جوما تحت الحصار .. صراع دامٍ على الموارد يهدد شرق الكونغو | صور
تاريخ النشر: 28th, January 2025 GMT
يشهد شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية صراعًا مستمرًا منذ أكثر من ثلاثة عقود، تفاقم منذ الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994. تصاعدت الأحداث مؤخرًا مع دخول مقاتلي حركة "إم23" إلى مدينة غوما، ما يهدد بمزيد من التدهور الإنساني والسياسي في المنطقة.
وأعلن تحالف المتمردين عن الاستيلاء على أكبر مدينة في المنطقة الشرقية الغنية بالمعادن في جمهورية الكونغو الديمقراطية الأسبوع الجاري، ما دفع القوات الحكومية المدعومة من القوات الإقليمية وقوات التدخل التابعة للأمم المتحدة إلى التراجع.
تُعدّ المنطقة الشرقية في الكونغو الديمقراطية غنية بالمعادن الثمينة مثل الذهب والقصدير والكولتان، ما جعلها ساحة للتنافس بين المجموعات المسلحة والسلطات المركزية.
ومع استمرار انعدام الاستقرار، انخرطت دول مجاورة، مثل رواندا، في الصراع، الذي شهد ذروته خلال "حروب إفريقيا العالمية" في التسعينيات، والتي أودت بحياة الملايين.
جوما في مرمى الصراعشهدت مدينة جوما، الواقعة على حدود رواندا وعلى ضفاف بحيرة كيفو، دخول مقاتلي حركة "إم23"، التي أعلنت سيطرتها على المدينة، بينما تصر الحكومة الكونغولية على أنها ما زالت تسيطر على بعض المواقع الحيوية. تعتبر جوما مركزًا تجاريًا مهمًا ومصدرًا للمعادن المستخدمة في صناعة الهواتف المحمولة وبطاريات السيارات الكهربائية.
الأزمة الإنسانية تتفاقم في ظل تحذيرات وكالات الأمم المتحدة من انهيار المستشفيات وتكدس الجثث في الشوارع.
ويعد الاستيلاء على جوما مكسبًا إقليميًا آخر لتحالف المتمردين تحالف نهر الكونغو، والذي يضم جماعة "M23 المسلحة التي فرضت عليها الولايات المتحدة والأمم المتحدة عقوبات.
كما أنه توسع سريع لموطئ قدم التحالف عبر مساحات شاسعة من شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية - حيث يتم استخراج المعادن النادرة التي تشكل أهمية حاسمة لإنتاج الهواتف وأجهزة الكمبيوتر - ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى تفاقم الأزمة الإنسانية المستمرة منذ فترة طويلة في المنطقة.
من هي حركة إم23؟تتألف حركة "إم23" من مقاتلين ينتمون إلى عرقية التوتسي، الذين يقولون إنهم لجأوا إلى السلاح لحماية حقوق الأقلية العرقية. تعود تسمية الحركة إلى اتفاقية سلام وُقّعت في 23 مارس 2009، لكن الحركة تقول إن الاتفاقيات السابقة لم تُحترم.
في عام 2012، سيطرت الحركة سريعًا على أراضٍ واسعة، بما في ذلك جوما، قبل أن تُجبر على الانسحاب بعد تدخل الجيش الكونغولي وقوات الأمم المتحدة. وبعد أن تم دمج مقاتلي الحركة في الجيش، عادت الحركة مرة أخرى إلى القتال عام 2021، مدعية أن وعود حماية التوتسي لم تنفذ.
تورط رواندا في الصراعولطالما أنكرت رواندا دعمها لحركة "إم23"، لكن تقارير أممية منذ 2012 تتهمها بتقديم الدعم اللوجستي والعسكري للحركة. وتشير تقارير حديثة إلى أن ما يصل إلى 4,000 جندي رواندي شاركوا في القتال إلى جانب الحركة.
ومن جهتها، تتهم رواندا السلطات الكونغولية بالتعاون مع ميليشيا "القوات الديمقراطية لتحرير رواندا" (FDLR)، التي تضم بعض المسؤولين عن الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994، وهي اتهامات تنفيها الكونغو.
الصراع معقد بسبب المصالح الاقتصادية، إذ يُتهم كلا الجانبين باستخدام الموارد المعدنية في المنطقة لتحقيق مكاسب مالية.
دور قوات الأمم المتحدةيتواجد في الكونغو بعثة لحفظ السلام منذ عام 1999، لكن أداءها يواجه انتقادات واسعة من السكان المحليين الذين يعتبرونها غير فعّالة. طلب الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسكيدي إنهاء مهمة البعثة بحلول نهاية العام الماضي، لكن تم تمديد وجودها لعام إضافي.
كما أرسلت مجموعة تنمية الجنوب الإفريقي (SADC) قوات عسكرية لدعم جهود الاستقرار، إلا أن هذه القوات لم تتمكن من وقف تقدم حركة "إم23". أسفرت الاشتباكات عن مقتل 13 جنديًا من جنوب إفريقيا، وثلاثة من ملاوي، وجندي من الأوروجواي ضمن قوات الأمم المتحدة.
الصراع في جوما يعكس المأساة الأكبر التي يعيشها شرق الكونغو منذ عقود. مع استمرار الاشتباكات وغياب حلول دبلوماسية فعالة، يظل السكان المدنيون هم الأكثر تضررًا، وسط أزمة إنسانية تتفاقم يومًا بعد يوم.
وتستمر دوامة الصراع في شرق الكونغو مع تداخل المصالح العرقية والسياسية والاقتصادية، وسط جهود دولية عاجزة عن إيقاف المأساة. تبقى الحاجة ملحة لإيجاد حل شامل يُنهي هذه الكارثة المستمرة منذ ثلاثة عقود.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الكونغو الكونغو الديمقراطية مدينة غوما الجثث في الشوارع المزيد الکونغو الدیمقراطیة الأمم المتحدة فی المنطقة
إقرأ أيضاً:
الإمارات ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونجو الديمقراطية و رواندا
أبوظبي - وام
أعربت دولة الإمارات عن ترحيبها العميق بتوقيع اتفاقية إعلان المبادئ بين جمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية رواندا في العاصمة الأمريكية واشنطن، والتي تهدف إلى تعزيز السلام والاستقرار في القارة الأفريقية، مؤكدة أن هذه الخطوة الإيجابية تعكس الجهود الحثيثة من قبل جميع الأطراف المعنية.
وأشاد الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان، وزير دولة بجهود الولايات المتحدة الصديقة في التوصل إلى إعلان المبادئ، ودور دولة قطر الشقيقة في استضافة محادثات الدوحة، إلى جانب مساري نيروبي ولواندا تحت إطار عمل مجموعة تنمية الجنوب الأفريقي ومجموعة شرق أفريقيا والمدعوم من الاتحاد الأفريقي.
وأكد أن التعاون الدولي الذي أسفر عن هذا التقدم يُظهر أهمية العمل المشترك في معالجة القضايا الإقليمية، وضرورة حل الخلافات عبر الوسائل الدبلوماسية بما يلبي تطلعات شعوب المنطقة نحو الاستقرار والتنمية.
وشدد على أن دولة الإمارات ترتبط بعلاقات تاريخية ووطيدة مع دول القارة الأفريقية، مؤكدا دعمها المستمر لأي مبادرات تسهم في تعزيز الأمن والازدهار في القارة