الميثاق والدستور والمداورة في الحقائب الوزارية
تاريخ النشر: 29th, January 2025 GMT
كتب القاضي سليم جريصاتي في" نداء الوطن": قيل الكثير، وكتب الكثير، ونسب الكثير الى مداولات الطائف، وقال رئيس الجمهورية ما قاله في خطاب القسم، كما قال رئيس الحكومة المكلّف ما قاله بشأن تخصيص حقيبة لطائفة معينة. الا ان الحل يبقى في "الكتاب"، اي الدستور الذي استقى مقدمته وبعض احكامه من "وثيقة الوفاق الوطني" التي أقرها مجلس النواب تمهيدا لتعديل الدستور في ضوئها، الامر الذي حصل بالقانون الدستوري الصادر بتاريخ 31-9-1990.
اما في المضمون، فيجب ان تمثل الطوائف بصورة عادلة في التشكيلة الوزارية، لا سيما ان كلا من المادتين 17و 65 من الدستور ناط السلطة الاجرائية بمجلس الوزراء، وان المادة 66 من الدستور اعطت حيثية دستورية مستقلة للوزير (الذي لم يعد فقط من اعوان رئيس الجمهورية الذي كان يتولى السلطة الاجرائية) ، وان خاتمة مبادىء مقدمة الدستور المقتبسة حرفيا من المبادىء العامة الواردة في مستهل وثيقة الوفاق الوطني، تنص صراحة ان لا شرعية لاي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك، هذا المبدأ الذي اوصى العلاّمة الراحل ادمون ربّاط بتطبيقه على اي مسؤول اعتمد نهجا او موقفا او اتى فعلا تتبدى منه بوادر انقسامات طائفية.
ثانيا- كل هذا يعني ان اي ممارسات لا تمت بصلة الى المبادىء والنصوص والآليات اعلاه ولا ترتكز اصلا الى اعراف نهضت عن ممارسات متواترة وراسخة في معرض تأليف الحكومات، انما يتوجب اهمالها، كي لا تؤسس عليها تدابير، تفاقم الخطأ ولا تصلحه، على ما هي حال المطالبة بتخصيص حقيبة وزارية لطائفة معينة.
ثالثا- لم يخصص الدستور حقائب وزارية لطوائف معينة، واكتفى بما جاء في الفقرة (أ) من المادة 95 منه لجهة ان "تتمثل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الوزارة"، والمقصود المناصفة بين المسيحيين والمسلمين، ونسبيا بين مذاهب كل من الفئتين، على ما يمكن استنباطه من المادة 24 من الدستور. ان المشرّع الدستوري لم يقحم ماهية الحقائب الوزارية في عدالة التمثيل، ذلك ان كل الحقائب الوزارية جميعها تتساوى من حيث المشاركة في السلطة الاجرائية التي ناطها الدستور بمجلس الوزراء مجتمعا، حيث يكون لكل وزير صوت عند التصويت، سواء تولى حقيبة، مهما كانت، او لم يتولّ اي حقيبة. هذا ولم تأت الوثيقة بما يخالف ذلك لاي جهة في حال اعتبرنا ان ما لم يدخل منها في صلب الدستور اضحى مجرد تعهدات وطنية يمكن الركون اليها عند الحاجة.
رابعا- ان التعمّق في مواد الدستور يقودنا الى الآتي:
ان الفقرة (ب) من المادة 95 من الدستور التي قضت بالغاء قاعدة التمثيل الطائفي في الوظائف العامة، انما استثنت الفئة الاولى وما يعادلها من هذا الالغاء، بحيث تبقى وظائف هذه الفئة "مناصفة بين المسيحيين والمسلمين من دون تخصيص اي وظيفة لاية طائفة...".
خامسا- اضافة الى كل ذلك، وتحديدا فيما يتعلق بحقيبة المالية، ان تخصيصها للطائفة الشيعية الكريمة بحجة المشاركة في صناعة القرار الاجرائي، لا يستقيم ميثاقا ودستورا، ذلك ان المشاركة في السلطة الاجرائية تتم في عضوية مجلس الوزراء الذي ناط به الدستور السلطة الاجرائية، على ما شرحت، وان القول بأن وزير المالية هو من يقوم بالتوقيع الثالث او الرابع على معظم المراسيم المتخذة في مجلس الوزراء او المراسيم العادية، هو قول لا يصلح ايضا حجّة للتخصيص والتثبيت، بمعزل عن حسن الممارسة او سوئها، ذلك ان من شأنه ان يرتقي بهذا الوزير من طائفة معينة تستأثر بهذه الحقيبة الى مرتبة تسمو مرتبة رئيس الجمهورية المنتمي الى طائفة معينة عرفا منذ الاستقلال. في الخلاصة، الحقيبة ليست حكرا لاي طائفة ولا يمكن حجب اي طائفة عن اي حقيبة، والوزراء متساوون في مجلس الوزراء الذي يمارس السلطة الاجرائية بالارتكاز الى احكام الدستور. اما الاخطر، فهو ان هذه الاشكاليات المصطنعة انما تعيق انطلاقة العهود الرئاسية الواعدة، او تهدد استمرارها على نهج مرن ومتوازن عند انتاج الحكومات، او تؤسس لأزمة نظام وطروحات بديلة لا يملك لبنان ترف الغوص فيها الان، وهو يعاني ما يعانيه من ازمات حادة على جميع الصعد، وأخرها عدم التزام اسرائيل بمندرجات اتفاق وقف الاعمال العدائية واستمرار احتلالها اراض لبنانية.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: رئیس الجمهوریة مجلس الوزراء من الدستور
إقرأ أيضاً:
رئيس الوزراء: هدفنا شعور المواطن بثمرة الجهد الإيجابي للحكومة
قال الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء إن ما يهم المواطن هو قدرته على استيفاء متطلبات أسرته، وأن يعيش بطريقة مريحة وجيدة غير مضغوطة، وهو هدف كل أسرة مصرية بسيطة.
وأضاف رئيس مجلس الوزراء خلال اجتماعه مع أعضاء اللجان الإستشارية المتخصصة لتعزيز التواصل بين الحكومة والقطاع الخاص في المجالات المختلفة: «هدف الحكومة في النهاية أن المواطن المصري البسيط أن يشعر بالمردود الإيجابي للجهد الكبير الذي قامت به الدولة والتحديات العاصفة التي تغلبت عليها».