قال الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية إن هذه الأمة التي شرفنا الله تعالى بالانتساب إليها تواجه اليوم تحديًا كبيرًا لتحقيق وحدتها والمحافظة على كيانها، هذا التحدي يكمن في مواجهة الأفكار الدخيلة التي تسعى لتفتيت أوصالها وتمزيق صفوفها، فالاتحاد قوة، وهو السبيل لعودة الأمة إلى ريادتها ومكانتها التي فقدتها، وقد جاء رسولنا الكريم ﷺ ليقيم دعائم هذه الوحدة ويُفعل مبدأ الأخوة الإسلامية، حيث كانت الأخوة الإسلامية، متى خلصت النوايا وصفت، أشد وثوقًا من أخوة النسب والدنيا، وإذا تأملنا رحلة نبينا ﷺ من مكة إلى المدينة، نجد أنه أراد من خلالها إقامة دولة تصنع الحضارة وتنهض بالأمة.

مفتي الجمهورية يرد على المشككين في الإسراء والمعراج: جزء أصيل أثبتته الشرعية مفتي الجمهورية يشارك في افتتاح معرض القاهرة الدولي للكتاب

وأضاف فضيلته خلال ندوة نظمها جَنَاح الأزهر بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، بعنوان «نحو حوار إسلامي إسلامي»، اليوم الثلاثاء، أنه من أجل هذه الأخوة الإسلامية عمدَ رسولنا ﷺ إلى ثلاث خطوات أساسية: إقامة العلاقة الإيجابية بين العبد وربه، وقد بدأ النبي ﷺ ببناء المسجد ليكون مكانًا لتجمع المسلمين وللارتقاء بهم ويعزز تماسكهم، والأمر الثاني: تفعيل مبدأ المؤاخاة بين المسلمين، حيث آخى ﷺ بين المهاجرين والأنصار، ومحا عصبيات الجاهلية، وأسّس علاقات قائمة على الحب والرحمة والتكافل، والأمر الثالث: تنظيم العلاقات الدولية، حيث عمل النبي ﷺ على صياغة وثيقة المدينة التي حددت الحقوق والواجبات بين سكانها من المسلمين وغيرهم، مما أسس لعلاقات قائمة على العدل واحترام العهود.

وأكد مفتي الجمهورية أن هذه الجهود النبوية تسعى لتحقيق مبدأ الأخوة الإنسانية، حيث شبه رسولنا الكريم ﷺ المؤمنين بالجسد الواحد والبنيان المرصوص، ومن هنا ندرك أهمية الوحدة في مواجهة التحديات العالمية. فالأمة الإسلامية، متى اجتمعت كلمتها واتحدت صفوفها، استطاعت أن تقف بثبات، كما كان الحال في العصور الأولى عندما امتد الإسلام في زمن وجيز من إسبانيا إلى الصين، لكن العصبية المقيتة والتعصب للمدارس الفكرية والعلمية اليوم يمثل أحد أبرز العوائق أمام تحقيق الوحدة المنشودة، والشريعة الإسلامية قد نبذت هذه العصبيات وحذرت منها، لأنها تؤدي إلى التنازع والتفرقة. يقول الله تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}، ويقول أيضًا: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ}.

وأشار فضيلته إلى أن المؤسسات الدينية والعلمية، وعلى رأسها الأزهر الشريف، قد خطت خطوات إيجابية في مجال الحوار الإسلامي الإسلامي، وعليها دور كبير في هذا الشأن، ولعلنا بعد أسابيع قليلة نكون أمام الطرح الذي عرض في مؤتمر البحرين «حوار الشرق والغرب»، والذي قدّمه فضيلة مولانا الإمام الأكبر تحت رؤية الحوار الإسلامي، وهو حوار يجمع بين المدارس السنية والمدارس الشيعية وغيرها من أصحاب المذاهب الأخرى كالزيدية والإباضية وغيرهما.

وأضاف فضيلته أن النقطة الثانية هي أن هذه الخطوة لا بد أن تظهر في آثار عملية، وبالتالي يمكن القول بأن هذا المؤتمر قد يكون مقدمة لجملة من الآثار العملية، مثل إنشاء مراكز علمية تجمع بين المدارس الإسلامية على اختلاف توجهاتها، وطرح قضايا الخلاف والعمل على دراستها، ثم الخروج برأي موحّد. كما ينبغي ونحن نتحدث عن حوار إسلامي إسلامي ونسعى لإعلاء المصلحة العامة على المصلحة الشخصية، أن نتجاوز تلك القضايا التي تؤدي إلى توسيع الفجوة بين المدارس الفكرية. وبالتالي، ينبغي التركيز على آلية تحقق الوحدة، بعيدًا عن القضايا العقدية التي فرّقت الأمة ومزّقت وحدتها.

وفي ختام حديثه، شدد فضيلة مفتي الجمهورية على أمر مهم، وهو احترام العقيدة واحترام ما عليه الآخر، مع عدم المساس بمكانة الأنبياء والصحابة وما يتعلق بأمهات المؤمنين، باعتبار ذلك من معتقد أهل السنة والجماعة، فلا يجوز التطاول عليهم أو التعرض لهم، لأن ذلك يؤذي مشاعر المؤمنين والمؤمنات. وأخيرًا، أرى أن لقاء كبار رجالات هذه المدارس قد يصحح الكثير من المفاهيم ويقرب البعيد.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية نظير عياد الدكتور نظير عياد الوحدة الإسلامية شيخ الأزهر مفتی الجمهوریة

إقرأ أيضاً:

بحضور مفتي الجمهورية...الأنبا إرميا والدكتور محمد أبو زيد يناقشان "الفتوى والعيش المشترك"

عَقد جناحُ دار الإفتاء المصرية بمعرض القاهرة الدولي للكتاب -اليوم الإثنين- ندوةً جديدة بعنوان "الفتوى والعيش المشترك"، بحضور فضيلة الدكتور نظير مُحمَّد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، حيث شارك فيها كلٌّ من نيافة الأنبا إرميا، الأسقف العام ورئيس المركز الثقافي القبطي الأُرثوذكسي، والأمين العام المساعد لبيت العائلة، وفضيلة الأستاذ الدكتور محمد أبو زيد الأمير، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر الشريف والمنسق العام لبيت العائلة المصرية، وشهدت حضورًا مكثفًا من قِبل روَّاد المعرض وعدد من الباحثين والإعلاميين.
وفي معرض الندوة عبَّر فضيلةُ المفتي في كلمته عن شُكره وترحيبه بنيافة الأنبا إرميا والدكتور محمد الأمير، مؤكدًا أهميةَ هذا اللقاء الذي يعكس روح التفاهم والتعايش بين أبناء الوطن الواحد.
وأشار فضيلته إلى العلاقة الوثيقة التي تجمعه بنيافة الأنبا إرميا، موضحًا أن هذه العلاقة ليست مجرد صداقة شخصية فحسب، بل تتجاوز ذلك لتجسد تعاونًا مشتركًا بين المؤسستين الدينيتين الإسلامية والمسيحية، وأكد أن كلتا المؤسستين تقومان بدَورهما الوطني في مواجهة تحديات الواقع الاجتماعي، وتعزيز قيم السلام والمواطنة.
وتطرق الدكتور نظير مُحمَّد عيَّاد إلى الدَّور الذي تقوم به دار الإفتاء المصرية في تصحيح المفاهيم الدينية بما يتماشى مع طبيعة الناس وظروفهم، مع الالتزام بأصول الدين، وأوضح أن الفتوى الرشيدة هي التي تحقق التوازن بين الحفاظ على تعاليم الدين ومراعاة العَيْش المشترك بين أبناء الوطن.
كما شدَّد فضيلتُه على أن التاريخ الإسلامي شهد لقاءاتٍ هامةً تعكس روح التلاحم بين المسلمين والمسيحيين، مثل اللقاء الذي جمع المسلمين بالمسيحيين في الحبشة خلال عهد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ووثيقة المدينة المنورة، فضلًا عن أمثلة متعددة عبر عصور الإسلام المختلفة، وأكد أنَّ أيَّ فتوى تخالف هذه المبادئ ليست من الدين في شيء، بل تعود إلى فهم خاطئ من قِبَل أصحابها.
وفي ختام كلمته، وجَّه الدكتور نظير مُحمَّد عياد شكره لنيافة الأنبا إرميا والدكتور الأمير، داعيًا الله أن يديم روح المودة والرحمة بين الجميع، وأن يسود الخير والسلام لما فيه مصلحة الوطن والعباد.
من جهته بدأ نيافة الأنبا إرميا -الأسقف العام ورئيس المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي والأمين العام المساعد لبيت العائلة- كلمته بقوله: "باسم الإله الواحد الذي نعبده جميعًا"، موجِّهًا الشكرَ لفضيلة المفتي والحاضرين، وأشار إلى أن مسئولية الفتوى هي مسئولية الأمن والسلام في المجتمع، موضحًا أنه عندما تصدر الفتوى من شخصٍ سَوِيٍّ فإنها تأتي بالصورة المناسبة التي يقدمها الدين؛ مما يؤدي إلى بناء المجتمعات وازدهارها، أمَّا البلاد التي تفشَّت فيها الفتاوى غير السليمة فإن مصيرها إلى الزوال.
وتناول الأنبا إرميا مفهومَ "العيش المشترك" الذي دعت إليه الأديان السماوية من خلال ثوابت مشتركة، فقال: "جاء في المسيحية: اطلبوا السلام واسعوا وراءه، وطوبى لصانعي السلام، وإن سلمتم على إخوانكم فقط فما الذي تصنعون؟ فالسلام يجب أن يكون حتى مع الأعداء، فكيف بشركاء الوطن؟"، وأكد أن المسيحيين يسعون دائمًا للعيش السلمي المشترك.
أما في القرآن الكريم، فقد ورد اسم الله "السلام" في سورة الحشر، وجاء الأمر بالدخول في السِّلم كافة في سورة البقرة. وأشار إلى أن الله خلق الناس جميعًا مختلفين في المعتقدات والأجناس والمفاهيم ليعيشوا في تعاون ومحبة، مستشهدًا بقوله تعالى: {لِتَعَارَفُوا} [الحجرات: 13]، كما ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أفشوا السلامَ بينكم»، موضحًا أن القرآن أَولى اهتمامًا خاصًّا بالتعامل مع أهل الكتاب، مستدلًّا بقوله تعالى: {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ} [آل عمران: 113].
واستشهد نيافة الأنبا بما قاله الدكتور حمدي زقزوق رحمه الله عن الرحمة والرأفة التي زرعها الله في قلوب أتباع السيد المسيح عليه السلام، مستدلًّا بقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً...} [الحديد: 27]، وقوله تعالى: {وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} [المائدة: 82].
وتطرَّق الأنبا إلى أهمية ضبط الحماس الديني، مستشهدًا بقول الله تعالى: {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ} [الغاشية: 22]، وبقوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} [يونس: 99]، وكذلك: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: 256]. كما أشار إلى الآية التي تعطي الحق في الدفاع عن الوطن والدين والعرض: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8].
وفي سياق الندوة، أضاف الأنبا إرميا أن الجهود المشتركة في بيت العائلة قد أثمرت تعزيزَ قِيَم التفاهم والتعايش المشترك بين أبناء الوطن، مشيرًا إلى بعض الإشكاليات التي ظهرت خلال هذا المسار، وأوضح أن الأجيال الحالية قد لا تدرك كيفية زرع الفتن كما ورد في كتاب هنري كيسنجر الذي تطرق إلى خطط تقسيم البلاد العربية بهدف تفتيتها، بما في ذلك السعي إلى إحداث انقسامات بين السُّنَّة والشيعة والمسلمين والمسيحيين.
وأشاد الأنبا بفِطنة الإمام الأكبر وتنبُّهه للخطر القادم، مؤكدًا صعوبة التغلب على ما زُرع في عقول الناس من عداوات تاريخية.
وتذكَّر الأنبا قول الله تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [العنكبوت: 46]، وقوله: {وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ} [العنكبوت: 46]، إلى جانب الإشارة إلى الصلح بين النبي صلى الله عليه وسلم ونصارى نجران، وما حدث من سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما امتنع عن الصلاة في الكنيسة حتى لا يأتي من بعده من يحاول الاستيلاء عليها.
وأكَّد الأنبا أن من بين الإشكاليات حالة النفور بين الشيخ والقسيس، والتي تم تجاوزها بتقريب وجهات النظر وتغيير الفكر المترسِّخ وبناء صداقات متينة بينهما، وذكر كذلك أن سيدنا معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما استعان بطبيب نصراني؛ ما يعكس حالة التعاون بين المسلمين والمسيحيين منذ القدم، كما استشهد بتكليف ابن طولون لمهندس قبطي ببناء المسجد، مشيرًا إلى أن هذا الوعي بالتعاون المشترك ضروري لاستقامة أحوال البلاد وتنميتها، والحفاظ عليها من التفكك والانهيار.
وفي إطار الندوة، أشار الأنبا إرميا إلى ذكاء عمرو بن العاص عندما دخل مصر، حيث تمكن من التعامل مع الانشقاق بين الأقباط والرومان الذين حاولوا استمالته تحت نفوذهم، لكنه أدرك تلك المحاولة بحنكة، وبعد انتهاء الحرب، وجد أحد القساوسة هاربًا من كرسيه البابوي، فأعطاه كتاب أمان وأعاده إلى مقره بعد غياب دام سنوات.
وأكد الأنبا إرميا أن مصر كانت وما زالت دولة تعددية تستقبل الثقافات والأديان المختلفة، مشيرًا إلى دخول الأنبياء إلى مصر مثل: إبراهيم، ويوسف، وموسى، وعيسى عليهم السلام، بالإضافة إلى رحلة هروب المسيح مع أمه مريم العذراء، كما استعرض مكانةَ السيدة مارية القبطية في حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، واستشهد بقوله تعالى في سورة يوسف: {ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [يوسف: 99]، إلى جانب النصِّ الوارد في الكتاب المقدس: "مبارك شعبي مصر".
وأشار إلى لفتة احترام وتقدير من المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي، حيث تم طباعة كلمة فضيلة مفتي الجمهورية ضمن منشورات المركز الثقافي، وفي حديثه عن بناء الإنسان أوضح الأنبا إرميا أن الأديان السماوية جاءت للحفاظ على الإنسان وتعزيز قِيَم التعامل الإنساني للوصول به إلى بر الأمان، وأكد أن الأديان جميعها تتفق على أهمية بناء الإنسان وتنميته ليحيا حياة سعيدة.
كما أشار إلى أن السيد المسيح جاء ليبارك الأسرة ويرفض الانحرافات الأخلاقية، وهو ما أيده القرآن الكريم، وبيَّن الأنبا إرميا أن هناك مشتركات بين الرسالات السماوية تهدف إلى بناء الإنسان وتطويره، واختتم بالدعوة إلى إبراز هذه المبادئ والقِيَم المشتركة ونشرها، مؤكدًا على ضرورة تكاتف أبناء الوطن لتحقيق التقدم والنهضة رغم الاختلافات.
كما تحدَّث فضيلة ا الدكتور محمد أبو زيد الأمير، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر الشريف والمنسق العام لبيت العائلة المصرية، موضحًا أن مصر دائمًا كانت حريصة على تعزيز روح المواطنة، ليس فقط من خلال التشجيع عليها بل من خلال ترسيخها بين كافة أبناء الشعب المصري دون النظر إلى الدين أو اللون أو الجنس، وهذا نابع من إيمان مصر بأن الدين لله والوطن للجميع، وتحت هذه المبادئ يتسع الوطن لجميع أبنائه، ومن هذا المنطلق يقدِّر الأزهر الشريف بقيادة الإمام الأكبر فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الطيب الكنائس المصرية، وعلى رأسها الكنيسة القبطية الأُرثوذكسية بقيادة قداسة البابا تواضروس، كما يكنُّ أبناء الكنائس المصرية للأزهر الشريف ودار الإفتاء وكافة المؤسسات الدينية التقدير والاحترام.
وأضاف أن مصر تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي قدمت نموذجًا مثاليًّا في تحقيق التعايش السلمي والمواطنة الحقيقية، وذلك من خلال حرصها على وضع تشريعات دستورية تدعم سياسة رسمية مشتركة تهدف إلى تحقيق المساواة والتسامح والتعايش السلمي بين جميع أفراد المجتمع، وأكد أن الدستور المصري في المادة الثالثة ينص على أن مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود هي المصدر الرئيسي للتشريعات التي تنظم شؤونهم وأحوالهم، مما يمنحهم كامل الحرية في ممارسة شعائر دينهم.
وتحدث أيضًا عن فكرة "بيت العائلة المصرية" التي طُرحت من قِبل فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، عقب أحداث كنيسة القديسين، هذه الفكرة التي لاقت قَبولًا من قداسة البابا شنودة، والتي تهدُف إلى الحفاظ على الوحدة الوطنية وحماية أبناء مصر؛ وبناءً على ذلك صدر قرار مجلس الوزراء بإنشاء بيت العائلة المصرية، وتبنى الأزهر الشريف إعلانًا عن المواطنة والعَيْش المشترك، ويستمر هذا المشروع منذ أكثر من 13 عامًا بهدف تعزيز الوحدة الوطنية بين أبناء مصر.
وأشار إلى حضارة مصر العريقة التي تمتدُّ لأكثر من سبعة آلاف عام، وأن المصريين جميعًا يشتركون في هذه الحضارة العظيمة، كما تحدث عن العائلة المقدسة التي مرَّت بعدَّة مسارات في مصر، مثل: أسيوط وسخا والدير المعلق، مؤكدًا أن هذه المسارات تعكس عمق العيش المشترك بين المصريين على مر العصور.
وأوضح أن مفهوم "العائلة المصرية" ليس سوى صيغة حديثة للتعامل بين المسلمين والمسيحيين في مصر، مؤكِّدًا أن الشريعة الإسلامية جاءت للحفاظ على الإنسان وحمايته، بما يضمن حفظ الكليات الخمس التي تحمي الإنسان.
وفي ختام حديثه، أشار إلى أن حُرمةَ الإنسان عند الله أعظمُ من أي شيء آخر، مستشهدًا بما قاله النبي محمد صلى الله عليه وسلم حول حُرمة النفس البشرية عند طوافه حول الكعبة المشرَّفة، حينما قال صلى الله عليه وسلم موجهًا حديثه إلى الكعبة: "ما أعظمك وما أعظم مكانك! ما أطيبك وما أطيب ريحك!" ثم قال: إن حرمة الإنسان أعظم عند الله منك. 
كما أكَّد أن الإنسان هو بنيان الربِّ ملعون من هَدمه، وأن كل ما يترتب على ذلك هو الحفاظ على هذا الكيان العظيم، موضحًا أن مصر، هذا البلد الذي نعيش فيه أساسه مبني على أمر التعددية الدينية من آلاف السنين، وهذه الندوة تطبيق عملي على الواقع الحقيقي الذي يعيشه أبناء مصر، فمصر بلد التعددية، وهذه عمامة الأزهر، وهذا هو لباس الكنيسة، مؤكدًا أن مصر هي بهجة الأكوان.

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية يستقبل وفدا ماليزيًا رفيع المستوى لتعزيز التعاون الإفتائي
  • مفتي الجمهورية يستقبل وفدًا ماليزيًّا لبحث تعزيز التعاون الإفتائي وتدريب المفتين
  • محافظ الشرقية: المُشاركة المُجتمعية هي السبيل لحل المشكلات التي تواجه المواطنين
  • مفتي الجمهورية ضيف شرف صالون الحداد الثقافي "حول دور الفتوى في تحصين الأفكار"
  • مفتي الجمهورية ضيف شرف صالون الحداد الثقافي
  • مفتي الجمهورية يوضح حكم الشريعة في تعطيل العقل عن الفكر والتأمُّل
  • رئيس الشؤون الإسلامية الإماراتي يشيد بجهود شيخ الأزهر في دعم قضايا الأمة
  • مفتي الجمهورية: نأمل أن تكون منبرًا يجمع بين الأصالة والتجديد
  • مفتي الجمهورية: لا بد من مراعاة الأعراف والعادات عند إصدار الفتاوى
  • بحضور مفتي الجمهورية...الأنبا إرميا والدكتور محمد أبو زيد يناقشان "الفتوى والعيش المشترك"