عمر أبو نبوت للجزيرة نت: مذكرة التوقيف ضد الأسد تتويج نحو العدالة لكل السوريين
تاريخ النشر: 28th, January 2025 GMT
باريس- للمرة الثانية، قرر قضاة التحقيق في دائرة مكافحة الجرائم ضد الإنسانية في المحكمة الجنائية في العاصمة الفرنسية باريس إصدار مذكرة توقيف دولية بحق الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، الاثنين 21 يناير/كانون الثاني الجاري، بتهمة التواطؤ في جريمة حرب.
وجاء هذا القرار بناء على طلب النيابة العامة لمكافحة الإرهاب في فرنسا على خلفية مقتل المواطن الفرنسي السوري صلاح أبو نبوت في السابع من يونيو/حزيران 2017 عقب قصف منزله في مدينة درعا بمروحيات تابعة لقوات الأسد.
ولأنه كان مقتنعا بأن المحاسبة أمام القضاء ستكون المنفذ والأمل الوحيد لتحقيق العدالة، حمل عمر، نجل صلاح أبو نبوت، على عاتقه مسؤولية إيصال تفاصيل هذه القضية للجهات المعنية طوال 8 سنوات تقريبا تتبع خلالها خيوط الأدلة والشهود والمعلومات، بعيدا عن مسرح الجريمة الذي كان شاهدا على فظاعة ما حدث.
وفي تصريحات خاصة للجزيرة نت، قال عمر "الآن يمكنني أن أقول لوالدي: نم بسلام يا أبي، ولكل من يقرأ هذه الكلمات: قضيتنا تتويج لطريق طويل نحو العدالة التي آمنت وعائلتي بها منذ البداية، وجزء من مسار العدالة الانتقالية في سوريا ومنع مجرمي الحرب من الإفلات من العقاب. محاسبة بشار الأسد ستبعث آمالا كبيرة لجميع الضحايا السوريين".
تأتي هذه المذكرة بعد تحقيق قضائي طويل بدأ مع تقديم عمر أبو نبوت، نجل الضحية، شكوى إلى القضاء الفرنسي نيابة عن والده، حيث وافق المدعي العام على فتح تحقيق مستند على مبدأ الولاية القضائية في فرنسا، لأن والده كان يحمل الجنسية الفرنسية، وتم إرسال طلب التحقيق ضد مجهول في قسم الجرائم الإنسانية وجرائم الحرب بمحكمة باريس القضائية.
إعلانوأوضح عمر للجزيرة نت "كانت مرحلة صعبة للغاية، وخاصة في البداية، حيث كنت أبلغ من العمر 21 عاما ولم أكن أجيد التحدث باللغة الفرنسية ووجدت نفسي في مجتمع وثقافة جديدة. وفعليا، قمت لوحدي بدور المحامي والمدعي في الوقت نفسه لأن المحامي الذي كنت أتعامل معه آنذاك لم يكن نشيطا، وأتذكر أنني كنت بحاجة لوجود مترجم معي في أول موعد لي مع قاضي التحقيق".
وتابع "كانت المهمة صعبة ومعقدة لكنني عملت بصمت شديد وتصميم قوي لإدانة مجرمي الحرب، خاصة في مرحلة جمع المعلومات والاتصال بالشهود من سوريا والأردن ودول أخرى".
وبعد سنوات، تعرف عمر على المركز السوري للإعلام وحرية التعبير ـ وكان مختصا وقتها في مساعدة فريق التحقيق بالمعلومات ـ ووافق نجل الضحية على تعيين المركز كطرف مدني مشارك في القضية، مما أضاف ثقلا مهما ومثمرا للملف من خلال جمع الأدلة والمعلومات والتواصل مع الشهود.
وعن الصعوبات القانونية التي واجهت المحامية الفرنسية المكلفة بالقضية، أشارت كليمانس بيكتارت إلى إمكانية الوصول إلى الميدان والذهاب إلى درعا لجمع الأدلة المادية بشكل مباشر والمتعلقة بالتفجير الذي تسبب بمقتل والد موكلي عمر أبو نبوت لم تكن متوفرة، كما هو الحال مع كل التحقيقات في جرائم النظام السوري قبل سقوط بشار الأسد.
وأضافت بيكتارت في حديثها للجزيرة نت "لم يكن لدينا خيار آخر سوى التحقيق عن بعد، ولا يتعلق الأمر بالوحدة المتخصصة أي القضاة فقط، بل أيضا بالمركز السوري للإعلام وحرية التعبير الذي أسسه مازن درويش، والذي قدم كمية كبيرة من الأدلة والعناصر التي جعلت من الممكن تحريك الملف بشكل فعال للغاية".
سقوط الحصانة
ويتحمل بشار الأسد المسؤولية المباشرة عن كل الجرائم التي ارتكبتها قواته بصفته رئيس الدولة والقائد العام للقوات المسلحة السورية أثناء وقوع الجريمة في 7 يونيو/حزيران 2017، وفقا للقانون الدولي الإنساني الذي ينص على أن "القائد يعتبر مسؤولا عن الجرائم التي تقع تحت قيادته إذا كان على علم بها ولم يتخذ أي خطوات لمنعها أو محاسبة مرتكبيها".
إعلانوفي هذا السياق، قالت بيكتارت "واجهنا ترددا من جانب السلطات القضائية الفرنسية ومكتب المدعي العام في الاعتراف بعدم وجود حصانة لكبار المسؤولين العسكريين الذين كانوا مستهدفين في هذه القضية، وكانت هناك 6 مذكرات اعتقال دولية صدرت قبل صدور مذكرة التوقيف التي استهدفت بشار الأسد نفسه".
وتابعت المحامية المتخصصة في القانون الجنائي والقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي "فيما يتعلق بالمذكرات الستة الأوائل، وجدنا أن النيابة العامة لم تكن ـ في البداية على الأقل ـ موافقة على الاعتراف برفع الحصانة عن مسؤوليها لأننا كنا في خضم أزمة حرب. وفي نهاية المطاف، كان هذا خطأ منطقيا أقنعهم وقبلوا أن المتهمين لا يتمتعون بأي حصانة".
كما أكدت أن سقوط النظام السوري والتغيير السياسي الذي شهدته البلاد أسهما في تسريع صدور مذكرة التوقيف في فرنسا لأن النيابة العامة التي أصدرت القرار تابعت الوضع السياسي في سوريا وطلبت إصدار المذكرة بحق الأسد لأنه لم يعد يتمتع بمنصب رئيس الدولة.
من جانبه، يعتقد عمر أبو نبوت أن سقوط نظام الأسد ساعد في التعجيل بإصدار المذكرة وأن اتهامه بالتواطؤ في جرائم حرب ومسؤوليته القيادية، جرّدته من المطالبة بحصانة شخصية، وأن حصانته الوظيفية لا يمكن اعتبارها قابلة للتطبيق في قضية تتعلق بجرائم دولية تتضمن جرائم حرب.
المعركة مستمرة
وتأتي مذكرة التوقيف الجديدة بعد سلسلة من الإجراءات القضائية التي اتخذها القضاء الفرنسي بحق مسؤولين سوريين. فبين عامي 2023 و2024، أصدِرت مذكرات توقيف دولية بحق 6 من كبار الضباط في سوريا على خلفية هذه الدعوى.
وفي 18 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أصدر قضاة التحقيق 4 مذكرات توقيف دولية بحق ضباط رفيعي المستوى في قوات الأسد، تركزت الاتهامات فيها حول التواطؤ وارتكاب جرائم حرب. كما تضمنت الاستهداف المتعمد للمدنيين والمواقع المدنية التي لا تشكل أهدافا عسكرية باستخدام البراميل المتفجرة.
إعلانوقد أثبت التحقيق أن هذا الهجوم كان جزءا من إستراتيجية ممنهجة استهدفت المدارس والمستشفيات والبنية التحتية المدنية، حيث قُتل أكثر من ألفي مدني خلال الغارات الجوية والبرية التي استهدفت درعا بين 3 و17 يونيو/حزيران 2017.
وعند سؤال المحامية المكلفة بالملف عن احتمالية إصدار مذكرات توقيف جديدة، أوضحت كليمانس بيكتارت "نحن في انتظار مذكرات اعتقال في قضايا أخرى لا تزال مستمرة. واليوم، لا نستطيع معرفة ما إذا كانت ملفات أخرى ستُرفع أمام القضاء الفرنسي لأن الرغبة الأساسية لدى السوريين هي أن تتحقق العدالة الآن في سوريا".
كما سلطت الضوء على وجود حالات أخرى جارية، وخاصة في فرنسا عندما يتعلق الأمر بضحايا فرنسيين سوريين، والتي قد تكون موضوع أوامر اعتقال جديدة ستصدر في المستقبل القريب.
وعن ذكرياته مع والده وآخر مكالمة هاتفية معه، قال عمر "أوصاني بمتابعة دراستي وزرع بداخلي حب العلم قبل أن يتركني وحيدا في هذا العالم الممزق، لكن ما حدث زادني إصرارا على الاهتمام بمسار العدالة والمحاسبة، لذلك درست العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة السوربون بباريس لكي أكون مفيدا في هذا المجال يوما ما".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات مذکرة التوقیف بشار الأسد للجزیرة نت فی فرنسا فی سوریا
إقرأ أيضاً:
قائد قوات درع السودان للجزيرة نت: نحتفل بالنصر والحسم يقترب بدارفور
الخرطوم- كشف قائد قوات درع السودان اللواء أبو عاقلة كيكل عن قرب هزيمة قوات الدعم السريع في دارفور وجنوب كردفان، مشددا على أن السيطرة الكاملة على الخرطوم تعني تخطي المرحلة الأصعب في الحرب كون "العدو" كان يستغل المدن ذات المباني العالية في استخدام القناصين.
وأكد كيكل، في حوار خاص مع الجزيرة نت، أن الجيش السوداني يمتلك خبرة طويلة في القتال في المناطق المكشوفة، معتبرا أن الحرب انتهت والآن مرحلة الاحتفال.
ويرى كيكل، الذي كان قائدا في قوات الدعم السريع قبل أن ينشق وينضم للجيش السوداني، أنه اتضح له بعد الانضمام للدعم السريع زيف شعارات هذه المليشيا، مما دفعه إلى العودة إلى الصواب والانضمام إلى جانب الجيش السوداني.
وفيما يلي نص الحوار:
بعد سيطرة الجيش والقوى المساندة له على الخرطوم.. برأيك هل تجاوز الجيش المرحلة الأصعب في الحرب، أم أن القتال في دارفور لن يكون سهلا؟نحن نثق بالله ثم في أنفسنا وقواتنا المسلحة وكل القوات المساندة، وقد تخطينا الأصعب في قتال المدن ذات المباني العالية التي يستغلها العدو في استخدام القناصين.
والجيش له خبرة طويلة في القتال في المناطق المكشوفة، وقد بشرنا أهلنا في الوسط والخرطوم بالانتصار، وقد حدث، الآن نقول لأهلنا في دارفور: ستعود كل دارفور إلى حضن الوطن، وذلك ليس ببعيد، إن شاء الله.
إعلان ما سر القوة والانتصارات المتتالية لكيكل عندما كان يقاتل بجانب قوات الدعم السريع، وعندما عاد لحضن الجيش السوداني؟كيكل كشخص لا يملك عصا سحرية، لكنها البيئة التي تربيت فيها، ومؤسسة الدرع القائمة على البسالة والثبات والفداء، والحمد لله الذي أعطانا الفرصة لنشارك الشعب السوداني والقوات المسلحة الانتصارات التي تحققت.
كيف تفسر الهزائم المتلاحقة لقوات الدعم السريع في محاور القتال المختلفة منذ خروجك منها قبل أشهر؟أعتقد أننا جزء من حلقة كاملة، وكما قال القائد العام، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، كنا جزءا من "الكماشة"، فقد أكملنا الحلقة والقبضة، وبحمد الله، أثبتنا في محورنا شراسة قتالية، فأنا أعرف بنية الدعم السريع وطرق قتاله، وتوفرت لنا معدات مهمة، وحماس كبير، ودعم شعبي غير محدود، وقد شهدنا انهيار المليشيا ونحن نقاتلها في كافة المحاور: محور شرق النيل، ومحور الجزيرة، والمحور الغربي، ومحور جبل أولياء، الذي كان قاصمة الظهر للمليشيا والسيطرة على آخر معاقلها في معسكر طيبة.
كيف أصبح كيكل فجأة قائدا ضمن قادة الدعم السريع؟
هناك تفاصيل كثيرة، لكننا عندما بدأنا كنا منحازين لقضايا بلدنا ومنطقتنا، ووثقنا علاقات خلال فترة الثورة مع كافة الأطراف، ومن بينها الدعم السريع، وبعد قيام الحرب، كنا وما زلنا نتمسك بأهدافنا، وسمعنا شعاراتهم، التي اتضح لاحقا أنها كانت شعارات زائفة.
عندما أعلن الدعم السريع يوم 8 أغسطس/آب 2023 انضمامك له، هل كان لديك تنسيق مسبق مع الجيش أم أن ذلك جاء في وقت لاحق؟علاقتنا مع قيادة الدعم السريع نشأت بسبب تعامل بعض قيادات القوات المسلحة وعدم استجابتها لمطالبنا العادلة الخاصة بالمنطقة بعد اتفاقية سلام جوبا، مع العلم أن محمد حمدان دقلو "حميدتي" كان يمثل الرجل الثاني في الدولة السودانية، وكنا نشعر بأن الاتفاق ظلم أقاليم الوسط والشرق ظلما كبيرا.
رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، قال إنه بدأ الحديث معك قبل الحرب.. حول ماذا كان الحديث؟ إعلانكان حديث الرئيس البرهان معنا ومع القيادات الأهلية والمجتمعية في المنطقة، حيث تحدثنا عن مخاوفنا من تعدد الجيوش والمليشيات، وطلبنا منه التسليح وانضمام أبناء الجزيرة والبطانة إلى الجيش.
هل صحيح أن الدعم السريع اكتشف تواصلك مع الجيش فسارعت بالخروج عنه والإعلان عن قتالك بجانب الجيش رسميا؟كانت لديهم شكوك، وطبيعتهم قائمة على الشك في أي قيادة ليست من مجتمعاتهم، وتحدثوا معنا، وكنا نحاول كسب الوقت حتى نجنب أهلنا ردة فعلهم الإجرامية.
بالنظر إلى دوركم السابق كقائد في قوات الدعم السريع، هل ترون أن ذلك يستوجب الندم والاعتذار وربما طلب المغفرة؟الاستغفار عبادة، والتوبة مطلوبة في كل وقت، لكننا مشينا في طريق كنا نظنه صحيحا، ورجعنا منه، وهذا أكبر معنى للتوبة، ولعبنا دورا مهما في هزيمة هذه المليشيا حينما تبين لنا خطأ موقفنا.
هل يمكن أن تمثل أمام المحكمة إذا تمت مقاضاتك في الحق الخاص؟الجميع سواسية أمام القانون، وأتمنى أن تتسع دائرة تطبيق القوانين دون حرج، ولا مانع لدي من المثول أمام أي محكمة متعلقة بالحق الخاص.
كيف تنظر إلى ما يتردد عن محاولة الاتحاد الأوروبي فرض عقوباته عليك بجانب قائد قوات الدعم السريع حميدتي وشقيقه؟ليس لدينا ما نخشاه، نحن قوة عسكرية منضبطة، وما نقدمه لشعبنا وأمتنا من حراسة لأرضنا وحماية لعرضنا، لا نخشى فيه شيئا، شبابنا قدموا أرواحهم في سبيل وطنهم وقضيتهم، فلن يُخيفنا فرضُ عقوبات أو غيره.
متى كانت آخر مرة تواصلت فيها مع حميدتي؟
انقطع التواصل منذ انضمامي للقوات المسلحة، وقبل ذلك كنت على تواصل دائم معه.
قبل الانضمام للدعم السريع، أين كان يعمل كيكل؟تاجر ومزارع.
ما السيناريو الذي يتوقعه كيكل لنهاية الحرب، وهل يتوقع لها نهاية وشيكة ربما؟ إعلانالحرب انتهت.. نحن نحتفل الآن.. وقريبا جدا سيتم حسم المليشيا في دارفور وجنوب كردفان.
كيف ترى مستقبل درع السودان، ومستقبل كيكل بعد انتهاء الحرب؟نحن أبناء الوطن وتحت إمرة القوات المسلحة والقائد العام، وما يسري على غيرنا يسري علينا، شاركنا في هذه المعركة لا نرجو مكافأة ولا نطلب مكسبا، وعندما تنتهي الحرب ويحل السلام، سنتفرغ لمعركة البناء الوطني وإزالة آثار الحرب.