يمانيون:
2025-03-01@13:51:30 GMT

آثار اليمن بين مطرقة التهريب وسندان غياب الدولة

تاريخ النشر: 28th, January 2025 GMT

آثار اليمن بين مطرقة التهريب وسندان غياب الدولة

تحليل_ طارق أحمد السميري:

يعد اليمن واحدًا من أقدم وأغنى البلدان تاريخيًّا وثقافيًّا، فهو مهد حضارات عريقة تعود لآلاف السنين، كحضارة سبأ ومعين وقتبان وحضرموت. هذه الحضارات خلفت إرثًا هائلًا من الآثار التي لا تقدر بثمن، من معابد وتماثيل ونقوش إلى مدن أثرية كاملة. ومع ذلك، فَــإنَّ هذا الإرث يواجه خطرًا وجوديًّا؛ بسَببِ عمليات التهريب المنظمة وغياب الدولة الفاعلة لحمايته.

تهريب التماثيل اليمنية: مأساة متكرّرة

من أحدث وأبرز الأمثلة على تهريب الآثار اليمنية، عرض تمثال يمني أثري للبيع في أحد المزادات العالمية. التمثال المصنوع من المرمر، والذي يعود تاريخه إلى ما بين عامي 200 و100 قبل الميلاد، يُظهر امرأة تحمل طفلها بين يديها. على قاعدة التمثال، نقش بخط المسند القديم عبارة “أبنسي” والتي تعني “ابني”، مما يعكس دفء العلاقة الإنسانية التي خلَّدتها الحضارة اليمنية القديمة.

هذا التمثال، الذي يُعد من أجمل التماثيل اليمنية وأكثرها رمزية، تم تهريبه إلى الإمارات، حَيثُ ما زال هناك حتى الآن. يعد وجوده في المزادات العالمية جرحًا جديدًا يضاف إلى سلسلة الانتهاكات التي تطال التراث اليمني.

غياب الدولة وتفاقم المشكلة:

في ظل الحرب والأوضاع السياسية المتدهورة التي تعيشها اليمن منذ سنوات، باتت الدولة شبه غائبة عن المشهد الثقافي والتراثي. لا توجد آليات فعالة لحماية المواقع الأثرية أَو استرداد القطع المهربة، مما يجعلها عرضة للنهب المنظم من قبل عصابات دولية.

الدولة التي يفترض أن تكون الحارس الأول للآثار أصبحت عاجزة عن التصدي لهذا النزيف الثقافي. ضعف القوانين، وغياب الرقابة على الحدود، بالإضافة إلى نقص الموارد والكوادر المؤهلة، كلها عوامل ساهمت في تفاقم الوضع.

شبكات التهريب الدولية:

تهريب الآثار اليمنية ليس جريمة عشوائية، بل هو جزء من شبكة دولية منظمة. تبدأ عمليات التهريب عادة بالتنقيب غير المشروع في المواقع الأثرية داخل اليمن. يقوم المهربون بعد ذلك بنقل القطع إلى الخارج عبر الحدود البرية أَو البحرية، مستغلين الثغرات الأمنية.

العديد من القطع تصل إلى دول مثل الإمارات، والتي أصبحت محطة لتمرير هذه الكنوز إلى الأسواق العالمية. تُباع هذه القطع في المزادات العلنية بمبالغ طائلة، حَيثُ يتم اقتناؤها من قبل تجار آثار أَو جامعي تحف لا يعيرون اهتمامًا لمصدرها أَو قيمتها الثقافية.

الأثر الثقافي والحضاري:

فقدان الآثار لا يعني فقط خسارة قطع أثرية، بل يعني تدميرًا لذاكرة اليمن وهويته. كُـلّ قطعة تُهرب تمثل جزءًا من قصة حضارة قديمة ساهمت في تشكيل التاريخ الإنساني. التماثيل والنقوش ليست مُجَـرّد أعمال فنية، بل هي شواهد على تطور الفكر والثقافة والعلاقات الإنسانية في تلك الحقبة.

الجهود المبذولة لحماية الآثار:

رغم الواقع القاتم، هناك محاولات من بعض الجهات لإنقاذ التراث اليمني. تعمل بعض المنظمات الدولية مثل اليونسكو على توثيق المواقع الأثرية المهدّدة، كما تسعى بعض الجهات إلى استرداد القطع المهربة عبر القنوات القانونية.

ومع ذلك، تظل هذه الجهود غير كافية في ظل غياب الدور الحكومي الفاعل. استعادة التمثال المذكور وغيره من القطع المهربة يتطلب تنسيقًا دبلوماسيًّا وجهودًا قانونية، بالإضافة إلى شراكة حقيقية مع الدول التي تحتضن هذه القطع.

الحلول الممكنة:

لحماية التراث اليمني، يجب اتِّخاذ عدة خطوات على المستويين المحلي والدولي:

تعزيز القوانين المحلية: يجب تشديد العقوبات على عمليات التنقيب غير المشروع والتهريب. إنشاء فرق متخصصة: تكوين وحدات متخصصة بحماية الآثار ومراقبة المواقع الأثرية. التعاون الدولي: تفعيل الاتّفاقيات الدولية لاسترداد القطع الأثرية المهربة وتعزيز التعاون مع الدول التي تمر عبرها هذه القطع. رفع الوعي المحلي: توعية السكان بأهميّة الآثار كجزء من الهوية الوطنية وتشجيعهم على الإبلاغ عن أي نشاط مشبوه. دعم المنظمات الأهلية: تشجيع المبادرات المحلية التي تعمل على توثيق التراث وحمايته.

ختامًا:

آثار اليمن ليست ملكًا لليمنيين وحدهم، بل هي إرث إنساني يعكس عظمة حضارة كانت منارة في تاريخ البشرية. استمرار عمليات التهريب، كما في حالة التمثال المذكور، يعني فقدان أجزاء لا تقدر بثمن من هذا التاريخ. إن حماية هذا الإرث مسؤولية جماعية تتطلب تضافر الجهود المحلية والدولية لضمان بقاء هذا التاريخ حيًّا للأجيال القادمة.

 

وزير السياحة بحكومة شباب اليمن المستقل*

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: المواقع الأثریة

إقرأ أيضاً:

ما قصة الآثار الراقصة في المتحف المصري الكبير؟

مصر – يترقب المصريون افتتاحا ضخما للمتحف المصري الكبير الذي شيدته الدولة ليكون أكبر متحف في العالم يضم آثار حضارة واحدة، ومع اقتراب افتتاحه يتزايد الاهتمام بالمتحف وما يضمه من آثار.

وحددت الحكومة المصرية 3 يوليو القادم موعدا لافتتاح المتحف بعد سنوات من الانتظار حتى تتهيأ الأوضاع الإقليمية والدولية لافتتاح ضخم بحضور دولي واسع ورفيع المستوى، حيث تجهز القاهرة لافتتاح يمتد لعدة أيام، يسلط الضوء على الحضارة المصرية القديمة كما جرى في افتتاح متحف الحضارات الذي أقيم في ليلة واحدة.

ومع تزايد الاهتمام بالمتحف، بدأ مدونون على مواقع إكس في تداول فيديوهات من داخل المتحف تم معالجتها بالذكاء الاصطناعي، وتظهر في الآثار المصرية وهي تسير في المتحف وتتراقص على أنغام الموسيقى، وتظهر الجنود القدماء وكأنهم في مهمة قتالية.

وتحت عنوان “المتحف المصري في الليل” تداول مستخدمون فيديو تظهر فيه الآثار وكأنها تؤدي أدوارا في أفلام سينمائية مصرية مع تركيب أصوات المشاهد الحقيقية عليها.

ونشر مستخدم آخر فيديو مشابه وكتب عليه “الوضع في المتحف المصري الكبير خرج عن السيطرة”.

واكتمل تشييد مبنى المتحف الذي تبلغ مساحته أكثر من 300 ألف متر مربع، خلال عام 2021، ومنذ ذلك الوقت، تتحين مصر الفرصة لافتتاح المتحف وإقامة حفل ضخم يروج للحضارة المصرية القديمة.

وتقول وزارة السياحة المصرية، إن قاعات العرض بالمتحف تعتبر الواحدة منها أكبر من العديد من المتاحف الحالية في مصر والعالم. مؤكدة أن المتحف يعد “أحد أهم وأعظم إنجازات مصر الحديثة”، فقد أُنشئ ليكون الوِجهة الأولى لكل من يهتم بالتراث المصري القديم كأكبر متحف في العالم يروي قصة تاريخ الحضارة المصرية القديمة.

ويحتوي المتحف على عدد كبير من القطع الأثرية المميزة والفريدة من بينها كنوز الملك الذهبي توت عنخ آمون والتي تعرض لأول مرة كاملة منذ اكتشاف مقبرته في نوفمبر 1922، بالإضافة إلى مجموعة الملكة حتب حرس أم الملك خوفو مشيد الهرم الأكبر بالجيزة، وكذلك متحف مراكب الملك خوفو، فضلا عن المقتنيات الأثرية المختلفة منذ عصر ما قبل الأسرات وحتى العصرين اليوناني والروماني.

ويوم الثلاثاء، قال رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي، إن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، قرر تحديد يوم 3 يوليو القادم موعدا لافتتاح المتحف المصري الكبير.

وأكد أن فعاليات افتتاح المتحف ستمتد على مدار عدة أيام، وليست احتفالية في يوم واحد فقط، قائلا: “فعاليات هذا الحدث الكبير الذي ينتظره العالم بأسره تمتد على مدار عدة أيام”.

المصدر: RT

مقالات مشابهة

  • الأمين: غياب الدولة جعل من التجار “وحوشًا” تستغل الصائمين برفع الأسعار
  • كيفية التخلص من آثار تناول الأطعمة الدهنية خلال شهر رمضان
  • إغلاق شركات وزيادة التهريب و فضيحة كبرى.. تحذير من نقابتا منتجي الكحول وتجار المشروبات الروحية
  • أول تعليق من الحكومة اليمنية على دعوة السعودية لضم اليمن إلى عضوية مجلس التعاون الخليجي ..
  • ما قصة الآثار الراقصة في المتحف المصري الكبير؟
  • حزب صوت الشعب يصدر بيانا حول آثار التقارب الروسي الأمريكي على الوضع الاقتصادي في البلاد
  • تسليم مطلوبين بتهم «التهريب» والاعتداء على قوات «الساحل الغربي» إلى مكتب النائب العام
  • «مدبولي»: مصر اتخذت إجراءات استباقية لتجنب آثار ملء السد الإثيوبي
  • قائد “أيزنهاور” يكشف تفاصيل جديدة عن هجمات صنعاء على القطع الحربية الأمريكية
  • كشف الخبايا