الجزيرة:
2025-03-10@01:46:18 GMT

كيف يمكن لتركيا تعزيز وضعها المتميز في سوريا؟

تاريخ النشر: 29th, January 2025 GMT

كيف يمكن لتركيا تعزيز وضعها المتميز في سوريا؟

لا يزال من غير الواضح طبيعة وحجم الانخراط التركي في هجوم المعارضة السورية الذي أدّى في نهاية المطاف للإطاحة بنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في ديسمبر/ كانون الأول الماضي. لكنّ، هذا النصر الذي حققته الثورة السورية بعد ثلاثة عشر عامًا يرجع إلى مجموعة من العوامل الحاسمة من بينها الدور الذي لعبته تركيا في الصراع.

إن التدخل العسكري التركي المباشر في الحرب في عام 2016 أوجد وضعًا جعل من الصعب على النظام وحلفائه في تلك الفترة تحقيق انتصار حاسم في الحرب والقضاء على ما تبقى من المعارضة في شمال غرب البلاد.

كما أن هيئة تحرير الشام، التي تُدير سوريا في الوقت الحالي، استطاعت أن تُعزز تجربة حكمها في إدلب وتتفرغ لبناء القوة العسكرية بفضل اتفاقية خفض التصعيد الرابعة التي شكلت درع حماية لها من النظام وحلفائه.

مرت السياسة التركية في الصراع السوري بكثير من المنعطفات، وكانت غير مستقرة في الغالب وفرضتها تحولات الصراع منذ التدخل العسكري الروسي منتصف العقد الماضي والدعم الأميركي لمشروع الحكم الذاتي الكردي. وقد وصلت هذه التقلبات لدرجة أن الرئيس رجب طيب أردوغان كان يستجدي قبل فترة وجيزة فقط من سقوط النظام، بشار الأسد من أجل المصالحة معه.

إعلان

مع ذلك، كانت أنقرة على مدى عقد تقريبًا تعمل على صناعة تاريخ الثامن من ديسمبر/ كانون الأول. وقد قدّم لها هذا التحول فرصة كبيرة لمعالجة تحديات إستراتيجية مزمنة أفرزتها الحرب مثل مُشكلة الوحدات الكردية وقضية اللاجئين.

ويسود تصور على نطاق واسع في سوريا والعالم بأن تركيا الرابح الأكثر من التحول، وسيكون لها دور محوري في تشكيل نظام سياسي جديد في دمشق حليف لها. لكن هذا الوضع لا ينبغي أن يدفع أنقرة إلى الغرور، أو الاعتقاد بأنها ضمنت مكانة متميزة في سوريا لعقود طويلة.

إن جانبًا كبيرًا من الفوائد المتصورة للتحول السوري على تركيا مرهونة قبل أي شيء بنجاح هذا التحول؛ لأن فشله سيعكس هذه الفوائد إلى مُشكلة جيوسياسية كبيرة لأنقرة. ويُظهر الرئيس أردوغان قدرًا كبيرًا من الواقعية في تقدير حجم الفرص والمخاطر من خلال تحديد أولويات بلاده في سوريا بعد التحول.

وتتمثل هذه الأولويات بتوفير الظروف المناسبة لتحقيق انتقال ناجح للسلطة في سوريا إلى نظام مُنتخب يُعبر عن تطلعات السوريين بمُختلف مكوناتهم الطائفية والعرقية، وبالتعاون مع دمشق من أجل استعادة سيادتها على كافة أراضيها بما في ذلك الجيب الذي تُسيطر عليه الوحدات الكردية في شمال شرق البلاد، والتعبير عن تطلعات ومصالح السوريين في العالم من خلال حثّ دول العالم على التعامل مع الإدارة الجديدة، ورفع العقوبات المفروضة على سوريا.

كما تُظهر أنقرة رغبة قوية في إشراك دول المنطقة لا سيما الخليجية منها في دعم التحول السوري؛ لأنه بدون إعادة الإعمار التي تتطلب تمويلًا هائلًا، لن تتمكن سوريا من التعافي السريع من آثار الحرب، ولن تتوفر الظروف الاقتصادية الملائمة لإنجاح التحول وتحفيز اللاجئين في تركيا ودول الجوار على العودة إلى بلدهم.

وتبرز صياغة العلاقة مع الإدارة السورية الجديدة كدلالة على الأهمية التي تُوليها أنقرة لتعظيم حضورها في تشكيل مستقبل سوريا.

إعلان

مع ذلك، يُظهر اهتمام أحمد الشرع بإقامة علاقات جيدة مع الدول العربية، لا سيما السعودية أن دمشق ترغب بتنويع شراكاتها الإستراتيجية مع دول المنطقة وعدم حصرها في تركيا.

ويبدو هذا التوجه واقعيًا لأن الجغرافيا السياسية تفرض على سوريا هذا التوازن، ولأن التكاليف الباهظة لإعادة الإعمار تتطلب انخراطًا دوليًا واسعًا، لا سيما من جانب دول الخليج في هذه العملية. وسيتعين على أنقرة دعم هذا التوجه للحكام الجدد في سوريا لطمأنة دول المنطقة بأن سوريا الجديدة لن تكون تحت وصاية تركية بأي حال.

علاوة على ذلك، فإن تفكيك العقوبات الغربية المفروضة على سوريا يفرض على أنقرة تركيز دبلوماسيتها مع الغرب للوصول إلى هذا الهدف. وتبرز مُعضلة الوحدات الكردية كعقبة رئيسية أمام أنقرة للعب هذا الدور. لكنّ الدبلوماسية البناءة مع واشنطن يُمكن أن تُزيل هذه العقبة، وتُساعد في معالجة هواجس تركيا من الوحدات الكردية دون تحركات عسكرية جديدة تُضيف تحديات أخرى على التحول السوري.

إلى جانب ذلك، فإن التحول يجلب تحديًا آخر على تركيا بقدر الفرص. ويتمثل هذا التحدي بالانخراط الإيجابي في توجيه عملية التحول لضمان تحقيق انتقال سياسي وفق المعايير التي يُجمع عليها المُجتمع الدولي.

إن تأكيد أنقرة على الحاجة لتشكيل حكومة انتقالية شاملة، وضمان حقوق جميع المكونات السورية يُعبر عن النوايا، لكنّه يُشكل حاجة أيضًا لتركيا كما لسوريا. وسيتعين على أنقرة ممارسة نفوذها على الإدارة الجديدة لتشجيعها على ترجمة تعهداتها بخصوص الانتقال الشامل إلى أفعال على الأرض.

وفي الوقت الذي يجب فيه على العالم دعم التحول السوري وليس التدخل فيه، فإن النهج الذي ستتبعه أنقرة في الفترة المقبلة يكتسب الكثير من الأهمية بهذا الخصوص؛ لأنه يُمكن أن يعمل كضامن للحد من التدخلات الدولية السلبية في مسار التحول.

إعلان

في ضوء ذلك، فإن الكيفية التي ستتصرف بها تركيا في سوريا ستكون تحت المراقبة الدولية. ويُمكن لأنقرة أن تُعظم من فرص نجاح نهجها من خلال التأكيد للإدارة السورية الجديدة بأن انفتاح العالم عليها وكسر عزلة سوريا يتطلبان تحقيق الحد الأقصى من التصور الدولي لعملية التحول السياسي.

أخيرًا، يُقدم التحول السوري فرصة لتركيا لتحقيق قصة نجاح إقليمية كبيرة. وسيكون لمثل هذا النجاح فوائد جيوسياسية كبيرة لأنقرة لا تقتصر على تعزيز دورها في سوريا الجديدة، بل ستنعكس على مكانتها وصورتها في المنطقة والعالم كقوة إقليمية جديدة قادرة على تعزيز دورها في الشرق الأوسط الجديد كوسيط للاستقرار والقوة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الوحدات الکردیة فی سوریا

إقرأ أيضاً:

تركيا والسعودية تحذران من تصاعد العنف في سوريا وتؤكدان دعمهما للحكومة الانتقالية

يمن مونيتور/ وكالات

حذرت تركيا والسعودية، اليوم الجمعة، من تفاقم العنف في سوريا بعد اندلاع اشتباكات في اللاذقية ومحيطها بين القوات الأمنية السورية ومسلحين موالين للرئيس المخلوع بشار الأسد، مما أسفر عن سقوط أكثر من 70 قتيلا.

وأكدت الدولتان دعمهما للحكومة السورية الانتقالية، مشددتين على ضرورة الحفاظ على الأمن والاستقرار ومنع أي تصعيد قد يهدد مستقبل البلاد.

وأعربت وزارة الخارجية التركية عن رفضها أي عمل يستهدف حق السوريين في العيش بسلام، مشيرة إلى أن التوترات الأمنية في غرب سوريا قد تشكل تهديدا لمساعي تحقيق الاستقرار.

وأكد المتحدث باسم الخارجية التركية أونجو كيتشيلي أن استهداف القوات الأمنية وتقويض سلطة الدولة قد يقوض الجهود الهادفة إلى قيادة سوريا نحو “الوحدة والأخوّة”، محذرا من أن مثل هذه الاستفزازات قد تتحول إلى تهديد واسع للسلام في سوريا والمنطقة.

من جهتها، أدانت السعودية بشدة الهجمات المسلحة التي استهدفت قوات الأمن السورية، ووصفتها بأنها “جرائم ترتكبها مجموعات خارجة عن القانون”.

وأكدت وزارة الخارجية السعودية دعم الرياض الكامل للحكومة السورية في جهودها لـ”حفظ الأمن والاستقرار والسلم الأهلي”، مشددة على أن هذه الأعمال قد تؤدي إلى تقويض العملية السياسية الجارية في البلاد.

وبدأت الهجمات، وفق مصادر أمنية، من بلدة بيت عانا في ريف اللاذقية، حيث قُتل عنصر أمني وأصيب آخرون، قبل أن يتعرض رتل أمني لكمين في مدينة جبلة، أسفر عن مقتل 15 عنصرا من القوات الحكومية.

ويعد هذا التصعيد الأعنف منذ الإطاحة بنظام الأسد في ديسمبر/كانون الماضي، حيث يحاول فلول النظام السابق استغلال التوترات الأمنية لإعادة فرض سيطرتهم في بعض المناطق.

مقالات مشابهة

  • أمريكا تندد بالمجازر التي حدثت في الساحل السوري
  • اتهم الإسلاميين والموالين لتركيا..قائد "قسد" يطالب الشرع بمحاسبة مرتكبي المجازر في سوريا
  • فيدان يحذر طهران.. معركة تركيا وإيران في سوريا
  • تركيا وسياسة انتهاز الفرص.. لماذا عرضت أنقرة إرسال جنودها إلى أوكرانيا؟
  • التقدمي: نُعرب عن أسفنا للأحداث التي تشهدها منطقة الساحل السوريّ
  • رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك يزور تركيا
  • كيف يمكن احتواء المخاطر التي تتعرض لها سوريا؟.. محللون يجيبون
  • تركيا والسعودية تحذران من تصاعد العنف في سوريا وتؤكدان دعمهما للحكومة الانتقالية
  • تركيا والسعودية تحذران من تصاعد التوترات بغرب سوريا
  • فرص نجاح تركيا بلعب دور الوسيط بين روسيا وأوكرانيا مجددا