في الثاني والعشرين من ديسمبر/كانون الأول الفائت، أعلنت وسائل إعلام يمنية وعربية أن مواطنين سوريين عثروا على شخص يدعى حسن محمد الوهيب، وهو طالب يمني يُعتقد أنه معتقل في سجون نظام الأسد في سوريا منذ 12 عامًا.

 

حينها، وصل الخبر إلى عائلته التي تعيش في مدينة إب وسط اليمن، ولم تتمالك زوجته وأولاده الفرحة، ليتم إبلاغ السفارة اليمنية في الأردن بالخبر لمتابعة إجراءات ترحيله إلى اليمن.

لكن سرعان ما تبددت الفرحة، بعدما أكدت امرأة من مدينة درعا السورية أن الشاب الذي ظهرت صورته في وسائل التواصل الاجتماعي هو نجلها المختطف في سجن صيدنايا العسكري، وهو شاب سوري لا صلة له باليمن.

 

في حديثه لـ “نون بوست”، يقول صالح الوهيب، شقيق الشاب المختطف حسن الوهيب، إنه على الرغم من حزنه الشديد هو وعائلته لعدم اكتمال فرحتهم بظهور شقيقه، إلا أنهم لم ييأسوا ولم يفقدوا الأمل، وما زالوا متفائلين بأنه سيأتي يوم ويسمعون فيه خبرًا مشابهًا، خصوصًا مع ورود أنباء بين فترة وأخرى بخروج معتقلين من السجون التي كان يديرها نظام الأسد في سوريا أو معرفة مصيرهم على الأقل إن كانوا على قيد الحياة أو قد توفوا.

 

نقطة الصفر

 

قصة اختطاف الوهيب تعود إلى مطلع سبتمبر/أيلول 2014، حيث كان هو وأربعة طلاب يمنيين: “علي حسن سلامة، وهاني نزال، ومحمد عبده المليكي، وأحمد علي ردمان”، على وشك التخرج من تخصص العلوم والاتصالات من أكاديمية الأسد للهندسة العسكرية في حلب، مبتعثين من الحكومة اليمنية آنذاك.

 

بحسب مصادر متطابقة تحدثت مع “نون بوست”، فإن طريقة اختطاف الطلاب اليمنيين الخمسة كانت مشابهة رغم تفرقهم. فالطالب حسن الوهيب تم اختطافه وهو في طريقه إلى مطار حلب، حيث اعترضته مجموعة مسلحة وقامت باختطافه.

 

حينها، بثت وسائل إعلام فيديو يظهر الطلاب المختطفين، الذين هم في الأساس يعملون ضباطًا في وزارة الدفاع اليمنية. يقول صالح الوهيب: “بالفعل شاهدنا الفيديو الذي ظهر فيه أخي حسن ورفاقه من الطلاب اليمنيين، لكننا لم نعرف ماذا يريد الخاطفون منهم، وكيف يمكننا المساهمة في مطالبتهم بإطلاق سراحهم”.

 

نظم أهالي المعتقلين عددًا من الوقفات الاحتجاجية، أبرزها كانت أمام منزل الرئيس اليمني السابق عبدربه منصور هادي في صنعاء. وتحرك ملف هؤلاء ليصل إلى وزارة الخارجية اليمنية، التي تابعت الملف بالتعاون مع منظمة “هود” المحلية المعنية بحقوق الإنسان، والصليب الأحمر، ووسطاء داخل اليمن وخارجه، بهدف إطلاق سراح أولئك الطلاب، ولكن دون جدوى.

 

وحينما اندلعت الحرب في اليمن، أصبح ملف أولئك الطلاب طي النسيان، قبل أن يعود إلى الواجهة حينما سقط نظام حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول الفائت.

 

في حديثه لـ “نون بوست”، يرى المحامي عبدالرحمن برمان، رئيس المركز الأمريكي للعدالة (ACJ)، أنه كلما ظُنّ أن قضية الطلاب اليمنيين المختطفين في سوريا قد وصلت إلى النهاية، تعود إلى نقطة الصفر للأسف.

 

يقول برمان: “على سبيل المثال، تواصلنا مع عائلة المختطف الوهيب وأرسلنا لهم فيديو يظهر صورته، وأكدت عائلته أنه هو، وسعدنا لذلك، وبكى عدد من أفراد العائلة، لكن بعد أن تم إبلاغنا من قبل حقوقيين سوريين أنه شخص سوري وليس يمني، انصدمنا”.

 

وأضاف برمان: “لا يزال حتى الآن مصير الطلاب اليمنيين المبتعثين إلى سوريا مجهولًا، حتى الجهة التي خطفتهم ما زالت مجهولة. صحيح أنه تم الإعلان في الفيديو المتداول عام 2012 بأن جبهة النصرة هي التي اعتقلتهم، ولكن جبهة النصرة لم تعلن بشكل رسمي مسؤوليتها عن ذلك. وأنا سافرت إلى سوريا عام 2012، وتحريت وقابلت شخصيات قبلية في سوريا من أجل التوسط في صفقة للعثور عليهم والإفراج عنهم لدواعٍ إنسانية، ولكن تلك الجهود لم تؤتِ ثمارها للأسف”.

 

فقدان الأمل

 

رياض أحمد العميسي، طالب يمني آخر، تم اختطافه خلال التحاقه بالدراسات العليا في الطب البشري في سوريا بعد اندلاع الثورة من قبل نظام الأسد أثناء علاجه للمصابين في مشفى الهلال بمدينة دمشق، من قبل فرع المخابرات الجوية، بحسب تأكيد أحد المقربين من العميسي خلال حديثه مع “نون بوست”.

 

في فبراير/شباط عام 2013، اجتمع عدد من المواطنين اليمنيين في تظاهرة في العاصمة اليمنية صنعاء، طالبوا نظام الأسد بسرعة الإفراج عن الطالب اليمني رياض العميسي.

 

حينها، وعد القائم بأعمال السفير السوري في اليمن، سليمان عادل، المتضامنين مع العميسي بالإفراج عنه خلال أيام. ونفى السفير حينها وجود حكم بالإعدام ضده، لكن قبيلة العميسي هددت بمحاصرة السفارة السورية في صنعاء إن لم يستجب السفير السوري لمطالبها. ولم تنتهِ المظاهرة إلا بعد تدخل قوات الأمن اليمنية في ذلك الوقت.

 

بعد سقوط نظام الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2012، تداولت وسائل إعلام يمنية وعربية خبرًا مفاده أن “العميسي تم تحريره من أحد سجون النظام الأسدي من قبل الإدارة السورية الجديدة، وأن رياض خرج من سجن الأسد فاقدًا للذاكرة، ويُجرى حاليًا التواصل مع عائلته في محافظة حجة شمالي اليمن، بينما يعمل شباب يمنيون على الوصول إليه في الأراضي السورية”.

 

لكن تحريات “نون بوست” أكدت أن ذلك الشاب الذي ظهر في فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي لم يكن العميسي.

 

وقال محمد العميسي، أحد أقارب رياض: “من في الصورة المتداولة ليس قريبنا”، مضيفًا في حديثه لـ “نون بوست”: “ما نزال نبحث عبر ناشطين سوريين عن قريبنا رياض، ولم نفقد الأمل”.

 

وكانت السلطات الأردنية قد نقلت الشخص الشبيه بالعميسي إلى الأردن وأجرت له فحص DNA، وتبين أنه ليس المواطن الأردني المفقود الذي كانت السلطات تبحث عنه.

 

فيما تناقلت وسائل إعلام أردنية وعربية تصريحًا صحفيًا لنضال البطاينة، وهو وزير أردني سابق رافق المعتقل الذي يشبه العميسي بعد وصوله الأردن، أشار فيه إلى أن السلطات الأردنية تلقت اتصالات ومراسلات من مواطني عدد من الدول العربية “يدّعون أو يعتقدون أن ذات الشخص الشبيه بالعميسي ابنهم”.

 

وأضاف: “إن المفرج عنه سيحظى بالرعاية الصحية في الأردن، ولن يُسلم لأي عائلة قبل إجراءات مطابقة الجينات الوراثية”.

 

يرى الصحفي السوري مصعب الياسين أن مصير الكثير من المعتقلين لدى سجون الأسد ما يزال يكتنفه الغموض، وأنه لم يخرج من السجون الأمنية سوى أعداد قليلة.

 

ويقول الياسين لـ “نون بوست”: “للأسف، مضت أيام طويلة على فتح السجون، وإذا كان هناك معتقل خرج ولم يُعرف طريقه، لابد بعد هذه الأيام أن يتم النشر عنه”.

 

الصحفي الياسين، الذي أجرى عددًا من المقابلات مع معتقلين سابقين، يعتبر من وجهة نظره أن كل معتقل لم يتم العثور عليه فهو في عداد الشهداء، لأن المقابر الجماعية في سوريا كبيرة، ولم يتم فتحها نظرًا لعدم وجود تقنيات وخبراء هناك. فبعض المقابر تشير إلى أنها تحوي 200 ألف شخص.

 

وأشار إلى أنه حصل على ثلاث شهادات متطابقة من سجن صيدنايا تؤكد أن كل أسبوعين يتم إعدام 35 شخصًا.

 

ختامًا، تبقى قضية المعتقلين اليمنيين في سجون نظام الأسد واحدة من أكثر القضايا تعقيدًا وألمًا بالنسبة للكثير من العائلات التي فقدت أبناءها في ظل الظروف القاسية والظلام الذي يحيط بمصيرهم.

 


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن سوريا الأسد يمنيون سجون الطلاب الیمنیین وسائل إعلام نظام الأسد الأسد فی فی سوریا من قبل

إقرأ أيضاً:

«أكاديمية الشارقة لعلوم الفضاء» تحتفي بالأسبوع الدولي للسماء المظلمة

الشارقة: «الخليج»

في إطار سعيها لنشر الوعي البيئي والفلكي، نظمت «أكاديمية الشارقة لعلوم وتكنولوجيا الفضاء والفلك»، التابعة لجامعة الشارقة فعالية «نحو سماء خالية من التلوث الضوئي في إمارة الشارقة»، ضمن مشاركتها في فعاليات الأسبوع الدولي للسماء المظلمة 2025، وينظم سنوياً في العالم، للإضاءة على أهمية الحفاظ على السماء الليلية، وتعزيز الوعي المجتمعي بالتلوث الضوئي وتأثيراته. حضر الفعالية عدد من المهتمين والهواة في الفلك والعلوم والبيئة.
وتمثل الفعالية منصة تعليمية وتوعوية ملهمة جمعت بين التفاعل العلمي والتجربة الميدانية، حيث قدمت فاطمة الخاطري، مدير «قبة الشارقة الفلكية»، كلمة افتتاحية عرّفت فيها بالفعالية وأهدافها، موضحة أن التلوث الضوئي من القضايا البيئية التي تؤثر مباشرة في جودة الرصد الفلكي، وصحة الإنسان، والنظم البيئية الطبيعية. والفعالية تسعى إلى توعية المجتمع بأهمية تبني ممارسات إضاءة مستدامة تسهم في الحفاظ على سماء مظلمة وصافية.
تخللت الفعالية سلسلة من الأنشطة والمسابقات التثقيفية والورش التخصصية، كان أبرزها محاضرة «التلوث الضوئي.. العلم والتأثيرات والجهود العالمية لمكافحته» وقدمها عمار عيسى، مدير إدارة المراصد الفلكية، حيث تناولت تعريف المشاركين بمفهوم التلوث الضوئي، وآثاره السلبية في الرصد الفلكي وصحة الإنسان والنظام البيئي، واستعراض المبادرات والجهود الدولية المبذولة للحد منه.
وأدارت الباحثة عنود الزعابي، ورشة تفاعلية لمحاكاة تأثير التلوث الضوئي في رؤية النجوم. كما قدم الباحثان محمد ريحان، وسمر أبو علول، ورشة تدريبية عن تقنيات الحد من التلوث الضوئي، تناولت أساليب التوجيه الصحيح للإضاءة واختيار نوعيتها المناسبة، وورشة «تقنيات التصوير المستخدمة في توثيق التلوث الضوئي» قدمها يوسف القاسمي، مرشد علمي بقبة الشارقة الفلكية.
وتضمن البرنامج كذلك جولة في معارض علوم الفضاء والفلك إلى جانب عرضاً مباشراً قدمه أحمد صلاح الدين، مرشد علمي في قبة الشارقة بعنوان «سماء الليل المفقودة»، تناول تأثيرات التلوث الضوئي في الرؤية الفلكية، موضحاً كيف تؤثر الإضاءة في إمكانية رؤية النجوم والمعالم السماوية بوضوح.
واختتمت الفعالية بتجربة رصد فلكي مباشر أدارها محمد طلافحة، محلل أبحاث، حيث أتيحت للمشاركين فرصة التفاعل مع التقنيات المستخدمة في رصد السماء، مع رؤية تأثيرات التلوث الضوئي في الرصد الفلكي، باستخدام الأجهزة المتخصصة لتقييم مستوى التلوث الضوئي في المنطقة، ما عزز فهمهم العملي لأهمية الحفاظ على سماء ليلية.

مقالات مشابهة

  • واشنطن بوست: على أميركا التحرك لوقف الإبادة الجماعية في السودان
  • سوريا.. مجهولون ينبشون قبر حافظ الأسد ويسرقون رفاته
  • «أكاديمية الشارقة لعلوم الفضاء» تحتفي بالأسبوع الدولي للسماء المظلمة
  • وثائقي لـعربي21 يروي شهادات حصرية عن جرائم نظام الأسد المخلوع في صيدنايا (شاهد)
  • وثائقي لـعربي21 يكشف وثائق حصرية عن جرائم نظام الأسد المخلوع في صيدنايا (شاهد)
  • اعتقال جودت شحادة أحد شبيحة نظام الأسد
  • مزاعم نتنياهو: اعترضنا طائرات إيرانية أرسلت لإنقاذ الأسد في سوريا
  • تحولات كبرى في المشهد الإقليمي.. السعودية وقطر.تسددان ديون سوريا للبنك الدولي
  • رامي مخلوف يعلن تشكيل “قوات النخبة” ويتهم الأسد بـ”سقوط سوريا”
  • ملتقى بسوريا بشأن استخدام نظام الأسد المخدرات أداة للقمع والسيطرة