وزير الشئون النيابية يستعرض جهود مصر في حقوق الإنسان أمام الأمم المتحدة
تاريخ النشر: 28th, January 2025 GMT
كتب - نشأت علي:
استهل المستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، حديثه بأن مصر حققت نهضة تشريعية ومؤسسية شاملة في مجال الحقوق المدنية والسياسية، تأكيدًا على التزام الدولة بتنفيذ التوصيات التي قبلتها في الاستعراض الدوري الشامل الأخير، والاستجابة للتحديات الوطنية والدولية المرتبطة بهذا الملف.
وأوضح الوزير أن من أبرز الإنجازات التشريعية إصدار قانون جديد لتنظيم لجوء الأجانب، استجابةً للزيادة المطردة في أعداد اللاجئين وطالبي اللجوء، وقال إن هذا القانون يأتي متوافقًا مع التزامات مصر الدولية، خصوصًا اتفاقية 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، ويضمن حماية اللاجئين وتمتعهم بكافة الحقوق والحريات المكفولة لهم.
كما أن القانون أنشأ لجنة وطنية معنية بتنظيم شئون اللاجئين، تختص بالنظر في طلبات اللجوء حالةً بحالة وفق مواعيد محددة، مع إعطاء الأولوية للفئات الأكثر ضعفًا، مثل ذوي الإعاقة، المسنين، النساء الحوامل، الأطفال غير المصحوبين، وضحايا الإتجار بالبشر والعنف، بحسب بيان اليوم.
وأكد الوزير أن القانون يتضمن نصوصًا صريحة وواضحة بعدم ترحيل اللاجئين قسريًا أو ردهم إلى مكان تعرضهم للخطر، مع كفالة حقهم في العودة الطوعية لدولة جنسيتهم أو إقامتهم أو إعادة توطينهم في دولة أخرى، أو للحصول على الجنسية المصرية.
وأشار فوزي، إلى أن الدولة تواصل تعاونها البناء مع المفوضية السامية لشئون اللاجئين، مؤكدًا أن اللائحة التنفيذية للقانون ستتضمن المزيد من التيسيرات في تسجيل اللاجئين وطالبي اللجوء وتحديد أوضاعهم.
وفيما يخص تطوير منظومة العدالة الجنائية، أشار وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي إلى أن الحكومة قدمت إلى البرلمان مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، الذي يمثل نقلة نوعية كبيرة في تطوير العدالة الجنائية، ويعكس الضمانات المستحدثة في الدستور.
وأضاف أن المشروع يعالج قضايا بالغة الأهمية، مثل تنظيم الحبس الاحتياطي وتقليص مدده، وضمان الإفراج الفوري عند بلوغ الحد الأقصى، مع استحداث آليات التظلم من قرارات الحبس الاحتياطي وتعويض المتضررين منه ماديًا ومعنويًا في حالات الحبس الاحتياطي الخاطئ، والتأكيد على تطبيق بدائله، وذلك كله تحت الرقابة القضائية بدرجاتها.
كما يشمل المشروع ضمانات مهمة للمتهمين، منها الحق في الصمت، علانية المحاكمات، بطلان أي أقوال تُنتزع تحت الإكراه، وضمان حضور المحامي في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة، وحظر إيذاء المتهم أو احتجازه خارج مراكز الإصلاح والتأهيل المخصصة، وبدون أمر قضائي ومسبب.
وأوجب المشروع على سلطتي التحقيق والمحاكمة عدم استجواب المتهم أو محاكمته دون حضور محامٍ، مع ندب محامٍ لمن ليس معه محامٍ، وحظر الفصل بين المتهم ومحاميه خلال الدعوى الجنائية، مع منح المحتجزين وذويهم الحق في إبلاغ شكواهم فورًا إلى النيابة العامة، التي تُعد وفق أحكام الدستور والقانون جزءًا أصيلًا من السلطة القضائية، وأعضاؤها مستقلون وهم من القضاة، وتتولى الإشراف والرقابة على كافة أماكن الاحتجاز القانونية، والتحقيق، وتحريك ومباشرة الدعوى الجنائية، وهم جزء من تشكيل المحكمة.
كما أوجب القانون صدور أمر قضائي مسبب ومحدد المدة في الحالات التي تستلزم مراقبة الاتصالات والحسابات والمواقع الإلكترونية، وذلك في نطاق جرائم محددة.
وأكد الوزير أن المشروع يُعزز حماية حقوق الضحايا والشهود والمبلغين، كما يتضمن استخدام التكنولوجيا الحديثة في إجراءات المحاكمة والتحقيق، مثل المحاكمات عن بُعد والإخطارات الإلكترونية، بما يواكب التطورات الدولية.
وفي إطار تعزيز حرية الرأي والتعبير والمشاركة السياسية، أشار فوزي إلى أن مبادرة الحوار الوطني كانت نقطة انطلاق مهمة لتوسيع دائرة المشاركة السياسية والمجتمعية، عبر إشراك كافة أطياف المجتمع في وضع أولويات العمل الوطني مع اعتماد آلية (التوافق) بدلاً من التصويت، وشموله للمحاور السياسية والاقتصادية والمجتمعية.
كما قال إن الحوار الوطني نتج عنه في مرحلته الأولى مخرجات استراتيجية أحالها السيد رئيس الجمهورية لجهات الدولة المعنية للدراسة والتنفيذ، بخلاف الإفراج عن العديد من المحكوم عليهم بتوصيات من لجنة العفو الرئاسي، التي تتولى فحص ملفات المحكوم عليهم ممن تنطبق عليهم شروط العفو للإفراج عنهم قبل إتمام المدة المحكوم بها.
وعلى صعيد الإعلام، أوضح فوزي أن مصر تتميز بتعددية صحفية وإعلامية كبيرة، حيث بلغ عدد الصحف المسجلة أكثر من 580 صحيفة، وعدد القنوات الفضائية المرخصة أكثر من 74 قناة، والمواقع الإلكترونية المرخصة أكثر من 200 موقع، والمحطات الإذاعية أكثر من 14 شبكة إذاعية، مشيرًا إلى أن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام يتولى الإشراف على هذا القطاع بصورة مستقلة، وتكون قراراته بشكل مسبب، مع ضمان خضوع قراراته للرقابة القضائية إلغاء وتعويضًا.
وأكد الوزير أن التعددية الحزبية تمثل ركنًا أساسيًا من أركان الديمقراطية المصرية، مشيرًا إلى أن الانتخابات البرلمانية الأخيرة شهدت تنافس 92 حزبًا سياسيًا، يمثل منها حاليًا 13 حزبًا في مجلس النواب، و15 حزبًا في مجلس الشيوخ، كما أوضح أن الانتخابات الرئاسية الأخيرة أُجريت بمشاركة أربعة مرشحين، وتمت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية تحت إدارة هيئة مستقلة وإشراف قضائي كامل، ومتابعة من منظمات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام، والبعثات الدبلوماسية الأجنبية.
وختامًا أكد المستشار محمود فوزي أن حقوق الإنسان منظومة متكاملة ومترابطة، وهدف إنساني مشترك نسعى جميعًا لتحقيقه، ومصر مستمرة في جهودها لدعم وتعزيز حقوق الإنسان، من خلال تشريعات متطورة وسياسات رشيدة، ومستفيدة من التجارب الناجحة على الصعيد الدولي، مع مراعاة خصوصية ومتطلبات الدولة الدستورية والمجتمعية.
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
المستشار محمود فوزي وزير الشئون النيابية جهود مصر في حقوق الإنسان قانون جديد لتنظيم لجوء الأجانبتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الأخبار المتعلقة هل حدث خلاف بين الحكومة في جلسة "الإجراءات الجنائية"؟.. وزير الشؤون النيابية أخبار وزير الشئون النيابية: الهدف من مشروع "الإجراءات الجنائية" تحقيق العدالة أخبار وزير الشئون النيابية يشارك في احتفالية الطائفة الإنجيلية بعيد الميلاد المجيد أخبار وزير الشئون النيابية يشارك في لقاء عن تمكين الشباب بجامعة النيل الأهلية أخبارإعلان
إعلان
وزير الشئون النيابية يستعرض جهود مصر في حقوق الإنسان أمام الأمم المتحدة
© 2021 جميع الحقوق محفوظة لدى
القاهرة - مصر
21 13 الرطوبة: 33% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار bbc وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانكالمصدر: مصراوي
كلمات دلالية: معرض القاهرة الدولي للكتاب مقترح ترامب لتهجير غزة مسلسلات رمضان 2025 سعر الدولار أسعار الذهب نظام البكالوريا الجديد تنصيب ترامب صفقة غزة سكن لكل المصريين الحرب على غزة سعر الفائدة أول أيام شهر رمضان 2025 المستشار محمود فوزي وزير الشئون النيابية جهود مصر في حقوق الإنسان قانون جديد لتنظيم لجوء الأجانب أخبار وزیر الشئون النیابیة صور وفیدیوهات حقوق الإنسان الوزیر أن أکثر من إلى أن
إقرأ أيضاً:
ماذا يعني انسحاب الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان؟
في 4 شباط/ فبراير 2025، أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في فترته الرئاسية الثانية، أمرا تنفيذيا بقطع أي تعاون مع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، مشيرا إلى "انحياز مزمن ضد إسرائيل" وفشل المجلس في معالجة انتهاكات حقوق الإنسان بشكل عادل. هذا القرار، الذي جاء بعد لقاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يعكس عودة إلى سياسة "أمريكا أولا"، رافضا المؤسسات الدولية التي لا تتماشى مع المصالح الأمريكية أو حلفائها. الانسحاب يعني قطع الدعم المالي والسياسي، مما يثير تساؤلات حول تأثيره على النظام العالمي لحقوق الإنسان.
أهمية مجلس حقوق الإنسان:
إن المجلس، الذي تأسس عام 2006 بقرار الجمعية العامة 60/251، يضم 47 دولة منتخبة ويعمل كمنصة أممية لتعزيز حقوق الإنسان عبر مراقبة الانتهاكات، ومناقشة قضايا مثل حرية التعبير وحقوق اللاجئين وقضايا حقوقية أخرى، وتقديم توصيات كأداة رئيسية للضغط على الدول للامتثال للمعايير الدولية، موفرا حوارا بين الحكومات والمنظمات غير الحكومية.
لكن من الواضح أن فعالية المجلس تثير جدلا واسعا بسبب طبيعته غير الملزمة قانونيا واعتماده على الإرادة السياسية بدلا من الإلزام، إذ يقتصر دوره على "تقديم المشورة" دون سلطة تنفيذية. فعلى سبيل المثال، دعا قرار المجلس (A/HRC/RES/46/1، 2021) إسرائيل لوقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة كانتهاك لاتفاقية جنيف الرابعة (المادة 49)، لكن إسرائيل رفضته ووصفت المجلس بـ"التحيز" دون تبعات. كذلك، وثّق تحقيق أحداث غزة في 2014 (A/HRC/29/52) انتهاكات محتملة للقانون الإنساني الدولي، مما أنتج ضغطا دوليا رمزيا لم يغير السياسات الإسرائيلية.
تكشف ردود الفعل هذه عن انقسام عالمي حاد، حيث عبرت الأمم المتحدة وأوروبا عن قلقهما من تداعياته على النظام الحقوقي الدولي، بينما رحبت الصين وروسيا وإسرائيل بالخطوة لأسباب تتعلق بنفوذهما داخل المجلس. المواقف العربية تباينت بين رفض مباشر من الأردن وفلسطين، وتحفظ حذر من مصر والسعودية، ما يعكس الحسابات السياسية لكل طرف. في المقابل، حذرت المنظمات الحقوقية من أن الانسحاب قد يشجع دولا أخرى على تقليص التزاماتها
قانونيا، لا تُعادل توصيات المجلس الالتزامات الملزمة في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (ICCPR)، لكنها تكمله كأداة رقابية. إجمالا، يساعد المجلس على احترام حقوق الإنسان بقدر ما تسمح ديناميكيات القوة الدولية، لكنه يظل محدودا بدون عقوبات فعلية، مما يجعل تعاون الدول الكبرى حاسما، وانسحاب دولة كالولايات المتحدة حدثا مؤثرا.
انسحاب الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان: انقسامات دولية وردود فعل متباينة
كشف خروج الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان عن انقسامات حادة في المشهد الدولي، حيث أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن أسفه في بيان رسمي، مشددا على أهمية الدور الأمريكي في تعزيز حقوق الإنسان، ومحذرا من أن الانسحاب قد يؤدي إلى تراجع التقدم الدولي في مواجهة الأزمات العالمية، مثل تغير المناخ والصراعات المسلحة. كما ذكّر بموقفه في 2018 عندما وصف المجلس بأنه "هيكل حيوي" لحماية الحقوق الأساسية.
ومن جهته، أكد رئيس مجلس حقوق الإنسان، فيديريكو فيليغاس، استمرار المجلس كمنصة رئيسية للدفاع عن القضايا الحقوقية، ودعا إلى تعزيز التعاون الدولي للحفاظ على مصداقية المجلس، مستندا إلى تصريحات سابقة لـفويسلاف سوك في 2018 حول أن المجلس يبقى "المكان الأمثل" لمعالجة انتهاكات الحقوق، رغم الإقرار بتحديات متزايدة مثل تنامي نفوذ الصين في المجلس بعد الانسحاب الأمريكي.
تباينت ردود الفعل العربية، حيث أعربت مصر عن قلقها إزاء تأثير الانفصال عن المجلس على قضايا حساسة مثل فلسطين، لكنها حافظت على نهج حذر نظرا لاعتمادها السياسي والعسكري على الولايات المتحدة، بينما وصف الأردن القرار بـ"ضربة للقضية الفلسطينية"، وفق ما أعلنه وزير الخارجية أيمن الصفدي، مشيرا إلى أن الانسحاب يضعف آليات محاسبة الاحتلال الإسرائيلي. أما السعودية فاتخذت موقفا حياديا، داعية إلى "إصلاح المجلس"، في إشارة ضمنية إلى تحفظاتها القديمة حول تسييس بعض قراراته، فيما نددت فلسطين بالقرار، معتبرة أنه "تخلٍ عن الضحايا"، مستندة إلى القرار الأممي (A/HRC/RES/46/1) الذي يعترف بانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي، في حين أعربت جامعة الدول العربية عن أسفها للقرار، داعية إلى تعزيز دور المجلس لمواجهة التحديات الحقوقية في المنطقة والعالم.
وعلى الصعيد الدولي، عبرت ألمانيا عن أسفها العميق، محذرة من أن الانسحاب سيفتح المجال أمام تزايد نفوذ الصين وروسيا داخل المجلس، مما قد يؤدي إلى إضعاف التركيز على قضايا الحريات الأساسية والديمقراطية، بينما رحبت الصين ضمنيا يوم بالقرار، حيث صرّحت وزارة خارجيتها بأن الانسحاب سيسمح بـ"عمل أكثر فعالية دون تدخلات أحادية". من جانبها، دعمت إسرائيل القرار وأعلنت انسحابها أيضا من المجلس، حيث وصف جدعون ساعر المجلس بـ"المنحاز ضد إسرائيل". أما منظمة هيومن رايتس ووتش فحذرت من أن الانسحاب الأمريكي قد يشجع دولا أخرى على تقليص التزاماتها الحقوقية، خاصة في قضايا مثل فلسطين.
روسيا رحبت ضمنيا بالانسحاب الأمريكي، إذ أشارت موسكو إلى أن ذلك "يُقلل التدخل الأحادي"، مما يتماشى مع موقفها ضد هيمنة الغرب في المجلس، بينما اكتفت الهند بموقف حذر، داعية إلى "إصلاح شامل" دون إدانة مباشرة، مع تركيزها على دورها كوسيط في الجنوب العالمي.
سيناريو محتمل هو أن تستغل روسيا والصين الفراغ لتعزيز نفوذهما، ربما بتمويل مشروط يُركز على قضايا مثل "الحق في التنمية" (A/HRC/RES/37/23)، بينما قد تقود الهند تحالفا مع دول أفريقية لدعم المجلس، لكن بموارد محدودة (0.8 في المئة من الميزانية)، مما قد يُبطئ الاستجابة للأزمات الدولية.
تكشف ردود الفعل هذه عن انقسام عالمي حاد، حيث عبرت الأمم المتحدة وأوروبا عن قلقهما من تداعياته على النظام الحقوقي الدولي، بينما رحبت الصين وروسيا وإسرائيل بالخطوة لأسباب تتعلق بنفوذهما داخل المجلس. المواقف العربية تباينت بين رفض مباشر من الأردن وفلسطين، وتحفظ حذر من مصر والسعودية، ما يعكس الحسابات السياسية لكل طرف. في المقابل، حذرت المنظمات الحقوقية من أن الانسحاب قد يشجع دولا أخرى على تقليص التزاماتها الحقوقية، مما يضعف آليات المساءلة الدولية.
قطع التمويل يهدد موارد مجلس حقوق الإنسان:
تعتبر الولايات المتحدة، أكبر مساهم في ميزانية الأمم المتحدة، تقدم نحو 22 في المئة من الميزانية الأساسية للمنظمة (حوالي 3.4 مليار دولار سنويا في 2022) و27 في المئة من ميزانية عمليات حفظ السلام (تقارب 6.5 مليار دولار)، وفقا لتقارير الأمم المتحدة. بالنسبة لمجلس حقوق الإنسان، لا تُخصص له ميزانية مستقلة كبيرة، لكن موارده تعتمد على الميزانية العامة التي تشكل الولايات المتحدة جزءا رئيسا منها، إلى جانب تكاليف البرامج المرتبطة مثل الأونروا، التي تلقت 343 مليون دولار من الولايات المتحدة في 2022 قبل توقف التمويل.
والأمر التنفيذي الذي وقّعه ترامب في 4 شباط/ فبراير 2025 يوقف التمويل المباشر وغير المباشر للمجلس والأونروا، مما يهدد بتقليص الموارد المتاحة لعمليات مثل التحقيقات الميدانية ودعم المقررين الخاصين بنسبة قد تصل إلى 20-30 في المئة من إجمالي ميزانية المجلس المعتمدة على الدعم الغربي. هذا التخفيض يضع ضغطا كبيرا على الدول الأوروبية، مثل ألمانيا والسويد، لتعويض النقص، أو قد يتيح لدول مثل الصين وروسيا فرصة زيادة نفوذها عبر توجيه التمويل وفق أجنداتها، خاصة في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية.
الآثار القانونية والسياسية
ابتعاد الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان، بقرار ترامب الثاني، يحمل آثارا قانونية وسياسية عميقة تهدد النظام الحقوقي العالمي
إن ابتعاد الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان، بقرار ترامب الثاني، يحمل آثارا قانونية وسياسية عميقة تهدد النظام الحقوقي العالمي. قانونيا، لا يُلغي التزاماتها في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (ICCPR) لحماية الحريات (المادتان 19 و21) أو اتفاقية جنيف الرابعة (1949) بشأن المدنيين، لكنه يُقوّض دورها في صياغة قرارات مثل إدانة إسرائيل بالأراضي المحتلة (A/HRC/RES/46/1) 2021 أو دعم تحقيقات كميانمار (A/HRC/RES/34/22) 2017 التي وثّقت جرائم ضد الإنسانية، مُضعفا آليات الرقابة الدولية رغم رفضها اختصاص المحكمة الجنائية الدولية (ICC).
سياسيا، تعكس "عقيدة ترامب" تفضيل العمل الأحادي أو تحالفات محدودة كالناتو وإسرائيل على المؤسسات متعددة الأطراف، مُفاقما التوترات مع حلفاء كفرنسا وألمانيا (اللتين دعتا للإصلاح في 2018)، ومُعقدا التعاون في مكافحة الإرهاب عبر "الائتلاف ضد داعش" أو دعم الأونروا للاجئين. هذا يُقلّص الضغط على المُنتهكين، خاصة مع صعود الصين وروسيا -اللتين عرقلتا قرارات غب سوريا (2011-2025) للهيمنة على المجلس بدعم قرارات تُبرر القمع كـ"الحق في التنمية" (A/HRC/RES/37/23) 2018، مُهددا مصداقيته كمنصة عالمية ومُشجعا دولا على التخلي عن التزاماتها منذ الإعلان العالمي (1948)
فبدون ثقل الولايات المتحدة (22 في المئة من ميزانية الأمم المتحدة)، تتراجع فعالية الاستعراض الدوري الشامل (UPR)، تاركة ضحايا كالروهينغا والفلسطينيين بلا صوت قوي. العالم قد يستجيب بقيادة أوروبية (ألمانيا 6.1 في المئة، فرنسا 4.4 في المئة من الميزانية) لسد الفراغ كما في أوكرانيا (2022)، أو تحالفات جنوبية (الهند 0.8 في المئة) لاستقلالية المجلس، أو إصلاحات تُقلّص عضوية المُنتهكين، لكن الانقسامات قد تُحيله إلى منصة رمزية ما لم تُوجد إرادة جماعية.