خبراء: التمارين المكثفة لا تضمن حرق سعرات حرارية أعلى
تاريخ النشر: 28th, January 2025 GMT
في عام 2012، انطلق عالم الأنثروبولوجيا الأميركي هيرمان بونتزر، مؤلف الكتاب الأكثر مبيعًا لعام 2021 "حرق" (Burn)، في إجراء دراسة حول التمثيل الغذائي لقبيلة "هادزا" في تنزانيا. تُعد القبيلة مجتمعا من الصيادين وجامعي الثمار الذين يعيشون حياة نشطة باستمرار، تتضمن المشي والركض ورفع الأشياء الثقيلة طوال اليوم.
هذه النتائج دفعت هيرمان بونتزر إلى صياغة نظرية جديدة حول كيفية استخدام أجسامنا للسعرات الحرارية، أطلق عليها اسم "نموذج الإنفاق الإجمالي للطاقة". تشير هذه النظرية إلى أن أجسادنا وأدمغتنا تمتلك القدرة على تعديل استهلاك السعرات الحرارية، خاصة في حالات النشاط المكثف، من خلال إبطاء أو حتى تعطيل بعض العمليات البيولوجية بهدف الحفاظ على مستوى ثابت من السعرات المحروقة. وأوضح بونتزر، "أجرينا دراسات شملت أشخاصا نشيطين للغاية، مثل العدائين، وآخرين خاملين تماما، ووجدنا أنهم يحرقون تقريبا نفس عدد السعرات الحرارية". وهذا يفسر جزئيًا سبب عدم فقداننا للوزن بشكل كبير عبر ممارسة الرياضة، رغم فوائدها الكبيرة للصحة.
إعلان أفكار مماثلة من باحثين آخرينبونتزر ليس الوحيد الذي توصل إلى هذا الاستنتاج. الدكتورة ميشيل سيجار، المتخصصة في علم التحفيز ومؤلفة كتاب "لا تعرق" (No Sweat)، الذي تصدر قائمة الكتب في مجال التمارين الرياضية واللياقة البدنية فور صدوره، أكدت الفكرة نفسها. ففي مقال لها على موقع "يو إس نيوز" عام 2017، أوضحت، "لطالما قلت إن ممارسة الرياضة لإنقاص الوزن لن تساعد معظم الناس على الالتزام بالتمارين على المدى الطويل". وأضافت أن النشاط البدني يُعد "وسيلة غير فعالة لفقدان الوزن"، مستشهدة بدراسة نُشرت في العام نفسه، شملت نحو ألفي شخص من بلدان متعددة على مدى 5 سنوات، وخلصت إلى أن "النشاط البدني لا يوفر حماية مؤكدة ضد زيادة الوزن".
مارتن جيبالا، مؤسس مفهوم التدريب المتقطع عالي الكثافة، أشار في مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن "التمارين الرياضية لا تلعب دورا كبيرا في التحكم بالوزن. قد يكون من الصعب تقبل هذه الحقيقة، لكنها صحيحة". وأضاف أن "تخفيض السعرات الحرارية من خلال النظام الغذائي قد يكون أسهل وأكثر فعالية من الاعتماد على التمارين الرياضية".
كيفن هول، أحد العلماء البارزين في مجال فقدان الوزن بالمعاهد الوطنية الأميركية للصحة، أضاف تأكيدا مشابها: "التمارين الرياضية ليست أداة فعالة لإنقاص الوزن. إنها رائعة لتحسين الصحة، بل وربما أفضل ما يمكنك فعله بعد الإقلاع عن التدخين لتعزيز صحتك، لكنها ليست الوسيلة المثلى لفقدان الوزن".
فعالية التمارين الرياضية في فقدان الوزن مبالغ فيهاأيضا، أوضح الدكتور أندرو جاجيم، أخصائي فسيولوجيا التمرينات الرياضية، على موقع مايو كلينك، أن "العديد من الناس قد يلاحظون أن جهودهم في ممارسة التمارين الرياضية، لم تؤد إلى فقدان الوزن بقدر ما كانوا يأملون". موضحا أن هذا لا يعني أن التمارين الرياضية مضيعة للوقت والجهد، فهي توفر العديد من الفوائد الصحية، ويمكن الاعتماد عليها للوقاية من الأمراض المزمنة، والحد من خطر الوفاة بشكل عام؛ لكن فعاليتها لفقدان الوزن تكون مبالغا فيها في بعض الأحيان".
ومع تحول السعرات الحرارية والتحكم في الوزن إلى موضوعات تشغل أذهاننا، وخصوصا مع كل استقبال لعام جديد؛ تحدث بونتزر إلى صحيفة "واشنطن بوست" حول ما تقوله أحدث الأبحاث عن عملية التمثيل الغذائي لدينا، وما إذا كانت تتأثر بالتمارين الرياضية، أو بالاختلاف بين الرجال والنساء، وعن مدى إمكانية تعزيزها؛ من خلال إجاباته على الأسئلة التالية:
إعلان ما التمثيل الغذائي؟بونتزر: التمثيل الغذائي هو جميع العمليات الكيميائية التي تقوم بها جميع خلايا جسمنا البالغ عددها 37 تريليون خلية كل يوم لتزويد الجسم بالطاقة اللازمة لأداء وظائفه الأساسية مثل التنفس والهضم.
هل التمثيل الغذائي يتباطأ في منتصف العمر، وأسرع لدى الرجال من النساء؟بونتزر: لا، وإن كان يبدو أن هناك بعض التباطؤ بعد سن الستين.
هل كلما ركضنا أكثر، أحرقنا المزيد من السعرات الحرارية، وفقدنا المزيد من الوزن؟بونتزر: "ليس الأمر بهذه البساطة". إذا قمنا بممارسة الرياضة اليوم، فمن الطبيعي أن نحرق طاقة أكثر في هذا اليوم. ولكن إذا جعلنا الرياضة عادة يومية وأصبح ذلك جزءا من نمط حياتنا الجديد، فإن أجسامنا تتكيف مع هذا الوضع، مما يؤدي في النهاية إلى عدم زيادة كبيرة في إجمالي السعرات الحرارية المحروقة.
ويضيف أنه كلما زاد إنفاقنا للطاقة على ممارسة الرياضة، تسعى أجسامنا لتوزيع هذا الإنفاق بطرق أخرى، مما يقلل من استهلاك الطاقة في جوانب أخرى. ومع ذلك، هناك أخبار جيدة؛ فالتعديلات التي يجريها الجسم نتيجة للتمارين تشمل تقليل الالتهابات وتقليل آثار الإجهاد، وهي فوائد كبيرة تجعل ممارسة الرياضة أمرا ضروريا لصحتنا العامة
هل يمكننا تعزيز عملية التمثيل الغذائي لدينا بتناول الحبوب أو الأطعمة الصحية؟بونتزر: لا، لا توجد طريقة لتعزيز عملية التمثيل الغذائي لدينا من خلال ما نأكله، فتناول كميات كبيرة من الأطعمة منخفضة الكربوهيدرات، أو منخفضة الدهون، أو عالية البروتين، "لا يبدو أن له أي تأثير ملموس على السعرات الحرارية المحروقة يوميا".
ما العامل الرئيسي الذي يحدد عدد السعرات الحرارية التي نحرقها كل يوم؟يُوضح بونتزر أن العامل الأساسي في حرق السعرات الحرارية يعتمد على "حجم الجسم ونوع الخلايا". فالأشخاص الأكبر حجمًا يحرقون سعرات حرارية أكثر، بينما الخلايا الدهنية تستهلك طاقة أقل مقارنة بالخلايا الأخرى. وعند مقارنة الرجال بالنساء، نجد أن الرجال يحرقون سعرات حرارية أكثر لأنهم عادة ما يكونون أكبر حجما ولديهم نسبة دهون أقل. لكنه يضيف "إذا تساوى رجل وامرأة في حجم الجسم ونسبة الدهون، فإنهما سيحرقان نفس العدد من السعرات الحرارية يوميا".
بونتزر: نعم، فأعلى إجمالي للسعرات الحرارية المستهلكة في حياتنا يكون في أواخر مرحلة المراهقة؛ لكن لا أحد يحرق سعرات حرارية مثل طفل في عمر 3 أو 4 سنوات، فعمليات التمثيل الغذائي لديهم تكون شديدة الحرارة بسبب مقدار العمل الذي تقوم به خلاياهم من أجل النمو والتطور.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات التمارین الریاضیة السعرات الحراریة التمثیل الغذائی ممارسة الریاضة سعرات حراریة من السعرات من خلال
إقرأ أيضاً:
«حسن النية».. طريق آخر نحو الضياع !
قريبًا، سيشرع الجميع في الاستعداد لرحلاتهم إلى الخارج، سواء كانوا من المواطنين أو المغتربين. فقد بدأ موسم الإجازات الصيفية يفتح أبوابه أمام كل من يتطلع لاكتشاف آفاق جديدة أو العودة إلى الوطن لقضاء لحظات مميزة برفقة العائلة.
لكن ما إن بدأنا في الحديث عن هذا الموضوع حتى استرجعنا مشهدًا أصبح مألوفًا مع مرور الأعوام، حيث تتكرر مشكلات لم تنقضِ فصولها أو تُجتث جذورها بسهولة. فبعض هذه المشكلات قد تطور بشكل ملحوظ حتى وصل إلى ساحات القضاء، وتم بالفعل إصدار أحكام بالسجن على بعض من أساؤوا تقدير حدود مسؤولياتهم، معتقدين أنهم يطبقون مبدأ «حسن النية»، دون أن يدركوا أحيانًا أنهم يتسببون في الإضرار بالأمن العام وتجاوز القانون، ليجدوا أنفسهم في موقع «ضحايا» يسهلون عمليات تهريب المواد الممنوعة محليًا ودوليًا.
لن نخوض في الحديث عن بعض شركات ومكاتب السفر والسياحة التي تستغل حاجة الناس لتذاكر السفر المخفضة أو العروض الترويجية لأماكن سياحية رائعة في فصل الصيف، حيث تقوم بنشر إعلانات تضليلية وتذاكر وهمية وأفعال أخرى مشينة تهدف إلى جذب الزبائن تحت مسمى «عروض الصيف»، مستغلةً بذلك حماس الناس ورغبتهم في الاستمتاع بإجازاتهم.
ولكن سوف نذهب إلى منعطف آخر ليس ببعيد، ونبدأ بسؤال كثر الحديث عنه وأصبح معتادًا البحث عن إجابته في محركات البحث وغيرها:
هل حسن النية لدى الأفراد يعفيهم من المسؤولية القانونية؟
في حقيقة الأمر، ثمة إجماع من رجال القانون على أن حسن النية «لا يعفى من المساءلة القانونية»! وإثبات حسن النية أمر ليس سهلًا على الإطلاق في حال توجيه التهمة، وهناك مشقة كبرى في إثبات الشخص أمام القضاة بأن ما فعله لم يكن إلا بدافع «حسن النية»، وبالطبع يكون حينها موقوفًا في السجن وقد أصابه الكثير من الضرر النفسي والمجتمعي.
إذن ما العلاقة بين «السفر وحسن النية»؟
تبدأ المشكلة أحيانًا قبل أن يصل المسافر إلى المطار استعدادًا لرحلته، حيث يقوم البعض الذين يعلمون بنية الشخص السفر بتسليمه بعض المتعلقات الخاصة بهم، مُقنعين إياه بحمل ما سيحمله ضمن أمتعته الشخصية. وفي أحيان أخرى، تبدأ القصة عند منضدة تخليص إجراءات السفر ووزن الأمتعة، حيث يقترب منا بعض الأشخاص «المجهولين» بأسلوب التودد، رغم أننا لا تربطنا بهم أي صلة قرابة أو صداقة. يستغلون حماسة المسافر ورغبته في السفر، ليطلبوا منه «العون والمساعدة» في توصيل حقيبة سفرهم إلى أقاربهم في البلد الذي يتوجه إليه، أو يتوسلون إليه بحمل بعض الأدوية وتسليمها لشخص ينتظره عند وصوله إلى وجهته. هذه المواقف، التي تبدو للوهلة الأولى عادية، قد تحمل في طيّاتها مخاطر كبيرة.
الأمر قد تطور بشكل أكبر من ذلك، حيث أصبح بعض الأشخاص يعرضون على راغبي السفر الذين يعانون من ظروف مالية صعبة تحمُّل نصف أو حتى كامل ثمن التذكرة، بشرط الحصول على الوزن المحدد في التذكرة. كما يذهب البعض إلى شراء بعض من الوزن الإضافي بسعر يتراوح ما بين «الريال والريالين» للكيلوجرام الواحد. وفي هذه الحالة، يتحمل المسافر تبعات الوزن الإضافي غير القانوني. وهناك أيضًا من يتبرع بفائض الوزن الذي يمتلكه للآخرين، فيما يُعتبر نوعًا من التضامن الاجتماعي؛ سعيًا لكسب الأجر والثواب!
في الوقت الراهن، تغمر وسائل التواصل الاجتماعي العشرات بل وربما المئات من الإعلانات التي يعرض فيها أصحابها «شراء الوزن» أو طلب «المساعدة في توصيل متعلقاتهم» إلى وجهات مختلفة. ورغم هذه الإعلانات المتعددة، يبقى المسؤول الأول والأخير عن أي عمل غير قانوني هو المسافر نفسه.
تُعد عمليات التهريب واستغلال الأشخاص البسطاء، الذين يعانون من حاجة ماسة إلى المال، أو استغلال النوايا الحسنة عبر إقناعهم بحمل أمتعة الآخرين وتسجيلها على أسمائهم، سواء كان ذلك مجانًا أو مقابل مبلغ زهيد، مسألة تستدعي التروي والتحكيم العقلي والمنطقي، بعيدًا عن الانجراف وراء العاطفة الإنسانية. فقد أصبحنا نشهد مواقف غريبة ومؤلمة بشكل مستمر، وفي كثير من الأحيان تتوالى سلسلة من الأحداث المؤلمة التي يتم تداولها عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي. وقد صدرت بحق البعض عقوبات بالسجن لفترات طويلة، بينما نال آخرون أحكامًا مشددة، رغم أن الكثيرين منهم كان من الممكن تجنب هذه المواقف لو تم التعامل مع الأمر بحذر وبعيدًا عن التساهل.
عندما تقدم النصيحة لمن يقف بجانبك في صف تخليص الإجراءات بعدم أخذ أمتعة الغير، يعتبرك شخصًا حاسدًا أو ناقمًا عليه، ولا يعي بأن نصائحك واهتمامك بأمره قد ينقذه من مشكلة يمكن أن يتعرض لها في أي لحظة.
في بعض الحالات، قد يعرض عليك شخص ما أن تحمل حقيبته حتى تتجاوز نقطة التفتيش ومنضدة ختم الجوازات، مبررًا ذلك بأن لديه حقيبة ثقيلة أخرى لا يستطيع حملها. ومن باب حسن النية والرغبة في المساعدة، قد توافق على عرضهم، ولكن بعد وقوع المشكلة، تجد نفسك في موقف حرج، تتلفت حولك فلا تجد الشخص الذي طلب منك تلك المساعدة، وحتى إذا تمكنت من تحديد شكله، قد تجد نفسك في دائرة الاتهام أثناء التحقيقات، تكمن المشكلة في أن المسؤولية الكاملة تقع على عاتقك عند حمل متعلقات الآخرين. أحد زملاء العمل حدثني عن تجربته في الماضي عندما قدم تنازلات كثيرة فيما يتعلق بالوزن المسموح له لصالح أشخاص لا يعرفهم فقط لمساعدتهم، لكنه الآن يعترف أنه لو عاد به الزمن لما وافق على ذلك، فالمواقف التي يراها اليوم وسمع عنها تفوق الوصف.