كلمة أمل الباقر العفيف «أمل السودان» في رثاء والدها
تاريخ النشر: 28th, January 2025 GMT
أنا جد آسفة أنني لم أستطع التحدث في مناسبة تشييع والدي، الباقر العفيف مختار. لقد تغير كل شيء بسرعة كبيرة؛ لم أستطع أن أستوعب تمامًا أن المناسبة كانت من أجل وفاته. كنت أتحمل الألم على شكل لمحات: رؤية صديق عائلة مقرب يبكي، أو رؤيته هو، لكن ليس للمرة الأخيرة. كان قلبي يدق لاستيعاب أن اليوم الذي كنا نخافه طويلاً و نرفض التفكير فيه قد حان فعلا.
كان والدي دائمًا هو الذي يوجهني خلال هذه التجمعات. كان يترجم للي الأجزاء التي لم أفهمها، يذكرني بالمطلوب، ويشجعني عندما أحتاج ذلك. كنت أشعر دومًا بالقوة بجانبه. في كثير من الأحيان طوال ذلك اليوم، كان دافعي الأول هو التوجه إليه لطلب المساعدة في اجتيازه. بدونه، تقلصت قدرتي على أن أكون نفسي، وعلى أن أكون واثقة بنفسي. كان جزءًا كبيرًا مني. كان جزءًا كبيرًا من كل اجتماع مع آخرين.
هناك بعض العزاء في معرفة أنني لست وحدي في هذا الشعور بالوحدة. كان بابا روحًا نادرة قادرة على تحسين حياة كل من عرفه وعلى تحسين المزيد ممن لم يعرفوه. في الزيارات إلى السودان، أصبح من المعتاد رؤية الغرباء يتوقفون ليشكرونه على تغيير حياتهم بطرق لم يرها أبدًا. مشاهدة والدي على الجزيرة أو البي بي سي جعلتني أتفاخر لأصدقائي بأن والدي كان من المشاهير (كونه على التلفزيون هو أعلى رمز للهيبة بين الأطفال)، ولكن حقيقة، كان ذلك الشعور حتى قبل أن أتمكن من فهم كلماته تمامًا، وقد نشأ لدي شعور من ذلك بأن كل شيء ممكن، وأننا جميعًا يمكننا أن نترك بصمتنا على العالم إذا أردنا.
على مر السنين، كان يثبت ذلك باستمرار، متجاوزًا كل توقع وقيود، من تحويل الستة أشهر التي قيل له إنه سيعيشها إلى سبع سنوات، إلى وضع أسس الحركة التي ستنهي عمر البشير، بعد الثلاثين عامًا من عقابه.
كان بوصلة أخلاقية ونجمًا هاديًا لنا. لكنه كان أيضًا الشخص المفضل لدي لخوض تجربتي مع العالم – لمشاهدة البرامج أو مناقشة الأفكار معه. كان الشخص الذي أثق برأيه أكثر من غيره، والذي كانت موافقته تطمئنني أن الفكرة لها قيمة. لا أعرف ماذا سأفعل أو من سأكون بدونه. كان لدينا قائمة طويلة من الأفلام التي كنا نخطط لمشاهدتها معًا. آخر فيلم شاهدناه، “العم بونمي الذي يمكنه استذكار حيواته السابقة”، أثر في كثيرا لدرجة أنه أراد قص جزء منه. أحد الاقتباسات من ذلك الجزء هو: “الأشباح ليست مرتبطة بالأماكن، بل بالأشخاص – بالأحياء.” وعندما كنت أحاول جمع الشجاعة للتحدث في الجلسة، كنت أسمع صوت بابا في أذني. كنت أعرف بالضبط ما كان سيقوله – حتى نغمة صوته وتنغيمه – ليخرجني من ترددي. وعلى الرغم من أنني لم أتمكن من المضي قدمًا بدونه بعد، إلا أن روحه لا تزال حية وقوية كما كانت دائمًا. طالما نستمر في الاستماع إليها، لا يزال لدينا فرصة لنرتقي ونترك بصمتنا فيما حولنا، تمامًا كما كان يفعل معي في كل مرة.
*اصل الكلمة كتب باللغة الانجليزية وتمت ترجمته إلى العربية بواسطة الاخ عبد الله عثمان
الوسومالباقر العفيفالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الباقر العفيف
إقرأ أيضاً:
خالد نبيل الحلفاوي: انفصال والديّ كان هادئًا ولم أصب بـ «تروما» |فيديو
أكد المخرج خالد الحلفاوي، النجل الأكبر للفنان الراحل نبيل الحلفاوي، أنه يعتبر نفسه محظوظًا لكونه نجل الفنان نبيل الحلفاوي ووالدته الفنانة فردوس عبد الحميد.
وقال خلال لقائه في برنامج "كلمة أخيرة"، الذي تقدمه الإعلامية لميس الحديدي على شاشة ON: "أنا محظوظ لأنهما شخصيتان محبّتان للناس. طفولتي كانت سهلة جدًا، ولم يكن بها أحداث كبيرة مؤثرة " .
كواليس الأيام الأخيرة في حياة نبيل الحلفاوي.. يكشفها نجلهابن نبيل الحلفاوي: والدي كان ينتظر الموت بعد وفاة أصدقائه واحداً تلو الآخر
وأضاف خالد: “حتى بعد انفصالهما، كان الانفصال هادئًا ولم يترك فيّ أي أثر نفسي سلبي. ولم أصب بـ”تروما" أتذكر أن الانفصال حدث وأنا في الخامسة من عمري. عشت مع والدتي، لكن والدي كان حريصًا جدًا على التواجد في حياتي. كان يمر عليّ يوميًا بسيارته تحت المنزل ليذاكر لي الدروس، وكان يأخذني إلى أسفل المنزل ومعه كتبي".
وكشف خالد أنه اكتشف لاحقًا أن والده رفض العديد من الأعمال والسفريات في تلك الفترة ليكون قريبًا منه. وقال: "عرفت بعد ما كبرت أنه كان يرفض أعمالًا وسفريات مهمة في وقت كان مهما في مسيرة شهرته . كان يقول: 'لو سافرت، مين هيذاكر لخالد؟'"
وأوضح خالد أن والده لم يكن صارمًا أو حاد الطباع، قائلاً: "والدي كان نبيلًا بمعنى الكلمة. لم يكن حاداً بل كان طويل البال في النصح فقط صرامته في الامور الخائطة " مكنش بيحب الحال العوج " ، وكان يوجه بحزم، لكن بدون أي عنف أو صراخ. لم يمد يده علينا أبدًا، وكان محبًا لنا جدًا، مثلما أحب بناتي الآن."
وتابع: "كان دائمًا متواجدًا ومهتمًا بتفاصيل حياتنا. كان يسألنا باستمرار عن كل شيء، وينصحنا بصبر وطول بال."
وعن موقف والده من قراره دخول مجال الفن، قال خالد: "عندما قررت دخول المجال الفني، لم يتدخل بشكل حاسم ليمنعني، لكنه قدم لي النصيحة وترك القرار لي. أقنعني بعدم الالتحاق بمعهد السينما، لكنه لم يفرض عليّ قراره".