قال فضيلة الدكتور نظير عياد إعلاء المصلحة العامة وتجاوُز  فضيلة الأستاذ الدكتور نظير محمد عيَّاد، مفتي الجمهورية، رئيسُ الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إن الحديث عن "الحوار الإسلامي الإسلامي" هو من أوجب الواجبات في التوقيت الراهن، خاصة وسط الصعاب والتحديات التي تواجه أمتنا الإسلامية، فاتحاد الأمة يستعيد لها مكانتها المسلوبة وريادتها.

وحذر مفتي الجمهورية في ندوة جناح الأزهر بمعرض الكتاب- من بعض المدارس الفكرية التي تتوقف أمام بعض الموضوعات الفكرية لتجعل منها بابًا للخلاف والاختلاف، لافتا إلى أن أولى التحديات التي تواجه الأمة هو الانصياع خلف الغزو الثقافي الفكري الذي يسعَى إلى تدميرِ الأمة وتفتيت أوصالها.

وتوقف فضيلة المفتي عند رحلة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة المنورة، فهذه الرحلة أقامت دولة وصنعت حضارة، فأنشأ صلى الله عليه وسلم المسجد ليكون بيئةً تجمع بين المسلم والمسلم التي تأخذ بالإنسان إلى عوامل التقدُّم والعمران، ثم أقام جانبًا آخر ليُشيع الرحمة بين الناس؛ فكان أن آخَى بين المهاجرين والأنصار، وهذه المُؤاخاة هي التي قضت على عناصر العصبية ومحَتْ آثار الجاهلية.

وأوضح فضيلة المفتي أن المسلمين وضعوا قدمًا في إسبانيا وقدمًا أخرى في الصين، وكان مَرَدُّ ذلك إلى الاتحاد والتلاحم الذي كان سِمَة هذه الحقبة.

ونبه المفتي أن قضية التلاقي بين الإنسان وأخيه الإنسان فضلًا عن التلاقي بين المسلم والمسلم قضيةٌ يجب أن ننظر إليها بمزيدٍ من العناية، خاصَّة أن كثيرًا من المشكلات نتجَتْ عن غياب هذا المفهوم، موضحًا أننا نتحدث عن حوار بنَّاء يؤدي إلى تحقيق خلافة الله تعالى، وبالتالي عندما نتساءل: "هل يمكن للحوار الإسلامي أن يُعيد توحيد الأمَّة؟"، نقول: نعم، شريطةَ توفُّر حُسن المقصِد، وإنكار الذات، وإخلاص الوجهة لله، والعمل على إعلاء المصلحة العامة على الخاصة، وتجاوز القضايا التي توسع الفجوة الفكرية ونركز على آليات معنية بتحقيق الوحدة، مؤكدًا على دور كبار رجالات المدارس الفقهية للتقريب بين المختلفين.

وأوضح فضيلة المفتي أن الحوار يضع الأمور في نِصابها الصحيح؛ لإيجاد نوع من التوازن، وحينما يغيب يظهر التطرف والشذوذ الفكري، لافتا إلى أن الشريعة جمعت بين الثبات والمرونة وهذه المرونة تفتح مجالاتٍ للبحث عن الآخر والاستفادة من رأيه والأخذ به، وإذا كانت هذه القواعد هي الحاكمة للحوار الإسلامي الرشيد فيمكن أن نجد الأخوَّة الإنسانية في واقع الناس، والعكس صحيح، مشيرا أن الوحدة هي أحد مقاصد الشريعة.

وأشار فضيلة المفتي إلى أن "الحوار الإسلامي الإسلامي" منوط بالمؤسسات الدينية العلمية، لافتا إلى أن الأزهر الشريف قد خطا خطوات إيجابيَّة في هذا الجانب.

وفي ختام حديثه: وجَّه فضيلة المفتي رسالة إلى النخب وأهل الفِكر قائلًا: إذا كان الله قد قصد الاختلافَ بين البشر تحقيقًا لأمور كثيرة من أبرزها الاجتهاد، فإنه ينبغي على العلماء التأكيد على أن المجتهد له أجر، أصاب أم اخطأ، وهو ما يُرسِّخ لأصالة التشريع الذي يجمع بين الثبات والمرونة وإيجاد نوع من الوفاق بين المسلم وأخيه المسلم، فإذا كان الأمر يتعلق بضرورة إيجاد حوارٍ بين الإنسان وأخيه الإنسان، فإن الأمر  بين المسلم وأخيه المسلم هو ضرورة حياتية، خاصة في الوقت الذي يتكالَب فيه العالَم على هذه الأمة، فيجب أن نجتهد فيما يجمع شتاتها ويُقرِّب أبناءها.

من جانبه قال فضيلة الأستاذ الدكتور عباس شومان أمين عام هيئة كبار العلماء: "إن تعزيز التنوع بين المدارس الفقهية كان أمرًا طبيعيًّا بين العلماء الأوائل، بعكس ما نشهده اليوم من تعصب ومغالاة، لافتا إلى الاحترام المتبادل بين الأئمة الأربعة؛ حيث أشاد الإمام الشافعي بالإمام أبي حنيفة رغم عدم معاصرته له، وتعلّم من تلامذته مثل محمد بن الحسن، فكان الإمام الشافعي يقول: "كل الناس عيال على أبي حنيفة في الفقه"، بل إنه غيّر بعض أحكامه احترامًا لوجوده في بلدة الإمام أبي حنيفة، مشيرا إلى أن الاختلاف لم يكن يومًا سببًا للقطيعة بين العلماء بل كان وسيلة للإثراء العلمي والتعاون.

وأوضح شومان أن الخلاف بين المذاهب ناتجٌ عن اختلاف اجتهاداتِ العلماء وليس رغبةً في مخالفة الآخرين عمدًا، مشيرًا إلى أن المشكلة لا تكمُن في تعدُّد هذه الأفكار، بل في سوء فهمها والتعصُّب لها.

وأضاف الأمين العام لهيئة كبار العلماء: "إذا كان الإسلام قد دعا للتعايش مع المخالفين في الدين، كما هو الحال في معاهدات السلام والمواطنة، فكيف لا يمكن للمسلمين أنفسُهم التعايش رغم اختلاف مذاهبهم؟" مشددًا على أن الحلَّ يكمُن في احترام هذا التنوُّع واستثماره كثراءٍ فكري.

ودعا الدكتور شومان إلى ضرورة احترام الاختلاف والعمل على المشتركات الإنسانية التي تتفق عليها الأديان والثقافات المختلفة، مؤكدا أن التعدديَّة ليست مدعاة للتنازع بل هي أشبه ببستان كبير يُمكن للجميع الاستفادة منه دون إكراه.

واختتم فضيلة الدكتور عباس شومان كلمتَه بأن الأزهر الشريف وشيخَه فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب يجوبون العالم من أجل نشر ثقافة الحوار، سواء بين المسلمين أنفسهم أو بينهم وبين غيرهم، يدعو إلى التعاون والاحترام المتبادل بعيدًا عن التعصب والانغلاق.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الأستاذ الدكتور نظير عياد الدكتور محمد نظير عياد الدكتور نظير عياد الدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية الجديد فضیلة المفتی بین المسلم لافتا إلى ا إلى أن

إقرأ أيضاً:

تحويلات المهاجرين في روسيا تهديد للاقتصاد المحلي وشريان حياة لغيرها

موسكو – أصبحت تحويلات الأموال التي يُجريها العمال المهاجرون في روسيا محط اهتمام متزايد من السلطات والرأي العام في البلاد، في ظل تقارير وتقديرات رسمية تفيد بأن حجم تدفقات الأموال إلى الخارج يشكل خطرًا كبيرًا على الاقتصاد الروسي.

وكشف ألكسندر غوروفوي، النائب الأول لوزير الداخلية الروسي، أن حصة الأموال المُحوّلة من العمال المهاجرين في روسيا تمثل نحو 25% من الناتج المحلي الإجمالي لعدد من الدول.

وأوضح أن 80% من هذه الدول تنتمي إلى رابطة الدول المستقلة (الجمهوريات التي كانت تشكل الاتحاد السوفياتي)، مشيرًا إلى أن التحويلات المالية من العمال الطاجيك -على سبيل المثال- تشكل نحو 45% من الناتج المحلي الإجمالي لطاجيكستان.

أما البنك الدولي، فقد أكد في بياناته أن هذا المؤشر يُعد الأعلى عالميًا من حيث القيمة النسبية، حيث بلغت النسبة في قرغيزستان 24%، وفي أوزبكستان 14% من الناتج المحلي الإجمالي لكل منهما.

من جانبه، صرّح رئيس حزب "روسيا العادلة – من أجل الحقيقة"، سيرغي ميرونوف، بأن تدفق الأموال إلى الخارج يمثل مشكلة خطيرة بالنسبة لروسيا، لافتًا إلى أن المهاجرين من الدول المجاورة يعملون في كثير من الأحيان بطرق غير قانونية، ولا يدفعون الضرائب، بينما يرسلون معظم دخلهم إلى بلدانهم الأصلية.

إعلان

وأشار ميرونوف أيضًا إلى أن هؤلاء العمال، من خلال إرسال الأموال إلى الخارج، يخدمون اقتصادات دولهم على حساب الاقتصاد الروسي، مطالبًا بفرض "تعويضات" على شكل رسوم خاصة على التحويلات المالية.

فوائد مقابل أضرار

يقول خبراء روس إن تحويلات العمال المهاجرين من روسيا تسهم بشكل كبير في خفض مستويات الفقر في دول آسيا الوسطى، إذ يتمكن هؤلاء العمال من مضاعفة دخلهم بما يصل إلى 3 أضعاف بفضل فرص العمل في روسيا، مما يحسّن من مستوى معيشة أسرهم بشكل ملحوظ.

تحويلات العمال المهاجرين من روسيا تسهم بشكل كبير في خفض مستويات الفقر في دول آسيا الوسطى (شترستوك)

فعلى سبيل المثال، ذكر البنك الدولي أن نسبة الفقر في قرغيزستان تنخفض إلى أقل من 10% بين الأسر التي تتلقى تحويلات مالية، بينما كانت ستتجاوز 50% لولا هذه التحويلات.

أما في أوزبكستان، فقد قدّر البنك أن غياب هذه التحويلات كان سيؤدي إلى ارتفاع معدل الفقر من 9.6% إلى 16.8%.

لكن في المقابل، تشير هذه الأرقام إلى آثار سلبية على الاقتصاد الروسي، مما يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة.

ويؤكد الخبير الاقتصادي أندريه زايتسف أن روسيا، في ظل معاناتها من نقص متزايد في الأموال المخصصة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، لا يمكنها تحمّل خروج رأس المال بهذه الكميات الكبيرة، خصوصًا في ظل العقوبات والضغوط المالية الحالية، حيث لم تعد صادرات رأس المال تقابلها واردات كافية لتعويض الخسائر.

وفي حديثه للجزيرة، شدّد زايتسف على ضرورة التمييز بين التحويلات المالية القانونية وتهريب الأموال، موضحًا أن التحويلات تتم ضمن إطار قانوني، في حين أن التهريب يمثل مخالفة صريحة، إلا أن كلتا الحالتين تؤديان إلى نتائج اقتصادية سلبية متماثلة.

وأوضح أن المشكلة الكبرى تكمن في أن جزءًا كبيرًا من العمال الذين يرسلون الأموال إلى الخارج هم من المقيمين بشكل غير شرعي داخل البلاد.

إعلان

واستشهد بإحصاءات تُفيد بأنه حتى تاريخ 5 فبراير/شباط من العام الجاري، تم تسجيل حوالي 67 ألف مهاجر من قرغيزستان ضمن قائمة الأشخاص الخاضعين للمراقبة بسبب انتهاكات لقوانين الهجرة، وارتفع هذا العدد بنحو 20 ألفًا إضافية بحلول نهاية الشهر ذاته، ما يجعل من قضية العمال غير الشرعيين تحديًا قائمًا بحد ذاته، إلى جانب أضرارها الاقتصادية المباشرة.

وأضاف أن هناك، بحسب تقديرات مختلفة، أكثر من 6 ملايين مهاجر عمالي في روسيا، قام عدد كبير منهم بـ"شراء" تصاريح عمل مرتفعة التكلفة، ما يعكس واقعًا اقتصاديًا غير رسمي يضم فئة واسعة من العاملين بشكل غير قانوني.

توصيات باتخاذ مجموعة من التدابير قصيرة وطويلة الأجل لمواجهة تدفق رأس المال إلى الخارج (رويترز) وريد مثقوب

من جانبها، تقترح الباحثة في مركز التحليل الاقتصادي الكلي، سفيتلانا شتورغينا، اتخاذ مجموعة من التدابير قصيرة وطويلة الأجل لمواجهة تدفق رأس المال إلى الخارج.

وتتمحور هذه الإجراءات، بحسب ما صرّحت به للجزيرة نت، حول تشديد الرقابة على دخول العمال الوافدين، وفرض إيداعات إلزامية تتراوح بين 10% و15% من دخلهم، لا يمكن سحبها بالكامل إلا عند انتهاء فترة الإقامة والمغادرة النهائية للبلاد.

وترى شتورغينا أن هذه التدابير من شأنها تقليص خروج العملات الصعبة في وقت تعاني فيه روسيا من تراجع حاد في الإيرادات نتيجة العقوبات الغربية المفروضة عليها.

ووصفت روسيا بأنها "مغناطيس" يجتذب ملايين الوافدين من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، لا سيما جمهوريات آسيا الوسطى، إلا أن هذا الانجذاب يقابله استنزاف سنوي يفوق 13 مليار دولار بفعل التحويلات المالية.

وأشارت إلى أن المسألة لا تتعلق فقط بخروج المال، بل تمس البنية الدورية للاقتصاد الروسي، الذي يعاني من "وريد مثقوب" تتسرب من خلاله أموال تُعادل ميزانيات كاملة لبعض المناطق الروسية، وعلى مدى سنوات.

إعلان

واختتمت بالقول إن هذه الأموال كان يمكن استغلالها في بناء عشرات المدارس والمستشفيات والمشاريع التنموية، ودعم الاقتصاد الوطني وتوفير فرص عمل محلية، لكنها بدلًا من ذلك تُسهم في دعم اقتصادات دول أخرى.

مقالات مشابهة

  • كيف ينظر الأوروبيون إلى حقوق المهاجرين غير النظاميين؟
  • المفتي يتسلّم تقرير مبادرة "الرجوع إلى العلماء عند اختلاف الفتوى"
  • ترامب: من حقي ترحيل المهاجرين دون محاكمة
  • كيف إذا صار العجز فضيلة والشرف خِسة؟!
  • ويزو: من عيوبي العصبية وأحب شخصيتي في فيلم "كلب بلدي" و"اللعب مع العيال"
  • ويزو: من عيوبي العصبية وأحب شخصيتي في فيلم كلب بلدي واللعب مع العيال
  • تحويلات المهاجرين في روسيا تهديد للاقتصاد المحلي وشريان حياة لغيرها
  • رغم الأزمات.. آلاف المهاجرين يصلون إلى اليمن
  • ابن المهاجرين وأبو الفقراء.. من هو «البابا فرنسيس» وكيف عاش؟
  • ابن المهاجرين وأبو الفقراء.. هكذا عاش البابا فرنسيس