أعاد المدعي العام لـ«محكمة الجنايات الدولية»، كريم خان، مطالبة السلطات السودانية بتسليم الرئيس السوداني المعزول، عمر البشير، ووزير الدفاع الأسبق، عبد الرحيم محمد حسين، ووزير الداخلية وقتها، أحمد محمد هارون، المتهمين بـ«ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور».

ووفق معلومات توفرت لـ«الشرق الأوسط» من مصادر عليمة؛ فإن «هارون يتحرك بحرية داخل البلاد، وبعض الأجهزة الأمنية والعسكرية الخاصة التابعة لـ(الحركة الإسلامية) تعمل على توفير الحماية والملاذات الآمنة لكل المتهمين المطلوبين من (المحكمة الجنائية)، وكل تحركاتهم وتنقلاتهم تجري بمعرفة عدد من المسؤولين النافذين في الحكومة السودانية».



وقبل أشهر قليلة، اختير هارون رئيساً لحزب «المؤتمر الوطني» (المنحل) خلفاً للرئيس المخلوع عمر البشير، في اجتماع عُقد بإحدى مدن شمال البلاد، وأحيطَ بسرية تامة، وشارك فيه الأمين العام لـ«الحركة الإسلامية»، علي أحمد كرتي، وعشرات من قادة التنظيم بالداخل والخارج.

وأوضحت المصادر ذاتها أن اجتماع مجلس شورى حزب «المؤتمر الوطني»، الذي عُقد بحماية من السلطات، خاطبه البشير المتهم الرئيسي لدى «المحكمة الجنائية».

وأكدت «الحركة الإسلامية» أن الأمين العام، علي كرتي، موجود في السودان، و«يمارس مهامه وفق ما يتطلبه الموقف الوطني الدقيق الذي تمر به البلاد، والحركة حددت موقفها الواضح بالانحياز لصالح الصف الوطني ومساندة القوات المسلحة وقيادتها؛ للعبور بالبلاد والوقوف ضد تطلعات الميليشيات الإرهابية المغتصبة ومعاونيها».

وقال قيادي سابق في «الحركة» إن حكومة بورتسودان تعلم مكان أحمد هارون، «خصوصاً أنه يتحرك في الولايات، ويحشد لاستنفار المقاتلين في صفوف الجيش خلال الحرب الدائرة حالياً» ضد «قوات الدعم السريع»، «بصفته رئيس حزب له نشاط واسع في كل أنحاء البلاد».

وأضاف أن «بقية المتهمين المطلوبين أماكنهم معروفة لدى تلك السلطات، لكنهم يحفظون أنفسهم بعيداً عن أي نشاط ظاهر».

وقال القيادي، الذي فضل حجب اسمه، إن «قادة الجيش في تحالف ضمني مع (الحركة الإسلامية)، وهم يقرون بأن مجموعات الإسلاميين هي الفئة الكبرى التي تقاتل معهم، كما يعلمون أن تسليم قادتهم إلى (المحكمة الجنائية الدولية) يعني دفعهم إلى المخاصمة والمقاومة».

وقال القانوني المحامي معزّ حضرة، لــ«الشرق الأوسط»، إن «هذه ليست أول مرة يكرر فيها كريم خان مطالبة السلطات السودانية بشكل علني بتسليم المتهمين، فهو درج على التذكير بالقضية في التقرير السنوي الذي يقدمه إلى مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة».

وقال إن «المسؤولين بحكومة الأمر الواقع في بورتسودان، ظلوا على الدوام يماطلون ويرفضون التعاون مع (المحكمة الجنائية الدولية) في تسليم المتهمين المطلوبين».

بدوره، قال مندوب السودان لدى الأمم المتحدة، السفير إدريس الحارث، الاثنين، إنه «لا يمكن الاستجابة لطلبات المدعي العام لـ(المحكمة الجنائية الدولية) بشأن المطلوبين في جرائم دارفور منذ عام 2003»، بحجة أن «المعلومات والأدلة المطلوبة دمرتها ميليشيا (قوات الدعم السريع)، وشمل ذلك وثائق وزراتَي الدفاع والداخلية».

ووصف حضرة حديث مندوب السودان بأنه دفوعات «بائسة لا قيمة لها من الناحتين القانونية والسياسية». وذكر أن كل المستندات والأدلة التي تخص ملف المتهمين في ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية في دارفور، «محفوظة لدى مكتب النائب العام، بالإضافة إلى ملفات جرائم أخرى متهمة فيها المجموعة نفسها في قضايا جنائية داخل البلاد».

قائد الجيش السوداني رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان يحيي مؤيديه في أم درمان غرب الخرطوم يوم 29 يونيو 2019 (أ.ب)
وقال القانوني مُعزّ حضرة: «من المفارقات أن النائب العام الحالي، الفاتح محمد عيسى طيفور، كان هو مدعي عام (جرائم دارفور)، وإذا لم تكن بحوزته نسخ هذا الملف، فيمكن لكثير من المحامين السودانيين توفيرها له».

وأضاف أن «قادة من الجيش متواطئون مع أنصار نظام الرئيس السابق، عمر البشير، لذلك؛ فمن غير المتوقع أن يستجيبوا لقرارات (المحكمة الجنائية) تسليم المتهمين المطلوبين».

وسبق أن وافقت الحكومة الانتقالية المقالة، بقيادة رئيس الوزراء السابق، عبد الله حمدوك، على تسليم المسؤولين في الحكومة المعزولة إلى «المحكمة الجنائية الدولية»، إلا إن الانقلاب الذي قاده الجيش في أكتوبر (تشرين الأول) 2021 قطع الطريق أمام هذه الخطوة.

واستمعت «المحكمة الجنائية» في ديسمبر (كانون الأول) الماضي إلى المرافعات الختامية من فريق الادعاء في قضية المتهم محمد أحمد علي، الشهير باسم «علي كوشيب»؛ أحد قادة «الجنجويد» المتهمين بارتكاب جرائم في دارفور.

وقُتل أكثر من 300 ألف شخص في الحرب بين المتمردين والقوات الحكومية، التي اندلعت عام 2003، واضطر ملايين الأشخاص إلى مغادرة منازلهم والهروب إلى مخيمات للنازحين.

نيروبي: الشرق الأوسط: محمد أمين ياسين  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: المحکمة الجنائیة الدولیة المتهمین المطلوبین الحرکة الإسلامیة

إقرأ أيضاً:

مجلس الأمن يناقش اليوم تقرير المحكمة الجنائية نصف السنوي بشأن السودان

 

يعقد مجلس الأمن الدولي جلسة خاصة لمناقشة الإحاطة نصف السنوية التي يقدمها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم أسد أحمد خان، حول الأنشطة المتعلقة بدارفور.

الخرطوم _ التغيير

و من المتوقع أن يناقش كريم خان في هذه الجلسة آخر المستجدات حول القضايا القضائية التي تتعامل معها المحكمة، بالإضافة إلى تقديم معلومات جديدة حول التحقيقات الجارية بشأن الأفراد الذين صدرت بحقهم أوامر اعتقال في سياق القضية المتعلقة بدارفور.

و استناداً إلى قرار مجلس الأمن رقم 1593 والأوامر اللاحقة. تشمل هذه المذكرات شخصيات بارزة مثل عمر البشير، الرئيس السوداني السابق، وأحمد محمد هارون، وزير الدولة السابق للداخلية، وعبد الرحيم محمد حسين، وزير الدفاع الوطني السابق، وعبد الله بندة نورين، قائد حركة العدل والمساواة،وتمثل هذه المذكرات التزاماً قانونياً على السودان لتسليم المطلوبين إلى المحكمة.

من المتوقع أن تثير الإحاطة التي سيقدمها كريم خان نقاشات حيوية بين أعضاء مجلس الأمن حول كيفية تعزيز التعاون الدولي لضمان تنفيذ مذكرات التوقيف وتحقيق العدالة للضحايا.

في هذا السياق، سيطلع كريم خان المجلس على اتصالاته الأخيرة مع المسؤولين السودانيين وغيرهم من الأطراف المعنية على الصعيدين الإقليمي والدولي. يُغطي تقرير المدعي العام، الذي صدر في 16 يناير الحالي، فترة الستة أشهر الماضية، التي التقى خلالها منسق الحكومة السودانية للتعاون في بورتسودان بممثلي المحكمة لمناقشة قضايا متعددة، بانتظار طلبات المساعدة من المحكمة إلى الحكومة السودانية.

وكان وفد رفيع برئاسة النائب العام السوداني قد زار لاهاي في ديسمبر 2024، حيث عُقدت اجتماعات مع ممثلي المحكمة، بما في ذلك مكتب المدعي العام، وتركزت المناقشات على تعزيز التعاون بين المكتب والحكومة، فضلاً عن التخطيط لزيارة مقبلة لممثلي المكتب إلى بورتسودان.

وسيتناول كريم خان في إحاطته التحقيقات الجارية المتعلقة بالجرائم المزعومة في غرب دارفور منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023. وقد أشار تقرير كريم خان بذات التاريخ إلى أن مكتب المدعي العام جمع أدلة كافية تدعم الاعتقاد بحدوث مجموعة واسعة من الجرائم المحددة بموجب نظام روما الأساسي في دارفور، مما يقع ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية.

تتمتع المحكمة الجنائية الدولية بموجب نظام روما الأساسي بالاختصاص للنظر في أربع جرائم: الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، وجريمة العدوان. ويوضح التقرير أنه يتم اتخاذ خطوات نهائية لتقديم طلبات أوامر توقيف تتعلق بالمسؤولين عن الجرائم في غرب دارفور، إضافة إلى مواصلة مكتب المدعي العام جمع الأدلة المتعلقة بالجرائم المزعومة المرتكبة من قبل الأطراف المتحاربة في شمال دارفور.

ونوه التقرير أيضاً إلى أن السلطات السودانية لم ترد بعد على طلب مكتب المدعي العام بشأن مكان وجود أحمد هارون، ومن المتوقع أن يحث كريم خان في إحاطته اليوم الحكومة السودانية على اتخاذ خطوات فورية لتحديد مكان المطلوبين واعتقالهم، وذلك في إطار العمل على إنهاء الإفلات من العقاب، مع التأكيد على أن الفشل في ضمان المحاسبة عن الجرائم السابقة قد ساهم في استمرار العنف والفظائع في الصراع الحالي.

يذكر أن المحكمة الجنائية الدولية أنهت في ديسمبر 2024 النظر في قضية المدعي العام ضد علي محمد علي عبد الرحمن “كوشيب” المتعلقة بـ31 تهمة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية التي يُزعم أنها مرتكبت في الفترة بين أغسطس 2003 وأبريل 2004 في دارفور.

 

الوسومإحاطة المحكمة الجنائية تقرير مجلس الأمن نصف سنوي

مقالات مشابهة

  • الجنائية الدولية تطالب السودان بتسليم عمر البشير ومساعديه.. تعرّف على التفاصيل
  • السودان.. الجنائية الدولية تطالب بتسليم «البشير» وتوقيف مرتكبي الجرائم في دارفور
  • "الجنائية الدولية" تطالب السودان بتسليم البشير
  • الجنائية الدولية تطالب السودان بتسليم عمر البشير ومساعديه
  • مجلس الأمن يناقش اليوم تقرير المحكمة الجنائية نصف السنوي بشأن السودان
  • المحكمة الجنائية الدولية تطالب السودان بتسليم البشير
  • “الجنائية الدولية” تطالب السلطات السودانية بتسليم البشير وتقول “نعرف جيدا أين يوجد المطلوب أحمد هارون”
  • المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية يدعو مجلس الأمن إلى التصدي للفظائع في دارفور ويطالب بتسليم الرئيس البشير وغيره من كبار المسؤولين المتهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية
  • "الجنائية الدولية" تطالب السلطات السودانية بتسليم البشير