لا للتهجير..جيشنا الشعب وشعبنا جيش
تاريخ النشر: 28th, January 2025 GMT
العالم أجمع يعرف موقف مصر الثابت تجاه القضية الفلسطينية على مدار تاريخها، ومن ثم ليس هناك داع تحت أي ظرف لاختبار موقف مصر في هذا الصدد بين الحين والآخر، سواء بتصريحات رسمية مباشرة، أو دوائر غير مباشرة، لأن النتيجة تأتي واضحة كل مرة برفض العدوان الغاشم، والرفض القاطع لتهجير الفلسطينيين من أرضهم بغض النظر عن أعدادهم التي لا تفرق كثيرًا في موقف مصر.
ولا نجد أي مبرر للتصريحات الصادرة عن الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، العائد مرة أخرى للبيت الأبيض بعد الانتخابات الأمريكية الأخيرة بشأن تهجير الفلسطينيين، إلا إذا كان الرئيس الأمريكي يغاذل قيادات الكيان الغاشم لأسباب يعلمها هو جيدًا، أو إثارة الجدل عالميًا مع توليه إدارة البيت الأبيض، دون أن يفكر ولو للحظة أن أحلامه لن يكون لها مكان على حساب مصر، أو مصر والأردن بحسب التصريحات الغوغائية.
وجاء رد مصر الرسمية والشعبية معبرًا عن موقفها وتاريخها ونضالها دفاعًا عن القضية، بداية من موقف الرئيس عبد الفتاح السيسي مرارًا وتكرارًا في هذا الأمر معتبرًا إياه في أكثر من خطاب رسمي أنه "خط أحمر"، وبيان وزارة الخارجية المصرية وانتفاضة البرلمان المصري، إلى جانب الكثير من مؤسسات الدولة، لنجد أن صفحات مواقع التواصل الاجتماعي كانت ملحمة وطنية لرفض تصريحات ترامب الهوجاء من قبل ملايين الشعب المصري.
وإذا كان ترامب ورفاقه يراهنون على حسابات سياسية أو اقتصادية في مصر خلال الفترة الراهنة، فكان من الأولى لمستشاريه نصيحته بأن موقف المصريين تجاه القضية الفلسطينية، والتهجير لمصر أو غيرها جزء لا يتجزأ من تاريخهم الوطني الثابت ثبات الحدود الأربعة لمصر، والصامد كالجبال الراسخة التي لا تتأثر برياح هشة مثل تصريحات ترامب.
وجاء الموقف الرسمي لمصر والموقف الشعبي للمصريين واحدًا ،حيث لا انفصال ولا خلاف أو اختلاف على حق الفلسطينيين في أرضهم الذين يبذلون من أجلها كل غال، والتضحية بدماء أبنائها دفاعًا عنها ، ولا جدال في أن مصر برغم اختلاف الأنظمة الحاكمة على مدار تاريخها لا تقبل المساس بحقوق الشعب الفلسطيني، وتؤكد بحتمية حل الدولتين، والعودة إلى حدود يونيو 1967 وغيرها من الثوابت المصرية تجاه القضية ومتعلقاتها.
والحقيقية الواضحة أن الشعب المصري يثبت دائمًا صلابة موقفه، و يؤكد دومًا الاصطفاف الوطني خلف القيادة السياسية في كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، لينسى كل مصري غيور على وطنه وأرضه وموقفه تجاه فلسطين أي تحفظات أو خلاف مع الأنظمة الحاكمة حينما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية، ليقف كل مصري في خندق واحد مع القيادة السياسية للتعبير عن الموقف وهو ما جاء في مئات البيانات الرسمية للقوى السياسية المختلفة، وبيانات صادرة عن الشخصيات العامة، ومنهم من ينتقد أو يتحفظ على الأداء الحكومي، أو القرارات الرسمية بشكل شبه يومي، لكن حينما يتعلق الأمر بفلسطين فلا مكان هنا إلا للدعم الكامل لموقف القيادة السياسية.
خلاصة القول أن الرهان على الفرقة بين صفوف الشعب المصري، أو استغلال أي ظروف سياسية أو اقتصادية، أو خلاف بين القوى السياسية والأنظمة الحاكمة لأي سبب لشق الصف تجاه فلسطين هو رهان خاسر بكل المقاييس مهما تعاقبت الأنظمة واختلفت الأجيال، فقد جاءت تصريحات ترامب لتؤكد بكل يقين أن الشعب المصري هو الجيش الجاهز لخوض أي معركة حال المساس بأرضه قبل أي جيش آخر، وأن الجيش المصري هو الشعب بكل فئاته وطبقاته ولا فرق بينهما، أو كما نغنى دائماً "احنا الشعب واحنا الجيش..جيشنا الشعب وشعبنا جيش"..حفظ الله مصر وشعبها وجيشها من كل سوء، وللحديث بقية إن شاء الله.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: لا للتهجير جيشنا الشعب القضية الفلسطينية القضیة الفلسطینیة الشعب المصری
إقرأ أيضاً:
إسكات التاريخ.. القضية الفلسطينية في كتب التاريخ المدرسية المصرية
صدر عن جسور للترجمة والنشر في فبراير/شباط الجاري كتاب "إسكات التاريخ: القضية الفلسطينية في كتب التاريخ المدرسية المصرية" تأليف الدكتور عبد الفتاح ماضي أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإسكندرية.
ويتناول الكتاب حضور القضية الفلسطينية في كتب التاريخ المدرسية بالتعليم العام الرسمي في مصر على مدار ما يقرب من قرن من الزمان تقريبا، من أربعينيات القرن العشرين حتى مقررات العام الدراسي 2023/2024.
ويبحث المؤلف فيما طرأ على هذا الحضور من تغيرات عبر حقب زمنية مختلفة، وعلاقة هذه التحولات وارتباطها بالأحداث والتحولات التاريخية الكبرى في مصر، مثل إسقاط الملكية وقيام الجمهورية عام 1952، واتفاقية السلام التي أبرمها الرئيس الراحل أنور السادات مع الكيان الصهيوني عام 1979، وإنشاء مركز تطوير المناهج والمواد التعليمية عام 1988.
وتضم المادة البحثية التي جرت دراستها أكثر من 70 كتابا مدرسياً، وعددا آخر من الكتب والوثائق المنشورة والمراجع ذات الصلة، فضلا عن عدة مقابلات مع عدد من مؤلفي الكتب المدرسية والخبراء والمسؤولين وأساتذة الجامعات التربويين.
ومما ينبغي ملاحظته أن الدراسات التاريخية عموما وتلك التي تتصل بالأطر الثقافية على وجه الخصوص تكتسب قيمة خاصة، كونها تعيد التاريخ الذي يتعرض لعمليات منظمة من النهب والتغيير والإزاحة والمحو والإخفاء والإسكات، وأكثر تاريخ تعرض لذلك في الواقع المعاصر هو التاريخ الفلسطيني، مقابل إثبات التاريخ الإسرائيلي.
وقد قسم المؤلف كتابه الواقع في 217 صفحة إلى 4 فصول جاءت بعد المقدمة، على النحو الآتي:
إعلان الفصل الأول: السياقات التاريخية والسياسية لكتب التاريخوفيه بحث الكاتب عن وجود القضية الفلسطينيّة في 3 حقب: حقبة ما قبل عام 1952، والحقبة الممتدة ما بين عام 1952 وحتى منتصف سبعينيات القرن الماضي، وأخيرًا الحقبة الممتدة ما بين نهايات سبعينيات القرن الماضي إلى نهاية عام 2024.
في حين جاء الفصل الثاني حاملا عنوان: الحضور الفلسطيني في كتب التاريخواستعرض فيه المؤلف مرحلتين مر بهما الحضور الفلسطيني في كتب التاريخ المصرية، وقد أطلق عليها مرحلة البداية والتوسع، ثمّ انتقل إلى استعراض المرحلة الثانية التي أسماها مرحلة الانحسار كمًا ونوعًا.
أما الفصل الثالث من الكتاب فجاء تحت عنوان: طبيعة القضية والمصطلحات المستخدمة في كتب التاريخوقد استعرض المؤلف في هذا الفصل 3 حالات مرت بها المصطلحات المتعلقة بماهية القضيّة الفلسطينيّة وطبيعتها في كتب التاريخ، حيث بدأت بكونها قضيّة تحرر وطني، ثم انكفأت المصطلحات والمفاهيم نحو القطرية أو الوطنيّة المصريّة، ليصل الأمر بعد ذلك إلى الحديث عن حل القضيّة حربًا أو سلمًا ثم انتهاج السلام العادل سبيلًا للحل.
ومما ذكره المؤلف بهذا الفصل أنّه بعد معاهدة السلام في اتفاقية كامب ديفيد في 17 سبتمبر/أيلول 1978، لم يستخدم كتاب "تاريخ مصر والعرب الحديث" مصطلحات مثل "الاستعمار الصهيوني" أو "الإرهاب الصهيوني" أو الإرهاب اليهودي" لكن وردت كلمة "إرهابيين وعبارة "الإرهابيين الصهيونيين" عند الحديث عن نسف فندق الملك داود بالقدس عام 1946 على يد يهود لإرهاب الانتداب البريطاني على فلسطين، وبدلاً من استخدام كلمة "العصابات اليهودية المسلحة" ظهرت عبارة "العناصر العسكرية اليهودية" عند الحديث عن حرب 1948.
ثمّ يؤكد المؤلف أنّه ابتداء من كتاب "التاريخ" للثانوية العام عام 2002، وحتى آخر كتاب صادر عام 2017- 2018، فإن حجم تناول حضور فلسطين والقضية الفلسطينية تقلّص وتبدّلت المفاهيم والمناهج في المقرّرات الدراسية في التعليم العام، مع التوسع في ذكر الحروب العربية الإسرائيلية، والتركيز على الدور المصري تحديداً.
إعلان ثمّ يأتي الفصل الرابع حاملًا عنوان: نتائج وملاحظات نهائيةوفيه يجيب المؤلف عن مجموعة من الأسئلة أهمها: من يضع كتب التاريخ المدرسية؟ ما الحاضر والمفقود من القضية من القضية الفلسطينية في كتب التاريخ؟ كيف تفسد السياسة كتب التاريخ؟ وما تداعيات التغافل عن سياقات تاريخية ودينية؟ وكيف تطورت كتب التاريخ عموما؟
ويعتمد المؤلف في هذا الفصل مرجعية النقد المنهجي حيث يقدم عرضا تحليليا نقديا خلال الإجابات عن هذه الأسئلة الجوهرية.
وفي واقعنا خرافات كبيرة منتشرة حول قضية فلسطين من أكثرها اشتهارا أن الفلسطينيين باعوا أراضيهم لليهود، وأنهم تركوا منازلهم، والعجيب أن تجد مؤرخا مثل إيلان بابيه يفند هذه الخرافة بوضوح فيخبرنا أن الأراضي التي اشتراها اليهود قبل انتفاضة 1936، التي قام بها الفلسطينيون ضد الوجود الصهيوني وسلطة الانتداب البريطاني، لم تتخط 5% من الأراضي الفلسطينية، وتمت كلها في إطار تعايش كوزموبوليتاني اشتهرت به الدول العربية في تلك الفترة، قبل أن يتضح الهدف من الشراء الممنهج للأراضي، فصدر قرار بعد الانتفاضة بمنع بيع الأراضي إلى اليهود. أما باقي الأراضي، فلم يتخل عنها أهلها إلا بالترويع وارتكاب المجازر، وليس كما تروج خرافات إسرائيل أن الفلسطينيين تركوا الأرض ليفسحوا المجال لجيش الإنقاذ.
ومثل هذه الخرافات الكثير التي يسهل انتشارها مع تقليص القضية الفلسطينية في مناهج التعليم، ولذا فإن الكتاب يمثل مرجعا مهما للباحثين في صورة القضية الفلسطينية بالمناهج الدراسية، وللباحثين عن التحولات التي تطرأ على صورة القضية الفلسطينية في وعي الأجيال المتعاقبة، ودحض روايات الاحتلال من عقول الأجيال التي ينتظر أن تكون حاملة الأمانة والقضية.