«خليج المكسيك» بين دولتين.. لماذا ستغير خرائط جوجل اسمه بعد حديث ترامب؟
تاريخ النشر: 28th, January 2025 GMT
أعلنت شركة «جوجل» العالمية في منشور على منصة التدوينات القصيرة «إكس»، أنها ستعيد تسمية خليج المكسيك إلى «خليج أمريكا» على خرائطها للمستخدمين في الولايات المتحدة بعد أن يدخل التغيير حيز التنفيذ رسميًا، بحسب ما جاء في صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية.
تفاصيل ما قالته «جوجل» بشأن خليج المكسيكوقالت جوجل في منشورها، إن الموجودين في المكسيك سيرون خليج المكسيك، بينما سيرى الأشخاص خارج البلدين كلا الاسمين، كما وصفت الشركة العالمية هذه الممارسة بأنها ممارسة قائمة منذ فترة طويلة، موضحة: «عندما تختلف الأسماء الرسمية بين البلدان، يرى مستخدمو الخرائط اسمهم المحلي الرسمي.
وتأتي هذه الخطوة بعد أن وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على أمر تنفيذي الأسبوع الماضي لتغيير الاسم، وفي يوم الجمعة، قالت وزارة الداخلية إنها أجرت التغيير وتعمل على تحديث التسمية في نظام معلومات الأسماء الجغرافية، كما يعيد الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب اسم أعلى قمة في أمريكا الشمالية، دينالي في ألاسكا، إلى جبل ماكينلي؛ لتوضح «جوجل» إن هذا التغيير في الاسم سينعكس أيضًا على خرائطها.
وتطبق «جوجل» بانتظام اتفاقيات تسمية محلية للخصائص الجغرافية التي تخضع للنزاعات في العديد من أجزاء العالم، ويمكن أن يحصل الأشخاص في بلدان مختلفة على نتائج مختلفة عندما يبحثون في خرائط جوجل.
على سبيل المثال، في كوريا الجنوبية، تعرض خرائط جوجل البحر الشرقي كاسم للمسطح المائي الواقع بين الكوريتين واليابان، ويظهر الاسم باسم بحر اليابان (بحر الشرق) للمستخدمين خارج البلاد، وتدعي اليابان وكوريا الجنوبية أن مزاعمهما تعود إلى أصل مختلف.
ويمتد خليج المكسيك، وهو حوض محيطي مساحته 218000 ميل مربع متصل بالبحر الكاريبي والمحيط الأطلسي، على طول الساحل الشرقي للمكسيك والساحل الجنوبي الشرقي للولايات المتحدة حتى الطرف الغربي لكوبا، وقد استخدم المستكشفون وصانعو الخرائط الأوروبيون اسم خليج المكسيك لمدة 400 عام على الأقل.
وفي مؤتمر صحفي عقده في وقت سابق من هذا الشهر، قال ترامب: «سنقوم بتغيير اسم خليج المكسيك إلى خليج أمريكا، يا له من اسم جميل، وهو مناسب».
وبحسب وكالة أسوشيتد برس ، سخرت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم من اقتراح ترامب بعد فترة وجيزة، وخلال مؤتمر صحفي، تساءلت عما إذا كان ينبغي إعادة تسمية أمريكا الشمالية بـ «أمريكا المكسيكية»، مستشهدة بوثيقة تأسيسية من عام 1814، سبقت دستور المكسيك، والتي أشارت إليها بهذا الاسم.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: خليج المكسيك المكسيك ترامب أمريكا خلیج المکسیک
إقرأ أيضاً:
ما يحدث في أمريكا غير طبيعي ويلـزمـه انتفاضـة غيـر طبيعيـة
ترجمة: أحمد شافعي -
في البدء كان العذاب. في ظل الامبراطوريات القديمة، كان الأقوياء يفعلون ما يشاؤون والضعفاء يحتملون العناء مرغمين.
لكن بمرور القرون، أقام الناس دعائم الحضارة، فوضعوا الدساتير لكبح السلطة، وأقاموا التحالفات الدولية لتعزيز السلام، والأنظمة التشريعية لتسوية النزاعات سلميا، والمؤسسات العلمية لعلاج الأمراض، والمنابر الإخبارية لزيادة فهم الشعب، والمنظمات الخيرية لتخفيف المعاناة، والمشاريع التجارية لتحقيق الثروة وتعميم الرخاء، والجامعات من أجل الحفاظ على أمجاد أسلوبنا في الحياة ونقلها وتطويرها. وهذه المؤسسات هي سر عذوبة حياتنا وما فيها من حب وإبداع، بدلا من أن تكون هذه الحياة قصيرة قاسية نكدة.
والترامبية تهدد هذا كله، فهي بالأساس تتعلق بطلب السلطة ـ السلطة من أجل السلطة، وهي عدوان متعدد الجبهات يهدف إلى أن يجعل الأرض ملعبا للقساة، ولذلك بطبيعة الحال لا بد من إضعاف أي مؤسسة قادرة على كبح السلطة أو لا بد من تدميرها. والترامبية تتعلق بالأنا، والشهوة، والرغبة في التملك، ودافعها هو المقت الجذري لكل العناصر الرفيعة في الروح الإنسانية، من قبيل التعلم والتعاطف والفضول العلمي والسعي إلى العدالة.
ونحن إلى الآن نتعامل مع هجمات الرئيس ترامب وأتباعه في إدارته باعتبارها سلسلة هجمات منفصلة. فهم في مسار يسعون وراء شركات القانون. وفي مسار آخر يهاجمون بشراسة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. وفي آخر يهاجمون الجامعات. ثم في مسار آخر يقوضون حلف شمال الأطلسي، وفي غيره يفككون التجارة العالمية.
وهذه طريقة خاطئة في التفكير في الأمر، فهذه ليست بمعارك منفصلة، ولكنها سعي واحد للإجهاز على مكونات النظام الحضاري القادرة على كبح استحواذ ترامب على السلطة. ولا بد من تنسيق الجهود لإلحاق الهزيمة بذلك.
وحتى الآن، فإن كل قطاع تعرض لهجوم ترامب قد استجاب للهجوم منفردا، فشركات القانون تسعى إلى حماية نفسها، والجامعات، تحاول أن تفعل مثل ذلك منفردة. صحيح أن مجموعة شركات قد تجمعت لدعم شركة بيركنز كوي، ولكن في حالات أخرى تحاول شركات قانون منفردة أن تتوصل إلى سلام منفرد مع ترامب. وصحيح أن جامعة هارفرد تمكنت أخيرا من وضع حد للهجوم عليها، ولكن جامعة كولومبيا توصلت إلى صفقة. وهذه استراتيجية كارثية تضمن لترامب أن يسحق الضحية تلو الضحية، متبعا سياسة فرق تسد.
ببطء، يدرك الكثيرون منا أننا بحاجة إلى التكاتف. ولكن حتى هذه الجهود منعزلة ومتشرذمة.
ويعمل العديد من أعضاء مؤتمر العشرة الكبار على تشكيل تحالف للدفاع عن الحرية الأكاديمية. وهذا جيد. ولكنه لن يشمل غير ثماني عشرة مؤسسة تعليمية من قرابة أربعة آلاف كلية وجامعة أمريكية مانحة للشهادات العلمية.
وحتى الآن، فإن الشيء الحقيقي الوحيد الواعد بتحرك أكبر ـ أي بحركة مناهضة شعبية ـ هو المسيرات التي قادها بيرني صاندرز وألكسندريا أوكاسيو كورتيز. ولكن حتى هذه أيضا طريقة غير فعالة للرد على ترامب، لأن هذه المسيرات الحزبية تجعل النضال يبدو وكأنه منافسة طبيعية بين الديمقراطيين والجمهوريين.
إن ما يجري الآن ليس سياسة طبيعية. لأن ما نشهده هو هجوم على المؤسسات الجذرية في حياتنا المدنية، وعلى ما ينبغي أن نتعهد جميعا بالولاء له، ديمقراطيين أو مستقلين أو جمهوريين.
لقد حان الوقت لانتفاضة مدنية قومية شاملة. لقد حان الوقت للأمريكيين في الجامعات والقانون والاقتصاد والمنظمات غير الربحية ومجتمع البحث العلمي والخدمة المدنية وغيرها أن يشكلوا حركة شعبية واحدة منسقة. فما يسعى إليه ترامب هو السلطة. والطريقة الوحيدة التي يمكن إيقافه بها هي مواجهته بحركة تملك سلطة منافسة.
ولقد كان ذلك بالضبط هو دأب الشعوب على مدار التاريخ كلما واجهها هجوم استبدادي. ففي كتابهما «لماذا تفلح المقاومة المدنية» نظرت إيريكا تشينويث وماريا ج. ستيفان إلى مئات الانتفاضات غير العنيفة، وتبين أن هذه الحركات استعملت أدوات كثيرة في أيديها ـ منها رفع الدعاوى القضائية والمسيرات الشعبية والإضرابات وإبطاء العمل والمقاطعة وغيرها من أشكال عدم التعاون والمقاومة.
كان دأب هذه الحركات أن تبدأ صغيرة ثم تحتشد. وتوجه رسائل واضحة إلى جماعات مختلفة، وتغيّر السرديات بحيث لا يبقى المستبدون في مركز الهجوم الدائم. وكانت في بعض الأحيان تستعمل وسائل غير عنيفة لاستفزاز النظام ودفعه إلى عمل عنيف، فيهز ذلك الشعب، ويقوض سلطته، ويزيد من قوة الحركة. (وتذكروا حركة الحقوق المدنية في سيلما). والترامبية في الوقت الراهن تقسم المجتمع المدني، فإن قامت انتفاضة سلمية فبوسعها أن تبدأ بتقسيم قوى الترامبية.
تؤكد إيريكا تشينويث وماريا ج. ستيفان أن ذلك يقتضي تنسيقا. لا ينبغي أن يوجد دائما قائد واحد ذو كاريزما، ولكن ينبغي أن توجد منظمة تمثل ركيزة أساسية، وهيئة تنسيقية واحدة تعنى ببناء التحالفات.
في كتابه «الجَيَشان»، نظر جاريد دايموند إلى بلاد مرت بأزمات وتعافت منها. ويشير إلى أن الدول التي تتعافى لا تهول الأمور بأن تقول إن كل شيء فاسد ولا بد من هدمه. ولكنها تجري جردا دقيقا لما يجدي نفعا وما لا نفع فيه. والقادة يتحملون نصيبهم من المسؤولية عن مشاكل المجتمع.
ويبدو لي هذا نصيحة جوهرية للأمريكيين اليوم. فنحن نعيش في بلد فيه مستويات منخفضة انخفاضا كارثيا من الثقة في المؤسسات.
إذ يواجه رؤساء الجامعات، وشركات القانون الكبرى، والمنظمات الإعلامية، والمديرون التنفيذيون للشركات جدارا من الشك والسخرية. فإن كانوا سيشاركون في انتفاضة مدنية شعبية ضد ترامب، فيجب أن يظهروا لبقية البلد أنهم يفهمون خطايا المؤسسة التي أدت إلى صعود ترامب في المقام الأول. ولا بد أن يظهروا أنهم يسعون سعيا ديمقراطيا إلى إصلاح مؤسساتهم. ولبس هذا محض دفاع عن المؤسسة إنما هو حركة إلى مكان جديد.
ولننظر في أمر الجامعات. لقد شرفت بالتدريس في جامعات أمريكية على فترات متقطعة من السنوات الثلاثين الماضية وأزور العشرات منها كل عام. والجامعات هي جواهر تاج الحياة الأمريكية. فهي بوتقات الإبداع العلمي والابتكار في ريادة الأعمال. وبطرق لا حصر لها يساعدنا باحثو الجامعات في فهم أنفسنا وفهم عالمنا.
ولقد رأيت مرارا وتكرارا فتاة صغيرة تدخل حرما جامعيا في سنتها الأولى بفضول كبير وعلم قليل. ثم لا يحل عليها العام الدراسي الأخير حتى يكون أمرا مثيرا للإعجاب قد حدث لها، فإذا بها استنارت وتثقفت وبات لها تفكير نقدي، فأعلم أن الجامعة مارست عليها سحرها مرى أخرى.
والناس يتوافدون من أرجاء العالم على جامعاتنا إعجابا بها.
لكن شأن جميع المؤسسات، فإن فيها عيوبا. فقد سمح الكثيرون لأنفسهم بأن يغرقوا في تقدمية خانقة تقول لنصف البلد: أصواتكم لا تهم. ومن خلال سياسات القبول في الجامعة بإيثارها أبناء الأثرياء، أسهمت جامعات النخبة في تعميق فجوة الشهادات. فلو أن العائلات الثرية نفسها تنتصر جيلا بعد جيل، فلا ينبغي لأحد أن يندهش حين يعمد الخاسرون إلى قلب الطاولة.
بعبارة أخرى، يجب أن تكون للانتفاضة المدنية رؤية قصيرة المدى ورؤية طويلة المدى. فعلى المدى القصير: إيقاف ترامب. إحباط جهوده. تكديس الدعاوى القضائية. تأليب بعض أتباعه عليه. أما الرؤية الثانية فرؤية طويلة المدى لمجتمع أكثر عدالة، لا يقتصر تشدده على ترامب فحسب، بل يشمل أيضا أسباب الترامبية، فهي رؤية إيجابية. وسواء أتعلق الأمر بالجامعات أم بنظام الهجرة أم بالاقتصاد العالمي، لا يمكننا العودة إلى الوضع الراهن الذي كان سائدا عندما صعد ترامب إلى السلطة للمرة الأولى.
الحق أنني لست بالشخص الحركي. فلا أشارك بطبيعتي في المظاهرات أو المسيرات التي لا أغطيها بوصفي صحفيا. ولكن هذا ما تحتاج إليه أمريكا الآن. فلو أن ترامب يغلل أعظم المؤسسات في الحياة الأمريكية، فليس لدينا ما نخسره إلا أغلالنا.
ديفيد بروكس روائي وأحد كتاب الرأي في نيويورك تايمز
خدمة نيويورك تايمز