يمثل السفر عبر الزمن حلما للبشرية، وللفيزيائيين على وجه الخصوص، إذ يُعد الحد الفاصل بين الحقيقة والخيال العلمي. ووفقا لقوانين الفيزياء الراسخة، فإن العودة بالزمن إلى الماضي مستحيلة، وذلك لسبب بسيط يتمثل في الحفاظ على تسلسل الأحداث ووحدتها، وهو ما يُعرف بمفارقة الزمن أو مفارقة الجد.

وتُعد مفارقة الجد من أشهر المعضلات الفلسفية والفيزيائية، ويمكن تفسيرها على النحو الآتي: إذا تمكن شخص ما من العودة بالزمن إلى الماضي وقابل جده ثم قتله قبل ولادة أبيه، فإن هذا الفعل سيؤدي إلى منع وجود ذلك الشخص في المستقبل، وبالتالي لن يتمكن من العودة بالزمن لقتل جده من الأساس، وهذا التناقض يضع الجميع في دائرة مفرغة حيرت الفلاسفة والعلماء لعقود طويلة.

غير أن الدكتور لورنزو غافاسينو، عالم الفيزياء في جامعة فاندر بيلت الأميركية، تحدى هذا المفهوم التقليدي للمفارقة، واقترح أن إعادة النظر في تعقيدات الإنتروبيا والفضاء والزمن قد توفر حلولا مبتكرة لمعالجة هذه الإشكالية، ونشر نتائج بحثه في دورية "كلاسيكال آند كوانتوم غرافيتي".

والأنتروبيا مقياس للفوضى أو العشوائية داخل نظام معين، وتُعد من المفاهيم الأساسية في الديناميكا الحرارية والفيزياء، كما تعبر عن الاتجاه الطبيعي للأنظمة نحو التشتت والاضطراب مع مرور الوقت، مما يعني أن العمليات الطبيعية تسير عادة من حالة أكثر ترتيبا إلى حالة أقل ترتيبا.

إعلان

وعلى سبيل المثال، عندما نذيب السكر في الماء، فإنه يتوزع بشكل عشوائي ليصبح جزءا من المحلول، مما يعني زيادة الإنتروبيا التي ترتبط ارتباطا وثيقا بالسهم الزمني (الخط الزمني) إذ يُعتبر تزايدها دليلا على تقدم الزمن باتجاه واحد. ووفقا للقانون الثاني للديناميكا الحرارية، لا يمكن للإنتروبيا في نظام مغلق أن تنخفض تلقائيا، مما يجعلها مفتاحا لفهم العمليات الطبيعية وربطها مع الزمن.

وإذا عرضت عليك مقطعي فيديو في أحدهما تسقط نقطة حبر في الماء وتنتشر، وفي الآخر تتجمع نقطة الماء المنتشرة من الكوب وتتحول لنقطة، فستفهم بالطبع أن الفيديو الأول طبيعي والثاني معكوس زمنيا لأنه لا يمكن للنقطة أن تجمع أجزاءها من كوب الماء الذي انتشرت فيه بالفعل.

وهكذا ترتبط الإنتروبيا بسهم الزمن، فهي تسري للأمام حينما تذوب نقطة الحبر في كوب الماء ولا يمكن أن تنعكس، والزمن كذلك لا ينعكس.

المفارقة وإمكانية السفر عبر الزمن

تتمحور مفارقة الجد حول مفهوم السببية الذاتية، فإذا سافر شخص ما إلى الماضي وغير الأحداث، فقد يؤدي ذلك إلى منع وجوده في الحاضر، وبالتالي استحالة حدوث السفر عبر الزمن من الأساس. وهذا المفهوم دفع الكثيرين إلى الاعتقاد بأن السفر عبر الزمن مستحيل بطبيعته لأنه يتعارض مع المبادئ الأساسية للسببية والنتيجة.

ومع ذلك، كشفت أبحاث غافاسينو حول الإنتروبيا عن احتمال مثير يستدعي إعادة النظر في هذه الفرضية، حيث يرى الباحث أن القواعد التي تحكم السفر عبر الزمن قد تكون أقل صرامة مما يُعتقد لأن الإنتروبيا في هذه الحالة تحديدا لا تعمل بالشكل المتوقع، بل إنه يشير إلى خيار إقصاء جميع الأجداد والأجيال السابقة دون الاضطرار إلى انهيار المنظومة الزمنية أو اختلال نسيج الزمن.

ويستوحي غافاسينو فكرته من أعمال الفيزيائي الإيطالي كارلو روفيلي البحثية، حيث أظهر أن سلوك الإنتروبيا يتغير بشكل جوهري على منحنى زمني مغلق، وهي حلقات متكررة في الزمن حيث يتسبب الحدث "أ" (في الماضي) في حدوث الحدث "ب" (في الحاضر) الذي يتسبب بدوره في حصول الحدث "ج" (في المستقبل) والذي يصبح السبب في حصول الحدث "أ" وهكذا.

إعلان

وبشكل أكثر درامية تخيل التالي على سبيل المثال، في العصر الذي تعيش فيه يظهر أحدهم بوجه مشوّه، وتشك أن له دورا في أحداث تلك الكوارث التي تعيش فيها، فتقرر السفر إلى الماضي وقتله كي ترتاح من ذلك الهم، لكنك تذهب إلى الماضي وتضربه على وجهة فيتشوه فقط لكنه لا يموت، بسبب تلك الحادثة تصيبه صدمة نفسية شديدة فيتحوّل إلى شرير فيما بعد، لدرجة أنه سيسبب لك المشكلات التي ذهبت لتقتله كي تمنعها.. لكنك أثرتها، وهكذا تدور الحلقات المغلقة.

الحلقات الزمنية المغلقة تسمح بشكل من أشكال السفر عبر الزمن (شترستوك) حلقات الزمن

في مثل هذه الحلقة، تنشأ تقلبات كمية يمكنها محو الإنتروبيا، ومع انخفاض الأخيرة قد تختفي ذكريات الشخص، وتنعكس الشيخوخة. ويمكن لهذه الظاهرة أن تجعل الأحداث التي لا رجعة فيها -مثل قتل جد المرء- مؤقتة وليست دائمة، مما يلغي المفارقة تمامًا.

ويوضح غافاسينو أن ذلك يسمح بحدوث ما يسمى "مبدأ الاتساق الذاتي" أو "قانون حفظ التاريخ" الذي وضعه الفيزيائي الروسي إيجور ديميتريوفيتش نوفيكوف منتصف الثمانينيات، وينص على أنه في حالة وجود حدث من شأنه أن يتسبب في مفارقة أو أي "تغيير" بالماضي مهما كان، فإن احتمال ذلك الحدث هو صفر.

ويعني ذلك أنه إن أمكن لك السفر إلى الماضي فلن تتمكن من تغيير أي شيء يمكن أن يؤثر في المستقبل، وهؤلاء الذين حلموا بالسفر في الزمن والتخلص من حدث شرير ما قبل فوات الأوان تسبب في مقتل ملايين البشر لن يتمكنوا من ذلك، وكلما حاولوا سيحدث ما يمنعهم، وسيظنون أن ما يمنعهم هو مجرد عقبة، لكنها فقط قوانين الكون وهي فعّالة وحذرة.

وفي حين تقدم نتائج غافاسينو إطارًا نظريًا مقنعًا للسفر عبر الزمن، يظل السؤال: هل توجد منحنيات زمنية مغلقة بالكون الحقيقي؟ ويتشكك معظم علماء الفيزياء. ففي عام 1992، اقترح ستيفن هوكينغ -على سبيل المثال- أن هناك وكالة لحماية التسلسل الزمني لأحداث الكون تمنع ظهور أية حلقات زمنية تسافر للماضي، مما يجعل الكون آمنًا للمؤرخين.

إعلان

ويقصد هوكينغ ما يسمى "حدسية الحفاظ على التسلسل الزمني للكون" والتي تنص على أن قوانين الكون ستمنع السفر في الزمن على كل المستويات عدا المستوى دون الذري، من أجل حماية خط سير الأحداث، وذلك يمنع حلقات الزمن من التشكل في المقام الأول.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات السفر عبر الزمن إلى الماضی

إقرأ أيضاً:

دينا الشربيني تسابق الزمن بعد عودتها إلى مصر

متابعة بتجــرد: دخلت الفنانة دينا الشربيني في سباق مع الزمن في الفترة الحالية بعد انتهائها من تصوير مشاهدها في مسلسل “كامل العدد 3” في إسطنبول بتركيا وعودتها إلى القاهرة.

وفور عودتها الى القاهرة، بدأت دينا بتكثيف ساعات العمل للانتهاء من تصوير كل مشاهد المسلسل قبل بداية شهر رمضان.

وكان المنتج جمال سنان قد نشر عبر حسابه الخاص في “فيسبوك” صوراً جمعته مع دينا الشربيني والمخرج خالد الحلفاوي، معلناً من خلالها انتهاء التصوير في إسطنبول.

وقال جمال سنان: “مع النجمة الجميلة قلباً وقالباً دينا الشربيني حيث انتهينا من تصوير مشاهد مسلسل “كامل العدد” بموسمه الثالث في إسطنبول مع المخرج المميز خالد الحلفاوي والعودة الى مصر الحبيبة لاستكمال التصوير”. وتابع: “موسم مميز جديد بعد النجاح الكبير لموسمين… تشاهدونه في رمضان بإذن الله”.

وكان عدد من النجوم قد انضموا الى الجزء الثالث من مسلسل “كامل العدد”، منهم: حسين فهمي وإنجي المقدم وأحمد عبد الوهاب وعمرو صالح ويوسف عمر.

مسلسل “كامل العدد” هو بطولة: دينا الشربيني، شريف سلامة، بدرة، إسعاد يونس، تميم عبده، جيهان الشماشرجي، إسعاد يونس، ميمي جمال، أحمد كمال، ألفت إمام، صدقي صخر، أحمد جمال سعيد، سمر علام، عمرو جمال، جيسيكا حسام الدين، لينا صوفيا بن حمان، حمزة دياب…، ومن تأليف رنا أبوالريش ويسر طاهر، وإخراج خالد الحلفاوي.

main 2025-01-28Bitajarod

مقالات مشابهة

  • Helion الناشئة تسابق الزمن لتشغيل أول مفاعل نووي اندماجي
  • نجم المغرب السابق: “أرغب في إقصاء الجزائر وألا نواجهها في الكان”
  • دوري أبطال أوروبا 2024-25: ليلة حاسمة قد تشهد إقصاء كبار القارة
  • رشا سليمان لـ الوفد: ضد محاربة الزمن بالفلير والبوتكس (فيديو)
  • روائح الزمن الماضي.. 9 حرف يدوية بالفيوم تواجه الاندثار
  • النصر يسابق الزمن لحسم 3 صفقات قبل غلق الميركاتو
  • دينا الشربيني تسابق الزمن بعد عودتها إلى مصر
  • "هنا الألباستر"| مهنة النحت في الصخر تقاوم عوامل الزمن والحداثة.. صور
  • مفارقة السلام