هل للغابة قانون يحكمها؟؟
تاريخ النشر: 28th, January 2025 GMT
بقلم: لواء دكتور صلاح
عضو هيئة التدريس بأكاديمية الشرطة المصرية
(محام بالنقض)
القاهرة (زمان التركية)الكرة الأرضية التي نحيا عليها هي غابة كبيرة أخطر كائناتها الإنسان، فهل هناك قانون يحكم هذه الغابة ؟؟؟
بداية: سنقدم وجهة نظر تتعلق بقوانين يفرضها ويتعامل من خلالها البشر، مع إيماننا الراسخ بأن قدرة خالق الكونفوق قدرات كل المخلوقات.
وقد فاجأ الرئيس ترامب العالم كله بتصريحاته التي طالب فيها كندا الموافقة على أن تنضم للدولة الأمريكية وتصبح الولاية (51) فيها، وصرح أيضًا برغبته في شراء جزيرة غرينلاند، وإن لم تمتثل الدنمارك لرغبته فسيستخدم الخيار العسكري.. وغني عن البيان أن كلا من كندا والدنمارك أعضاء في حلف الناتو !!! ورغم اعتراض الدولتين المشار إليهما فقد ينجح ترامب في كسب أرباح طائلة أخرى لمجرد استبعاد الحل العسكري لمطلبيه آنفي الذكر.. نعم هي طريقة عدائية في التفاوض، ولكنها قد تحقق أهدافها أحيانا.
وعطفًا على ما سبق، فإنه من المؤكد أن سياسة الهجمات المرعبة قد تواجه بهجمات مرتدة تستهدف المهاجم في شخصه؛ وتأتي من ذئب منفرد، أو من خلال إجراء قانوني رادع، وقد تستهدف مصالح الدولة الأمريكية بشكل مؤثر.. ويكاد يجمع المحللين الأمنيين على أن هذه السياسات ستؤدي لخسارة على المستوى الاستراتيجي.. فإن استخدم القوة لإنفاذه هدفيه المشار إليهما فسيترتب على هذا حل حلف الناتو، ومن يرى أن هذا الأمر لا يمثل خسارة للولايات المتحدة الأمريكية فهو صاحب فهم سطحي، وهو عن السياسة الحكيمة المرتبطة بمصلحته بعيد كل البعد،فخسارة أوروبا تمثل خسارة فادحة ولا يمكن للولايات المتحدة الأمريكية تحمل تبعاتها.. فبموجبها سيخسر أيضًا حربه الاقتصادية مع الصين.. التي ترد في الميادين التكنولوجية بمنتهى القوة، قوة سيترتب عليها خسائر فادحة للاقتصاد الأمريكي، يتضاءل بجانبها ملف تطبيق “تيك توك” الذي يناضل فيه الرئيس ترامب، فتخرج له الصين ماردًا جديدًا؛حيث أعلنت شركة “ديب سيك “DeepSeek الصينية عن إطلاق تطبيق ذكاء اصطناعي متقدم، تؤكد إنه يتفوق على التطبيقات الرائدة في الولايات المتحدة، وذلك بتكلفة تطوير أقل بكثير، ويهدد هذا الابتكار بإحداث تغييرات جذرية في قطاع التكنولوجيا العالمي.
ولعله من المؤكد أيضًا أنه: في حالة غزو ترامب لغرينلاند عسكريًا، فإن الدنمارك وهي عضو في المحكمة الجنائية الدولية ستتقدم بشكوى للمحكمة ومن المؤكد أن الرئيس ترامب سيصبح على إثرها مطاردا من المحكمة الجنائية الدولية هو ووزير دفاعه، لارتكابهما جريمة عدوان وجرائم أخرى.. وفقا للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وسيسجل التاريخ لرئيس الولايات المتحدة ووزير دفاعه أن لهما قدم السبق كمتهمين أمام المحكمة الجنائية الدولية، وفي هذا الشأن وصمة عار لا يمحُها تدمير المحكمة بعمل عسكري. وليعذرني فخامة الرئيس ترامب لصراحتي في تحليل مواقفه.. فنحن كشعوب عربية نأمل أن يحقق هذا القائد السلام في ربوع الأرض، وأن يسجل التاريخ اسمه بأحرف من نور لمواقفه “العادلة” !!! رغم أنها تبدو حتى الآن بعيدة تمام البعد عن العدالة، خاصة في ظل التصريحات المشار إليها، هذا بجانب إعلان رغبته في تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن !!!. وقد خصصنا للملف الأخير مقالا مطولاً بعنوان “رسائل للرئيس ترامب للخروج من دوامة الصرع الفلسطيني/الإسرائيلي”.
هذا ومن ناحية علاقة ترامب بإسرائيل الحليف الأقرب للولايات المتحدة الأمريكية، فهل سيستطيع تطبيق مبدأه “أمريكا أولاً” حتى لو تعارض تطبيقه برغبات ومصالح إسرائيل ؟؟؟ ولنتناول ملف إيران كنموذج لتعارض وجهتي النظر الأمريكية والإسرائيلية بشأنه، فالأخيرة ترغب من زمن في أن تقوم الولايات المتحدة الأمريكية باستهداف المشروع النووي الإيراني بالتدمير، وحال استمرار معارضة البيت الأبيض لهذه الرغبة، فقد تتآمر إسرائيل على حليفتها وتجبرها على توجيه ضربة انتقامية تحقق الهدف الإسرائيلي.. ولكن كيف يحدث هذا ؟؟؟
عطفًا على ما تقدم، فلعل أخطر القرارات التي اتخذهاالرئيس ترامب – من وجهة نظري- هي ما يتعلق برفع الحماية الخاصة عن جون بولتون؛ مستشاره السابق للأمن القومي، وقد سبق لترامب أن فصله من منصبه، وخطورة هذا القرار تأتي من الفرضية الآتية: ماذا لو تم تصفية الرجل ؟؟؟ وهو مهدد من قبل إيران لأسباب معلومة للجميع..فمن المؤكد أن الحادث سيتم تغطيته على نطاق واسع ومضلل على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة في الولايات المتحدة وأوروبا، لدفع الرئيس ترامب إلى مهاجمة إيرانبكامل القدرات العسكرية الأمريكية المدمرة.. ولنا هنا أننتساءل: من أكبر المستفيدين وفقا لهذ الفرض ؟؟؟خلاصة رسالتي لفخامة الرئيس ترامب: الكثير من قراراتك تهدد أمنك الشخصي.. والخطر الأكبر قد يأتي من أهم حلفائك بالشرق الأوسط، وسيكون بالطبع تحكمه نظرية المؤامرة، فصديقك… خائن بطبعه، وقد يجبرك على تنفيذ مخططاته.. لذا اسمح لي معالي الرئيس ترامب بأن اقترح عليكم: صدور توجيهاتكم بعودة تأمين الخدمة السرية لحراسة “جون بولتون“ لاعتبارات سياسية وأمنية، أقول هذا رغم أنني اعتبره من أعداء الإنسانية.
وختاما، دعوني أتساءل مع القراء الأعزاء: أليس من الغريب أن تستبعد الآن الغالبية العظمى من المنصات الإعلامية على المستوى الدولي وبما فيها السوشيال ميديا،الحديث عن التهديدات الإيرانية لإسرائيل ومشروع إيران النووي، ويُطرح على الطاولة فقط وبقوة ملف تهجير الفلسطينيين للأردن وسيناء، وكأن هناك من يوجه الإعلام حيث يشاء !!! فما السبب وراء تهميش الملف الإيراني، خاصة على مستوى اهتمام قادة أمريكا وإسرائيل ؟!!! ربما تكون الإجابة أن مهاجمة إيران تكلفتها الآن باهظة، ولا تتحملها إسرائيل ومن ورائها.. وهذا يدعو مصر إلى أن التفكر بجدية في اتخاذ كافة الإجراءات الردعية الوقائية الكافية.. لوأد أي فكرة لدى إسرائيل لتهجير الفلسطينيين لسيناء، خلاصة القول: “رب ضارة نافعة” فالقانون الرئيسي الذي يحكم غابتنا الأرضية هو ” البقاء للأقوى”.
لواء دكتور/ شوقي صلاحالخبير الأمني وعضو هيئة التدريس بأكاديمية الشرطة Tags: ترامبقانون الغابة
المصدر: جريدة زمان التركية
كلمات دلالية: ترامب المتحدة الأمریکیة الولایات المتحدة الجنائیة الدولیة الرئیس ترامب من المؤکد
إقرأ أيضاً:
نظرة على تاريخ العلاقة بين الولايات المتحدة وكندا بعد تصريحات ترامب المثيرة
تساءل كاتب روسي في تقرير نشرته صحيفة "نيزافيسيمايا" عن مدى جدية الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تصريحاته بشأن ضم كندا إلى الولايات المتحدة لتصبح الولاية الـ51، معتبرا أن الإجابة عن هذا السؤال تتطلب إلقاء نظرة على تاريخ العلاقات الأميركية الكندية.
وقال بختيار توزموخاميدوف -وهو قاض وأستاذ في القانون الدولي- إن القوات الاستعمارية الأميركية التي شكلت لاحقا جيش الولايات المتحدة عبرت في خريف 1775 نهر سانت لورانس، وتمكنت من احتلال مونتريال الكندية دون مقاومة تذكر، قبل أن تتحد مع القوات القادمة من نيو إنغلاند، في محاولة لشن هجوم مفاجئ للاستيلاء على مدينة كيبيك.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ملف مثير بميديا بارت: الإسلاموفوبيا تعصف بالمسلمين في فرنساlist 2 of 2مسؤول إسرائيلي سابق يطالب بإعدام أسرى المقاومة وحرق جثثهم سراend of list معركة تاريخية مهمةوأضاف توزموخاميدوف أن المعركة التي تعتبر ذات أهمية كبيرة في التاريخ الأميركي انتهت بهزيمة ساحقة لمفارز الجيش الأميركي التي تراجعت عن الغزو وتخلت عن مونتريال.
وبعد إعلان استقلال الولايات المتحدة في يوليو/تموز 1776 نصت المادة 11 من القانون الدستوري الذي تم اعتماده في عام 1777 على عدد من الإجراءات لضم كندا إلى الاتحاد الجديد رغم أن قبول انضمام أي إقليم يتطلب موافقة 9 من الولايات الـ13 الأصلية.
وذكر الكاتب أنه في يناير/كانون الثاني 1787 صوّت الكونغرس القاري (الهيئة التشريعية الأميركية آنذاك) لصالح غزو كندا مرة أخرى، لكنه عدل عن قراره في مارس/آذار بعد تحذيرات من ساسة وقادة عسكريين، أبرزهم الجنرال فيليب شويلر الذي خطط لعملية الاستيلاء الفاشلة على كيبيك، وماركيز دي لافاييت الذي تم تعيينه للإشراف على العملية الجديدة، وجون جاي أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة.
إعلان
الدستور الأميركي
وفي عام 1794 أبرم جون جاي معاهدة مع بريطانيا تعرف باسم "معاهدة جاي"، ورغم أنها كانت اتفاقية قصيرة المدى ولم تحظ بشعبية في الولايات المتحدة فإنها مكنتها -حسب الكاتب- من تحقيق بعض المكاسب، إذ تركت مسألة تسوية الحدود مع كندا في الشمال الشرقي خاضعة للتحكيم.
لكن دستور الولايات المتحدة -الذي تم اعتماده رسميا في 1787 ولا يزال ساري المفعول حتى اليوم- لا ينص على أي خيارات بشأن كندا التي يتطلب انضمامها إلى الولايات المتحدة موافقة الولايات التي قد تتأثر بهذا القرار، وتمتد من ولاية مين في الشمال الشرقي إلى واشنطن في الشمال الغربي وصولا إلى ألاسكا.
غزو فاشل واتفاقية سلاموتابع الكاتب قائلا إن الخطوة الأولى التي قامت بها الولايات المتحدة عندما أعلنت الحرب ضد بريطانيا في 1812 بسبب دعمها القبائل المحلية على ضفاف البحيرات العظمى هي غزو كندا، لكن سرعان ما فشلت تلك العملية.
وقد تمكن البريطانيون من نقل قواتهم عبر المحيط الأطلسي والسيطرة على العاصمة واشنطن وحرق البيت الأبيض الذي كان مبنيا من الخشب في ذلك الوقت.
وانتهت الحرب في عام 1814 بتوقيع اتفاقية سلام معروفة بـ"معاهدة غنت" نسبة إلى المدينة البلجيكية التي احتضنت المعاهدة، وقد اعترفت الاتفاقية بالمكاسب الإقليمية التي حققتها الولايات المتحدة في الشمال، ومنحتها منفذا إلى المحيط الهادي.
وأكد الكاتب أن معاهدة الحد من التسلح في البحيرات الأميركية الموقعة بين الولايات المتحدة وبريطانيا في 1817 والمعروفة أيضا باسم "اتفاقية راش-باغوت" تشكل واحدا من أول المراسيم القانونية المتعلقة بنزع السلاح على الحدود بين أميركا وكندا، إذ نصت على تخفيض عدد قوات الطرفين في جميع البحيرات إلى 4 وحدات.
سارية المفعول
وأشار الكاتب إلى أن "اتفاقية راش-باغوت" ما زالت سارية المفعول، وكان من الضروري التحقق من عدم انتهاك بنودها إثر أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، بعد أن قامت الولايات المتحدة ومن بعدها كندا بتثبيت أسلحة إضافية على الزوارق التي تقوم بدوريات في المياه المحيطة بالبحيرات العظمى.
إعلانوأضاف أن الاتفاقية ذاتها تعرضت إلى اختبار حقيقي خلال ثورات 1837 و1838، إذ دعمت الولايات المتحدة المتمردين على الحكم البريطاني في كندا، وردّت بريطانيا بالاستيلاء على سفينة "كارولينا" الأميركية.
وقد انتهى النزاع بتوقيع معاهدة سلام عام 1842 عُرفت باسم "معاهدة وبستر-أشبرتون"، ونتجت عنها تسوية عدد من القضايا الإقليمية الشائكة.
وأكدت المراسلات بين المفاوضين على احترام مبدأ السيادة الإقليمية باعتباره أساسا ضروريا للحفاظ على علاقات طبيعية.
مستعد لتجاوز الأطر القانونيةويرى الكاتب في الختام أن الأطر القانونية التي تحكم علاقة الولايات المتحدة بكندا تبدو متينة ودائمة، لكن الأمور قد تختلف تماما في حال قرر الكنديون بشكل مفاجئ التصويت بالإجماع في استفتاء وطني الانضمام إلى الولايات المتحدة.
وحسب رأيه، فإن "الرئيس الأميركي الـ47 أظهر في أكثر من مناسبة استعداده لتجاوز القواعد القانونية من أجل تحقيق مكاسب شخصية، لكن الأمر يتعلق حاليا بإدارة دولة إلا إذا رأى أن هذه الدولة جزء من إمبراطوريته العقارية".