المسلة:
2025-01-30@07:14:38 GMT

توجه العراق نحو الليبرالية الجديدة

تاريخ النشر: 28th, January 2025 GMT

توجه العراق نحو الليبرالية الجديدة

28 يناير، 2025

بغداد/المسلة: بلال الخليفة

ان العالم في سياسته الاقتصادية يذهب باتجاهين نحو تطبيق النظام الاقتصادي وهما الفكر الاقتصادي الشيوعي والفكر الاقتصادي الرأسمالي (الليبرالي) وكما يوجد حلقة وسطية بين الاثنين وهو الفكر الاشتراكي فهو مشتق من الشيوعية وتكون الدولة تسيطر على القطاعات المهمة في الدولة مع وجود قطاع خاص في غير ذلك.

الفكران الشيوعي والرأسمالي شهدا حربا باردة كبيرة بسبب التعارض بين الفكرين وان الغرب ومنها أوروبا تتبنى الفكر الليبرالي وجعلت أمام عينيها في العداء الدول الشيوعية لكن الفكر الشيوعي انحسر كثيرا بعد سقوط الاتحاد السوفييتي لكن العداء ازداد من شدته نحو الصين رغم ان فكرها الشيوعي مختلف شيء ما عن الفكر الشيوعي السوفييتي.

اما النيو ليبرالية فمن الممكن اختصارها في جملة وهي (خضوع الدولة للأغنياء) اي تحكم أصحاب رؤوس المال في اتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية وهذا واضح جدا من خلال تتبع تلك القرارات ومن الامثلة على ذلك هو اعطاء ارض للاستثمار في انشاء مجمع سكني في منتصف بغداد لرض عالية الكلفة لشركة يكون صاحبها نفوذ في اتخاذ هكذا قرار حيث كان من المفروض ان تكون تلك الأرض خارج المدينة لاحياء اراضي ميته وبنفس الوقت تقليل الازدحام داخل المدينة.

للعلم ان اساس الديمقراطية بني على يد أصحاب الشركات الكبيرة في انكلترا حيث استخدموا السياسة (سلطة الدولة) لخدمة مصالحهم ونتج عن ذلك بعد وجود للمصلحة الوطنية ، حيث ان مصالح الامة عبارة عن مصالح متضاربة تضاربا حادا أنتج ذلك ان في الامة طيفية  تكونت من اناس تملك الكثير من المال وأخرى تكدح من اجل الحصول على لقمة العيش او راتب بسيط يسد مصاريف الحياة اليومية.

يقول بول كريغمان ( ان الأفكار السيئة عادة ما تخدم الفئات المتنفذة وهذا ما يحدث بلا شك) فنحن الان نعيش قرارات سياسية واقتصادية ل تخدم المواطن بشيء بل تخدم القادة السياسيين او تكون تلك الافكار شعبوية الغرض منها حشد الأصوات للانتخابات المقبلة.

فالليبرالية الجديدة تركز على مصلحة الأغنياء عن طريق تسخير الديمقراطية والحكومة لمصالحهم وهذا ينتج بالاخير زيادة في اموالهم وبالتالي زيادة في سلطتهم وبالاخير سينتج ان هؤلاء المتنفذون تكون مصلحتهم مرتبطة بالمال الغربية ووجودهم من وجودها.

الليبرالية الجديدة (النيوليبرالية) مدعومة غربيا بل هي هدفها الذي تسعى من أجله واما شعارها بالديمقراطية فهو لا يغدوا للاستهلاك الاعلامي والشواهد كثيرة حول الموضوع بمحاربة الغرب انظمة ديمقراطية لا تعطي فرص للأغنياء بالتأثير على قرارات تلك الانظمة، للعلم ان الاغنياء المقصود بهم هم أصحاب المصارف العالمية والشركات الكبرى واما الاغنياء المحليون ما هم الا وسطاء لتمشية امور الشركات الكبرى.

ان النظام اليبرالي الجديد يخلق طبقة وتمايز كبير جدا في المجتمعات التي تتبنى ذلك  النظام وهذا ملاحظ في مجتمعنا في السنوات الاخيرة وادى الى ذوبان الطبقى الوسطى وتقلصها يوم بعد يوم واما الطبقة الفقيرة فهي في ازدياد وهذا هدف مهم للاغنياء (الطبقة الحاكمة) لعدة اسباب منها : –

1 – وجود الفقراء يعني بقاء احتياجهم للاغنياء السياسيين في مد يد العون ومساعدة او تعيين او تسهيل امر.

2 – ان وجود الطبقة الفقيرة يعني وجود أيدي عاملة في خدمة مصالحهم.

3 – ان العمل على زيادة الفقراء يعني زيادة الأموال الداخلة لجيوب السياسيين الأغنياء عن طريق رضاهم بالاجور والرواتب البسيطة لان الاغنياء لا يعملون باجور منخفضة.

4 – منع اي زيادة في رواتب وأجور الفقراء لان ذلك سيكون خلاف مصلحتهم وللعلم نحن نعيش هذه النقطة بشكل واضح جدا حيث ان رواتب الموظفين في العراق قد شرع عام 2009 ونحن الان في عام 2025 اي بعد 15 عام من التضخم والارتفاع الكبير في الأسعار ولم يشهد الراتب اي زيادة يتناسب مع وضع السوق، في الأمر فائدة لهم كي لا يكون الراتب عبء على خزينتهم.

5 – ان وجود الفقراء يعني تشكيل كارتل من السياسيين الاغنياء الذين يتحكمون في مصير الفقراء المواطنين بسهولة تامة.

6 – ان وجود الفقراء يضمن عدم ظهور منافسين جدد للأغنياء السياسيين.

بالتالي، ان النيوليبرالية تسخر الحكومة والسياسات في خدمة أصحاب المال وجعل الاقتصاد خاضع تماما للسوق الحر دون تدخل الحكومة لا بل تكون الحكومات راعية لذلك. ورغم ذلك من الممكن ان تستطيع الأمم التي لديها قادة حقيقيون من تجاوز سلطة الساسة الأغنياء مثل اليابان وكوريا الجنوبية التي رفضت نظام النيوليبرالية وكرست سياستها على تطور الاقتصاد وبأيدي محلية وبرعاية الحكومة حيث تلاحظ وتدرس ما هي الخبرات التي يحتاجها الاقتصاد والتدخل في سد احتياجه ورفده بالخبرات (للعلم ان الحوكمة ترسل آلاف الطلبة للدراسات للخارج لكن هل ان الاختصاصات هي مدروسة ضمن خطة لتطور الاقتصاد؟…لا نعلم) .

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

المثقف التائب: هشاشة الفكر المهزوم

إبراهيم برسي

٢٧ يناير ٢٠٢٥

“في كل تساؤل يكشف هشاشة الوجود، وكل فكرة تكسر أفق المألوف في سردياته، تنبثق الثقافة ككومضة ضوء في فضاء غارق في الظلام.
ليست الثقافة مجرد مسعى إنساني للبحث عن المعرفة، بل هي الوجيف الخفي الذي يرافق خطواتنا في هذا العالم الهش، الذي لا يطيق الثبات.
هي القوة التي تهز البنية، تهدم التصورات القديمة وتعيد صياغة الواقع بنظرة جديدة، تلامس الحواف المجهولة من تجربة الوجود. لكن ماذا يحدث عندما تتخاذل هذه القوة؟ عندما تنقض الثقافة على نفسها بفعل المثقف نفسه، حين يتخلى عن المبادئ التي أنشأتها ونشأت منها، ليبحث عن ملاذات بديلة تحت وطأة الخوف أو الضعف؟
هل تصبح الثقافة مجرد ظلال لروح ضائعة، تعيش في أفق غير مرئي، حيث التبعية تحتفل والمقاومة تسقط؟

الفكر هو مرآة الوجود، لكنه لا يكتفي بعكسه بل يسعى لإعادة تشكيله. والمثقف، في جوهره، ليس مجرد مفسر للواقع، بل هو المبدع الذي يحاول أن يرسم مسارًا جديدًا نحو المستقبل.
لكن السؤال يظل: ما الذي يحدث عندما يخون المثقف نفسه؟ هل يصبح الفكر مجرد ظلال تتبع أقدام صاحبه؟ أم أنه يظل نورًا يتحدى الظلام؟

في مواجهة الواقع القاسي، قد يجد المثقف نفسه في معركة بين الأمل والمقاومة، فتتحول أفكاره إلى تمزقات بين المبادئ والملاذات الزائفة. من هنا يبدأ صراع بين المثقف المبدئي، الذي يظل ثابتًا رغم العواصف، والمثقف التائب الذي يهرب من معركته ليلتجئ إلى أرض الغيبيات.
إن المثقف، حينما يتنكر لمبادئه، يصبح كالشجرة التي قطعت جذورها بإرادتها، تهيم في فضاء مفتوح بلا هوية، بلا هدف.

“الفكر لا يقف عند حدود الفهم، بل يتجاوزها إلى فعل التغيير؛ وما يربط بين المثقف ووجوده هو قدرته على التأثير في العالم من حوله، وهو اختبار حيوي لا يمكن تجاوزه.”

إن المثقف التائب أشبه بشجرة قطعت جذورها بإرادتها. بعد أن كانت تستمد قوتها من التربة الصلبة للمبدأ، تهيم في فضاء الغيبيات كغيمة خاوية، لا تستطيع أن تُنزل المطر ولا أن تستقر في مكان معين. نرى هذا التراجع جليًا في تحولات بعض المثقفين، سواء كانوا عربًا أو عالميين، الذين انطلقوا من مشاريع تنويرية وعقلانية ثم، بفعل الضغوط أو الإغراءات أو الإحباط، عادوا إلى أحضان الدين أو خطاب الغيبيات. يقول جان بول سارتر، الذي رفض في نهاية حياته نداءات الكنيسة ليتوب عن إلحاده: “لا يمكننا أن نكون نصف أحياء ونصف موتى. الفكرة، مثل الكائن الحي، تموت حينما نتخلى عنها.”

المثقف التائب يخون الفكرة، لكنه يبرر خيانته بحجج “روحية” أو “اجتماعية”. هنا نجد أمثلة واضحة: أنور الجندي، الذي بدأ مشروعه ككاتب حداثي، ثم انقلب مدافعًا عن “التراث” ضد التنوير، يشبه شخصًا هجر معركة في منتصفها ليصبح جنديًا في صفوف العدو. هذه الخيانة لا تحدث علنًا، بل تُقدَّم كمصالحة مع الذات أو اكتشاف لـ”الحقيقة”. التوبة الفكرية، في الكثير من الحالات، ليست سوى ستار يغطي به المثقف عجزه عن مواجهة الواقع القاسي الذي يرفض أن يتغير.

وعلى النقيض، المثقف المبدئي هو من يظل ثابتًا رغم العواصف. هو مثل ماركس الذي قال: “الفلاسفة اكتفوا بتفسير العالم، بينما المطلوب تغييره.” هذا المثقف لا يرى المبادئ كرفاهية أو زينة شخصية، بل كجزء لا يتجزأ من كيانه. إن فرج فودة، الذي قُتل بسبب دفاعه عن العلمانية، وعبد الخالق محجوب، الذي رفض المساومة على العدالة الاجتماعية حتى الموت، هما مثالان على الثبات الفكري الذي لا يتزعزع. المثقف المبدئي هو من يعيش أفكاره حتى النهاية، مهما كان الثمن.

علم النفس الاشتراكي يفسر هذا الصراع بين التوبة والمبدأ في ضوء نظرية الاغتراب التي تحدث عنها إريك فروم. فروم يرى أن المثقف الذي يتخلى عن مشروعه العقلاني يعود إلى الدين أو الغيبيات لأنه يشعر بالاغتراب عن العالم الذي لم يستطع تغييره. هذا الاغتراب يثير في نفسه إحساسًا بالفراغ الروحي، فيسعى إلى ملء هذا الفراغ بطمأنينة زائفة تأتيه من الدين أو الموروثات غير العقلانية. هذه الطمأنينة، رغم أنها تمنحه راحة مؤقتة، إلا أنها في النهاية تقتل الفكرة التي كان يحملها يومًا ما، وتبعده عن مواجهة الواقع.

المثقف التائب يشبه سفينة فقدت بوصلتها، فتبحر عشوائيًا باحثة عن ميناء آمن، حتى لو كان هذا الميناء محاطًا بالصخور. بينما المثقف المبدئي هو كطائر يحلق بلا توقف، يعلم أن التحليق مؤلم ومرهق، لكنه لا يقبل السقوط.
يمكننا أن نستشهد هنا بجورج لوكاتش، الذي ظل ملتزمًا بمبادئه الاشتراكية رغم كل التحديات، وكان يقول: “الحرية ليست أن تختار بين الراحة والمعاناة، بل أن تختار طريقك رغم المعاناة.”

المفارقة العجيبة هي أن المثقف التائب غالبًا ما يجد القبول الاجتماعي سريعًا، بينما المثقف المبدئي يعيش على الهامش. المجتمع يميل دائمًا إلى احتضان من يبرر له الوضع الراهن، بينما يخشى من يطالب بالتغيير. هذا التناقض يذكرنا بكلمات نيتشه: “الحقائق التي تخدم الراحة هي أكاذيب مقنّعة.” المثقف التائب يبيع الوهم المريح، بينما المثقف المبدئي يبيع الحقيقة المزعجة.

في نهاية المطاف، المثقف ليس مجرد مفكر أو كاتب، بل هو روح قلقة تسعى وراء العدالة، الحرية، والحقيقة. إذا تخلى عن هذه الروح، فإنه يتحول إلى ظل باهت لنفسه. وهنا تظهر المفارقة الحقيقية: المثقف المبدئي قد يموت وحيدًا ومهمشًا، لكنه يظل خالدًا في أفكاره، بينما المثقف التائب قد يُحتفى به مؤقتًا، لكنه يموت مرتين: مرة عندما يخون مبدأه، ومرة أخرى عندما يُنسى.

zoolsaay@yahoo.com  

مقالات مشابهة

  • وهل حقولنا الجديدة مجهولة المالك ؟
  • قانون الحافز الانتخابي ضمير الاغلبية الصامتة المقاطعة للانتخاب سخطاً على الفاسدين والجهلة والعملاء
  • تركيا توجه فصائل الجيش الوطني السوري للانضمام إلى الإدارة الجديدة بدمشق
  • العراق يسعى الى زيادة انتاج النفط الى 7 ملايين برميل يوميا خلال خمسة اعوام
  • تركيا توجه فصائل الجيش الوطني السوري للانضمام للإدارة الجديدة بدمشق
  • المثقف التائب: هشاشة الفكر المهزوم
  • الخارجية العراقية: لم نسمع أى تهديدات من الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه العراق
  • وزير الخارجية العراقي: لم نسمع تهديدات من الإدارة الأمريكية الجديدة
  • أنقرة في مهمة ببغداد: مواجهة حزب العمال وتأهيل سوريا الجديدة