بعد محاولة اعتقال الجندي الإسرائيلي في البرازيل، وصدور دعوات اعتقال جديدة، من الواضح أن دولة ‏الاحتلال تواجه تهديدا قانونيا جديدا يتمثل بمزيد من الدعاوى القضائية ضد جنودها في محاكم أجنبية.

ولكن على ‏عكس الماضي، فإن الهدف هذه المرة ليس القيادة العليا لجيش الاحتلال، بل الجنود الصغار في الميدان، في ظل ‏افتقار الاحتلال لاستراتيجية واضحة لمواجهة هذا التحدي الخطير كما وصفه.



تال ميمران المحاضرة في القانون الدولي بالجامعة العبرية، أكدت أن "أحد جنود الاحتلال الذي أنهى خدمة ‏عسكرية صعبة ومحفوفة بالمخاطر في غزة، ذهب في إجازة إلى البرازيل، وهناك، بينما كان يستمتع بوقته، تلقى ‏فجأة رسالة مفادها أنه مطلوب للتحقيق معه بتهمة ارتكاب جرائم حرب، حينها انقلب عالمه رأسًا على عقب، من ‏الحفلات إلى التحقيقات، ومن الفرح إلى القلق، ومن الحرية إلى الخوف من أن حياته لن تعود لطبيعتها".‏

وأضافت في مقال نشرته صحيفة معاريف، وترجمته "عربي21" أن "هذه الحادثة، وهي نموذج أولي فقط، ‏حوّل دولة الاحتلال لتكون "قطار منتصف الليل"، لأنها باتت مطالبة بأن تتعامل مع محاولات مقاضاة جنودها ‏دوليّاً بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية، ولأنها تعرّف بكونها دولة محتلة، فقد وصفتها المحكمة الجنائية الدولية ‏في لاهاي بأنها منتهكة لقوانين الحرب، وظهرت المخاوف من أن حادث البرازيل مثال على ذلك". ‏

وأشارت إلى أنه "بعد أن واجه الاحتلال سابقا مذكرة اعتقال ضد تسيبي ليفني في لندن، وأخرى ضد أريئيل ‏شارون في إسبانيا، فيبدو أن هناك تغييراً في الاتجاه العالمي، وأصبح من هم في مرمى النيران الجنود الذين خدموا ‏من الميدان، وليس بالضرورة القيادة العليا لجيش الاحتلال، وهذه خطوة مثيرة للقلق، لأن الاحتلال حتى الآن ‏تصدّى لمثل تلك الخطوات بفضل الحصانة التي يتمتع بها كبار مسؤوليها، أما في حالة الجنود النظاميين، فلا ‏يوجد هذا الخيار". ‏



وأكدت أنه "لا أحد من جنود الاحتلال يرغب بقضاء أشهر تحت رحمة نظام قضائي أجنبي، رغم أن هناك ‏الكثير من القضايا التي يجب على الجيش أن يحقق فيها، مع وجود مشاكل هائلة في إجراءاته، خاصة في ‏الأماكن التي لا يمكن فيها لمنظمات حقوق الإنسان التدخل في شؤونها، ويمكن لمنظمة حقوق الإنسان أن تذهب ‏للمحكمة، وتبدأ تحقيقاً مع جندي ما دون إشراف ومشاركة كيان سياسي مثل النائب العام".‏

وأضافت أن "مثل هذه التحركات القضائية يتم الترويج لها كجزء من حرب قانونية أوسع نطاقا ضد إسرائيل، ‏وتنضم لمبادرات المقاطعة الدولية، والدعاوى القضائية أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، والدعوات لفرض ‏عقوبات على إسرائيل، وهذه الممارسات تستهدف الإسرائيليين، وهدفها الأساسي الإضرار بصورة الدولة ‏وشرعيتها، من خلال توظيف القانون الدولي كأداة لتعزيز أجندة سياسية معادية لها".‏

وأوضحت أن هذا الواقع جزء من الحياة المعقدة لدولة الاحتلال، وبالتالي لا يمكن تجاهله، حيث تلقت ‏تحذيرًا أوليًا من تطور قد يتحول لموجة من الدعاوى القضائية، ولذلك نشهد اليوم تصعيداً غير مسبوق في ‏الانتقادات الدولية الموجهة لها، كما نشهد تصعيداً كبيراً في الجهود الرامية لشلّ قدرتها على الدفاع عن نفسها ‏عسكرياً، وهذا التحدي سيصبح أكثر تعقيداً مع مرور كل يوم.‏

ودعت لسلسلة إجراءات متمثلة بـ"استيقاظ الحكومة على هذا الخطر، بتعزيز حوارها الدبلوماسي مع الدول ‏الأجنبية لضمان عدم استغلال تشريعاتها، وإطلاع الجنود وتحذيرهم من المخاطر المحتملة، وصياغة وزارة ‏الخارجية لقائمة تحذيرات السفر للدول التي يوجد فيها خطر كبير لبدء الإجراءات القضائية كإسبانيا وأيرلندا، ‏وتدريب النائب العام للجنود على السلوك الذكي على وسائل التواصل، وطرق التصرف في حالة وجود أحدهم في ‏موقف مشابه في دولة أجنبية، لأننا أمام تحد استراتيجي حقيقي قد يؤثر على حياة الإسرائيليين جميعاً".‏

إيتمار آيخنر المراسل السياسي لصحيفة يديعوت أحرونوت، كشف أن "جيش الاحتلال قرر إخفاء ‏هويات جميع الجنود والضباط المشاركين في القتال، حتى رتبة عميد، خشية من ملاحقتهم عالمياً بتهم ارتكاب ‏جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية في غزة. ‏

وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أن "هذا القرار غير المسبوق يأتي بالتزامن مع زيادة الدعاوى ‏القانونية التي ترفعها منظمات حقوقية حول العالم ضد جنود الاحتلال الذين نشروا صورا لهم في شبكات التواصل ‏وهم يستخدمون بنادق القنص في غزة، وتظهر تورطهم بتخريب منازل الفلسطينيين، وكتابة الشعارات على ‏جدرانهم، ومشاركتهم باقتحام المستشفيات، وهي ذات الاتهامات التي توجه لجنود الاحتلال من نشطاء معادين ‏للاحتلال يسعون لملاحقتهم في مختلف أنحاء العالم".‏



ونقل عن "محافل قانونية في الجيش أن تزداد الدعاوى القضائية التي ترفعها المنظمات المعادية ‏للاحتلال، التي تعتمد بشكل أساسي على مقاطع فيديو وصور نشرها جنود على وسائل التواصل الاجتماعي، مما ‏يشكل تهديدا خطيرا للاحتلال، لأن هذه الدعاوى باتت تطال كبار ضباط الجيش والجنود النظاميين والاحتياطيين ‏الذين قاتلوا في غزة". ‏

وأكد أن "بعض الإجراءات التي عكف الجيش على تطبيقها على جنوده وضباطه، تحذيرهم من السفر ‏للخارج مسبقًا خوفًا من اعتقالهم أو استجوابهم، وإعداد "تقييم للمخاطر" لكل جندي يقدم نموذج الطلب لمغادرة ‏الدولة، مع التركيز على الجنود والقادة الذين عملوا في غزة".‏

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الاحتلال غزة جرائم حرب غزة الاحتلال جرائم حرب ملاحقات صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدعاوى القضائیة جنود الاحتلال فی غزة

إقرأ أيضاً:

قراءة إسرائيلية في فرص نجاح وفشل خطة ترامب للتهجير

ما زالت القراءات الاسرائيلية متواصلة لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، باعتبارها تشكل نقطة تحول تاريخية، فلأول مرة، تتخلى الولايات المتحدة عن حل الدولتين، وتسعى لفرض حل على مختلف الأطراف، الأمر الذي من شأنه تغيير قواعد اللعبة في المنطقة، حتى لو لم تتحقق الخطة.

البروفيسور إفرايم عنبار، رئيس قسم الاستراتيجية والدبلوماسية والأمن القومي بكلية شاليم، والجنرال يوسي كوبرفاسر، الرئيس السابق لقسم الأبحاث بجهاز الاستخبارات العسكرية، أكدا أن "اقتراح ترامب يثير خيال الإسرائيليين، رغم معارضته الشديدة من الدول العربية والقيادة الفلسطينية بكل مكوناتها، لأنه يشير للثمن الذي يجب عليهم أن يدفعوه، حتى لو لم يكن أمامهم خيار آخر، في ظل الواقع الصعب على الأرض، بعد تحول أجزاء كبيرة من غزة إلى أنقاض، ومن الواضح أن إعادة إعمار القطاع لن تكون ممكنة في ظل القيادة الحالية".

وزعما في مقال نشرته القناة 12, وترجمته "عربي21" أن "المقترح الأمريكي يتعلق بقضية اللاجئين، التي تشكل عنصرا مركزيا في أيديولوجية الحركة الوطنية الفلسطينية، وهو اقتراح غير عادي إلى الحد الذي يتطلب تنفيذه تغييرات جوهرية ونموذجية بين الأطراف، ويصعب تصور حدوثها في الأمد القريب، رغم ادعاءات ترامب بأن بعضها يحدث بالفعل، وأن الضغوط الاقتصادية ستؤدي لتنفيذ التغييرات المتبقية".



ورصدا جملة من التحديات التي تواجه المقترح الأمريكي، "أولها إبعاد حماس عن السلطة الفعلية في غزة، واستبدالها بطرف على استعداد لتمكين تنفيذ مبادرة ترامب، وثانيها إذا افترضنا عدم وجود نية لإخلاء الفلسطينيين بالقوة، فسيكون من الضروري إقناعهم كلهم بالتخلي عن التشبث بالأرض، والصمود فيها، وهو أحد المبادئ المهمة في الروح الفلسطينية، والذهاب للمنفى لتحسين نوعية حياتهم، وثالثها ضمان تعاون الدول العربية وغيرها باستيعاب بعض الخارجين من غزة، وتمويل المشروع بأكمله، ومثل هذه الخطوة تتعارض مع مصالحها، وتنطوي على تعريضها، خاصة الأردن ومصر، لانتقادات شديدة في الداخل".

وأوضحا أن "ترامب سينضم للجهود الرامية لإحداث التغييرات المرجوة في الأسابيع المقبلة، كجزء من محاولته تشكيل بنية إقليمية لتوسيع اتفاقيات التطبيع، مع تشكيك بأن يكون هذا كافيا لإقناع شعوب المنطقة بتغيير تصوراتهم الأساسية، مع أن اقتراحه له أهمية كبيرة، شكلا ومضمونا، لأنه يضع على الطاولة للمرة الأولى خطة عمل عملية تكسر ظاهريا أعراف التفكير التي منعت تحقيق اختراق، وضمنت استمرار المقاومة من غزة، وتوضح أنه بعد هجوم حماس في السابع من أكتوبر، فإن التفكير في القضية الفلسطينية يجب أن يتغير".

وأشارا إلى أن "اقتراح ترامب يعلن لأول مرة عن اعتراف بأن حل الدولتين ليس الحل الوحيد الممكن للصراع، وفي الجمع بين أفكاره والخطوات المتخذة ضد الأونروا، يظهر الاقتراح أن قواعد اللعبة تغيرت على حساب الفلسطينيين بطريقة تضعف منطق نضالهم ضد الصهيونية حتى نهايتها، وحتى لو فشل بتأمين الظروف لتنفيذ خطته، فإن عرضها سيلزم الفلسطينيين والدول العربية بتقديم طرق عملية للتعامل مع الواقع الصعب في غزة، تكون مقبولة للاحتلال والولايات المتحدة".

وطالب الكاتبان "ألا تسارع دولة الاحتلال رسميا للتعليق على خطة ترامب التي لم تُعرض بعد، وتمتنع عن قيادة التحركات العامة للترويج لها، لأن فرصة نجاحها الرئيسية تنبع من حقيقة أنها اقتراح أمريكي، وليس إسرائيلي، ومن شأن التعبئة الإسرائيلية أن تُصعب تنفيذ صفقة التبادل، وزيادة التوترات مع الدول العربية "البراغماتية"، خاصة مصر والأردن، صحيح أن الاحتلال يتمنى لترامب النجاح بمحاولاته لإقناع الدول العربية المهمة بالمساعدة بتنفيذ الخطة، دون تجاهل العقبات التي تعترض طريق تنفيذها".

وأوضحا أن "خطة ترامب تقوم على إزالة حماس من المعادلة، ويرجح أنه لا توجد فرصة كبيرة لحدوث هذا السيناريو دون عملية لجيش الاحتلال، أو دون التهديد بها، لكن الأميركيين الذين لا يبدون حماسا لإرسال قواتهم للقطاع، يقدرون مساهمة الاحتلال بإمكانية تنفيذ خطتهم، كما تريد الدول العربية "المعتدلة" أن ترى حماس خارج مشهد الحكم في غزة، بما من شأنه أن يوفر لواشنطن نفوذا إضافيا عليها".

وختما بالقول إن "دبلوماسية الاحتلال مطالبة باستخدام خطة ترامب لتقويض التفكير التقليدي في العديد من العواصم حول طبيعة الصراع، وسبل إدارته، وتمنع تنفيذ فكرة نقل الغزيين لغرب أريحا بسبب قربها من القدس والطريق المؤدي لغور الأردن، وهو الحزام الأمني للاحتلال في الشرق، كما أن إضافة المزيد من الفلسطينيين للضفة الغربية سيفرض ضغوطا ديمغرافية إضافية على دولة الاحتلال، وهي خطوة غير مرغوب فيها".

مقالات مشابهة

  • قيود إسرائيلية إضافية على الصلاة في المسجد الأقصى خلال رمضان
  • قراءة إسرائيلية في تحقيقات الجيش وإخفاق 7 أكتوبر.. هذه البداية
  • وزير المعادن محمد بشير عبد الله: جهود كبيرة لتذليل كافة المعوقات التي تواجه قطاع التعدين
  • قراءة إسرائيلية في فرص نجاح وفشل خطة ترامب للتهجير
  • تحقيقات إسرائيلية : الجيش فشل في التنبؤ بـ 7 أكتوبر
  • شاهد بالفيديو.. رياض الأطفال بمدينة بحري تفتح أبوابها والتلاميذ الصغار يستقبلون جنود الجيش الذين حضروا لتفقدهم بالنشيد الوطني
  • شاهد | تحذيرات كبيرة واحصائية أكبر للأطفال بلا أطراف في غزة
  • الجيش اللبناني يعلن اكتشاف أجهزة استشعار وتجسس إسرائيلية مزودة بآلات تصوير
  • زعيم كوريا الشمالية يدعو لتحديث الجيش استعدادا لأي حرب
  • بينهم أطفال.. الاحتلال الصهيوني يعتقل 50 مواطنًا من الضفة الغربية المحتلة