عائشة بنت محمد الكندية

كُلٌ منا يمرّ بمواقف وتجارب تحمل في طياتها مشاعر متناقضة، ما بين الألم والفرح، الحزن والانتصار، ومن المؤكد أن هذه المواقف قد تكون جزءًا من حياتنا الاجتماعية أو المهنية؛ مما قد يؤدي أحيانًا إلى سحق أحلامنا وتبخر أمانينا، خاصة عندما نستسلم لآلامنا أو نحصر أنفسنا في دائرة الإحباط.

ومع ذلك، يبقى السؤال الأهم: هل يمكن أن تصبح المشاعر، مهما كانت صعبة، دافعًا نحو التقدم بدلًا من أن تكون قيدًا يُعيق حركتنا؟

بدايةً، المشاعر جزءٌ لا يتجزأ من كيان الإنسان، فهي التي تمنح لحياته المعنى والعمق. ومع ذلك، فإنه لا يمكننا أن نتجاهل كيف تتحول أحيانًا إلى حاجز يعترض طريقنا، بدلًا من أن تكون قوة دافعة. على سبيل المثال، كثيرًا ما نجد أنفسنا متوقفين عند مشاعر الحزن أو الخوف أو الإحباط، خاصة بعد فقدان شخص عزيز أو التعرض لخيبة أمل كبيرة. ومن المهم أن ندرك أن تلك المحطات تجعلنا ندور في دائرة مغلقة من الأفكار السلبية، فنعتقد أن البقاء في تلك الحالة هو الخيار الوحيد. لكن في الواقع، التوقف عند المشاعر السلبية لفترة طويلة يسرق منا فرصًا ثمينة، ويحولنا إلى متفرجين في حياتنا بدلًا من أن نكون صانعيها.

ولذلك، يُمكن للمشاعر- إذا أحسنّا التعامل معها- أن تصبح وقودًا للحياة؛ فالحزن، على سبيل المثال، يمكن أن يكون دافعًا لبداية جديدة، والخوف يمكن أن يتحول إلى شجاعة نواجه بها المجهول. وعليه، لا ينبغي لنا أن ندع مشاعرنا تسيطر علينا بالكامل، بل يمكننا أن نحولها إلى أدوات تعلّم ونمو. وهنا يبرز التساؤل: كيف يمكننا أن ننتقل من مرحلة التوقف إلى مرحلة التحرك؟

أولًا وقبل كل شيء، تبدأ الخطوة الأولى بتقبّل المشاعر. ومن المهم أن نعترف بما نشعر به بدلًا من محاولة إنكاره أو الهروب منه. وبالفعل، مواجهة الألم بوعي يجعلنا ننظر إليه كفرصة للتعلم والنمو، مهما كان قاسيًا. على سبيل المثال، يمكننا أن نسأل أنفسنا دائمًا: ما الدرس الذي يمكن أن أتعلمه من هذه التجربة؟ كيف يمكنني أن أطور نفسي أو أساعد الآخرين؟ ولا بأس، إذا لزم الأمر، من الاستعانة بأصدقاء مقرّبين أو أفراد العائلة، وحتى مختصين نفسيين، للحصول على الدعم اللازم لتجاوز الصعوبات.

ومن المقولات التي أثرت في تفكيري بشدة في هذا الإطار، ما قاله الكاتب الأمريكي توني روبينز: "المشاعر ليست سوى طاقة، والطريقة التي نوجهها بها هي ما تصنع الفارق". كذلك، عبر الشاعر اللبناني جُبران خليل جبران عن فكرة عميقة بقوله: "الحزن قد يُثمر أزهار الأمل إذا أحسنَّا العناية ببذوره". هذه العبارات تُلخِّص بوضوح جوهر تحويل المشاعر إلى قوة تدفعنا نحو التقدم بدلًا من أن تكون عائقًا في طريقنا.

وفي الختام.. لا شك أن الحياة تمضي بسرعة، ولا تنتظر أولئك الذين يتوقفون طويلًا عند مشاعرهم. وبالنظر إلى ذلك، فإن الفرص تمرّ والعالم لا يتوقف، فلماذا نتوقف نحن؟ لذا، اجعل مشاعرك دافعًا يدفعك لتحقيق أحلامك وأهدافك، وليس قيدًا يُعيق تقدمك. وتذكّر دائمًا أن المحطات التي نمُرُّ بها ليست سوى نقاط عبور، وليست أماكن للإقامة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

طريق حسين الشيخ قد تكون وعرة .. العالول زاهد بالموقع والرجوب تغيب عن الأضواء وممثل الديمقراطية لم يحضر

طريق حسين الشيخ قد تكون وعرة .. العالول زاهد بالموقع والرجوب تغيب عن الأضواء وممثل الديمقراطية لم يحضر

مقالات مشابهة

  • وهبي: لا يمكن توفير طبيب شرعي لكل إقليم بسبب ضعف أجور التشريح التي لا تتجاوز 100 درهم
  • نتنياهو وكاتس: الضاحية الجنوبية لن تكون ملاذا لحزب الله
  • أين بتول؟ صرخة زوج تختصر مأساة اليمن وتوحد المشاعر الإنسانية
  • الهند قد تكون أول من يوقع اتفاقيات الرسوم مع أميركا
  • علامات قد تكون مؤشرا لإصابتك باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه
  • طريق حسين الشيخ قد تكون وعرة .. العالول زاهد بالموقع والرجوب تغيب عن الأضواء وممثل الديمقراطية لم يحضر
  • آخر ليلة من شوال قد تكون الآن.. 13 دعاء تفتح لك كل أبواب الرزق
  • الفرص المتاحة: كيف يمكن للحرب التجارية بين أمريكا والصين أن تكون نعمة للدول النامية؟
  • حماد عبد الله حماد – الدندر: حين تكون البذاءة مؤسسة
  • هل قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة تجعل الله ينظر لقائلها ويغفر له؟