القانون الدولي يعتبره «جريمة حرب».. مصر تتصدى لمخطط «تهجير» سكان غزة
تاريخ النشر: 28th, January 2025 GMT
منذ وقوع النكبة في عام 1948، اتخذت حكومات الاحتلال الإسرائيلي المتعاقبة سياسات من شأنها الضغط على الفلسطينيين بكل الوسائل من أجل طردهم من أراضيهم، وكذلك العمل على قدم وساق من أجل بناء مستوطنات جديدة، وتهويد القدس، ولا شك أن الدعم الأمريكي عبر عقود شجع الاحتلال على ممارسة جرائم الحرب ضد الفلسطينيين.
وكشف العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، الذي جاء ردا على عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر 2024، ليكشف النوايا الإسرائيلية بشأن تهجير الفلسطينيين من غزة وتفريغه القطاع تماما من سكانه، وقد خرجت تصاريح غير رسمية من الداخل الإسرائيلي تتحدث عن نقل الفلسطينيين من القطاع إلى مصر والأردن، وهو الأمر الذي رفضته مصر بشكل كامل على المستوى الرسمي والشعبي.
لكن مما أثار جدلا واسعا، خلال الآونة الأخيرة، هو ما طرحه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشأن نقل الفلسطينيين من غزة إلى مصر والأردن، وحديثه عن رغبته في استقبال البلدان العربية المزيد من اللاجئين الفلسطينين، الأمر الذي وصفه مراقبون بأنه يتفق تماما مع مخططات إسرائيل الشيطانية لاحتلال أراضي فلسطين، كما أنه محاولة لإعفاء إسرائيل مسؤولية جرائم الإبادة في غزة، وعدم تحميلها فاتورة إعمار القطاع.
ونستعرض خلال السطور التالية كل ما يخص مقترح ترامب لـتهجير الفلسطينيين.
خطة ترامب لتهجير الفلسطينيينوطرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، السبت 25 يناير، خطة لـ «تطهير» غزة، قائلاً إنه «يريد من مصر والأردن إخراج الفلسطينيين من القطاع في محاولة لإحلال السلام في الشرق الأوسط».
وصرح ترامب للصحافيين:«نتحدث عن مليون ونصف مليون شخص لتطهير المنطقة برمتها»، واصفاً غزة بأنها مكان مدمر، وقائلاً إن هذه الخطوة قد تكون Jموقتة أو طويلة الأجل».
مصر ترفض مخطط التهجير رفضا قطعياوأعلنت مصر رفضها لأي تهجير قسري للفلسطينيين، وشدد بيان لوزارة الخارجية المصرية على «استمرار دعم مصر لصمود الشعب الفلسطيني على أرضه وتمسّكه بحقوقه المشروعة في أرضه ووطنه»، وقال البيان إن القاهرة ترفض أي مساس بتلك الحقوق غير القابلة للتصرف سواء من خلال الاستيطان أو ضم الأرض أو عن طريق إخلاء تلك الأرض من أصحابها من خلال التهجير أو تشجيع نقل أو اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم سواء كان بشكل مؤقت أو طويل الأجل.
وسبق أن حذر الرئيس عبد الفتاح السيسي مراراً، من أن التهجير سيكون هدفه تصفية القضية الفلسطينية. وخلال الشهر الأول من الحرب، قال الرئيس السيسي إن إسرائيل بإمكانها نقل سكان قطاع غزة إلى صحراء النقب حتى الانتهاء من الحرب في غزة، ورفض فكرة التهجير إلى شبه جزيرة سيناء المصرية.
وأما عن الجانب الأردني، فبعد تصريحات ترامب، أطل وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي قائلاً: «رفضنا للتهجير، ثابت لا يتغير»، مشيراً إلى أن الموقف الأردني ثابت راسخ لا يمكن أن تحيد عنه المملكة وأضاف: «نعمل وفق ثوابتنا، وحل القضية الفلسطينية في فلسطين، والأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين».
ودأبت عمّان منذ سنوات على تكرار رفضها لمخططات التهجير وجعل الأردن وطناً بديلاً للفلسطينيين، وكان من أشهر المواقف لاءات العاهل الأردني الثلاثة التي رددها وهو يرتدي البزة العسكرية في 2019، حين قال «كلا على القدس، كلا على الوطن البديل، كلا على التوطين».
في 2023، قال بشر الخصاونة إبان توليه رئاسة الوزراء في الأردن، إن «أي محاولات أو خلق ظروف لتهجير الفلسطينيين من غزَّة أو الضفَّة الغربيَّة خطٌّ أحمر وسيعتبره الأردن بمثابة إعلان حرب».
حركة حماس ترد على مخطط ترامب للتهجيرمن جانبه، قال رئيس دائرة العلاقات الخارجية لحركة حماس، باسم نعيم، إن «الشعب الفلسطيني في قطاع غزة عانى من الموت والدمار على مدى 15 شهرا في واحدة من أكبر جرائم الإنسانية في القرن 21، لمجرد البقاء على أرضه ووطنه. وبالتالي، لن يقبل بأي مقترحات أو حلول، حتى لو بدت حسنة النية تحت ستار إعادة الإعمار»، كما اقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مضيفا: «شعبنا أحبط كل مخططات التهجير والوطن البديل على مدى عقود، ويرفض مثل هذه المشاريع أيضاً. ونؤكد أن شعبنا قادر على إعادة إعمار غزة بشكل أفضل من ذي قبل، شريطة رفع الحصار عن المنطقة».
التهجير القسري في القانون الدولييعرف القانون الدولي التهجير القسري بأنه إخلاء غير قانوني لمجموعة من الأفراد والسكان من الأرض التي يقيمون عليها، وهو يندرج ضمن جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية.
ووفق ما ورد في نظام روما الإنساني لـ المحكمة الجنائية الدولية، فإن «إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان، متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين يشكل جريمة ضد الإنسانية».
كما أن المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 حظرت النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص، أو نفيهم من مناطق سكناهم إلى أراض أخرى، إلا في حال أن يكون هذا في صالحهم بهدف تجنيبهم مخاطر النزاعات المسلحة.
اقرأ أيضاًقبل مقترح ترامب.. تهجير الفلسطينيين مخطط شيطاني تبنته إسرائيل وأمريكا على مر السنين
أيمن سلامة: مقترح ترامب انتهاك جسيم لمعاهدة السلام.. ويحمل طابع المناورة السياسية
ترامب: سأبحث مسار حل الدولتين مع نتنياهو خلال زيارته للبيت الأبيض
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: ترامب تصريحات ترامب تهجير الفلسطينيين تهجیر الفلسطینیین الفلسطینیین من
إقرأ أيضاً:
مصر والأردن تُسقطان مخطط تهجير الفلسطينيين بـ«الدبلوماسية الهادئة»
أبدى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، تراجعه عن خطته للاستيلاء على قطاع غزة، بعد تهجير ما يزيد على مليونى فلسطينى من أراضيهم وما تبقى من بيوتهم وممتلكاتهم، بحجة إعادة إعمار القطاع المدمر، وإقامة مشروعات عقارية ضخمة تستهدف تحويل الشريط الساحلى فى جنوب شرق البحر المتوسط إلى مركز سياحى واقتصادى، أطلق عليه اسم «ريفيرا الشرق الأوسط»، مؤكداً أن رفض كل من مصر والأردن استقبال الفلسطينيين المهجّرين من غزة، يجعل فكرته «غير قابلة للتنفيذ».
وبينما قال «ترامب»، فى وقت سابق من الشهر الحالى، إنه يريد الاستيلاء على قطاع غزة بعد تهجير السكان الفلسطينيين إلى دول مجاورة، فى مقدمتها مصر والأردن، حتى تتمكن الولايات المتحدة من السيطرة على القطاع وتطويره، رصد تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» تراجعاً من جانب الرئيس الأمريكى عن مطلبه بترحيل أهالى غزة بشكل دائم، خاصة أن كلاً من مصر والأردن رفضتا المقترح بشكل قاطع، كما وصفت الصحيفة الأمريكية فكرة «ترامب» للاستيلاء على غزة بأنها «أحد أكثر المقترحات جرأة فى تاريخ السياسة الخارجية، التى قدّمها رئيس أمريكى على الإطلاق».
ومنذ طرح مقترحه، الذى أثار جدلاً دولياً واسعاً، عمد الرئيس الأمريكى إلى تجاهل الاعتراضات على الفكرة، ورد على «الرفض القاطع»، الذى أبدته كل من القاهرة وعمان، بقوله إنه واثق من قدرته على إقناع قادة الدولتين، وربما دول أخرى فى المنطقة، بقبول الفلسطينيين الذين سيتم تهجيرهم من غزة. وأضاف: «يقولون إنهم لن يقبلوا، وأنا أقول إنهم سيقبلون». واعتبر أنه سيتمكن من تحقيق فكرته «بقوة إرادته»، كما رد على سؤال حول «السلطة» التى سيستند إليها للاستيلاء على قطاع غزة، بقوله: «سلطة الولايات المتحدة الأمريكية»، الأمر الذى أثار موجة انتقادات دولية واسعة.
إلا أن «ترامب» اعترف بفشله فى إقناع كل من مصر والأردن بفكرة تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وقال فى مقابلة هاتفية مع قناة «فوكس نيوز»، يوم الجمعة الماضى، إن «رفض مصر والأردن قبول الفلسطينيين المهجّرين، سيجعل الفكرة غير قابلة للتنفيذ». وتابع بقوله: «حسناً، نحن ندفع لمصر والأردن مليارات الدولارات سنوياً، لقد فوجئت قليلاً بأنهم قالوا ذلك، لكنهم قالوه». وأضاف: «سأخبرك، طريقتى هى الطريقة الصحيحة، أعتقد أن هذه هى الخطة التى ستنجح حقاً، لكننى لن أفرضها، سأكتفى بطرحها كتوصية».
واعتبرت «نيويورك تايمز» أن تصريحات «ترامب» للقناة الأمريكية تشكل تراجعاً ملحوظاً عن فكرة الاستيلاء على قطاع غزة، والتى تُعد أحد أكثر المقترحات جرأة فى تاريخ السياسة الخارجية الأمريكية على الإطلاق». وأشارت إلى أن هذا التراجع جاء بعد أسابيع من التناقضات داخل الفريق الرئاسى، حيث حاول عدد من المسئولين البارزين فى إدارة «ترامب» التقليل من أهمية المقترح، بينما أصر الرئيس على جدية الفكرة.
وأثار ترامب فكرته علناً لأول مرة أوائل فبراير الحالى، عندما أعلن أن «الولايات المتحدة ستُسيطر على قطاع غزة»، وخلال زيارة رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، إلى البيت الأبيض، مؤخراً، قال «ترامب» إن الولايات المتحدة «ستمتلك قطاع غزة»، وستتولى مسئولية إزالة الذخائر غير المنفجرة، وإعادة بناء القطاع الفلسطينى، وتحويله إلى مركز اقتصادى وسياحى، بل وتعهد بأن يصبح قطاع غزة «ريفيرا الشرق الأوسط».
وبعد قليل من إعلان الرئيس الأمريكى فكرته، التى قُوبلت بانتقادات دولية حادة وموجات رفض واسعة، قال وزير الخارجية الأمريكى، ماركو روبيو، وكذلك المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، إن أى عملية لإعادة توطين الفلسطينيين خارج قطاع غزة ستكون «مؤقتة»، لكن ترامب نشر لاحقاً تعليقاً عبر صفحاته الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعى، استبعد فيه احتمالات عودة الفلسطينيين إلى غزة مرة أخرى، بقوله إن «الفلسطينيين سيتم نقلهم إلى مجتمعات سيكونون فيها سعداء وآمنين وأحراراً».
وفى مقابلته مع «فوكس نيوز»، يوم الجمعة الماضى، وصف ترامب خطته بأنها «النهج الأفضل»، قائلاً: «إعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين أمر غير عملى، جزئياً، بسبب وجود مسلحى حماس، الذين يُسيطرون على غزة منذ عقود». وتابع أن «السيطرة الأمريكية على القطاع، وتهجير سكانه الفلسطينيين، سيكون النهج الأفضل». وجدّد تمسكه بالفكرة، قائلاً: «الولايات المتحدة كانت ستملك المنطقة، ولن يكون هناك وجود لحماس، وسيتم تطويرها، وستبدأ الأمور من جديد بصفحة نظيفة». وأضاف: «أحببت خطتى، اعتقدت أنها كانت جيدة، تخرجهم وتنقلهم وتبنى لهم مجتمعاً جميلاً ودائماً»، قبل أن يختتم تصريحه بقوله: «اعتقدت أن الفكرة كانت رائعة، لأن الموقع مذهل كما تعلمون، سنرى ما يحدث». وتساءل قائلاً: «لا أعرف لماذا تخلت إسرائيل عن ذلك، لماذا تخلوا عنه؟».
وفى تعليقها على التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكى، قالت «نيويورك تايمز» إنه كان يتحدّث عن الخطة بصيغة الماضى، مما يشير إلى أنه تخلى عنها، مشيرة إلى أنه بدا «مستسلماً» لحقيقة أن غزة سيتم إعادة إعمارها دون أن تكون تحت سيطرة الولايات المتحدة، أو ترحيل سكانها. وأضافت الصحيفة أنها لم تتلقّ رداً على رسائلها إلى المتحدث باسم مجلس الأمن القومى فى البيت الأبيض، عبر البريد الإلكترونى، عما إذا كانت تصريحات الرئيس ترامب تعنى أنه تخلى تماماً عن فكرة إعادة إعمار قطاع غزة تحت إشراف الولايات المتحدة الأمريكية.
واختتمت الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى اجتماع القمة غير الرسمية، الذى عُقد فى العاصمة السعودية الرياض، بمشاركة رؤساء وملوك عدة دول عربية، من بينها مصر والأردن ودول مجلس التعاون الخليجى، لمناقشة بدائل محتملة لخطة ترامب. وأضافت أن الاجتماع الذى جاء قبل قمة عربية موسعة تستضيفها مصر فى الرابع من مارس المقبل، انتهى دون إصدار بيان رسمى حول ما جرت مناقشته أو الاتفاق عليه.