على مدى 15 شهرًا من الحرب في قطاع غزة، كانت عدسات الجزيرة شاهدة على مآسي أهلها، توثق القصف والدمار والتهجير. ولم تخل هذه التغطية الاستثنائية من تضحيات جسيمة، كان أبرزها استشهاد الزميلين إسماعيل الغول ورامي الريفي، اللذين دفعا حياتهما ثمنا للحقيقة أثناء تغطيتهما لأحداث شمال غزة، في استهداف متعمد من قوات الاحتلال.

وبالتزامن مع عودة النازحين إلى شمال القطاع بعد وقف الحرب، يستعرض تقرير للجزيرة جانبا مما قدمه الزميلان خلال تغطيتهما للحرب في منطقة شمال القطاع حتى لحظة استهدافهما.

ولد الغول والريفي عام 1997، واستشهدا خلال تأديتهما رسالتهما المهنية عام 2024. ورغم كل المخاطر، كان الزميلان من بين قلة بقوا شمال القطاع، ينقلون آلام السكان ويوثقون الجرائم والانتهاكات التي تعرض لها المدنيون.

وقال الغول في إحدى تغطياته "نحن أمام مسؤولية كبيرة جدًا لنقل وجع المواطن، وهذا ما قامت من أجله الصحافة" واختزلت هذه الكلمات فلسفة عملهما ونظرتهما للصحافة كرسالة إنسانية لا تقتصر على نقل الأخبار، بل تتخطى ذلك إلى تسليط الضوء على الجراح التي يحاول خصوم الحقيقة طمسها.

الجزيرة حاضرة

وعلى مدى تلك الشهور، لم تغب عدسات الجزيرة يوما عن جراح غزة، حيث كانت توثق عودة النازحين بعد انتهاء الحرب كما وثقت التهجير والقصف، غير أن تغطية الحقائق المأساوية لم تكن دون ثمن.

إعلان

ويعد استهداف الاحتلال للصحفيين خرقا لكل المواثيق الدولية التي تدعو إلى حمايتهم، وقد تلونت شعارات الصحافة التي حملها صحفيو الجزيرة كخوذ ودروع وكاميرات، بالأحمر مرارًا، لتكون شاهدة على تضحياتهم.

ولم يكن استهداف الزميليْن الحادثة الوحيدة، فقد فقد مدير مكتب الجزيرة في القطاع وائل الدحدوح ابنه وابنته وزوجته وغيرهم من عائلته، ثم تعرض للاستهداف مجددًا أثناء تأدية رسالته.

كذلك، وثّقت الجزيرة لحظات التضحية من المصور سامر أبو دقة، الذي لم يكن يفارق كاميرته إلا لحظات قليلة للنوم، حتى دفع حياته ثمنًا للحقيقة، واستمر الاستهداف ليطال الزميل حمزة الدحدوح، ومن بعده إسماعيل أبو عمر الذي فقد ساقه، والمصور فادي الوحيدي الذي أصيب بجراح بالغة أثناء عمله.

ولم تثن هذه الاستهدافات الجزيرة عن مواصلة تغطيتها للأحداث، بل زادت من إصرارها على نقل الواقع المأساوي لأهالي غزة، ولم تكن تضحيات صحفيي الجزيرة مجرد ثمن لنقل الحقيقة، بل أصبحت شاهدًا حيًا على حجم المعاناة التي عاشها أهالي غزة خلال الحرب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

مراسل الجزيرة الشرافي يعود لشمال غزة باحثا عن جثة والديه

عاد مراسل الجزيرة الزميل مؤمن الشرافي، اليوم الاثنين، إلى شمال قطاع غزة مشيا على الأقدام عبر شارع الرشيد مع انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من الشارع الساحلي ومحور نتساريم الذي يفصل شمالي القطاع عن وسطه وجنوبه.

وكان الشرافي، الذي كان يغطي مجريات الحرب الإسرائيلية في جنوبي القطاع، قد فقد في ديسمبر/كانون الأول 2023 والديه وعددا من أشقائه والعديد من أفراد عائلته إثر قصف إسرائيلي استهدف المنزل الذي كانوا يمكثون فيه بمخيم جباليا شمالي القطاع.

ووفق مراسل الجزيرة هشام زقوت، كان الشرافي من أوائل الفلسطينيين الذين غادروا إلى شمال غزة، من أجل إخراج جثامين عائلته التي لا تزال تحت الأنقاض.

ويُمني الشرافي النفس بالعثور على آليات ثقيلة للبحث تحت ركام المنزل المدمر من أجل استخراج جثتي والده ووالدته وبقية أفراد العائلة.

وبدأ عشرات الآلاف من الفلسطينيين النازحين صباح اليوم الاثنين بالعودة إلى شمال غزة، وذلك بعد حرب الإبادة التي ارتكبتها إسرائيل بحق الغزيين على مدار أكثر من 15 شهرا.

وفي 6 ديسمبر/كانون الأول 2023، استشهد والدا الشرافي وعدد من أشقائه وأطفالهم بقصف إسرائيلي لمخيم جباليا، وقال الشرافي وقتها إن الاحتلال ألقى برميلا متفجرا على المنزل الذي نزحت إليه عائلته، مما أدى لتدميره هو والمنازل المجاورة واستشهاد جميع سكانها.

إعلان

ولفت مراسل الجزيرة آنذاك إلى أن الانفجار خلّف حفرة عميقة وأن أشلاء الشهداء تطايرت في الهواء، مشيرا إلى أن والدته أرسلت إليه رسالة صوتية قبل أيام من استشهادها تعبر له فيها عن شوقها إليه وأملها في لقائه بعد الحرب.

وكشف الشرافي عن أن طواقم الدفاع المدني لم تتمكن من انتشال أي من جثامين عائلته سوى طفلة قذفتها شدة القصف إلى مكان آخر حيث قطعت أشلاء.

وشدد -والدموع تغالبه- على أن أكثر ما يؤلمه هو أنه لم يستطع حتى رؤية والديه بعد استشهادهما، وأن يطبع قبلة الوداع على جبينهما، أو يدفنهما لأنهما دفنا تحت الركام.

وانسحب جيش الاحتلال بموجب اتفاق وقف إطلاق النار مع فصائل المقاومة الفلسطينية من محور نتساريم، والذي أنشأه مع بدء عمليته العسكرية البرية الواسعة في قطاع غزة يوم 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ويوم 19 يناير/كانون الثاني الجاري، بدأ سريان وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، ويستمر في مرحلته الأولى 42 يوما يتم خلالها التفاوض لبدء مرحلة ثانية ثم ثالثة، بوساطة الدوحة والقاهرة وواشنطن.

مقالات مشابهة

  • مراسلو الجزيرة بقطاع غزة بين فاقد ومفقود ومولود
  • النازحون من شمال غزة..عائدون إلى قطاع من الركام
  • دير البلح.. المدينة الهادئة التي استقبلت مليون نازح تعود لـالنوم باكرا
  • دوائر استخبارية صهيونية ومعلقين عسكريين: الحرب حسمت لصالح حماس
  • 5 مشاهد من عودة أهل غزة إلى شمال القطاع.. نازح يحمل أبيه وعروس فوجئت بدمار منزلها
  • إقرار من دوائر الاحتلال الاستخبارية: الحرب في غزة حسمت لصالح حماس
  • اعتقال مواطن بسبب مداخلة على فضائية الجزيرة
  • مراسل الجزيرة الشرافي يعود لشمال غزة باحثا عن جثة والديه
  • بالتكبير والهلاهل.. آلاف النازحين يباشرون العودة إلى شمال غزة