نواكشوط- "لا لمشروع القانون القمعي"، شعار رفعه رؤساء أحزاب وتكتلات سياسية في وقفة احتجاجية أمس الاثنين، أمام مبنى البرلمان الموريتاني، تزامنا مع نقاشات حادة بين الأغلبية والمعارضة حول تعديل قانون الأحزاب السياسية، داخل الغرفة التشريعية الوحيدة في البلاد.

لكن الحكومة التي تستأثر بأغلبية برلمانية مريحة، استطاعت، رغم الضغوط، تمرير التعديلات القانونية الجديدة والمصادقة عليها في وقت متأخر من مساء الاثنين، بعد نحو 10 ساعات من النقاش المحتدم والمداولات.

وأثار التعديل الجديد لقانون الأحزاب السياسية الصادر عام 1991، سجالا واسعا في الساحة السياسية في موريتانيا واعتبرته المعارضة تهديدا للتعددية الحزبية ومحاولة لتضييق الحريات السياسية وتطالب بسحبه.

وفي دفاعه عن التعديل أمام البرلمان، أكد وزير الداخلية محمد أحمد ولد محمد الأمين "أن الهدف من هذا التعديل ليس هو مصادرة الحريات ولا الحد من الأحزاب، وإنما هو تنقية المشهد السياسي وترشيد العملية السياسية وأن تقدم الأحزاب محتوى ذا قيمة عالية".

وأوضح الوزير أن صياغة هذا القانون تمت على أساس معايير من أهمها: أن يكون لكل حزب رؤية سياسية ومجتمعية شاملة، ونخبة سياسية قادرة على الإقناع، وموارد مالية متجددة، وقاعدة شعبية ثابتة، وأن يعكس التنوع الجغرافي والاجتماعي للبلد.

النائب في المعارضة يحيى أبوبكر يرى أن تمرير التعديل على قانون الأحزاب بموريتانيا تمييع للحياة السياسية (الجزيرة) شروط تعجيزية

وتفرض التعديلات الجديدة قيودا تقول المعارضة إنها تهدد التعددية الحزبية في موريتانيا وتعرقل تأسيس الأحزاب، إذ تشترط في ترخيص الأحزاب الحصول على 5 آلاف منتسب، 10% منهم من كل ولاية، بالإضافة إلى إلزامية تأجير مقرات في نصف ولايات البلاد.

إعلان

وتخشى المعارضة من انتكاسة المشهد الديمقراطي في موريتانيا، ومن أن تقود هذه التعديلات إلى تكريس النزعة السلطوية ونظام الحزب المهيمن واحتكار الممارسة السياسية، بعد أن أصبحت عملية الترخيص معقدة مقابل تسهيل مضايقة الأحزاب وإغلاقها أوحلها.

وتعتقد المعارضة أن هذا القانون عزز من صلاحيات وزارة الداخلية، والتي من بينها الترخيص، بدل التصريح، ثم تولي المراقبة، والإنذار، والإغلاق، وحتى الحل، شرط أن يصادق عليه مجلس الوزراء.

وقد يعصف هذا القانون الجديد بمستقبل عشرات الأحزاب قيد الترخيص، والتي من أبرزها "حزب "الرك" للمعارض برام الداه اعبيد. كما أن أحزابا أخرى ستواجه خطر الحل بسبب الشروط التعجيزية.

دون حوار

وبينما كانت المعارضة تترقب منذ نحو 6 سنوات حوارا شاملا طالما وعدها به النظام الحالي، إذ بتعديلات "تسقط من السماء" حسب تعبيرها، تقول المعارضة إنه كان من المفترض أن تكون التعديلات منبثقة من الحوار الغائب المنتظر.

وتساءل النائب يحيى أبو بكر رئيس فريق حزب "تواصل" المعارض عن السبب الذي منع الحكومة التي دائما ما تتخذ شعار الإجماع ومد اليد للآخر، من الاتفاق مع الطبقة السياسية بخصوص قانون الأحزاب، ولماذا لم تتم الدعوة إلى الحوار والتشاور مع الأحزاب الأخرى سواء كانت موالية أو معارضة أو قيد التأسيس لمعرفة رأيهم بخصوص هذا القانون.

وينفي وزير الداخلية هذا الطرح مؤكدا "أن هذا القانون منبثق من جلسات التشاور التي عقدت مع كافة الأحزاب، وأنه استدعى جميع الأحزاب المرخصة وغير المرخصة للتشاور معها حول القانون المعدل".

وفي حديثه للجزيرة نت، اتهم النائب أبو بكر الحكومات المتعاقبة بتمييع الحياة السياسية وذلك من خلال تزوير الانتخابات، وتهديد المواطنين بعدم تحقيق مصالحهم إن لم يصوتوا لـ"حزب الدولة" حسب توصيفه.

إعلان

كما اتهم الحكومة "بالتلاعب بالألفاظ والنصوص القانونية من خلال إبقاء بعض الإبهام على النصوص الواردة في هذا القانون".

أما المحلل السياسي الدكتور ديدي ولد السالك فيعتقد "أن تقديم التعديل الجديد في هذا الوقت من طرف الحكومة للبرلمان للتصويت عليه، وفي أفق حوار وطني، يدل على أن السلطة ليست جادة في الحوار، فمن المفترض أن تكون أبواب أو مواضيع الحوار حول إصلاح الحياة السياسية للأحزاب.

 

النائب الموالي ابحيده ولد خطري يرى أن تعديل قانون الأحزاب يتضمن إصلاحات جوهرية (الجزيرة) إصلاحات جوهرية

وفي المقابل، يرى النائب ابحيده ولد خطري (من الأغلبية الحاكمة) "أن هذا التعديل الجديد يعد مطلبا لدى العديد من المواطنين، وتقديمه في هذه الظرفية الحالية ملائم جدا لجو التهدئة والحوار والتشاور الذي انتهجه الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني".

ويضيف -للجزيرة نت من داخل البرلمان عقب المصادقة على القانون- أن التعديل الجديد يتضمن عدة إصلاحات جوهرية بخصوص الأحزاب السياسية ستسهم في تحسين وتطوير العملية الديمقراطية في موريتانيا وانتشار الوعي في صفوف المواطنين".

وتضمن التعديل المصادق عليه، حسب النائب، نقاطا جوهرية مثل شروط الأحزاب التي من بينها:

 رفع أعضاء الجمعية التأسيسية من 20 إلى 150 مواطنا يمثلون كافة الولايات.  تزكية 5 آلاف مواطن لبرنامج الحزب ينتمون إلى نصف ولايات الوطن على الأقل.  خفض السن المشروطة في تأسيس الحزب من 25 إلى 20 سنة.  تجديد ثلث أعضاء الهيئات القيادية على الأقل عقب كل دورة. فتح مقرات في نصف ولايات الوطن على الأقل في أجل أدناه 6 أشهر من تاريخ الترخيص.

وفي الوقت الذي رفض فيه البرلمان الموريتاني المصادقة على 5 تعديلات مقترحة من فريق تواصل المعارض حول القانون المعدل، يقول النائب ابحيده إنه سبق وأن ناقشت اللجنة المختصة داخل البرلمان هذا القانون مع ممثلين عن المعارضة، وتم اقتراح تعديلات من اللجنة والمصادقة عليها اليوم.

إعلان

ويتعلق ذلك حسب النائب بالمادة 8 جديدة والمادة 9 جديدة والمادة 10 جديدة، والمادة 20 جديدة كذلك تمت الموافقة على مقترح يطالب الإبقاء على نسبة 1% بخصوص النسبة المطلوب الحصول عليها في آخر انتخابات بلدية عامة للولوج والمساعدة المالية بدلا من رفعها إلى 2%.

 

 

 انتقال ديمقراطي

وفي حديث للجزيرة نت، قال الدكتور ديدي ولد السالك إن طرح قانون الأحزاب على البرلمان في هذا التوقيت وبهذا الشكل يثير عدة تساؤلات حول أفق مسار الانتقال الديمقراطي الموريتاني.

فمن حيث الموضوع، يعتقد الدكتور، أن هذا القانون "خطير جدا "على قضية الحريات والديمقراطية في موريتانيا.

وأوضح أن الخطر الأول يكمن في التنصيص على شروط قاسية في الترخيص، بعد أن كان شبه تصريح صار ترخيصا من قبل وزارة الداخلية، معتبرا أن هذا فيه تراجع كبير عن المسار الديمقراطي.

أما الخطر الثاني، حسب المتحدث ذاته، فهو أن وزارة الداخلية تجعل حل الأحزاب بيد وزير الداخلية، بينما المفترض أن يكون حل الأحزاب من اختصاص العدالة. وبالتالي، يرى ديدي ولد السالك، أن وزارة الداخلية عمليا تتحكم في الحياة السياسية من خلال تحكمها في الأحزاب، ومن خلال الشروط الحالية يمكن لها أن تحل الحزب في أي لحظة وقد لا ترخص له من الأساس.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات وزارة الداخلیة التعدیل الجدید قانون الأحزاب فی موریتانیا هذا القانون من خلال أن هذا

إقرأ أيضاً:

لاستقلالية القرار المالي والإداري.. صناعة النواب تناقش تعديل قانون الثروة المعدنية

بدأ منذ قليل اجتماع لجنة الصناعة، برئاسة النائب محمد مصطفى السلاب رئيس اللجنة، وبحضور المستشار محمود فوزي وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، والمستشار محمد عبدالعليم كفافي المستشار القانوني لرئيس مجلس النواب ، وممثلين عن وزارات الدفاع، المالية، العدل، البترول، وذلك لمناقشة مشروع القانون المقدم من النائب محمد إسماعيل بتعديل بعض أحكام القانون رقم ١٩٨ لسنة ٢٠١٤ بإصدار قانون الثروة المعدنية.

ويهدف مشروع القانون ، إلى تحويل الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية إلى هيئة عامة اقتصادية ، وذلك لاستقلالية القرار المالي والإداري للهيئة مما يدعم عمليات تطوير قطاع التعدين، وتعظيم العوائد الاقتصادية لقطاع التعدين، ووضع نظام قانوني متكامل على غرار التنظيم القانوني للهيئة العامة للبترول، مما يحقق الاستغلال الأمثل لقطاع التعدين في مصر.

كما يهدف مشروع القانون إلى وضع نظام قانوني متكامل على غرار التنظيم القانوني للهيئة العامة للبترول. من شأنه تحقيق نوع من المرونة المنضبطة وتبسيط الإجراءات حتى تتمكن الهيئة من مواجهة متطلبات تنمية الثروة المعدنية وحسن استغلالها، بما يسهم في توفير احتياجات البلاد من الخامات المعدنية الصناعية، لا سيّما ما تشهده هذه المرحلة من تغيرات دولية وإعادة رسم الخريطة الاقتصادية الدولية، مما يضاعف من الأهمية الاستراتيجية للثروة المعدنية على الصعيدين الداخلي والخارجي.

وقال النائب محمد إسماعيل: "هناك مشكلات عديدة بقطاع التعدين المصري يتركز أهمها كون الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية هيئة عامة خدمية تتبع ماليا وزارتي التخطيط والمالية وفنيا وزارة البترول والثروة المعدنية، وأدى هذا التشوه الإداري والتنظيمي والمؤسسي إلى ضعف مساهمة الهيئة وقطاع التعدين في الناتح المحلي الإجمالي، الذي يقدر حاليا بنحو 1% فقط، وهو ما لا يحقق العائد المناسب من إمكانات مصر الجيولوجية".

وأضاف إسماعيل، أن مشروع القانون يسهم في استكمال البنية التشريعية التي تهيئ المناخ لتطوير قطاع التعدين بعد صدور التعديلات التشريعية في تعديلات قانون التعدين رقم 145 لسنة 2019 وتعديل لائحته التنفيذية، مشيرا إلى أن تلك الجهود تحتاج إلى هيئة مؤهلة وقادرة على مراقبة العمليات ومتابعة خطوات تحديث القطاع، ويتم ذلك من خلال إصلاح الهيكل الإداري لقطاع التعدين المصري وتحويل الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية إلى هيئة اقتصادية حتى يكون لها من الموارد والمرونة الإدارية لأن تقود العمليات التعدينية المتوقعة.


وأوضح "إسماعيل"، أن القانون الجديد سيساعد على زيادة الإيرادات الحكومية من 2 مليار جنيه إلى 12 مليار جنيه سنويا خلال 7 سنوات، ورفع زيادة مساهمة التعدين في الناتج المحلي الإجمالي من أقل من 1% حاليا إلى 6%؜ خلال 5 سنوات، بالإضافة إلى توفير 200 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة خلال 7 سنوات، وزيادة الصادرات من 1,5 مليار دولار إلى 7 مليارات دولار خلال عشر سنوات، وكذلك تعظيم القيمة المضافة من خلال إنشاء صناعات مصرية قائمة على الثروة المعدنية.

مقالات مشابهة

  • «صناعة النواب» توافق على تعديل قانون الثروة المعدنية
  • بدء اجتماع «صناعة النواب» لمناقشة تعديل قانون الثروة المعدنية
  • صناعة النواب توافق على تعديل قانون هيئة الثروة المعدنية
  • صناعة النواب توافق نهائيا على مشروع تعديل قانون الثروة المعدنية
  • لاستقلالية القرار المالي والإداري.. صناعة النواب تناقش تعديل قانون الثروة المعدنية
  • بدء اجتماع لجنة الصناعة بمجلس النواب لمناقشة تعديل قانون الثروة المعدنية
  • السعدي يفتح ورش تعديل قانون الصناعة التقليدية
  • نائب:تعديل قانون الانتخابات غير ممكن
  • ائتلاف المالكي يجدد تأكيده على تعديل قانون الانتخابات للمرة الرابعة!
  • رغم إجماع الإطار.. دولة القانون: كتل سياسية مع تغيير قانون الانتخابات ونقاش الموازنة