سلام يتمسّك بمعاييره وتوقعات باقتراب الاعلان عن تشكيل الحكومة
تاريخ النشر: 29th, January 2025 GMT
بين التسريبات التشاؤمية أن عملية تأليف الحكومة تراجعت خطوات إلى الوراء وبين التسريبات التفاؤلية القائلة أن الحكومة في مخاضها الأخير، يسعى الرئيس المكلف نواف سلام إلى أن تبصر الحكومة النور هذا الأسبوع.
أشارت المعلومات إلى اجتماع مرتقب خلال ساعات بين سلام والثنائي الشيعي وفي ضوء نتائجه سيزور سلام قصر بعبدا.
وكتبت" النهار": بعد أسبوعين فقط من تكليفه وتحفّزه في الساعات المقبلة لاستيلاد الحكومة الأولى في عهد الرئيس العماد جوزف عون، وهي مهلة قياسية في تجارب تشكيل الحكومات حتى لو طرأت عوامل تملي تمديدها بعض الوقت، وجد الرئيس المكلف نواف سلام نفسه أمس وسط حقل ألغام سياسياً وحزبياً وطائفياً بكل المقاييس الحاملة نذر تصعيد سياسي واسع ألزمه التريث مجدداً في اندفاعته التي يترقبها الرأي العام اللبناني والخارجي بتشوّق لكن دون معايير الصراع السياسي الناشب من حول مهمة سلام. ولكن حقل الألغام هذا لم يحل دون معطيات حافظت على منسوب عالٍ من التفاؤل في إمكان تذليل العقبات وإنجاز التشكيلة الحكومية في الساعات المقبلة. كما نقل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري أن لا مشكلة مع نواف سلام والحكومة هذا الأسبوع أو الأسبوع المقبل.
والحال أن الساعات الـ48 الأخيرة بدت كأنها استقدمت عناصر التوتير السياسي الذي واكب تطورات الجنوب والملابسات التي نتجت عن مواكب الاستفزاز والتحديات التي تولاها أنصار "حزب الله" في مناطق عدة لخصومهم، الأمر الذي أشاع انطباعات سلبية وتسبّب بتشظي مهمة الرئيس المكلف وإصابتها بتداعيات مباشرة لم تكن في الحسبان. ونظرت معظم الأوساط إلى هذه الحركة المفتعلة الاستفزازية باعتبارها رسائل من الحزب إلى العهد ورئيس الحكومة المكلف وفاقم أثرها السلبي إعلان رجل الأعمال الإماراتي خلف الحبتور إلغاء جميع مشاريعه الاستثمارية في لبنان.
صحيح أن عقدة منح الشيعة حقيبة المال كانت تعتمل بعمق في مواقف وحسابات القوى الأخرى بعدما مال الرئيس سلام إلى التسليم بمنحها لـ"المرشح الحصري" ياسين جابر بقوة الضغوط التي مارسها رئيس مجلس النواب نبيه بري بالشراكة في حجز الحصة الشيعية للثنائي "أمل" و"حزب الله"، لكن سلام كان يدأب على استكمال مهمته بمسعى التوازن بين معايير إحداث الصدمة الإيجابية وتجنب الخضّات. ووسط هذا الاعتمال بدا "حزب الله" كأنه تعمد إغراق الرئيس المكلف في حصار الألغام من خلال الذهاب بعيداً في استفزاز الخصوم في لحظة خاطئة وطنياً الا إذا صح ما فسره بعضهم من أن الحزب أراد توجيه ضربة إلى سلام وداعميه الداخليين والخارجيين لإثبات حفاظه على نفوذ الفيتو الداخلي بعدما أستهين بقوته جراء الضربات الإسرائيلية القاسية. في أي حال ما إن سرت المعلومات عن اتجاه الرئيس سلام إلى زيارة بعبدا أمس أو اليوم حاملاً تشكيلة حكومية شبه ناجزة لا تحتاج إلا إسقاط ما تبقى من أسماء قليلة على الحقائب، حتى اشتعل حقل الحسابات والمواقف المحتقنة على خلفية حصرية مفادها إما مواجهة "المكانة المتميزة" التي تردّد أن الرئيس المكلف سلم بمنحها إلى الثنائي الشيعي، وإما حصول الافرقاء الآخرين، بالمثل وأكثر، على ما يوازي حصة الثنائي حقائب وأسماء. بذلك جنحت عملية التأليف برمتها إلى حقل الألغام والمحاذير التي لا يحتملها الرئيس المكلف إذ أن العقدة الشيعية استدرجت عِقداً مسيحية سواء لدى "القوات اللبنانية" التي تحفظت بقوة على منح حقيبة المال للثنائي الشيعي كما طالبت بحقائب أساسية سيادية وخدماتية، كما لدى "التيار الوطني الحر" الذي ابتكر رئيسه أكثر المعادلات غرابة بمطالبته احتساب عدد نوابه على أساس العدد الأصلي بعد الانتخابات ومن دون الأخذ بالاعتبار انفصال واستقالة وفصل أكثر من ستة نواب من تكتله. كما تفجر من عكار صراخ سنيّ على خلفية إنمائية بحجة الاعتراض على إقصاء مفترض استباقي للمنطقة عن التمثيل الوازن في الحكومة.
وإذ برزت بقوة الاصداء الشديدة السلبية للعبة الاستفزاز الفتنوي التي مارستها مواكب أنصار "حزب الله" في العبث بعملية تشكيل الحكومة، بادرت حركة "أمل" إلى تمييز نفسها عن هذه اللعبة فأصدرت تعميمٌا منعت فيه "المشاركة أو القيام بأي تحرك أو نشاط استفزازي" تحت طائلة الفصل من الحركة.
وكانت المعلومات أفادت أن "القوات اللبنانية" أبلغت سلام بأنها ستسمي وزراءها وتسقطهم على الحقائب إذا كان الثنائي الشيعي سيفعل ذلك، كما أن رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل أبلغه أنه في حال كانت القوات ستطلب أربع حقائب فهو يريد خمس حقائب. ثم فجّر عضو "تكتل الاعتدال الوطني" النائب وليد البعريني موقفاً حادا قائلاً: "سكتنا لأيام وأعطينا فرصة للرئيس المكلف لكي يكمل استشاراته، لكن أن يمنح الذين هزوا العصا وحرّكوا موتوسيكلاتهم واستعملوا اسلوب الترهيب أكثر مما يحق لهم ويتم تجاهلنا كممثلين عن عكار وطرابلس والمنية والضنية والشمال، فهذا تجاوز لكل الخطوط الحمر". ودعا الرئيس عون الى "تصحيح المسار بصفته الضمانة وإلا ستكون هناك انتفاضة في وجه تهميشنا"، وهدّد بأنه "لم يعد أمامنا سوى المطالبة بالفدرالية، وعندها ندبر كعكاريين شؤوننا بأنفسنا ونعرف أن لا دولة تتطلع فينا بل نتطلع بأنفسنا". واستتبع هذا الموقف بزيارة وفد من "كتلة الاعتدال الوطني" ضم النائبين محمد سليمان ووليد البعريني للرئيس نواف سلام مساء في دارته.
وكتبت" الاخبار": لا يبدو رئيس الحكومة المكلّف نواف سلام راغباً بالعمل تحت ضغط القوى التي تطالبه بإنجاز تأليف الحكومة سريعاً، إذ يرى أن لديه متسعاً من الوقت، استناداً إلى تجارب من سبقه، قبل إعلان تشكيلة حكومية تناسبه، وتكون قادرة على البقاء حتى موعد الانتخابات النيابية المقبلة.
ويحرص سلام الذي لا يقطع التواصل مع أي جهة سياسية على الحديث عن «مناخ تعاون إيجابي» مع الرئيس جوزيف عون، لكنّه يصرّ على أن تشكيل الحكومة يجب أن يراعي ما يعتقد بأنه قادر على القيام به بصورة مختلفة عن الحكومات السابقة. لذلك، يؤكد على أن يكون القرار له في اختيار الأسماء المرشحة لتولي الحقائب، ويضع شروطاً تعتبرها بعض القوى قاسية، خصوصاً أنه رفض ترشيحات قدّمتها أكثر من جهة سياسية، بناءً على ملاحظات حول «الميول الحزبية الواضحة» لبعض الأسماء، كما توقف عند السير الذاتية لآخرين، مشيراً إلى أنه يريد شخصيات تملك رصيداً معرفياً وعلمياً وخبرة، مع ميل واضح إلى خرّيجي الجامعات الأميركية أو الجامعة اليسوعية في بيروت.
وفي ما خصّ توزيع «الحصص» الوزارية، فإن لسلام تصوّره لمنح كل جهة ما تستحقّه من مواقع، وهو يجري مفاضلة في الحقائب بطريقة يعتقد بأنها الأنسب لانسجام الحكومة. وبعدما كان يفضّل كسر عرف الحقائب السيادية، ودعوة عون له إلى تجاوز هذا الأمر الآن، انتقل إلى التركيز على هوية من سيتولون الحقائب. وهو قال أمام زواره إنه سيعطي المالية للشيعة، ويريد بقاء الداخلية مع السنّة، وإن رغبة الرئيس عون هي بتولي ماروني وزارة الدفاع، وسيحيل الخارجية تلقائياً إلى الروم الأرثوذكس.
وهو يعتقد بأن الطابق الثاني من الوزارات التي توصف بالخدماتية، كافٍ لإرضاء كل القوى السياسية، شرط ترشيح شخصيات مقبولة لها.ويبدو أن سلام يواجه الآن تحدياً على ثلاثة مستويات:
الأول مع الثنائي أمل وحزب الله. فرغم موافقته على منح المالية لوزير شيعي، إلا أنه يريد أن يكون شريكاً في تسمية أحد الوزراء الشيعة الخمسة، ويعتقد بأن بمقدور الثنائي التنازل له في هذا المجال، خصوصاً أنه لن يختار شخصية معادية للثنائي، ويتكل في ذلك على مبادرة من الرئيس نبيه بري الذي سبق أن تنازل عن مقعد وزاري شيعي في حكومة ترأّسها الرئيس نجيب ميقاتي لتوزير نائب سنّي من حلفاء الحركة والحزب.
وقد خرج سلام أمس ببيان علّق فيه على ما يُتداول بشأن تشكيل الحكومة، سواء لجهة موعد إعلانها أو الأسماء والحقائب المعنية، مؤكداً «أنني أواصل مشاوراتي لتشكيل حكومةٍ تكون على قدر تطلعات اللبنانيات واللبنانيين وتلبّي الحاجة الملحّة إلى الإصلاح، ولا أزال متمسكاً بالمعايير والمبادئ التي أعلنتها سابقاً. كما أعود وأؤكد أن كل ما يتردّد عارٍ عن الصحة وفيه الكثير من الشائعات والتكهنات، يهدف بعضها إلى إثارة البلبلة. فلا أسماء ولا حقائب نهائية».
وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري قال في حديث لقناة «الحرة» إن «المشكلة في تشكيل الحكومة ليست عند الثنائي الشيعي، بل إن البعض يتذرع بذلك لإخفاء الأسباب الحقيقية»، مسمياً ياسين جابر كمرشح لوزارة المالية. فيما كان لافتاً إعلان النائب وليد البعريني أمس «أننا سكتنا لأيام وأعطينا فرصة للرئيس المكلّف لكي يكمل استشاراته، لكن أن يمنح الذين هزوا العصا وحرّكوا موتوسيكلاتهم واستعملوا أسلوب الترهيب أكثر مما يحق لهم ويتم تجاهلنا كممثلين عن عكار وطرابلس والمنية والضنية والشمال فهذا تجاوز لكل الخطوط الحمر»، بينما أعلن تكتل «التوافق الوطني» برئاسة النائب فيصل كرامي أن «الطائفة السنية لن تكون مكسر عصا ويجب أن ينطبق عليها ما ينطبق على الآخرين».
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: رئیس مجلس النواب نبیه بری الثنائی الشیعی تشکیل الحکومة الرئیس المکلف نواف سلام حزب الله
إقرأ أيضاً:
الرئيس اليمني في خطاب للشعب بمناسبة شهر رمضان : الأمة التي تجتمع على الخير لا تهزم أبدا
عدن (الجمهورية اليمنية) - دعا الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، ابناء الشعب اليمني، وقواه الوطنية الى وحدة الصف، ونبذ الفرقة، واعلاء قيم التكافل، والتراحم، كما دعا القطاع الخاص ومجتمع المال والاعمال، والمبادرات المجتمعية الى مضاعفة برامجهم الخيرية، ومساعدة المحتاجين، خصوصا خلال شهر رمضان المبارك، حيث تشتد الحاجة الى حشد كافة الامكانيات الحكومية، والاهلية للتخفيف من وطأة الازمة الانسانية التي صنعتها المليشيات الحوثية الارهابية المدعومة من النظام الايراني، وفقا لـ(سبأ).
وهنأ رئيس القيادة الرئاسي اليمني باسمه وإخوانه اعضاء المجلس، والحكومة، في خطاب بمناسبة شهر رمضان المبارك، كافة ابناء الشعب اليمني في الداخل والخارج بحلول الشهر الكريم الذي جعله الله رحمةً لعباده، وفرصةً للتقوى، والتكاتف، والتآزر، سائلا الله سبحانه وتعالى أن يجعله شهر خير وبركة، وأن يعيده وقد تحقق للشعب اليمني كل ما يصبوا إليه من تطلعات في النصر، واستعادة مؤسسات دولته، وامنه، واستقراره.
كما وجه الرئيس العليمي في الخطاب الذي القاه نيابة عنه وزير الاوقاف والارشاد الدكتور محمد شبيبة، تهنئة خاصة لأبطال القوات المسلحة والامن، والمقاومة الشعبية، وكافة التشكيلات العسكرية المرابطين في الجبهات، وميادين العزة والكرامة، والى أولئك المناوبين في مختلف مرافق الخدمة العامة خلال الشهر الفضيل، مجددا الشكر لكافة المكونات الوطنية، والاشقاء في تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، ودولة الامارات العربية المتحدة، ومنابر الوعي في الداخل والخارج الذين كان لهم جميعا ابلغ الأثر في تعزيز الصمود الاسطوري.
وقال فخامة الرئيس اليمني:" في هذه الأيام والليالي المباركة، ندعو الجميع وفي المقدمة فاعلي الخير من رجال الاعمال والقطاع الخاص إلى اعلاء قيم التراحم، وإغاثة الملهوفين، ومضاعفة تدخلاتهم الانسانية للأسر المتضررة، فالأمة التي تجتمع على الخير، والتكافل لا تُهزم أبدًا".
اضاف:" يحل علينا هذا الشهر الفضيل، وما يزال شعبنا يعاني تداعيات حربٍ ظالمة، فرضتها مليشيات إرهابية انقلابية بدعم من النظام الإيراني، مسخرة في ذلك كل وسائل الترهيب، والتخريب لتجريف سبل العيش، واعاقة أي فرصة من جانب الحكومة، والمجتمع الإقليمي والدولي لتخفيف المعاناة الإنسانية المؤلمة".
واكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي بأنه واخوانه أعضاء المجلس، على إدراك تام بهول آثار الازمة الاقتصادية، والخدمية، والوجع المتفاقم المعبر عنه في الفعاليات السلمية، والاصوات الحرة، وأنات الأمهات والأطفال في كل شبر من ربوع وطننا الحبيب، مجددا العهد بعدم ادخار أي جهد في سبيل التخفيف من المعاناة التي صنعتها المليشيات الارهابية الحوثية التي كانت تراهن بتدمير المنشآت النفطية وايقافها عن التصدير، على انهيار كامل للأوضاع في غضون أيام.
ونوه العليمي بقوة، وصلابة ابناء الشعب اليمني وصمودهم في وجه ذلك المخطط الإرهابي الذي باء بالفشل رغم ما خلفه من ازمة تمويلية، جراء فقدان الدولة أكثر من 60 بالمائة من مواردها العامة، ومصدرها الرئيسي لتغذية إحتياطياتها من النقد الأجنبي.
وقال:" ها نحن اليوم أكثر صمودا بعد نحو عامين ونصف من تلك الهجمات الاجرامية، وباقون على العهد والوعد بتحويل الازمات الى فرص للنصر الناجز بعونه تعالى".
وجدد الرئيس اليمني في هذا الشهر الكريم تذكير المواطنين في المناطق التي ترزح غصبا تحت سلطة المليشيات الارهابية، بأن الحكومة بذلت كل جهد، وقدمت كل التنازلات الممكنة، من أجل تحسين أوضاعهم، واستئناف دفع مرتباتهم.
استدرك قائلا:" لكن هذه الجماعة لا تريد للشعب اليمني إلا الفقر، والقهر، والهوان"، مجددا التأكيد على الوقوف الى جانب المواطنين في المناطق الخاضعة بالقوة للمليشيات الارهابية، ودعم ارادتهم، واحلامهم بأن هذا القيد آن له ان ينكسر.
وقال" إننا نؤمن أن الليل مهما طال، فإن الفجر قادم، وأن اليمن سينهض رغم كل المحن".
على الصعيد القومي، اشار فخامة الرئيس الى تلبيته دعوة اخيه فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة لحضور القمة العربية غير العادية المرتقبة بالقاهرة في 4 مارس المقبل، وذلك تأكيدا لموقف اليمن الثابت الى جانب الشعب الفلسطيني، ورفض كافة المشاريع الرامية الى تهجيره، وتصفية قضيته العادلة.
كما شدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي على توجيهاته بهذه المناسبة الدينية العظيمة، الى الجهات المعنية بالإفراج الفوري عن السجناء الذين امضوا ثلاثة أرباع مدة العقوبة او نصفها، والنظر في الإفراج بالضمان التجاري عن المحبوسين على ذمة الحقوق الخاصة، مع تشكيل لجان في المحافظات من النيابات، والسلطات المحلية والغرف التجارية لمساعدة المعسرين.
وفيما يلي نص الخطاب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه الكريم: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”. والصلاة والسلام على اصدق انبيائه المرسلين.
أيها الإخوة المواطنون، أيتها الأخوات المواطنات، في الداخل والخارج،،
أهنئكم جميعًا، باسمي، وإخواني اعضاء مجلس القيادة الرئاسي، والحكومة بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، شهر الرحمة، والغفران، والعتق من النار.. الشهر الذي جعله الله رحمةً لعباده، وفرصةً للتقوى، والتكاتف، والتآزر.
وهي تهنئة خاصة لأبطال القوات المسلحة والامن، والمقاومة الشعبية، وكافة التشكيلات العسكرية المرابطين في الجبهات، وميادين العزة والكرامة، والى أولئك المناوبين في مختلف مرافق الخدمة العامة خلال الشهر الفضيل الذي نسأله سبحانه وتعالى أن يجعله شهر خير وبركة، وأن يعيده علينا وقد تحقق لشعبنا كل ما يصبو إليه من تطلعات في النصر، واستعادة مؤسسات دولته، وامنه، واستقراره.
وأنها فرصة أيضا ان نجدد في كل مناسبة الشكر لكافة المكونات الوطنية، واشقائنا في تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، ودولة الامارات العربية المتحدة، ومنابر الوعي في الداخل والخارج الذين كان لهم جميعا ابلغ الأثر في تعزيز هذا الصمود الاسطوري.
أيها الإخوة والأخوات المواطنون،،
هذا الشهر العظيم اختصه الله بفضائل جليلة، وجعله ميدانًا للطاعات، والتقرب اليه سبحانه وتعالى، وسبيلاً لمغفرة الذنوب ورفع الدرجات، فطوبى لمن استغله في مرضاته تعالى بالخيرات، والأعمال الصالحات.
"شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِىٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْءَانُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَٰتٍۢ مِّنَ ٱلْهُدَىٰ وَٱلْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍۢ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ ٱلْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ ٱلْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَىٰكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون".
إن شهر رمضان ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب والملذات، بل هو مدرسة إيمانية يتربى فيها المسلم على الصبر، والتقوى، ويزداد فيها التقرب من الله عز وجل بالصيام والقيام، وقراءة القرآن، والإحسان إلى الفقراء، والمحتاجين.
وهو فرصة عظيمة لتجديد العهد مع الله، ولإحياء قيمنا الإسلامية النبيلة التي تدعو إلى التكافل والتراحم والتآخي بين أبناء المجتمع.
أيتها الأخوات أيها الإخوة الاحرار في كل مكان،،
يحل علينا هذا الشهر الفضيل، ومايزال شعبنا يعاني تداعيات حربٍ ظالمة، فرضتها مليشيات إرهابية انقلابية بدعم من النظام الإيراني، مسخرة في ذلك كل وسائل الترهيب، والتخريب لتجريف سبل العيش، واعاقة أي فرصة من جانب الحكومة، والمجتمع الإقليمي والدولي لتخفيف المعاناة الإنسانية المؤلمة.
انني واخواني أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، على إدراك تام بهول آثار الازمة الاقتصادية، والخدمية، والوجع المتفاقم المعبر عنه في فعالياتكم السلمية، واصواتكم الحرة، وأنات الأمهات والأطفال في كل شبر من ربوع وطننا الحبيب.
لقد كانت المليشيات الارهابية تراهن بتدمير المنشآت النفطية وايقافها عن التصدير، على انهيار كامل للأوضاع في غضون بضعة أيام، بعدما فقدت الدولة أكثر من 60 بالمائة من مواردها العامة، ومصدرها الرئيسي لتغذية احتياطياتها من النقد الأجنبي.
لكن ذلك المخطط الإرهابي رغم ما خلفه من ازمة تمويلية، باء بالفشل بفضل صبركم، ووعيكم، ودعم الاشقاء والأصدقاء.. وها نحن اليوم أكثر صمود بعد نحو عامين ونصف من تلك الهجمات الاجرامية، وباقون على العهد والوعد بتحويل الازمات الى فرص للنصر الناجز بعونه تعالى.
اعلم ان هذا هو ليس الوقت المناسب للحديث عن المزيد من الوعود، لان الأولوية هي الان للخبز والماء، والدواء، والخدمات الحيوية، وهو ما نعمل عليه اليوم، ولن ندخر أي جهد في سبيل التخفيف من المعاناة، دون النكوص عن التزامات المعركة الوطنية لاستعادة مؤسسات الدولة، واسقاط الانقلاب باعتباره جذر الازمة، وصانعها.
ونحن اليوم أكثر يقينًا بأن النصر قادم، وأن هذا المشروع العنصري الى زوال، الامر الذي يتطلب منا جميعا الاستعداد لما قد يكون أصعب، واشد في مواجهة الارتدادات المحتملة لأزمة المليشيات الإرهابية، وداعميها في النظام الإيراني.
ايتها المواطنات أيها المواطنون،،
اننا على ثقة ان سنوات الحرب العجاف، كشفت لكم مخططات المليشيات الإرهابية لجعل بلدنا بعيدا عن ركب التطور الهائل الذي يشهده العالم من حولنا.
إن التحديات التي تواجه بلدنا لم تقتصر على تداعيات الانقلاب الغاشم في الداخل فقط، وانما امتدت إلى محاولات جعل اليمن ساحة ابتزاز للمجتمع الدولي، عبر تهديد الممرات المائية في البحر الأحمر، وخليج عدن، ضمن الاجندة الإيرانية المكشوفة لزعزعة امن واستقرار المنطقة، وتصفية قضاياها العادلة.
ولذلك، فقد كانت الازمة الاقتصادية، والتهديدات المتزايدة للأمن البحري في قلب مشاوراتنا مع الحلفاء والأصدقاء، وكافة الفاعلين الإقليميين والدوليين.
اننا في ذلك لا نستجدي الدعم العسكري كما يعتقد البعض، بل كف الأذى الإيراني عن بلدنا، لإن ايماننا بقضيتنا، وثقتنا بعزيمة شعبنا، وشجاعة جيشنا لا حدود لها في صناعة الغد المشرق الذي تستحقون.
ان هذه الاتصالات الدبلوماسية المثمرة، الذي نقودها، واخواني أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، هي جزء اصيل من سياسة الدفاع المشترك، في مواجهة عدو إقليمي مشترك، وحماية مصالح مشتركة.
وبالتالي فقد أكدنا ان هذه الشراكة، يجب ان تبدأ وفقا للالتزامات الدولية، بدعم قدرات الحكومة، العضو في الأمم المتحدة في حماية أراضيها، ومنع تحويلها الى منصة تهديد للسلم، والامن الدوليين.
وعلى الصعيد القومي فقد لبينا دعوة اخي فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية لحضور القمة العربية غير العادية المرتقبة خلال أيام في القاهرة، تأكيدا لموقف شعبنا الثابت الى جانب الشعب الفلسطيني، ورفض كافة المشاريع الرامية الى تهجيره، وتصفية قضيته العادلة، التي سنواصل بكل اخلاص الدفاع عنها، وحق شعبها المناضل في إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة.
أيها اليمنيون الأحرار في كل مكان،،
نجدد في هذا الشهر الكريم تذكير أهلنا في المناطق التي ترزح غصبا تحت سلطة المليشيات الارهابية، اننا بذلنا كل جهد، وقدمنا كل التنازلات الممكنة، من أجل تحسين أوضاعكم، واستئناف دفع مرتباتكم، لكن هذه الجماعة لا تريد للشعب اليمني إلا الفقر، والقهر، والهوان.
إن هذه الحرب التي فرضتها المليشيات عليكم، وهذه الجبايات التي تستنزفكم، والجرائم، والاعتقالات التي ترتكبها بحقكم، ليست إلا جزءًا صغيرا من مشروعها الاوسع، القائم على العبودية، والعنصرية، والاستبداد، وإعادة اليمن قرون الى الوراء.
لذلك فإن أحد المداخل الحاسمة لأنهاء هذا العبث، الذي يصادر أحلامكم، ومستقبل ابنائكم، يرتكز على وقف تغذية المجهود الحربي للمليشيات بالمال، والرجال، والسلاح، والتمسك بمبادئ الحق، والعدل، والحرية، والمواطنة المتساوية.
ولعلكم تشاهدون الحراك الاجتماعي الواسع في المحافظات المحررة، كمؤشر للحياة والحريات المكفولة بموجب الدستور والقانون، وليس تعبيرا عن الفوضى كما تحاول ان تصورها منابر المليشيات.. وأننا هنا لا نحملكم فوق طاقتكم تحت ضغط القوة الغاشمة، وانما لتأكيد الوقوف الى جانبكم، ودعم ارادتكم، واحلامكم بأن هذا القيد آن له ان ينكسر.
أيتها الإخوات.. ايها الاخوة المواطنون،،
يعلمنا هذا الشهر الفضيل الصبر في المحن، والانصاف، وقول الحق، وصون اللسان، والأقلام عن الخوض في الاشاعات، والتضليل، وعدم استخدام نعمة التكنولوجيا، ووسائل التواصل الاجتماعي في التحريض، وتكريس الفرقة والشقاق، بل توظيفها فيما ينفع الناس، وتجديد الأمل بمستقبل أفضل تتحقق فيه تطلعاتهم في إنهاء كابوس الإمامة، واستعادة الأمن والاستقرار، والسلام بمشيئته تعالى.
وفي هذه الأيام والليالي المباركة، ندعو الجميع وفي المقدمة فاعلي الخير من رجال الاعمال والقطاع الخاص إلى اعلاء قيم التراحم، وإغاثة الملهوفين، ومضاعفة تدخلاتهم الانسانية للأسر المتضررة، فالأمة التي تجتمع على الخير، والتكافل لا تُهزم أبدًا.
وقد وجهنا بهذه المناسبة الدينية العظيمة، الجهات المعنية بالإفراج الفوري عن السجناء الذين امضوا ثلاثة أرباع مدة العقوبة او نصفها، والنظر في الإفراج بالضمان التجاري عن المحبوسين على ذمة الحقوق الخاصة، مع تشكيل لجان في المحافظات من النيابات، والسلطات المحلية والغرف التجارية لمساعدة المعسرين.
أيها الشعب اليمني العظيم،،
إننا نؤمن أن الليل مهما طال، فإن الفجر قادم، وأن اليمن سينهض رغم كل المحن.
وأننا نسأل الله عزّ وجل في هذه الليلة المباركة أن يوفقنا لاغتنام أيام رمضان ولياليه بحسن طاعته، وأن يديم علينا التوفيق والسداد، كما نسأله تعالى الرحمة للشهداء، والشفاء للجرحى، والحرية للمعتقلين، وان يحفظ بلدنا وشعبنا، وسائر الشعوب والبلدان من كل مكروه وسوء، تقبل الله منا جميعا صيامنا وقيامنا.. إنه سميع مجيب.
رمضان كريم.. وكل عام وأنتم بخير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته