر عام 641م، في عهد الخليفة عمر بن الخطاب عام 20 هـ، على يد القائد عمرو بن العاص، الذي قاد جيش المسلمين لفتح البلاد بعد فتح الشام، وكانت مصر آنذاك تحت حكم الدولة البيزنطية، وكان أهلها من الأقباط، الذين يعانون من الاضطهاد الديني على يد الرومان، إذ كانوا يفرضون مذهبهم الديني بالقوة، ويضطهدون أصحاب المذاهب المخالفة، وعلى رأسهم الأقباط الأرثوذكس.

وعندما وصل عمرو بن العاص بجيشه إلى مشارف مصر، واجه مقاومة من الحاميات البيزنطية في عدة مواقع، أبرزها حصن بابليون في منطقة الفسطاط، ولكن القتال لم يكن عنيفًا جدًا من جانب الأقباط، إذ رأوا في المسلمين قوةً محررةً من الاضطهاد الروماني لهم، وبالفعل عندما فتح عمرو بن العاص حصن بابليون بعد حصار طويل، تفاوض مع البطريرك بنيامين الأول، الذي كان مختبئًا بسبب اضطهاد الرومان، وعرض عليه حماية الأقباط وحرية ممارسة شعائرهم الدينية.

ولم يكن استقبال الأقباط لعمرو بن العاص موحدًا، فقد انقسموا بين مرحبٍ ومتوجس، فكانت الفئة الأولى وهي الأغلبية، يرون في المسلمين محررين لهم من اضطهاد الرومان، الذين فرضوا عليهم الضرائب الباهظة وحاربوا مذهبهم الديني، ففضلوا العيش تحت حكم المسلمين، خاصةً بعد أن قدم عمرو لهم الأمان وحرية العبادة، أما الفئة الثانية، التي كانت مقربة من السلطة البيزنطية، فقد خافت من التغيير، لكن مع مرور الوقت، أدركوا أن الحكم الإسلامي أكثر تسامحًا مقارنةً بالرومان.

وقد أصدر عمرو بن العاص عهدًا بالأمان لأهل مصر، يضمن لهم ممارسة شعائرهم الدينية بحرية مقابل دفع الجزية، وهو أمر كان أخف وطأة عليهم من الاضطهاد الذي تعرضوا له من الرومان، كما حافظ المسلمون على الكنائس والأديرة ولم يجبروا الأقباط على الدخول في الإسلام، بل تركوهم أحرارًا في دينهم، ولم يكن دخول الأقباط إلى الإسلام فوريًا أو قسريًا، بل جاء تدريجيًا وعلى مراحل طويلة، ففي البداية ظل الأقباط محافظين على ديانتهم، لكن مع مرور العقود، بدأ الكثيرون منهم يعتنقون الإسلام لعدة أسباب، منها، التخفيف من الأعباء المالية، حيث كان غير المسلمين يدفعون الجزية، بينما كان المسلمون يدفعون الزكاة، التي كانت في بعض الأحيان أقل من الجزية، فاختار البعض الدخول في الإسلام لتخفيف الأعباء المادية، وكذلك الاندماج في المجتمع الجديد، فمع انتشار الإسلام كلغة وثقافة في مصر، وجد الكثير من الأقباط أن اعتناق الإسلام يمنحهم فرصًا أفضل في المجتمع، سواء من حيث الوظائف أو المكانة الاجتماعية، كما اعتنق بعضهم الإسلام عن قناعة دينية، متأثرين بمبادئه وتعاليمه التي تدعو إلى التوحيد والعدل والمساواة، ومع مرور الزمن، بدأ الزواج بين المسلمين والأقباط يؤدي إلى تحول بعض الأسر إلى الإسلام تدريجيًا.

وقبل دخول الإسلام، كانت اللغة القبطية هي السائدة بين المصريين، وهي اللغة التي تطورت من اللغة المصرية القديمة، ولكن مع الفتح الإسلامي، بدأ التأثير العربي يتزايد تدريجيًا، ومرت مصر بعدة مراحل لغوية، ففي البداية، استمر الأقباط في التحدث باللغة القبطية، بينما كان المسلمون يتحدثون العربية، ومع اختلاط السكان في الأسواق والمساجد والإدارات الحكومية، بدأت العربية تنتشر تدريجيًا، ثم جاء تعريب الدواوين (الإدارات الحكومية) في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان (أواخر القرن السابع الميلادي)، فأصبحت اللغة العربية هي لغة الدولة الرسمية، ما دفع الناس إلى تعلمها للاندماج في الحياة السياسية والاقتصادية، وبحلول القرن العاشر الميلادي، بدأت اللغة القبطية تتراجع، خاصةً مع اعتناق أعداد كبيرة من المصريين للإسلام، ومع تعريب الحياة العامة، أصبحت العربية هي اللغة الأساسية، بينما بقيت القبطية تُستخدم في الكنائس فقط.

ومع انتشار الإسلام في مصر، بدأت التركيبة الديموغرافية تتغير تدريجيًا، ففي القرون الأولى بعد الفتح، ظل الأقباط يشكلون الأغلبية السكانية، لكن مع مرور الوقت، وبسبب العوامل التي ذكرناها سابقًا، بدأ عدد المسلمين في الزيادة حتى أصبحوا الأغلبية في مصر بحلول العصر المملوكي، ومع ذلك، بقي للأقباط دور بارز في المجتمع المصري، واستمروا في ممارسة عقيدتهم بحرية في ظل الحكم الإسلامي حتى يومنا هذا.

عيد الفطر في مصر عبر العصور.. منذ الفتح الإسلامي حتى اليوم

عيد الفطر في مصر هو مناسبة دينية واجتماعية وثقافية وطقس شعبي يتجدد في كل عصر، فيحمل في طياته مظاهر الفرح والتقاليد الفريدة التي تعكس روح المصريين، ومنذ دخول الإسلام إلى مصر في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، تطورت احتفالات العيد عبر العصور، حيث كان لكل فترة تاريخية طابعها الخاص، ومظاهرها المميزة التي شكلت الموروث الشعبي والرسمي لهذا اليوم المبارك، فرغم مرور القرون، بقي عيد الفطر في مصر مناسبةً تمزج بين الروحانية والفرح، حيث حافظ المصريون على طقوسه الدينية، وأضافوا إليه لمساتهم الخاصة، ليبقى يومًا ينتظره الجميع بكل حب وسعادة، فهو يوم الفرح بعد الصيام، ويوم اللمة العائلية والبهجة التي تملأ القلوب والشوارع.

عيد الفطر في الخلافة الراشدة (فتح مصر سنة ٢٠ هـ / ٦٤١ م)

دخل الإسلام مصر على يد القائد عمرو بن العاص في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، وكان المصريون آنذاك حديثي العهد بالإسلام، لذا كانت احتفالاتهم بالعيد بسيطة وقريبة من روح الصحابة والتابعين.

وشملت مظاهر الاحتفال في هذه الفترة، إقامة صلاة العيد في الساحات المفتوحة، خاصة في فسطاط مصر، وهي العاصمة الأولى للإسلام في البلاد، وكذلك التكبير والتهليل بعد صلاة الفجر وحتى أداء الصلاة، وإخراج زكاة الفطر للفقراء والمحتاجين، وهو ما عزز روح التكافل الاجتماعي بين المسلمين الجدد، وتبادل التهاني بين المسلمين وارتداء الملابس النظيفة والجديدة، وإقامة ولائم للفقراء والمساكين، حيث كان عمرو بن العاص يحرص على توزيع الطعام بنفسه.

عيد الفطر في العصر الأموي (٤١ - ١٣٢ هـ / ٦٦١ - ٧٥٠ م)

مع تولي الأمويين حكم مصر، بدأت الاحتفالات تأخذ طابعًا أكثر تنظيمًا، حيث حرص الولاة على إبراز العيد كمناسبة رسمية، ومن أبرز مظاهر العيد في العصر الأموي، إقامة صلاة العيد في الساحات الكبرى، مثل جامع عمرو بن العاص، وإعلان العيد رسميًا من دار الإمارة، حيث يجتمع الناس أمام مقر الحاكم لسماع التهنئة الرسمية، وارتداء الملابس الجديدة، وقدوكانت الأسواق تمتلئ بثياب العيد المخصصة للأطفال والكبار، وكذلك إقامة الأسواق الموسمية،حيث تباع الحلوى والفواكه والسلع النادرة، وإقامة حلقات الإنشاد الديني والطرب العربي، حيث بدأ بعض المصريين في إدخال عناصر احتفالية جديدة إلى العيد.

عيد الفطر في العصر العباسي (١٣٢ - ٣٥٨ هـ / ٧٥٠ - ٩٦٩ م)

شهد العصر العباسي اهتمامًا بالمظاهر الرسمية في العيد، حيث كانت الدولة العباسية تولي اهتمامًا خاصًا بالمناسبات الدينية، ومن مظاهر الاحتفال في العصر العباسي، إقامة مواكب رسمية للولاة بعد صلاة العيد، حيث يخرج الحاكم على رأس موكب من الفرسان والعلماء، وإقامة أسواق العيد، حيث تباع الحلويات الخاصة مثل المعجنات المحشوة بالعسل والتمر، وإقامة ولائم ضخمة في قصور الولاة، تُدعى إليها شخصيات بارزة من التجار والعلماء، وكذلك الاهتمام بتوزيع الصدقات، وكانت الدولة توزع أموالًا للفقراء، إضافة إلى زكاة الفطر.

عيد الفطر في العصر الفاطمي (٣٥٨ - ٥٦٧ هـ / ٩٦٩ - ١١٧١ م)

الفاطميون هم الأكثر تأثيرًا في تشكيل تقاليد العيد في مصر، حيث تحولت المناسبة إلى احتفال شعبي ضخم، وابتكروا تقاليد لا تزال قائمة حتى اليوم، ومن مظاهر الاحتفال في العصر الفاطمي، موكب العيد الرسمي حيث كان الخليفة الفاطمي يخرج بموكب ضخم إلى المصلى، تحيط به الأعلام والجنود، وكذلك صناعة كعك العيد، حيث كانت الدولة توزع آلاف المعجنات المحشوة بالسكر والمكسرات، وإقامة مهرجانات العيد في الشوارع، والتي كانت تشمل العروض الفنية، والحكواتي، والمهرجين، وتوزيع ملابس العيد، حيث كانت الدولة تصرف كسوة جديدة للفقراء في هذه المناسبة.

عيد الفطر في العصر الأيوبي (٥٦٧ - ٦٤٨ هـ / ١١٧١ - ١٢٥٠ م)

بعد انتهاء الحكم الفاطمي، حرص “صلاح الدين الأيوبي” على إضفاء طابع ديني وروحاني أكثر على العيد، ومن مظاهر الاحتفال في العصر الأيوبي، الاهتمام بالخطبة الدينية في العيد، حيث كان العلماء يلقون خطبًا تحث الناس على التقوى والشكر، وإقامة موائد الرحمن في القلاع،حيث تُقدم الأطعمة للمحتاجين، مع الاحتفاظ بعادة كعك العيد، لكنها أصبحت تصنع في المنازل أكثر من القصور.

عيد الفطر في العصر المملوكي (٦٤٨ - ٩٢٣ هـ / ١٢٥٠ - ١٥١٧ م)

قد حولوا المماليك العيد إلى مناسبة استعراضية ضخمة، حيث تميزت احتفالاتهم بالبذخ، ومن مظاهر الاحتفال في العصر المملوكي، إقامة سباقات الخيول في ساحات القاهرة،حيث يتبارى الفرسان في عروض قتالية، وإقامة ولائم كبرى للفقراء، وكانت تشمل اللحوم والخضروات والحلوياتـ وكان أبرز تلك المظاهر هو خروج السلطان في موكب فاخر، ترافقه الطبول والموسيقى العسكرية.

عيد الفطر في العصر العثماني (٩٢٣ - ١٢١٣ هـ / ١٥١٧ - ١٧٩٨ م)

لم يضيف العثمانيون الكثير إلى احتفالات العيد، لكنها ظلت قائمة بطابع رسمي تقليدي، ومن مظاهر الاحتفال في العصر العثماني، هو حضور الوالي صلاة العيد، ثم استقبال المهنئين في القلعة، واستمرار تقاليد كعك العيد وزيارة الأضرحة، وكذلك ظهور فرق المولوية الصوفية، التي كانت تؤدي عروض الذكر في المساجد.

عيد الفطر في العصر الحديث (١٨٠٥ - حتى اليوم)

مع تطور العصر، دخلت وسائل جديدة في الاحتفال بالعيد، خاصة مع دخول التكنولوجيا ووسائل الإعلام، ومن مظاهر الاحتفال في العصر الحديث، إذاعة تكبيرات العيد عبر مكبرات الصوت، وإعلان رؤية الهلال رسميًا، وانتشار عادة "العيدية"، حيث يمنح الكبار للأطفال نقودًا للاحتفال، وخروج العائلات إلى الحدائق والمتنزهات، وتحضير الأطعمة التقليدية مثل الفسيخ والكعك، وظهور وسائل الإعلام في الاحتفالات، حيث تبث الإذاعة والتلفزيون برامج ترفيهية خاصة بالعيد.

مقالات مشابهة

  • تجدد الاشتباكات في الجموعية وسقوط المزيد من القتلى والجرحى
  • عيد الفطر في مصر طقسًا دينيًا لا يشبه سواه بالعالم العربي والإسلامي.. صور
  • في ثاني أيام عيد الفطر.. مهرجان فواكه يجذب السائحين
  • عشرات القتلى والجرحى في قصف استهدف قطاع غزة
  • بالأرقام.. أعداد الأطفال القتلى في غزة خلال 10 أيام
  • الكشفُ رسميًّا عن عدد القتلى والجرحى بالهجمات الأمريكية على صنعاء العاصمة والمحافظة وجحة
  • عشرات القتلى بين جنود ومدنيين في هجوم شرق بوركينا فاسو
  • عشرات القتلى جراء هجوم إرهابي في بوركينا فاسو
  • هجوم دامٍ ببوركينا فاسو.. عشرات القتلى من الجنود والمدنيين في هجوم جهادي
  • بصاروخ “ذو الفقار”.. القوات اليمنية تقصف مطار “بن غوريون” في تل أبيب