مستقبل إبني على كف عفريت بعد تدليلي له
تاريخ النشر: 28th, January 2025 GMT
سيدتي، بعد التحية والسلام إسمحيلي أن أرمي بين يديك مشكلة أثقلت كاهلي، كيف لا وهي تتعلق بفلذة كبدي الذي لست أظن نفسي سأجني الجميل منه بعد أن أفنيت سنوات عمري في تدليله والإغداق عليه بما يريده ويتمناه، فقد كنت سيدتي بعد وفاة زوجي الأم والأب معا لطفل لم اشأ أن أجعله ينشأ على الحرمان، أقتني له ما يريده وأتكفل بكلّ ما يحلم به، لدرجة أنني كنت أنفق كل ما أحوزه من مال عليه من دون تفكير في المستقبل .
الجميع كان يصفني بالمجنونة والكل كان ينعتني بالمتهورة، ولطالما نصحني أهلي وأهل زوجي من أن أكفّ عن طيشي، لأن التربية الصالحة والإحتواء: ممارسة وفنّ دافئ تمنحه الأم بالفطرة وليس بالمال والدلال المادي.
ليتني أصغيت لمن يلومونني اليوم، فإبني المراهق سيدتي لم ينشأ على الإكتفاء ،كما أن شهيته للماديات كبرت وتوسعت لدرجة أنه بات يحمّلني أحيانا ما لا أطيق. كما أن صبره بات قليلا إن لم نقل أنه منعدم، وهو اليوم يعاقبني كردّ منه على كل ما منحته له بفشله الذريع في الدراسة عمدا، كما أنه خرج عن طوعي ولم يعد يأبه لا لأوامري ولا حتى لنصائحي وكأني به عدوّ.
سأخسر إبني سيدتي بعد أن أخبرتني إدارة المدرسة حيث يدرس أنه لا يكترث لدراسته ومن أنه لا يهتم لمستقبله، ومن الممكن أن يكون في خانة المعيدين للمرة الثانية بعد رسوبه السنة الماضية، وهذا ما دفعني للإستنجاد بك علني أجد لديك ما يمكنه أن ينجيني من حيرة ما بعدها حيرة. فما العمل؟
أم سيف الدين من الغرب الجزائري.
الرد:
من الصعب على أي أم تربي أبناءها لوحدها أن تجد نفسها في هالة من الحيرة بسبب فلذات كبدها، فالحياة أبدا ليست باليسيرة أو السهلة على من تلعب دور الأم والأب معا بسبب طلاقها أو ترمّلها، كما أنّ غياب الأب عن حياة الإبن الذكر من شأنه أن يرمي به في غياهب حيرة ما بعدها حيرة.
أخطأت سيدتي حين لعبت بمصير إبنك ومنحته من الدلال ما دفعه اليوم ليذلك ويتنصّل من كل جميل قمت به من أجله ، ولعلّ ما يجعلك اليوم تدفعين ثمن كل هذا وذاك أنك لم تسمحي لأهلك أو أهل زوجك التدخل في رسم معالم تربية هذا الطفل الذي أصبح اليوم مراهقا ، وعلى ما يبدو هو ينتهج معك سياسة ليّ الذراع حتى تخنعي لطلباته وأوامره.
لذا ومن هذا المنطلق سيدتي عليك أن تكوني حازمة، خاصة وأن مستقبل إبنك بات في الحضيض وقد يجد نفسه بين ليلة وضحاها مطرودا من المؤسسة التربوية فيزيد الطين بلة تواجده في البيت أو معاقرته لأصدقاء سوء قد يدفعون به إلى المهالك. وعليه فالمفروض عليك أن توكلي مهمة التدخل لأحد من أعمامه أو أخواله ليحدّوا من طيشه وغطرسته، لأنه الأمر إن زادت على ما هي عليه فإستقرار حياتك الذي لطالما ناشدته على كف عفريت.
من الضروري أن يكون لإبنك من يمارس عليه دور الحسيب والرقيب، ولتكن نهاية الدلال المفرط بعد أن وجدت مستقبله الدراسي يضمحلّ، ولتخبريه أن عودة الغنج وهيلمان البريستيج الذي كان يحياه مرهون منذ اليوم بنجاحه في الدراسة. سيكون الأمر صعبا في البدء، لكن صدقيني هو ما يجب أن يكون حتى تستب رجاحة العقل في شاب تعوّلين أن يكون في الغد رجلا تتكلين عليه.
قليل من الصبر وكثير من الإصرار سيحوّل رعونة إبنك إلى وداعة، فكيف عليه أن يتقاوى عليك وأنت من وهبته الحياة، وأنت من ضحيت بشبابك من أجل أن يحيا هو سعيدا مرتاح البال.كان الله في عونك أختاه وأتمنى من كلّ قلبي أن تكون السكينة من نصيبك بعد كل هذا القلق والحيرة.
ردت: س.بوزيدي.
المصدر: النهار أونلاين
إقرأ أيضاً:
رادكا دنماركوفا في معرض الكتاب: الأدب يجب أن يكون فأسًا تكسر البحر المتجمد
استضافت القاعة الدولية ضمن فعاليات الدورة الـ56 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب ندوة بعنوان "قوَّى الكلمات"، التي شهدت مناقشة مع الأديبة التشيكية رادكا دنماركوفا، بحضور سفير جمهورية التشيك في مصر، وأدارها الدكتور خالد البلتاجي، أستاذ مساعد بقسم اللغة التشيكية بكلية الألسن، جامعة عين شمس.
في مستهل الندوة، رحب الدكتور خالد البلتاجي بالحضور، مشيرًا إلى أن رادكا دنماركوفا تعد من أبرز الأسماء الأدبية في التشيك وأوروبا، وقد حصلت على أكثر من عشرين جائزة أدبية، من بينها جائزة "ماجنيسيا ليتيرا" التي فازت بها أربع مرات، بالإضافة إلى جوائز أخرى في التشيك والنمسا.
كما أعرب عن أمله في أن تتكرر زياراتها إلى مصر ليتمكن القارئ العربي من التفاعل مع أعمالها الأدبية.
وتطرق البلتاجي إلى رواية "مساهمة في تاريخ السعادة"، المترجمة حديثًا إلى اللغة العربية، موضحًا أنها تنتمي إلى الأدب الواقعي، وتجمع بين السرد المباشر والرمزية، وتعالج قضايا حقوق الإنسان من زوايا متعددة.
من جانبها، عبرت رادكا دنماركوفا عن سعادتها بزيارة مصر لأول مرة، مؤكدة أنها تشعر بالفخر لترجمة أعمالها إلى اللغة العربية.
وأوضحت أن روايتها "مساهمة في تاريخ السعادة" تسلط الضوء على ترحيل الأقلية الألمانية من التشيك بعد الحرب العالمية الثانية، والآثار النفسية والاجتماعية التي عانت منها النساء خلال الحروب، بما في ذلك العنف والتحرش والاغتصاب، وتساءلت: "من يعوضهن عن هذه المعاناة؟".
وأكدت الأديبة التشيكية أن الأدب يجب أن يكون مرآةً للحقيقة، مشيرة إلى تأثرها بفكر الكاتب فرانز كافكا، الذي قال إن "الأدب يجب أن يكون كالفأس التي تكسر البحر المتجمد في داخلنا".
وأضافت أن رواياتها تعتمد على التحقيق والتوثيق الأدبي للأحداث التاريخية، مشددة على أن العنف ضد المرأة جريمة يجب أن تحظى بالاهتمام المستمر.
وفيما يتعلق باهتمام الشباب بالأدب، أوضحت دنماركوفا أن الجيل الجديد له أولوياته المختلفة، وأنه ليس من الضروري أن يقرأ أعمالها.
كما أكدت أن الأدب وسيلة للإنقاذ ولكنه ليس مفروضًا على الجميع. ورأت أن الإيقاع السريع للحياة الحديثة يؤثر على طبيعة القراءة والكتابة، لكنه لا يلغي أهمية الأدب كأداة لفهم التاريخ وإعادة تعريف المفاهيم الإنسانية.
وتطرقت الندوة إلى تطور الأدب التشيكي بعد انهيار النظام الشيوعي، حيث أشارت دنماركوفا إلى أن التحولات السياسية قد أثرت بشكل كبير على الأدب، تمامًا كما حدث بعد نهاية النازية في ألمانيا، مما أدى إلى ظهور أدب المهجر وغيره من المدارس الأدبية الجديدة.
واختتمت رادكا دنماركوفا حديثها بالتأكيد على أهمية حرية التعبير في الأدب، مشددة على رفضها لأي شكل من الرقابة. وأوضحت أن العصافير في رواياتها ترمز إلى الحرية والبراءة والنقاء.
وشهدت الندوة، تفاعلًا كبيرًا من الحضور الذين أبدوا اهتمامًا بالقضايا التي تناولتها الكاتبة، خاصة فيما يتعلق بدور الأدب في الدفاع عن القيم الإنسانية وكشف الحقائق المسكوت عنها.