معرض الكتاب يناقش رواية "الخواجاية " للكاتبة فيموني عكاشة
تاريخ النشر: 29th, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
شهدت قاعة فكر وإبداع، مناقشة رواية «الخواجاية» ضمن محور الأعمال الأدبية؛ بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ56، بحضور الناقد الأدبي الدكتور محمد بدوي، والدكتورة شيرين أبو النجا، وأدر الندوة الكاتب سيد محمود.
في البداية؛ رحب سيد محمود؛ بالحضور؛ وأثنى على الرواية، وقال: «نعيش مع سيرة مختلفة، سيرة روائية كما نقرأ على الغلاف، كتبتها "فيموني عكاشة" عن أمها "جيردا" المرأة الهولندية التي عاشت معظم حياتها في مصر منذ قدومها في بدايات خمسينيات القرن الماضي، ورغم صفحات الرواية الثلاث مئة؛ من القطع الكبير، وملحق الصور التي تضيء الرواية وتمنحه حيوية ودفء عائلي، مازال في رحلة حياة "جيردا" الكثير ليروى».
وأشار إلى أن فيموني؛ تفتتح كتابها بإهداء إلى أنور؛ وجيردا؛ وشكر خاص لمجموعة من الأصدقاء والكتاب الذين دعموها حتى خرج الكتاب للنور.
وأوضحت فيموني: أنها تكتب عن أمها، كأنها تكتب عن نفسها، حيث تتقاطع سيرتهما، وما عاشوه رغم اختلاف النشأة، والزمن، والجغرافيا بين مصر وهولندا، فضلًا عن اختلاف الطبائع الشخصية؛ وأضافت: "اكتشفت أمي في عدة مراحل على مدار حياتى، عندما عشت وحدي، وعندما تزوجت، وعندما أنجبت، عرفت حينها قوتها الكامنة في وداعتها الظاهرية، ولكنى عرفتها عن قرب، وعرفت حقيقتها فقط عندما كانت تنتابها حالات التيه؛ حيث كانت النسخة الأكثر وضوحًا من نفسها، بكل ما تحمله من شغف وفرح وألم".
وأكد الدكتور محمد بدوى الناقد الأدبي، أن الكاتبة خلال روايتها تحاول إنتاج حياتها مرة أخرى وإنتاج القيم التي انتمت إليها؛ وأوضح أنه على مدار فصول الرواية يجد مشاعر وتجارب وخبرات متنوعة، تكشف كيف يمكننا أن نعرف أنفسنا من خلال معرفة حقيقة وجوهر الآخر، هذه العلاقة الشائكة والملهمة في ما تفتحه من مسارات ورؤى ومشاعر وأفكار وتصورات مختلفة، تتجسد في مسيرة حياة الأم والابنة كأنهما وجهان لعملة واحدة، صورتان لكل منهما بصمة وملامح خاصة لكن يجمعهما أصل واحد.
وقالت الدكتورة شيرين أبو النجا: "إن الروائية تناولت الحكاية الشفهية بنجاج، وتغطي الفترة من أوائل الستينيات، وصولاً إلى ثورة يناير 2011"؛ وأضافت: الكاتبة لا تستعرض هذا التاريخ، سواء الهولندي أو المصري، إلا من خلال تصوير انعكاساته على الشخصيات التي تحرص الساردة على ذكر أسمائها الحقيقية التي ترد في بعض المواضع على لسان الأم حين تقول: "كان لدي زوج وسيم يحبني كثيراً، ولديَّ عائلة وأحفاد، لا أعلم أين هم جميعاً الآن، لا توجد إلا ابنتي معي وأحياناً ما أرى أبي".
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الخواجاية معرض الكتاب
إقرأ أيضاً:
الرواية الخليجية.. في مرايا السرد والتحولات
فاطمة عطفة
تشكل الرواية في الإمارات والخليج العربي مستوى إبداعياً متقدماً، وقد ارتقت بعض الأعمال لتصبح علامات بارزة على خريطة الإبداع الروائي العربي، سواء في لغتها أو في بنيتها الدرامية وفي عمق تعبيرها عن زمنها والمجتمع الذي كتبت فيه، إذ طالما كان السرد الإبداعي إحدى الأدوات الفنية الحيوية الراصدة لمختلف التحولات التي تطرأ على المجتمعات، وعبر تراكم السنوات والتجارب أضحى المشهد الروائي الخليجي حاضراً ومؤثراً في المشهد السردي العربي، حسب الواقع المرصود تاريخياً إنتاجاً وتأثيراً وتميزاً، وحسب وجهات نظر روائيين تحدثوا إلى «الاتحاد» عن ماضي وحاضر ومستقبل الإبداع الروائي في الخليج العربي.
يقول د. عمر عبدالعزيز، مدير الدراسات والنشر في دائرة الثقافة بالشارقة: الرواية الإماراتية رافد هام من روافد الرواية العربية، وذلك عطفاً على المتّحد اللغوي، والروحية الثقافية الأنثروبولوجية، النابعة من حقائق الجغرافيا والتاريخ، وما من سردية أدبية في العالم يمكنها أن تنفلت من نواميس الكتابة السردية الدرامية، وما من نص روائي يمكننا اعتباره واقعياً بالمطلق، أو رومانسياً بالمطلق، أو قابلاً بتوصيف وتصنيف صفري يرهنه لنمط من أنماط الكتابة، ذلك أن النص الروائي ينتمي إلى عوالم التناصات الفنية، والتواشجات الكتابية، والتجريبات المجافية للنمذجة المتخشبة.
ويضيف د. عبدالعزيز موضحاً: «بهذا المعنى، ينعتق النص السردي من عاملي الزمان والمكان برغم واقعيته الناجزة، وسنرى في كل نص سردي حضور الميثولوجيا والتخييل، والرأي الذي يخرج من أعطاف الكلام». ويرى د. عبدالعزيز أن هذه الميزات تنطبق على الرواية الإماراتية التي يمكن تنسيبها إلى القديم والجديد معاً، فكل نص سردي يجمع حصراً بين الواقع والخيال، كما يماهي بين الكلاسيكي والرومانتيكي.
ويختم رؤيته أن الرواية أشبه ما تكون بالأقاليم المائية اللامتناهية.. اللغة هي أداة إبحارها، والإنسان جوهر كنهها، وهذا الأمر ينطبق على المعطى السردي الإماراتي، والخليجي، كما العربي والإنساني.
استمرارية التأثير
ومن جانبها، تقول الروائية آن الصافي: إن الرواية الخليجية أثبتت حضورها القوي في المشهد الأدبي العربي، حيث قدمت نصوصاً تعكس التحولات الاجتماعية والثقافية في المنطقة. ولكن هل يمكن اعتبار بعض الروايات الخليجية كلاسيكية؟ الإجابة تكمن في استمرارية تأثير بعض الأعمال، رغم تغير الزمن. على سبيل المثال، تُعد رواية «اللآلئ» (1981) ورواية «القرصان والمدينة» (1982) لعبدالله خليفة من البحرين من الأعمال التي تحمل طابعاً كلاسيكياً بسبب عمقها الفني والفكري، كما قدمت الرواية الإماراتية أعمالاً لافتة مثل رواية «شاهندة» لراشد عبدالله النعيمي، الذي يعتبر رائد الرواية الإماراتية، وقد تناول في عمله هماً إنسانياً بأسلوب سردي متميز.
وتضيف الصافي أن التطور في الأعمال الروائية التي أبدعها كتاب دول الخليج، خلال العقود الأخيرة، يستوقف القارئ والباحث لتنوعها وتميزها. على سبيل المثال، نجد في السعودية تطوراً ملحوظاً مع أعمال الدكتور محمد حسن علوان، ومن أبرز أعماله رواية «موت صغير»، ورائعته «سقف الكفاية»، كما أن زهران القاسمي، الكاتب العماني، صاحب العمل المتفرد «تغريبة القافر»، قدم عملاً متميزاً بحرفية عالية يتناول قضية بيئية، لكن بمحتوى يحمل تفاصيل بيئة قديمة ومتجددة. ومن الكويت، نجد الكاتب المبدع سعود السنعوسي، صاحب رواية «ساق البامبو» التي قدم فيها قضية إنسانية عبر أجيال وثقافات متنوعة. وفي هذا السياق، نرى أن الدكتور أحمد عبدالملك، الكاتب والإعلامي والأكاديمي القطري، قدم رواية «أحضان المنافي» التي استعرضت، بتشريح نفسي لطيف، المراحل الشعورية والنفسية التي يتدرج فيها الرجل حين يصبح أباً لأول مرة.
أما عن أهمية التجديد والانطلاق إلى آفاق جديدة، فترى الروائية آن الصافي أن من الضروري أن تعكس الرواية الخليجية قضايا العصر الراهن، مثل التكنولوجيا، والهجرة، والتحولات الاجتماعية، وتغير مفهوم الهوية. وتضيف: في الإمارات، قدمت الكاتبة نورة النومان رواية «أجوان» في أدب الخيال العلمي، مما يعكس قدرة السرد الإماراتي على مواكبة القضايا العالمية، كما تناولت ريم الكمالي في رواية «سلطنة هرمز» البعد التاريخي بطرح معاصر. التجديد في الرواية لا يعني التخلي عن التراث، بل الاستفادة منه، والانطلاق نحو رؤى أكثر انفتاحاً تعبر عن الحاضر والمستقبل.
مرآة المجتمع
الروائي محمد الحبسي يرى أن لكل عصر إيقاعه الفني المتميز، وتشكل الرواية في عصرنا ملحمة التعبير الأدبي، على مستوى الفرد والمجتمع. ويضيف: «قد بلغ من أهمية هذا الجنس الأدبي أن الناقد د. جابر عصفور أولى الرواية اهتماماً لافتاً في كتابين: الأول «زمن الرواية»، والثاني «زمن القص: شعر الدنيا الجديدة». وذلك لأن الرواية تسلط الضوء على كثير من أحداث العصر وتقدمها في حكاية فنية تذكرنا بشهرزاد وحكايات «ألف ليلة وليلة»».
ويستطرد الحبسي قائلاً: «لا شك أن الرواية الخليجية أثبتت حضورها الإبداعي بقوة، وتجاوزت مرحلة البدايات التجريبية إلى نضج فني وفكري ملحوظ. نعم، في تقديري الشخصي هناك روايات خليجية أصبحت تستحق تصنيفها ضمن «الكلاسيكيات الحديثة» لما تملكه من عمق في الرؤية، وقوة في اللغة، وتأثير في الذاكرة الثقافية، منها لعلي أبو الريش، ريم الكمالي، ليلى العثماني وغيرهم».
ويلتفت الروائي الحبسي إلى فضاء الإبداع في الإمارات، موضحاً: «على صعيد الرواية الإماراتية، فأنا أرى أن التجديد والانفتاح على هموم العصر ضرورة ملحة، وليس خياراً إضافياً. نحن نعيش زمناً يتغير بسرعة، قضايا الهوية، التكنولوجيا، الانتماء، التحديات البيئية، وحتى التحولات النفسية لدى الجيل الجديد، هذه الأمور كلها تستحق أن تكون في قلب الرواية الإماراتية المعاصرة». ويلفت محمد الحبسي إلى أن التجديد لا يعني كسر الجذور، بل يعني استخدام أدوات السرد الحديثة والغوص في الواقع بلغة فنية تُلامس القارئ وتواكب العصر. الرواية في النهاية مرآة المجتمع، وإن لم تلتقط نبضه الحقيقي، ستفقد جزءاً كبيراً من صدقها وتأثيرها.
حضور إبداعي
الروائية فاطمة المزروعي تشير في حديثها إلى أن الرواية الخليجية استطاعت أن تثبت حضورها، وقدمت أعمالاً فنية مهمة مثلت وأخذت حيزاً جميلاً على مستوى الشاشة مثل «ساق البامبو» لسعود السنعوسي، و«غراميات شارع الأعشى» للدكتورة بدرية البشر، وغيرها من الأعمال الروائية التي شقت طريقها إلى الجوائز والسينما وأثبتت حضورها، ليس فقط على مستوى الخليج، بل على المستوى العالمي. وتضيف: «لكننا لا نستطيع أن نقول إن جميع الأعمال الروائية كلاسيكية، لأن في كل مجتمع ثقافي وأدبي توجد الكلاسيكية، وفي الغرب وجدت وهي جزء من تطور الثقافة في المجتمع الأدبي. وهناك أعمال خليجية تتعرض للنقد ويكتب عنها، سواء في وسائل التواصل الاجتماعي، أو حتى في الجرائد والمجلات الرقمية والورقية، ويعتبر ذلك جزءاً من تاريخ الأدب في الخليج ومسيرة مستمرة وإنجاز رائع».
وترى الروائية المزروعي أن الأهم من ذلك استمرار الكتاب في إنتاج أكبر قدر من الأعمال الأدبية التي تتناول القضايا في المجتمع، لأننا بحاجة إلى أن نسلط الضوء على القضايا الراهنة. مؤكدة أنه في الإمارات، أثبتت الأعمال الروائية حضورها الإبداعي بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، مثل أعمال: علي أبوالريش، وميسون صقر القاسمي، وراشد عبدالله النعيمي وغيرهم، مبينة أن أعمالهم تناولت قضايا الهوية، والتراث، والتحديات الاجتماعية والاقتصادية، والحياة بشكل عام قبل وبعد قيام الاتحاد، وهذه الروايات لا تعكس فقط تجربة الفرد، بل تعبر عن هموم المجتمع ككل، مما يمنحها عمقاً تاريخياً وثقافياً.
أما بالنسبة لأهمية التجديد والانطلاق إلى آفاق عصرية، فترى المزروعي أن التجديد ضروري للغاية، لأن المجتمع الخليجي، كما هو الحال مع باقي المجتمعات، يواجه تحديات جديدة تتعلق بالتغيرات البيئية، الاجتماعية، الاقتصادية، والتكنولوجية. لذا، فإن التجديد في الرواية الخليجية، والإماراتية خاصة، يمكن أن يسهم في تناول هذه القضايا بطرق مبتكرة. ومن خلال استكشاف مواضيع مثل: الهوية الرقمية، التغير المناخي، والاستدامة، والتسامح، والذكاء الاصطناعي، وغيرها من المواضيع المرتبطة بالهوية الوطنية، وتطور الحياة المدنية، يمكن للرواية أن تعكس واقع الحياة المعاصرة وتقدم رؤى جديدة حول التحديات التي يواجهها المجتمع، كما أن التجديد في الأدب يمكن أن يسهم في تعزيز الحوار الثقافي بين الأجيال المختلفة، مما يساعد على بناء جسر بين التراث والحداثة. فالأدب ليس مجرد تعبير عن التجارب الفردية، بل هو وسيلة للتواصل والتفاعل مع القضايا الاجتماعية والسياسية، ومن خلال تناول هموم العصر، يمكن للرواية الخليجية عامة، والإماراتية خاصة، أن تلعب دوراً محورياً في تشكيل الوعي الاجتماعي وتعزيز الفهم المتبادل بين الثقافات المختلفة.
وتختم الروائية فاطمة المزروعي مبينة أن الرواية الخليجية ليست فقط جزءاً من التراث الأدبي، بل هي أيضاً أداة حيوية للتجديد والتفاعل مع قضايا العصر، مما يجعلها ضرورية في المشهد الأدبي والثقافي، مؤكدة أنها متفائلة جداً بالأعمال القادمة من الروائيين الشباب الذين يقدمون مزيجاً متنوعاً من الأعمال الروائية التي تمزج الحاضر بالماضي، وهي أعمال جديدة تستحق التشجيع والثناء والتقدير في ضوء معايير النقد الحديث.