نصر مُغيظ في غزة.. وبذرة التحرر أُضرجت بالطوفان!
تاريخ النشر: 28th, January 2025 GMT
محمد النهاري
أغاظ الاتفاق التاريخي الذي انتزعته المقاومة الفلسطينية انتزاعا من الكيان الصهيوني موقعة فيه خسائرَ إستراتيجية لا ينكرها ذو عقلٍ بصير وموضوعية متجردة من الأهواء وما أن انبلج الفرح في غزة، حتى خرجت ألسنةُ الشيطانِ من جحورها محاولةً تنغيص الفرحة كعادتها، فليس من الحكمة مجادلة أعمى القلب والبصيرة.
وقد رأينا هؤلاءِ الرويبضة ممن نفخ فيهم الشيطان كيره ودنسه قبل السابع من أكتوبر وقد اختالوا وانتفخوا بصدورهم بالتطبيع ومحاولات تمسيخ فكرية لوعي شعوب المنطقة وإسقاط الأوصاف الحمقاء والترهات الساقطة على الشعب الفلسطيني بأنه لم يقدم التضحيات وغيرها من الإسقاطات التي لا تخرج إلا من نفوس لم تعرف المروءة قط؛ بل وفطرة منتكسة وهم يظنون وهما وخنوعا بأن الأوان قد حان لطمس القضية الفلسطينية العادلة ودفنها وراء الغرف المغلقة!
حتى إنَّ غلاتهم ذهبوا إلى أبعد من ذلك؛ ورسموا مشاريع لغزة في أوهامهم منزوعة السلاح خانعة كحالهم تدار من شرعيات خارجية ثم وقع زلزال طوفان الأقصى الذي اجتثَّ تلك المشاريع الدنيئة اجتثاثاً وفضح كل أشكال الخنوع والركوس والتذلل للكيان الصهيوني ورعاته الدوليين حتى عادوا يتخبطون كالذي يتخبطه الشيطان من المس.
فهموا ابتداء باعتزاز الصهيوني الحركي لإدانة العملية بشيطانية ألبسوها لباس الإنسانية وهي منهم براء في المحافل الدولية بحجج نترفع عن تلويث أوعيتكم بها ثم تأملوا هم كم يتأمل الغريق في قشة تنجيه بأن يحقق الصهاينة أمانيهم الباطنة في القضاء على المقاومة وفكرتها الحرة وروحها المتشبثة بالأرض بإجرامهم في المدنيين واستخدامهم أقصى أنواع العنف والإبادة والتجويع حتى ييأسوا من أهل غزة وصمودهم، وكانت لهم الفاضحة الكاشفة عنهم لكل محتار فيهم بأنهم ثلة من الشياطين الصغيرة منزوعين الكرامة والمروءة والدين والأخلاق والبصيرة كان أملهم كأمل الشيطان الأكبر في إلحاق بني آدم جميعا به في جهنم ويتركوا جنات وعيون ومتاعا لا حد لها ولا فناء.
أرادوا لغزة الخنوع والهزيمة النفسية والاستسلام الإستراتيجي وتمثيليات السلطة والحكم الرمزي منزوع الكرامة وبيع الآخرة بدنيا كما باعوها هم بثمن بخس ولكن أخزاهم الله جميعا ونصر أهل غزة الذين دفعوا أثمانا غالية وفُتنوا واختُبروا في أنفسهم وأموالهم وأحوالهم في سبيل ذلك ولم يبدلوا تبديلا، فلم يحقق الكيان الصهيوني خلال سنة ونيف أي هدفٍ من أهدافه المعلنة (القضاء على المقاومة وكتائبها وسلاحها وصواريخها وشرعيتها الداخلية من خلال العنف على حاضنتها الشعبية، واستعادة الأسرى بالقوة، والبقاء في محوري نتسريم وفيلادلفيا للأبد، وإدارة معبر رفع، وحكم عسكري في غزة وبناء المستوطنات، وتهجير أهالي شمال غزة، وتدمير البنى التحتية للمقاومة)، في حربٍ غير متناظرةٍ يكون معيار النصر فيها بموضوعية بما حقق للطرف الأكثر قدرة وهو الكيان الصهيوني وأعوانه من الدول العظمى، فانظر إلى الأهداف وانظر فيما بعد إلى ما تحقق منها,
لكن لا ريب في أمة غرست فيها أعواما متراكمة من الهزيمة في نفوسهم واستنقاصًا من قدراتهم وضخموا الصهاينة إلى حدٍ استصعب على عقل كثيرين قبول أي فهم موضوعي للنصر عليهم وعلى أعوانهم ونسوا منطلقات وأصولًا فكرية وسننًا تاريخية وروحًا دينية، وضببت فطرتهم عن الحق ولعلها المعركة الفاصلة بين الباطل والحق تكون الدائرة المقبلة فيها للحق الناصع على الظلم والاستكبار والإفساد.
فقد علموا أهل غزة البشرية جمعاء العلاج الأمثل لنيل الحقوق والتخلص من الاستبداد والرزوح تحت الطغيان بأشكاله وقالوا "ما اِستَعصى عَلى قَومٍ مَنالٌ إِذا الإِقدامُ كانَ لَهُم رِكابا"، وغرسوا فسيلة النهاية لأبشع احتلال جاثم على صدر الأمة، إنها فسيلة "طوفان الأقصى" فريدة في بستان التضحيات والنضال الفلسطيني شعبٌ لم يستكن عن البذر والبذل يقينا سيحصد ثمره.
مبارك لغزة النصر والشهادة والصمود، واختيار الله لهم لمعركة الحق، و"يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين".
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ضغط إسرائيلي على لبنان لتوقيع اتفاق سياسي جديد
قال مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، في تصريح، انه"يمكن للبنان أن ينضم إلى "اتفاقيات أبراهام" للسلام، كما يمكن لسوريا أن تفعل ذلك أيضًا"، في إشارة إلى التطبيع مع إسرائيل، وتوازياً كان وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس صرح أن قواته "ستبقى إلى أجل غير مسمى" في المنطقة العازلة على طول الحدود مع لبنان حصلنا على ضوء أخضر أميركي، قدمنا لهم خريطة وسنبقى إلى أجل غير مسمى، الأمر يعتمد على الوضع لا على الوقت".ما صرح به ويتكوف ليس جديداً، وقد أوضح النائب وائل أبو فاعور أن الإدارة الأميركية الحالية ستدفع في اتجاه الصلح مع اسرائيل، وقد فاتحت مسؤولين لبنانيين أساسيّين وشخصيات كبيرة في لبنان بهذا الأمر، الذي تمّ رفضه، قائلاً: "لم يتكلّم أحد معنا بهذا الموضوع لأن موقفنا معروف، وأقصى ما يمكن أن نصل إليه مع اسرائيل هو اتفاقية الهدنة.
اذن في المرحلة المقبلة سيتعزز المنطق الداعي الى الصلح مع اسرائيل وهنا ستكون الطامة الكبرى التي من الممكن أن تخلق نزاعاً داخليّاً في لبنان، كما قال ابو فاعور، بالتوازي شدد الرئيس السابق للحزب الاشتراكي وليد جنبلاط أمس من قصر بعبدا على أن الخطر الصهيوني يتمدد، مؤكدًا أن الأمن القومي العربي يبدأ من لبنان وسوريا والأردن، داعيًا الدول العربية إلى التحرك الفاعل في مواجهة هذه التحديات.
يعتقد العقيد المتقاعد أكرم سريوي أن إسرائيل لن تخرج من لبنان في المدى المنظور كما قال وزير الحرب الاسرائيلي لعدة أسباب: أولاً هي تريد أن تظهر أمام المستوطنين بصورة المنتصر، وأن لها اليد العليا في الحرب مع لبنان وتحديداً ضد حزب الله.ثانياً هي تريد فرض منطقة عازلة، لمنع عودة السكان، ومنع اعادة الإعمار في القرى الحدودية، ليس لأن العودة تُشكّل خطراً على إسرائيل، بل لأنها تسعى لتهجير أهالي الجنوب، تمهيداً لمشاريع الضم والاستيطان. ولطالما تحدث الاسرائيليون عن أن حدود إسرائيل الشمالية، هي مجرى نهر الليطاني . ثالثاً تريد إسرائيل الضغط على الحكومة اللبنانية لتوقيع اتفاق سياسي جديد، ولقد سمعنا التصريحات الأميركية والإسرائيلية عن امكانية ووجود فرص للتطبيع بين إسرائيل ولبنان وانضمام لبنان إلى اتفاقات ابراهام، وكذلك سوريا أيضاً. رابعاً تريد إسرائيل ربط انسحابها من النقاط المحتلة، بنزع سلاح حزب الله بشكل كامل، ليس في جنوب الليطاني وحسب، بل في كامل الأراضي اللبنانية.
ويقول سريوي: تحاول إسرائيل الاستفادة من الانقسام اللبناني حول مسألة المقاومة، وتضغط لزيادة الشرخ، ففي حين يتمسك حزب الله بأن السلاح شمال الليطاني شأن لبناني، يُبحث على طاولة حوار، ضمن الاتفاق على استراتيجية دفاعية، تريد إسرائيل الدفع نحو الصدام الداخلي بين الجيش والمقاومة، مستغلةً مواقف بعض الاطراف اللبنانيين، الداعية إلى تسليم سلاح الحزب فوراً ، وقبل اكتمال الانسحاب الإسرائيلي، مشيراً إلى أن إسرائيل تتخذ ذريعة من بقاء سلاح حزب الله شمال الليطاني، لتبرير احتلالها وانتهاكاتها المتكررة للسيادة اللبنانية، وتريد تحويل لبنان إلى ضفة غربية، تطلب فيه من الجيش اللبناني تنفيذ الإملاءات والأوامر، وتمنع أي طائرة من الهبوط في مطار بيروت، وتقصف فيه متى تشاء، وتغتال مَن تشاء. ما تريده إسرائيل، بحسب سريوي، هو، دولة لبنانية من دون مقاومة، ومع جيش دون سلاح، وغير قادر على مواجهتها ومنع اعتداءاتها، كي يتسنى لها تنفيذ مخططاتها التوسعية.
ثمة من يراهن في لبنان على المسار الدبلوماسي لاجبار إسرائيل على الانسحاب من الأراضي المحتلة، والامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم سلم الدولة ملف ملاحقة تنفيذ اتّفاق 27 تشرين الثاني لوقف النار لانسحاب العدو، لكن التجارب مع إسرائيل تُثبت، بحسب سريوي، أن إسرائيل لا تحترم اي قرارات دولية، ولم ولن تُنفّذ اي انسحاب، اذا لم يكن هناك مقاومة قادرة على تحرير الأرض بالقوة، معتبراً أن لبنان امام معضلة حقيقية، فلا قدرة للجيش على محاربة إسرائيل، لأنه لا يملك السلاح اللازم لخوض هذه الحرب، كما لا يمكن تجهيز الجيش ليصبح قادراً على تحرير الارض وحماية لبنان من العدو الإسرائيلي، خاصة في ظل ضعف الامكانات المادية للدولة اللبنانية، وكذلك حظر التسليح الذي تفرضه إسرائيل والدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، على لبنان. ومن وجهة نظر عسكرية، يقول سريوي يمكن لعمل المقاومة أن يتكامل مع عمل الجيش في حال تعرض الوطن لأي احتلال، وغالباً ما تتكامل عمليات المقاومة مع خطط وعمليات الجيش، ولكن تُعطى لها حرية الحركة والمبادرة أكثر، خاصة عندما تعمل خلف خطوط العدو. مع الاشارة في هذا السياق إلى أن الشيخ قاسم أعلن تمسك الحزب بالاستراتيجية الدفاعية حين تحدث عن "أن المقاومة أساس وهي خيارنا الإيماني والسياسي ما زال الاحتلال موجودًا ونمارس حقنا في المقاومة بحسب تقديرنا للمصلحة والظروف ونناقش لاحقًا استفادة لبنان من قوته عندما نناقش الاستراتيجية الدفاعية".
المصدر: خاص لبنان24