الأردن في مواجهة العواصف: صمود وطني وإرادة لا تلين
تاريخ النشر: 28th, January 2025 GMT
#سواليف
#الأردن في #مواجهة_العواصف: صمود وطني وإرادة لا تلين
بقلم: أ.د. محمد تركي بني سلامة
في عالم تملؤه #الاضطرابات والصراعات المتسارعة، برز الرئيس الأمريكي دونالد #ترامب كأحد أكثر الشخصيات إثارة للجدل على المسرح العالمي. فقد اختار نهجًا قائمًا على المواجهة والصدام، متجاهلًا الأعراف الدبلوماسية ومتحديًا التوازنات السياسية ومبادئ القانون الدولي التي تحفظ استقرار النظام الدولي.
ترامب، الذي لطالما وصف نفسه برجل “الصفقات الكبرى”، أطلق سلسلة من التصريحات والسياسات التي تجاوزت حدود المنطق السياسي. فمن دعوته إلى ضم كندا كولاية أمريكية، إلى اقتراحه تغيير اسم خليج المكسيك إلى “خليج أمريكا”، أثار حفيظة دول عدة واتُهم بالتعدي السافر على سيادتها. ولم تتوقف طموحاته عند هذه الحدود، بل امتدت إلى طرح فكرة استعادة السيطرة على قناة بنما، ذلك الممر الحيوي للتجارة العالمية، وشراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك، في خطوة اعتبرها المراقبون محاولة لإحياء عقلية الهيمنة الاستعمارية. هذه التصريحات، التي عكست انحيازًا واضحًا للغطرسة السياسية، لم تكن سوى وقود أشعل غضب الدول المعنية وأثار تساؤلات حول مدى استدامة السياسة الأمريكية في ظل هذه القيادة.
أما في الشرق الأوسط، فقد كانت سياسات ترامب أشد استفزازًا وتأثيرًا. دعمه المطلق لإسرائيل وطرحه فكرة توسيع حدودها على حساب الحقوق الفلسطينية الشرعية، اقترن بمحاولات لفرض حلول قسرية على القضية الفلسطينية. ومن بين هذه المحاولات، فكرة تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، وهو مقترح أثار غضبًا واسعًا ورفضًا قاطعًا. لم تكن هذه الأفكار مجرد اقتراحات عابرة، بل هي جزءًا من خطة متكاملة تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية خدمةً لمصالح إسرائيل. وإلى جانب ذلك، هدد ترامب بوقف المساعدات الخارجية عن الدول التي لا تسير في فلك سياساته، مما وضع العديد من الدول الحليفة أمام ضغوط شديدة.
داخليًا، أطلق ترامب سلسلة من الأوامر التنفيذية التي مست قضايا حساسة، مثل الهجرة والجنسية والسياسات التجارية والرعاية الصحية. هذه القرارات أدت إلى تفاقم الانقسامات السياسية والاجتماعية داخل الولايات المتحدة، وجعلت من إدارته عنوانًا دائمًا للجدل والصدام.
وسط هذه العواصف التي أشعلتها سياسات ترامب، أظهر الأردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني قدرة استثنائية على الصمود والمناورة. الأردن، الذي يدرك حجم التحديات الجيوسياسية التي تحيط به، تمكن من تثبيت مواقفه الرافضة لأي حلول تنتقص من الحقوق الفلسطينية أو تهدد أمنه واستقراره. فقد جاء رفض الملك عبد الله الثاني القاطع لمشاريع التهجير وتجريد الفلسطينيين من حقوقهم المشروعة ليؤكد أن الأردن لن يقبل أي مساس بثوابته الوطنية ، فهذه المسالة خط احمر لا مساومة عليها .
في مواجهة سياسات ترامب، يتبنى الأردن استراتيجية تقوم على الصمود بحكمة والمناورة بدبلوماسية، معتمداً على إرثه العريق في التعامل مع الأزمات. فعلى الرغم من موارده المحدودة، أظهر الأردن قدرة فائقة على التكيف مع الظروف الصعبة، ونجح في كسب الوقت حتى تمر العاصفة. هذا النهج ليس وليد اللحظة، بل هو نتاج قيادة واعية وشعب يتمتع بإرادة لا تلين، قادر على تحويل التحديات إلى فرص.
صمود الأردن في هذه المرحلة المضطربة يمثل رسالة قوية للعالم بأن الحكمة والإرادة الوطنية كفيلة بتجاوز أصعب الأزمات. فالقيادة الأردنية، التي تجمع بين الصلابة والمرونة، قدمت للعالم نموذجًا في الحفاظ على التوازن والاستقرار في وقت عصفت فيه الأزمات بالمنطقة.
الأردن ليس مجرد دولة صغيرة على الخارطة الجغرافية، بل هو قوة إقليمية تتمتع برؤية ثاقبة ووعي استراتيجي. وبفضل هذه القيادة الواعية التي يلتف حولها الشعب الاردني ، يظل الأردن قلعة حصيتة للأمن والاستقرار، وحصنًا منيعًا في منطقة تشهد تغيرات عميقة واضطرابات متتالية.
ختامًا، فإن الأردن، سيبقى نموذجًا يحتذى به في مواجهة العواصف والتحديات، مجسدًا الإرادة التي تصنع المستقبل، مهما اشتدت الأزمات واضطربت الموازين ،وتخاذل المتخاذلين.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف مواجهة العواصف الاضطرابات ترامب
إقرأ أيضاً:
كيف ستتأثر «أسواق الطاقة» بالرسوم الجمركية التي فرضها «ترامب»؟
تسببت سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، المتعلقة بفرض الرسوم الجمركية، باضطرابات كبيرة في أسواق اطالقة بالعالم، والتي تترقب مزيداً من التداعيات، لا سيما على الواردات من كندا والمكسيك.
وحول ذلك، قالت استاذة الاقتصاد والطاقة، الدكتورة وفاء علي، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، “إن الرسوم الجمركية تخلق فجوة سعرية وتفرض حالة من الضبابية”.
وأضافت: “أثرت تصريحات الرئيس الأميركي بشكل مباشر على أسواق النفط في دول الشمال، مما أدى إلى زيادة الضغوط البيعية وتوجيه الاستثمارات نحو أسواق بديلة، وفي ظل هذه الأجواء، ستجد كل من كندا والمكسيك والصين نفسها مضطرة للرد بالمثل، ما يهدد بفك الارتباط الاقتصادي بين الولايات المتحدة وكندا، على سبيل المثال”.
وقالت: “الولايات المتحدة تعتمد بشكل كبير على ما تستورده من كندا، والذي يبلغ 4.3 مليون برميل يومياً، بالإضافة إلى 500 ألف برميل يومياً من المكسيك. ورغم أن أميركا تنتج 13.4 مليون برميل يومياً، إلا أن هذه الكمية لا تكفي لتلبية احتياجات السوق المحلية”.
وتساءلت: “هل يستطيع ترامب الاستغناء عن طاقة جيرانه؟ الإجابة بوضوح: لا، فذلك سيترتب عليه عواقب وخيمة وتكاليف باهظة يتحملها المواطن الأميركي، الذي سيدفع ثمن هذه السياسات”.
وقالت استاذة الاقتصاد والطاقة، الدكتورة وفاء علي: “لا يمكن لـ”ترامب” القفز على الحقائق، مهما حاول تمرير تصريحات مطمئنة، فواقع الأمر أن سوق الطاقة يشهد تغيراً في قواعد اللعبة، ويتجه نحو إعادة رسم الخريطة الطاقوية العالمية”.
وأشارت إلى أن “الأسواق بطبيعة الحال تتفاعل مع هذه التطورات، مما يزيد من احتمالية ارتفاع الأسعار، إلا إذا أدت الرسوم الجمركية إلى تباطؤ الأنشطة الاقتصادية وانخفاض النمو، وهنا، يصبح المشهد وكأنه “العين بالعين والرسوم بالرسوم”، حيث تتراكم الأزمات في حزمة واحدة، مما قد يعيد العالم إلى دوامة الضغوط التضخمية”.
وقالت: “بدل أن تكون “أمريكا أولاً”، قد تجد نفسها الضحية الأولى لهذه السياسات، حيث سيتحول شركاؤها التجاريون، مثل كندا والمكسيك، إلى أسواق بديلة، ما ينعكس سلباً على الاقتصاد الأميركي ويدخله في دائرة من التشوهات، ورغم سياسات ترامب، فقد تراجع إنتاج النفط الصخري، نتيجة تخوف المنتجين من الضغوط الحمائية المفروضة”.
وأضافت: “في المحصلة، تسهم التصريحات والسياسات المتشددة في إرباك الأسواق، ودفعها نحو إعادة رسم الخريطة الطاقوية العالمية، مما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة محفوفة بعدم اليقين الاقتصادي”.
بالمقابل، قال الباحث الاقتصادي عامر الشوبكي: “إن قطاع النفط سيتأثر بهذه التغييرات، حيث قد يؤدي فرض الرسوم إلى ارتفاع أسعار المنتجات النفطية في السوق الأمريكية نفسها، ونتيجة لذلك، قد تلجأ الولايات المتحدة إلى استيراد المشتقات النفطية من الأسواق الخليجية أو من أمريكا اللاتينية لتعويض النقص”.
وأضاف الشوبكي، “أن هذه المرحلة الانتقالية قد تشهد اضطرابات وتذبذبات في أسعار النفط، ما قد يؤدي إلى موجة تضخمية على المدى القصير، لكن على المدى البعيد، هناك توقعات بنجاح الخطة الاقتصادية الأميركية في تعزيز الإنتاج المحلي وتحقيق الاكتفاء الذاتي، بل وتحويل الولايات المتحدة إلى مصدر ومنافس رئيسي في سوق النفط العالمي”.
وفي ذات السياق، أشار تقرير لوكالة “بلومبيرغ” إلى أن، “ترامب” يروّج لتدابيره الجمركية باعتبارها حافزاً للاستثمارات الجديدة في الولايات المتحدة ومصدراً أساسياً للإيرادات في حين يعمل المشرعون في الكونغرس على تأمين تمرير التشريعات التي تجدد وتمدد التخفيضات الضريبية”.
وأضاف تقرير الوكالة: “الرسوم الجمركية تهدد بتفاقم نمو الأسعار- وهي القضية التي ساعدت في دفع “ترامب” إلى البيت الأبيض في انتخابات العام الماضي، كما أنها لن تجلب الإيرادات التي يتوقعها الرئيس وحلفاؤه، وستؤثر الرسوم الجمركية المفروضة على كندا والمكسيك على جيران الولايات المتحدة وشركائها التجاريين الرئيسيين، مما يهدد بزعزعة سلاسل التوريد على مستوى القارة والتأثير على الصناعات الرئيسية مثل قطاع السيارات وكذلك الطاقة”.
وقال التقرير: “تعتمد أجزاء من الولايات المتحدة، بما في ذلك شمال غرب المحيط الهادئ وشمال شرق الولايات المتحدة، بشكل كبير على تدفقات الكهرباء أو الغاز من كندا، وستؤدي رسوم ترامب الجمركية إلى فرض رسوم بنسبة 10 بالمئة على منتجات الطاقة الكندية”.