واستضافت حلقة (2025/1/28) من البرنامج ضيفين سوريين، الأول يؤيد فكرة الاستعجال بالعملية السياسية وإشراك القوى السياسية والأحزاب في بناء الدولة وفي صناعة القرار، بينما يرى الثاني أن هناك أولويات يجب تنفيذها تتعلق بالخدمات وبعودة النازحين إلى بيوتهم.

ويقول طارق الأحمد، وهو قيادي في الحزب السوري القومي الاجتماعي إنه بعد مرور حوالي شهر ونصف على سقوط النظام السابق، "لا تزال سوريا تعيش مرحلة ضبابية، ولونا سياسيا واحدا"، ويلوم السلطة الحالية لأنها لا تشارك القوى السياسية في صناعة القرار.

أما حسن الدغيم، وهو كاتب وباحث سوري، فيصف المرحلة الحالية بأنها تاريخية، فلأول مرة منذ 62 عاما في دمشق هناك الرأي والرأي الآخر، وشاركه مقدم البرنامج فيصل القاسم نفس الشعور، بقوله مازحا "أنا حتى الآن أظنها كاميرا مخفية".

واعترض الدغيم على ما ذهب إليه الأحمد من أن سوريا تعيش في مرحلة ضبابية، وتساءل مستهجنا "أي ضبابية وأي رمادية ونحن مازلنا ضمن قواعد الاشتباك، وماتزال قوات الأمن وقوات إدارة العمليات العسكرية تمشط الخارجين عن القانون في عدة محافظات سورية؟!".

وأضاف أن "قسما كبيرا من الوطن لا يخضع لحكومة دمشق مثل الرقة والحسكة ودير الزور"، كما اعتبر أن الشراكة تكون في حمل هم الوطن وليس الشراكة في تولي مناصب وزارية وغيرها، وأن "توحيد وتأمين سوريا يكون قبل الشراكة في الكراسي".

إعلان

ومضى يؤكد أن أهالي المخيمات من السوريين، وهو واحد منهم، يريدون العودة إلى بيوتهم وإلى قراهم، ويريدون الماء والكهرباء والتعليم ووثائق وجوازات السفر، ولا يبحثون عن شراكات وعن مطالب السياسيين.

وأوضح أنه "ليس من العدالة الاجتماعية أن يفتح باب المشاركة بطريقة بهلوانية فيضيع حق الفقراء ومن عاشوا تحت البراميل والقصف، ليأتي أهل الأموال والمطامح السياسية ويتقاسموا السلطة".

المؤتمر الوطني نهاية فبراير

وفي رده على كلام الدغيم، انطلق القيادي في الحزب السوري القومي الاجتماعي من تصريح سابق لقائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع: "نحن نريد أن ننتهي من منطق الثورة إلى منطق بناء الدولة"، وقال إن كلام الدغيم يختلف عما تتحدث عنه السلطة الجديدة.

ورأى أن سوريا أمام منطقين، إما منطق الثورة أو منطق بناء الدولة، مؤكدا أن مسؤولي السلطة الجديدة هم الذين تحدثوا عن العملية السياسية وعن المؤتمر الوطني وعن فترة الـ3 أشهر، وليس الأحزاب السياسية، وقال إن السوريين يريدون معرفة إلى أين هم ذاهبون.

وكشف أن مجموعة من الأحزاب السياسية وهيئات المجتمع المدني اجتمعوا بعد يومين من سقوط النظام السابق، وعملوا ورشة وطالبوا بالحوار بين السوريين، وطالبوا بالحل السياسي حتى قبل سقوط النظام.

وعارض مسألة الاستعجال بالانتخابات، ويؤيد ما ذهب إليه الشرع من أن عملية كتابة الدستور الجديد قد تستغرق 3 سنوات.

وفي المقابل، يشير الكاتب والباحث السوري -في حديثه لبرنامج "الاتجاه المعاكس"- إلى أن القيادة الجديدة تحدثت عن المؤتمر الوطني وعن الدستور حتى تحسم الجدال وما وصفها بالاتهامات المزيفة المتعلقة بحكومة ذات لون واحد وإسلاميين وأيديولوجيين، مؤكدا أن هؤلاء أبناء المحافظات السورية.

وكشف أن القيادة الجديدة ستعقد المؤتمر الوطني في نهاية فبراير/شباط القادم، وأن سبب التريث في عقده جاء احتراما لأهل الرقة ودير الزور والحسكة، إذ إنهم غاضبون من عقد المؤتمر قبل عودتهم إلى وطنهم.

إعلان

وذكّر القيادي في الحزب السوري القومي الاجتماعي بمطالبهم من القيادة الجديدة "دولة مدنية، ديمقراطية وتعددية" على أساس الأحزاب، و"دولة حديثة"، وكشف أنهم بعثوا رسالة إلى الشرع بتصورهم للدولة السورية الحديثة، وزعم أن "السلطة قالت إنها تريد تمثيل أشخاص وليس أحزابا"، لكن مقدم برنامج "الاتجاه المعاكس" رد عليه بأن هذا الكلام خطير وطلب منه تحديد اسم قائله.

وفي مسألة الأحزاب السياسية، استشهد الكاتب والباحث السياسي بجارَي سوريا، لبنان والعراق، اللذين "بنَيا السياسة قبل بناء الدولة، فصار الوطن طريدة للتهاوش والتنازع والتكالب"، مشددا على أن السوريين اليوم مدعوون لإنجاح العملية الانتقالية، وتساءل: "كيف صبرنا 60 سنة ولا نصبر 60 يوما؟".

يذكر أنه في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي سيطرت فصائل سورية على العاصمة دمشق وقبلها مدن أخرى، مع انهيار جيش نظام بشار الأسد وانسحابه من الثكنات والشوارع، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاما من حكم نظام حزب البعث، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.

28/1/2025

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات المؤتمر الوطنی بناء الدولة

إقرأ أيضاً:

رايةٌ في الرمال.. مستقبل تنظيم الدولة في سوريا الجديدة

أعلنت القيادة المركزية الأميركية (سانتكوم) بتاريخ 21/12/2024، مقتل زعيم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) المدعو "أبو يوسف" في محافظة دير الزور شرق سوريا، قبل أن تُعدل الخبر الذي نشر على حساب القيادة على منصة x (توتير سابقاً) وتدعي أن المستهدف أحد قادة التنظيم ويدعى محمود "أبو يوسف" واثنين من مرافقيه.

يأتي هذا الإعلان بعد يومين من تاريخ تنفيذ هذه الضربة، مما يدلل على أن الخطأ لم يكن من استعجال في إيراد المعلومة، بل يعكس تخبطا في الإستراتيجية المتبعة في قتال التنظيم، ورغم الإعلانات المتكررة من التحالف الدولي ضد الإرهاب عن تقدم في تحييد قادة وعناصر التنظيم إلا أن وتيرة حركة التنظيم في سوريا لم تتغير إلا بعد سقوط النظام السوري السابق، ولذلك مسببات نحاول تفنيدها في هذه المقالة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2شتم نتنياهو وأعاد ترامب نشر كلامه.. من هو الاقتصادي جيفري ساكس؟list 2 of 2بعد سقوط الدولة المتوحشة .. أعين فرنسا مسمّرة على مسيحيي سورياend of list واقع التنظيم في سوريا

ينتشر التنظيم في سوريا في منطقتين منفصلتين، الأولى في الجزيرة السورية (شمال شرقي سوريا)، وتسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي، حيث يتحرك التنظيم في البادية الجنوبية لمحافظة الحسكة، والتي تتصل هي الأخرى بالجهة الشمالية الشرقية من مدينة البوكمال الحدودية وتحديداً عن بلدة الباغوز آخر معاقل التنظيم الحضرية، هذه المنطقة تتصل جغرافياً ببادية الحضر في محافظة نينوى العراقية، ورغم وجود الكتل الإسمنتية الفاصلة بين البلدين إلا أن التنظيم لا يزال يتنقل عبر الحدود، هذا ما أكده لنا أحد سكان ريف محافظة الحسكة.

إعلان

أما المِنطقة الثانية المعروفة باسم البادية الشامية، وتقع في محيط مدينة تدمر شرق محافظة حمص، وتتصف بأنها واسعة وتنتهي بأطراف معظم المحافظات السورية وتتصل أيضاً ببادية الأنبار العراقية التي تُعد معقلا أساسيا للتنظيم، استفاد التنظيم سابقاً من تقاسم النفوذ على طول الشريط الحدودي بين القوات الأميركية الموجودة في قاعدة التنف العسكرية والمليشيات الإيرانية التي كانت مسيطرة على مدينة البوكمال، وإضافة إلى خبرته الطويلة -نسبياً- في قتال الصحراء والتكيف معها، تمكن التنظيم من إبقاء حركته بين البلدين في هذه المنطقة.

تعدد الأطراف التي تقاتل التنظيم وحالة العداء أو الندية بينها خلق حالة مرتبكة ظهرت جلياً في الفترة الأخيرة (خلال عامي 2024-2023)، وساهم هذا الأمر في جعل المعلومات عن أعداد التنظيم وتحركاته غير دقيقة ومتفاوتة تفاوتا كبيرا، فحتى هذا الوقت لا يوجد رقم دقيق لأعداد عناصر التنظيم في سوريا، إلا أن بعض المصادر الميدانية رجحت أن تعداد عناصر تنظيم الدولة النشطين في سوريا يتراوح بين 900-1100 عنصر، الجزء الأكبر منهم في البادية الشامية بينما ينتشر الجزء الأقل في الجزيرة السورية (شمال شرق سوريا).

لماذا خفت وتيرة هجمات التنظيم في سوريا

خلال السنوات الأخيرة، بعد خسارة التنظيم آخر معاقله الحضرية، نفذت مجموعات التنظيم مئات العمليات العسكرية والأمنية في سوريا، معظمها كان على شكل هجمات سريعة تستهدف نقاط تمركز المليشيات الإيرانية وعناصر جيش النظام السوري السابق، إضافة إلى هجمات متتالية على صهاريج (خزانات) نقل النفط التي تحمل شحناتها من حقول الجزيرة السورية إلى مصفاتي حمص وبانياس.

وسجل عام 2024 أكثر عدد لهجمات التنظيم في سوريا، وارتفاع هذه الوتيرة تدريجياً يعود إلى الاعتيادية التي تطورت لدى قادة التنظيم في فهم تحركات المليشيات الإيرانية وطبيعة انتشارها وتمركزها، ويعزز هذا السبب أيضاً عدم وجود خطط هجومية من هذه المليشيات وجيش النظام السابق الذي اكتفى بوضعية الدفاع والتصدي وتحركات وقائية فقط، بينما التنظيم كان المبادر في أغلب المراحل نظرا لخبرته العالية في قتال الصحراء ضمن إستراتيجية حرب العصابات السريعة التي تعجز أمامها العقلية التقليدية للجيوش النظامية أو شبه النظامية، وتُعد هذه نقطة ضعف المليشيات الإيرانية، فرغم أن الطابع المؤسس لهذه المليشيات ذو حركية فاعلة إلا أن ارتباطها بجيش النظام السابق والتنسيق مع الطيران الروسي أضعف لديها المرونة المطلوبة لمجابهة التنظيم.

إعلان

ومنذ إعلان سقوط النظام السوري المخلوع، خفت هجمات التنظيم باستثناء الاعتيادية منها في منطقة الجزيرة السورية، وهجومين في البادية الشامية أحدهما استهدف حقل شاعر للغاز وأدى إلى مقتل مدير الحقل، هذا الاختفاء -النسبي- ليس بالضرورة أن يكون دائما، فعلى الأرجح مؤقت ويعود لأسباب عديدة، أهمها:

انتهاء وجود نقاط التمركز والإسناد التي كانت تشغلها المليشيات الإيرانية وعناصر جيش النظام السابق في البادية الشامية، فكان معظم هذه المليشيات أهدافا في متناول التنظيم، يُضاف إليها حركة الأرتال العسكرية بين محافظتي دير الزور والعاصمة دمشق مروراً بمدينة تدمر. تقدم مجموعات من جيش سوريا الحرة المدعوم من قاعدة التنف العسكرية إلى نقاط متقدمة في البادية الشامية، خاصة في شرق مدينة تدمر ومحطة نقل النفط T2 في بادية محافظة دير الزور. انتشار مجموعات عسكرية تتبع إدارة العمليات العسكرية والتي انتظمت حالياً في فرقة عسكرية (البادية) تتبع وزارة الدفاع في سوريا، كان لها الدور الأبرز في سد الفراغ في المنطقة وسيطرتها على مواقع إستراتيجية في البادية خاصة على الطريق الوحيد الذي يربط محافظتي دير الزور ودمشق. جندي لتنظيم الدولة يحمل رايتها (Getty) إستراتيجية دمشق اتجاه التنظيم

من المؤكد أن سقوط النظام السوري السابق ووصول هيئة تحرير الشام إلى دمشق لم يكن خبراً ساراً للتنظيم على الإطلاق، عبّر عن ذلك التنظيم بإصدار مرئي نشرته منصات مقربة من التنظيم بتاريخ 24/1/2025، هدد فيه الإدارة السورية الجديدة في حال طبقت قوانين وميثاق الأمم المتحدة في السلم والحرب، ويُعد هذا الإصدار هو الأول من نوعه بعد انقطاع طويل ويُعبر عن التخوفات من وصول القيادة الجديدة لدمشق ويعطي مبررات مسبقة لتصرفاته اللاحقة.

القيادات الجديدة في دمشق خاصة في وزارة الدفاع والأمن العام التابع لوزارة الداخلية وجهاز الاستخبارات معظمها من القيادات السابقة لهيئة تحرير الشام، والتي خبرت جيداً تنظيم الدولة من خلال سنوات من المعارك ضده في المنطقة الشرقية ودرعا ووسط سوريا وآخرها في إدلب، وتمكنت هذه القيادات من الإيقاع بخلايا التنظيم وحلقاته القيادية ومفارزه الأمنية، وتمتلك القيادة الجديدة مجموعات عسكرية متقدمة من ناحية التأهيل العسكري والأمني تمكنها من مجابهة التنظيم، ويبدو أن النهج الذي تتبعه القيادة الجديدة لن يكون متساهلا مع التنظيم، ويظهر ذلك في إقرار تشكيل أو فرقة في وزارة الدفاع وإسناد مهمة البادية لها وهو مؤشر لتوجهاتها في منع التنظيم من تحقيق أي تقدم له، ويمكن اختصار الإستراتيجية في أنها ستكون مواجهة وفق سياقاتها التالية:

إعلان الاستعداد العسكري الميداني والدخول في مواجهة مفتوحة ضد مجموعات التنظيم في البادية الشامية، مستفيدين من مزايا مجموعات فرقة البادية الذين في غالبهم يمتلكون مقومات قتال الصحراء ومحاكاة الطريقة التي يقاتل بها تنظيم الدولة. جهاز الاستخبارات سيكون له الدور الفاعل في متابعة التنظيم أمنياً، سابقاً تمكن جهاز الأمن العام التابع لحكومة الإنقاذ من اصطياد عشرات القادة وعناصر التنظيم. منع التنظيم من الحصول على مستلزماته العسكرية واللوجستية بتشديد التموضع لفرقة البادية على الطرقات الرئيسية وسط الصحراء، وينتظر أيضاً وضع خطة لضبط الحدود بين سوريا والعراق. السطوة المطلقة على مواقع انتشار التنظيم من وزارة الدفاع السورية ستكون مهمة لصالح القيادة من أجل سحب ذرائع وجود التحالف الدولي ضد الإرهاب في سوريا، لذلك ستركز دمشق في خططها في المستقبل القريب لدحر التنظيم. دور التحالف الدولي

في منطقة البادية الشامية اقتصر دور التحالف الدولي ضد الإرهاب الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية على تنفيذ ضربات جوية محدودة على مواقع التنظيم، دون أن تكون هناك أيُ عمليات برية متقدمة، إلا في حالات تمشيط في محيط منطقة 55 الملاصقة لقاعدة التنف العسكرية، وقد يكون مغزى هذه الإستراتيجية أمران، الأول: إبقاء انشغال التنظيم في مهاجمة المليشيات الإيرانية التي كانت تنتشر نقاطها بالعشرات في البادية، والثاني: عدم خلق مواجهة مفتوحة تضطر إليها القوات الأميركية لتغيير تموضعها القتالي في قاعدة التنف العسكرية التي ستكرن وقتها -حتماً- هدفاً للتنظيم، بينما في منطقة الجزيرة السورية  فشاركت القوات الأميركية قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بعشرات الحملات الأمنية وعمليات التوغل في البوادي (جنوب الحسكة).

جنود أميركان يشاركون في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة – أ ف ب
(الفرنسية)

لكن فاعلية هذه العمليات لم تكن بالمستوى الحرفي، نظرا لشح المعلومات أو الاعتماد على قوات الآسايش في جمع المعلومات التي في غالبها تكون غير دقيقة وكيدية ضد بعض مكونات المنطقة، ففشل بذلك عدد من عمليات الإنزال الجوي التي نفذها التحالف الدولي في ريف محافظة دير الزور، ورغم تكرار الإعلان من قيادة التحالف عن إنجازات كبيرة تحققت في قتال التنظيم في المنطقة إلا أن الوقائع على الأرض تشير إلى خلاف ذلك، ويبقى المحدد الأساسي في تبيان دور التحالف الدولي ميدانياً هو في تمكن التنظيم من إعادة السيطرة على المناطق الحضرية (بلدات ومدن) وهذا لم يحدث، بينما مسارات الحضور الأمني والظهور المتكرر لمجموعات التنظيم وخطره بقي حاضراً ويُشكل هاجساً قوياً للسكان المحليين.

إعلان

التصريحات الأميركية المتعلقة بالانسحاب من سوريا، والتزامها بضمان إنهاء تنظيم الدولة في المنطقة يقعان على طرفي نقيض نظرياً، وهذا ما يجعل التفاهم بين واشنطن ودمشق على خطط الحماية محتملة، يعترض هذا الاحتمال عدم وجود تعاون قائم بين الطرفين وتركيز واشنطن على مشاركة قسد في حربها ضد التنظيم، وهذا مغاير للمثال العراقي حيث دربت ودعمت واشنطن الجيش العراقي وفق برامج مشتركة لقتال التنظيم.

مستقبل تنظيم الدولة في سوريا

العتبة التي لم يستطع تنظيم الدولة التغلب عليها خاصة في سوريا هي الخطاب العام المتراجع، وتوقف مفردات هذا الخطاب عند مستوى غير جاذب على أقل تقدير في الأوساط المتماهية معه، وتزداد صعوبة هذا المشهد بالنسبة للتنظيم في تأمين حواضن آمنة له وجذب منتسبين جدد إليه، وأصبح اعتماد التنظيم على العناصر السابقة لديه وحالات تجنيد فردية غير مجدية أو فاعلة، يضاف إلى ذلك ضعف شديد ويكاد يكون معدوما كلياً في استقدام العناصر الأجنبية (من غير السوريين) التي يعد وجودها عاملاً أساسياً في بلورة خطاب التنظيم ودعم قطاعاته القتالية والتنظيمية.

ويُشكل الانتصار الذي حققته إدارة العمليات العسكرية بمعركة ردع العدوان التي قادتها هيئة تحرير الشام ووصولهم لدمشق ضربة قاسية للتنظيم لن يتمكن في الغالب من صياغة خطاب ملائم يبرر فيه فشله وانتصار (عدوه) في تحقيق النصر، وهذا يجعل الباب مفتوحاً لانشقاقات محتملة داخل صفوف التنظيم حالياً وانفضاض المروجين له لصالح المنتصر في دمشق، وأمام هذا المشهد قد يذهب التنظيم نحو استعداء مفضوح ضد القيادة السورية الجديدة وهذا الذي عبر عنه في الإصدار المرئي الأخير، والاعتماد على السياق الأمني لإثبات الحضور والوجود، دون أن يغير ذلك في المعادلة الأمنية والعسكرية للمنطقة.

السردية التي بنى عليها التنظيم خطابه العام عانت من تصدعات كبيرة، وجعلت مجمل تحركاته في حالة تراجع، انعكس ذلك جليا على عملية التجنيد أو بقاء الفاعلية قائمة في صفوفه، ويعاني التنظيم من تأمين الموارد المالية واللوجستية، وكل هذه الظروف تدفع باتجاه إضعاف النقطة التي يتفوق بها وهي حرب الصحراء، خاصة من وجود مقاتلين يتبعون لوزارة الدفاع السورية خبروا جيداً هذه المنطقة واعتادوا على أساليب القتال التي ينتهجها التنظيم، أي بات التنظيم يواجه طرفاً يحاربه بذات الأدوات التي يتفوق بها ذاته.

إعلان

يدرك التنظيم أنه لا مجال -مطلقاً- لأي مهادنة مع القيادة السورية الجديدة، وأن المستقبل في البادية الشامية لن يكون جيداً له، خاصة مع ورود أنباء عن تمركز مستقبلي للجيش التركي في قواعد عسكرية في المنطقة (مطار تدمر العسكري، مطار T4) وهذا يؤمن تغطية جوية ومسوحات استخبارية للبادية التي تمكن وزارة الدفاع في سوريا من إحراز تقدم واسع في تأمين البادية وانهاء أو إبعاد على أقل تقدير مخاطر التنظيم.

من جهة أخرى فإن إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن مساعي حكومته لانسحاب قواته من سوريا قد يدفع بعض الجهات إلى تسهيل حركة التنظيم في المنطقة وخاصة في الجزيرة السورية  من أجل إجبار القوات الأميركية على إعادة التفكير في خطط الانسحاب إما بإلغائها أو تأجيلها، وحتماً التنظيم سيستجيب لأي تسهيلات يراها دون قراءة نتائج هذا التحرك.

على المدى القريب والمتوسط وبحسب القراءة الميدانية لوقائع التنظيم فإن التأثير الأمني المحدود سيبقى حاضراً أما التوسع أو التأثير المباشر في المعادلات الأمنية والعسكرية، فمن غير المتوقع أن تتمكن قيادات التنظيم من التأثير بها، ولعل البقاء بهذا المستوى تعتبره اللجنة المفوضة في التنظيم إنجازاً جيداً ومقبولاً تحاول الحفاظ عليه بغية انتظار تغيُر في الظروف تسمح له بإعادة السيطرة والانتشار من جديد.

مقالات مشابهة

  • شروط دمشق الجديدة.. هل تغير مستقبل الوجود العسكري الروسي في سوريا؟
  • ما الذي تريده إسرائيل من سوريا الجديدة؟
  • الوطنية للانتخابات تستعرض اختصاصاتها في ندوة الأحزاب السياسية
  • وليد جنبلاط: سأزور دمشق مجددا لأقول للجميع إن الشام هي عاصمة سوريا
  • رايةٌ في الرمال.. مستقبل تنظيم الدولة في سوريا الجديدة
  • ستيفان شنيك المبعوث الألماني إلى دمشق لـ«الاتحاد»: «الحوار الوطني» فرصة لبناء سوريا جديدة وحرة
  • موسم التشرذم السياسي في السودان
  • المؤتمر: الحزمة الاجتماعية الجديدة رؤية قيادية لتحسين معيشة المواطن
  • كيف يستعد السوريون لأول رمضان بعد التحرير؟
  • من المساجد إلى الأسواق.. كيف يستعد السوريون لأول رمضان بعد التحرير؟