ختام ناجح لفعاليات "أسبوع عُمان للتصميم" لتعزيز مفهوم "سياحة الإبداع"
تاريخ النشر: 28th, January 2025 GMT
مسقط- الرؤية
اختُتمت بنجاح فعاليات النسخة الأولى من "أسبوع عُمان للتصميم"، التي امتدت على مدار خمسة أيام بتنظيم من الشركة العُمانية للتنمية السياحية (مجموعة عُمران)، بالتعاون مع الجمعية العُمانية للتصميم؛ احتفاءً بالفنون الإبداعية والتصميمية ودورها في تعزيز القطاع السياحي المحلي. واستقطب الحدث طوال أيامه الخمسة الكثير من المهتمين من داخل سلطنة عُمان وخارجها، مما يعكس الاهتمام الذي تلقاه الفنون الإبداعية والتصميمية.
وتضمنت الفعالية مشاركات متنوعة من أكثر من 40 فنانًا ومصممًا محليًا ودوليًا، عرضوا أعمالًا مختلفة شملت منحوتات وتصاميم مستدامة وتجارب إبداعية تفاعلية، كما احتوى برنامج الفعالية على ورش عمل تعليمية وسوق مصاحب للمصممين أتاح الفرصة للمواهب المحلية للتواصل مع الجمهور، كما ساهمت في خلق مساحة إبداعية تنبض بالجمال وفتح آفاق للفنانين والمصممين المشاركين لإطلاق إمكاناتهم، إلى جانب تعزيز حضور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وقالت الفنانة مهرة الرئيسية إحدى الفنانات المشاركات في الفعالية: "فخورة بمشاركتي في النسخة الأولى من أسبوع عُمان للتصميم، والتي تمثّل نافذة أطلّ من خلالها على الجماهير الشغوفة بالفنون الإبداعية، حيث أتيح لي تقديم عمل فني مستوحى من رؤيتي الخاصة، ولقد كان التفاعل مع الجمهور تجربة غنية أضافت بعدًا جديدًا إلى العمل الذي شاركت به؛ فملاحظاتهم وأفكارهم كانت بمثابة حوار عميق بين الإبداع والجمهور".
من جانبه، أشار المهندس أحمد المقبالي، والذي قدم ورشة عمل حول التصميم الحضري لمدينة العرفان: "ركزت ورشة العمل التي قدمتها حول التصميم الحضري لمدينة العرفان على مفهوم الاستدامة كركيزة أساسية لتطوير المدن المستقبلية، وتناولنا خلال الورشة أهمية دمج الهوية الثقافية العُمانية مع الاحتياجات الحديثة للبيئة العمرانية، وكيفية تحقيق توازن متناغم بين الجمال الوظيفي والحفاظ على الموارد. ما أثار إعجابي هو التفاعل المميز من المشاركين، لا سيما الشباب، الذين أبدوا حماسًا ووعيًا بأهمية هذه القيم في مشاريعهم المستقبلية".
وأوضح جواو بيريرا أحد زوار الفعالية: "تمثل هذه الفعالية محطة لإعادة تعريف التصميم كأداة تتجاوز الجانب الجمالي لتلامس مختلف جوانب الحياة، وتعرّفت من خلال الورش على قدرة التصميم لأن يصبح وسيلة لإثراء الحياة اليومية. ما ألهمني بشكل خاص هو إدراك أهمية توظيف الجمال والإبداع في كل ما نقوم به، بما يُحقق التوازن بين الفن والوظيفة."
وذكرت صفاء البريكي صاحبة مؤسسة "طور للمجوهرات": "مُشاركتنا في النسخة الأولى من أسبوع عُمان للتصميم كانت مصدر تفاؤل كبير تجاه السنوات المُقبلة، حيث تعكس الدعم المتزايد للمجالات الإبداعية في عُمان، إن وجود هذه المجالات في بيئة تحتضن وتحفّز الإبداع، إلى جانب تواجد أسماء مبدعة بارزة على مستوى السلطنة، يُعزز من الطموح والاستمرار في تقديم إبداعات مُميزة تُعبّر عن هويتنا وثقافتنا".
ومع ختام النسخة الأولى من أسبوع عُمان للتصميم، أظهرت الفعالية قدرتها على أن تكون منصة تجمع المبدعين والزوار لتبادل الأفكار والرؤى، مما يُعزز الوعي بأهمية التصميم كجزء من الثقافة والمجتمع. وتأتي هذه الفعالية ضمن إطار برنامج مجموعة عُمران "سياحة الإبداع"، الذي يسعى إلى دمج الفنون الإبداعية في إثراء القطاع السياحي وتمكين المواهب الإبداعية المحلية. كما تمثل نقطة انطلاق لبرامج ومبادرات الجمعية العُمانية للتصميم، التي تطمح إلى إطلاق المزيد من الفعاليات والأنشطة في المستقبل، بهدف دعم المواهب الوطنية وإبراز الهوية الإبداعية لسلطنة عُمان.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
سياحة في مواجع حسين بازرعة !
قررت يا وطني اغتيالك بالسفر
وحجزت تذكرتي وودعت السنابل والجداول والشجر
وأخذت في جيبي تصاوير الحقول
أخذت امضاء القمر
وأخذت وجه حبيبتي وأخذت رائحة المطر
قلبي عليك وأنت يا وطني تنام على حجر
نزار قباني
بقلم: حسن أبو زينب عمر
(1)
لازال حسين با زرعة الأبرز في ذاكرتنا والأقرب الى وجداننا الجمعي غناء وتجربة إنسانية مثيرة فكل ما فيه يدعو الى التوقف والتأمل والاهتمام فهو ظاهرة متفردة واستثنائية تدع الكثيرون رغم مرور السنوات على رحيله للبحث عن إجابة لعلامة استفهام حائرة ما سر هذا الرجل؟ ..كيف استمر بهذا الحضور اللافت حتى لدى أجيال لم تعش زمانه أو ترتبط به ؟ الإجابة ان با زرعة هو ساحر الشعر وصانع الأنغام الخالدة الى الأبد وأحد أفذاذ الشعر الغنائي بل هو بكل جدارة واستحقاق أهم الرموز الفنية.
(2)
أشعاره كانت نتاجا لتجارب شخصية ذاتية معظمها تفجرت شلالات من الأسى ودموعا من الحزن ذرفها في صمت على قصص حب لم تنضج على نيران هادئة ولكنه حرص على عدم الإفصاح عنها فقد كان شخصية محافظة حريصة على اسدال ستارا من السرية على خصوصياته لولا شيطان الشعر وأقرب المقربين اليه وهي شقيقته اللذان أخرجاها على الملأ.
(3)
كان الفنان عثمان حسين الذي شكل معه أحد أجمل الثنائيات في تاريخ الأغنية السودانية أكثرهم إدراكا والماما بها وربما كان مستودعا لأسراره سيما وقد ترنم بأشعاره في عدة أغنيات منها (أنا والنجم والمساء وشجن وقصتنا وصدقيني وعشقك حرام ولا تسلني) . ويقول ان الحزن يسكنه في هذه الأغنية
أنا والنجم والمساء ضمنا الوجد والحنين
جف في كأسي الرجاء وبكت فرحة السنين
تحمل الشوق والصبا والخيالات موكبا
في الهوى هاج مدمعي حبها الخالد الألم
كلما لاح بارق من محياها خافق
مات بالهم عاشق
(4)
عشق حسين با زرعة مرتين في حياته، وحينما سأله الاستاذ عمر الجزلي في برنامجه (اسماء في حياتنا) عن قصة حبه تلك فذرف الدموع كثيرا وقال له وهو الحضرمي المحافظ الذي نفى بشدة في لقاء تلفزيوني أنه كان ينتظر الحبيبة حينما قال (هاهنا كان موعدي وهنا كان مقعدي) مشيرا بأن الزوج في المجتمع الحضرمي لا يرى زوجته الا في ليلة الزفاف ورد على الجزلي قائلا: (لا تسلني) وكانت هذه الاغنية خلفية لهذا المشهد الدرامي
لا تسل عني ليالي يا حبيبي لا تسلني
لا تسلها فهي حلم عابر طاف بذهني
لا تسلها كم تعانقنا على رفقة لحني
وقضينا الليل في الأولى حديثا وتمني
وسل الشاطئ لما كنت القاك دواما
ونذيب الليل همسا وعناقا وملاما
انت في عمري ربيع نابه يملأ نفسي
أفلا عدت وعادت قصة الحب لك أمسي
(5)
تقول الروايات ان التجربة الأولى لبازرعة مع الحب كانت في سنكات وكانت مع أحد الفاتنات اللاتي كن يزرن المدينة مع الاسرة لقضاء المصيف ولكن العلاقة لم تتوج في القفص الذهبي فقد اعترض أهله وبالأخص شقيقه على مبدأ الزواج نهائيا فانتهت العلاقة الى لا شيء وان كان أوارها ظل مشتعلا في قلبه أما الثانية فهي التي هام بها وجدا والتياعا وصاغ وطوع فيها القصيد كانت (س) أحد حسناوات بورتسودان حسب اعترافه هو وشهادة شقيقته فقد تعلق بها و اوشك أن يعقد عليها ولكن الرياح أتت بما لا تشتهي السفن .. تفاصيلها غريبة مثيرة لكن النتائج هي نفسها (تعددت الأسباب والموت واحد) فقد جاء الرفض هذه المرة من أهل الفتاة تحت مبررات فطيرة كانت سائدة في مجتمعات ذلك الزمان وهي ان اهل الفن والشعر والطرب خارج حوش الاستقامة الأخلاقية وفشلت كل الوساطات وانهارت قلعة الحب التي شيدها الشاعر الرقيق فعبر البحر الى جدة في الضفة الأخرى مغاضبا ومتوسدا آلامه ولكن الرابح الأكبر كان المستمع السوداني الذي عانقت أذنيه أغنية ا(لمصير) التحفة التي جعلتها أكثر عذوبة حنجرة الفنان عثمان حسين.
(6)
قـدر ما حاولت اخاصمك وانسي احـزاني وأسايـا
واكتم الغيرة الفي قلبي واطوي جرحي في الحنايا
القـي اثارك في حواسي وظلك يتبعني في خـطايــا
القـي كـل الدنيـا حولي تهاتي بي اسـمـك معايــا
في حـــياتي قبــلك انت عشت قصة حب قـاسيه
لـســه مازالـــت في قــلبي ذكرياته المرة باقــيه
(كان يشير الى فتاة سنكات التي ذهبت قصتها أدراج الريح)
لما هليت في وجودي وقلت بيك سعادتي باقية
لكن انت هدمت أملي بعد عشره نــبيله سامـيه
انـا لو عــارف خــصامــك لي ايامــه بـــتطـول
كــنت مــا ارتددت لحـظه لمي حــار بي الدلـيل
انسي ظلمك وارجي حلمك وانس كل الراح قبيل
اصـلوا حبك فـوق ارادتي حب يجاوز المستحيل
(7)
لم يكتفى الشاعر الملتاع بالمصير بل ألحقها ب(بعد الصبر)
ليه تقول ايامنا راحت وانتهينا
يا حبيبي والله كانت ديك سحابة
لو حصل في العمر مرة وافترقنا
هي غلطة ونحن نتحمل عذابا
اي واحد ليه في تاريخه ماضي
واي ماضي ليه ذكري حب قديمة
وانت عارف لما اخترتك حبيبي
كان في قلبي جرح يندي بالهزيمة
الا انت صرت اغلي حب عندي
وكنت راضي معاي بظروفي الاليمة
وكنت راضي معاي بالشقي
في طفولتي الاليمة
(8)
وتتوالى قصص بكاء بازرعة على اللبن المسكوب والحب الذي عصفت به الرياح فجائت (قصتنا)
ﺑﺎﻟﻤﻌﺰﺓ ﺑﺎﻟﻤﻮﺩﺓ ﺍﻟﺒﻴﻨﺎ ﺑﺃﻏﻠﻰ ﺍﻟﺼﻼﺕ
ﺑﺎﻟﻬﻮﻯ ﺍﻟﻌﺸﻨﺎﻩ ﺑﺃﻋﺼﺎﺑﻨﺎ ﺧﻤﺴﺔ ﺳﻨﻴﻦ ﻭﻣﺎﺕ
ﺑﺎﻟﻌﺬﺍﺏ ﺍﻟﺸﻔﺘﻮ ﻭﺍﻟﺴﺮ ﺍﻟﻜﺘﻤﺘﻮ
ﻭﺑﺎﻗﻲ ﺍﻟﻄﻴﺒﺎﺕ ﺍﺳﺘﺤﻠﻔﻚ ﺃﺗﺮﻙ ﺳﺒﻴﻠﻲ
ﻭﺳﻴﺒﻨﻲ ﻭﺣﺪﻱ ﺃﻗﺎﺳﻲ ﻭﺃﺑﻜﻲ ﻣﺮ ﺍﻟﺬﻛﺮﻳﺎﺕ
ﺃﻧﺎ ﺑﺣﻨﺎﻧﻲ ﺍﻟﻐﺎﻟﻲ ﺧﺼﻴﺘﻚ ﻭﺣﺒﻴﺘﻚ ﺑﻜﻞ ﺟﻮﺍﺭﺣﻲ
ﻭﻋﻮﺍﻃﻔﻲ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ
ﺃﻧﺎ ﺷﻠﺖ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻚ ﻫﻤﻮﻡ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ
ﻗﺎﺳﻴﺖ ﻣﻦ ﺟﺮﺍﺣﻬﺎ ﻭﻛﻞ ﺿﻴﻘﻬﺎ
ﻟﺴﻌﺎﺩﺗﻚ ﺇﻧﺖ ﻛﻢ ﺿﺤﻴﺖ ﻭﺇﺗﻐﺮﺑﺖ
ﻣﺎ ﺧﻠﻴﺖ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻭﻓﻲ ﻣﺴﻴﺮﻱ ﺍﻟﻤﻀﻨﻲ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ
(9)
رغم تعاقب السنين ودوران ساعات الزمان كان بازرعة ولازال طاقة إبداعية متدفقة تدخل القلوب دون استئذان بذات الألق الساطع الوهاج فكأنه كبسولة خرافية لا تكترث لعاديات الزمان وصروف الأقدار فقد ظلت جراحه نازفة بعد تلقيه طعنة غدر
جاي تترجاني ..أغفر ليك ذنبك
ما كفاية الشفتو من نارك وحبك انت فاكر تأني
أرجعك لك واعاتبك ..لا يا ناكر دربي أصبح ماهو
دربك ..كنت تحلم بالسعادة هي غير ما أنت فاكر هي في كلمة مودة
هي نبضة مشاعر للقلوب الما ترد لأي طارق
اجتمعنا على الحب في ثوان في طريق مفروش بحبي وحناني
وافترقنا كل واحد في طريقو
أنا ضايع وانت مخدوع بالأماني
كل زادي في ضياعي وقلبي مفتوح للأحبة
(10)
في لقاء ضمن برنامج أسماء في حياتنا سأله عمر الجزلي ما سر الحزن في أغانيك؟
وكانت اجابة بازرعة ان الحزن لا زال يسكنه وقد نمى وترعرع منذ وفاة والده ووالدته وكان السؤال الثاني لماذا اغتربت ومتى كان التفكير في الاغتراب ولماذا طال الغياب وجائت الاجابة التي سلطت الأضواء على الأسباب الحقيقية التي حرص على بقائها في منطقة العتمة فقال .. (لم أكن أفكر في الاغتراب ولكنني تعرضت لتجربة شخصية مريرة خاصة دفعتني للتفكير في الخروج للانفكاك من قبضة الحزن بالحج الى الأراضي المقدسة) وهناك وجد تشجيعا من أبناء شقيقته. فابتعد غاضبا يتجرع كؤوس الحسرة والألم واستقربه المقام في جدة ملتحقا بشركة (باخشب) ..بازرعة يعترف ويقول انه بسبب التجارب المريرة فانه لا يحب حتى السماع لأغانيه القديمة خوفا من نكأ الجراح مشيرا بأن الأحزان أكثر عمقا من الأفراح .. ومع ذلك فانه حينما طال الغياب وتمددت سنوات الغربة وطالت الأشواق وتعالت أمواج الحنين كتب من المنفى يقول:
كل طائر مرتحل عبر البحر قاصد الأهل حملته أشواقي الدفيقة
ليك يا حبيبي للوطن لترابه لشطآنه للدار الوريفة
لكن حنانك لي أو حتى مشاعرك نحوي ما كانت حقيقة
كانت وهم ..كانت دموع ..مسفوحة بأحرف أنيقة
oabuzinap@gmail.com