خبراء ومسؤولون لـ"الوفد": تصريحات ترامب تعكس نرجسية سياسية وتهديدات وجودية للفلسطينيين
تاريخ النشر: 28th, January 2025 GMT
تتواصل التطورات الساخنة في الساحة الفلسطينية، وتتصدر قضية الأرض والهوية المشهد بعدما خرج الرئيس الأمريكي رونالدو ترامب ليلوح من جديد بتهجير الفلسطينيين، لتقف مصر والأردن ثابتة على موقفها، الذي يتلاقى مع مواقف جامعة الدول العربية والبرلمان العربي الرافض بشدة أي محاولات تهدف إلى تهجير الشعب الفلسطيني.
ومن الواضح أن هذه المواقف تأتي في وقت حرج، حيث تشتد الضغوط الدولية والمحلية على الفلسطينيين في ظل الحديث عن "حلول" قد تبدو مغرية ولكنها تحمل في طياتها تهديدات وجودية. ولكن الموقف العربي الموحد اليقظ والصارم يؤكد على ضرورة الالتزام بحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، ويعيد التأكيد على أن أي تفكير في التهجير ليس سوى تطهير عرقي يتعارض مع القانون الدولي.
وأكد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، موقف الجامعة الثابت والراسخ في دعم القضية الفلسطينية ورفض أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه.
جاء ذلك في تصريح صحفي أدلى به أبو الغيط فور وصوله إلى روما للمشاركة في افتتاح المنتدى الاقتصادي العربي الإيطالي.
وشدد أبو الغيط على أن الموقف العربي موحد ولا لبس فيه في رفض أي خطط أو مقترحات تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة أو الضفة الغربية. وأضاف أن هذه الأطروحات مرفوضة تمامًا ولا طائل من مناقشتها، مؤكدًا على صمود الشعب الفلسطيني وتشبثه بأرضه.
وأشاد أبو الغيط بالموقف المصري والأردني الثابت في رفض أي مساس بحقوق الشعب الفلسطيني، مؤكدًا أن هذا الموقف، إلى جانب الدعم العربي الواسع، سيفشل أي مخطط يستهدف تصفية القضية الفلسطينية.
في بيانها الأخير، أكدت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية أن محاولات نزع الشعب الفلسطيني من أرضه، سواء عبر التهجير أو الضم أو توسيع الاستيطان، هي محاولات مرفوضة. وأشارت إلى أن الالتفاف على المبادئ الثابتة التي حظيت بإجماع دولي وعربي لن يؤدي إلا إلى إطالة أمد الصراع وزيادة معاناة الشعوب في المنطقة.
ولفتت الأمانة العامة أن المرحلة الحالية تقتضي عملاً متواصلاً من الجميع من أجل تثبيت وقف إطلاق النار وضمان استمراره، توطئة للبدء فوراً في إعادة إعمار غزة ومداواة جراح شعبها الذي تعرض لخمسة عشر شهراً متواصلة من الحرب الوحشية، كما تعرضت بنية القطاع لدمار غير مسبوق في تاريخ الحروب الحديثة.
وقالت أن السبيل الحقيقي والوحيد إلى تحقيق الاستقرار والسلام في الشرق الاوسط هو من خلال تسوية القضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين المتفق عليه دولياً، وتجسيد الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. كما تشدد علي أن الالتفاف على هذه المبادئ الثابتة والمحددات المستقرة، التي حظيت بإجماع عربي ودولي، لن يكون من شأنه سوى إطالة أمد الصراع، وجعل السلام أبعد منالاً، بما يُزيد من معاناة شعوب المنطقة وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني.
ودعت الأمانة العامة جميع دول العالم، المؤمنة بحل الدولتين كسبيل للسلام، للعمل بشكل حثيث وفوري على بدء مسارٍ ذي مصداقية للوصول إلى هذا الحل، وتطبيقه على الأرض في أقرب الآجال، باعتبار ذلك الحل ما يضمن تحقيق الأمن والسلام للفلسطينيين والإسرائيليين وكافة شعوب المنطقة والعالم.
وفي السياق نفسه، أعرب محمد بن أحمد اليماحي رئيس البرلمان العربي، عن رفض البرلمان القاطع لأي مبادرات تدعو إلى تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة. وأوضح أن التهجير القسري يعد جريمة بموجب القانون الدولي، داعيًا المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف واضح يدعم حقوق الفلسطينيين.
وقال إن الموقف العربي والدولي الرافض لأي محاولات تهجير للفلسطينيين يعكس الوعي العميق بخطورة هذه المسألة، ويؤكد على ضرورة إيجاد حلول تعزز من حقوق الشعب الفلسطيني وتضمن مستقبلًا آمنًا له. وفي ظل التحديات الراهنة، يتعين على المجتمع الدولي أن يكون صوتًا واضحًا في دعم الحلول السلمية، التي تضمن حقوق الفلسطينيين وتحقق الأمن والاستقرار في المنطقة.
وفي تصريحات خاصة لجريدة "الوفد"، وصف الدكتور حسين الديك المحلل الفلسطيني والخبير في الشأن الأمريكي، تصريحات الرئيس السابق دونالد ترامب بأنها تعكس نرجسية شعبوية تفتقر إلى اللياقة واللباقة السياسية. وأشار الديك إلى أن ترامب يتحدث تارة عن نقل الفلسطينيين إلى إندونيسيا، وتارة أخرى عن إعادة إعمار غزة، حيث يصف شواطئها بأنها جميلة وينبغي إقامة منتجعات سياحية عليها.
وأكد الديك أن تصريحات ترامب حول "التهجير الطوعي" للفلسطينيين، والتي يدعو فيها مصر والأردن لاستيعابهم، تعبر عن تمنيات غير واقعية وليست حقائق، وأوضح أن الشعب الفلسطيني، الذي واجه محاولات التهجير القسري عبر القوة العسكرية، قد تمكن من إفشال هذه المحاولات، وتعرض الفلسطينيون لعمليات إبادة جماعية استمرت 471 يومًا، لكنهم يرفضون بشدة فكرة التهجير.
وأضاف الديك أن المواطن الفلسطيني يؤمن تمامًا بأن التهجير يعني تهجيرًا دائمًا وليس مؤقتًا، مشيرًا إلى أن تجارب النكبة عام 1948 والتهجير من القرى مثل يالو وعمواس وبيت نوبة في عام 1967، تُظهر أن الشعب الفلسطيني متمسك بأرضه ولن يغادرها سواء قسريًا أو طوعيًا.
وشدد المحلل على أن الموقف الفلسطيني موحد، حيث تتفق جميع الفصائل، بما في ذلك منظمة التحرير وحماس والجهاد، على رفض دعوات ترامب. وأكد أن الموقف العربي أيضًا يدعم هذا التوجه، حيث ترفض مصر والأردن والجامعة العربية بشدة أي محاولات لتصفية القضية الفلسطينية عبر التهجير.
واعتبر الديك أن تصريحات ترامب تمثل "رسالة غزل" للمستوطنين الإسرائيليين وقادة المستوطنات، مثل يوسي دجان، مؤكداً أن هذه التصريحات تتماشى مع رؤية اليمين الإسرائيلي الساعية لإعادة احتلال قطاع غزة وإقامة مستوطنات جديدة، ورغم الظروف الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون في القطاع، فإنهم يواصلون صمودهم، مؤكدين أنهم لن يهاجروا من أراضيهم سواء طوعًا أو قسريًا.
وفي تصريحات خاصة للوفد ، أكد الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد أن التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب تتزامن مع قرار وقف المساعدات الأمريكية الخارجية لجميع الدول.
وأضاف أن هذا القرار يأتي في وقت يشهد فيه الوضع العسكري تصعيدًا كبيرًا من قبل إسرائيل، خصوصًا في الضفة الغربية، مما يشير إلى ترتيبات يجري العمل عليها لحل الملف الفلسطيني ككل وليس فقط ملف غزة.
أشار إلى أن الأحداث في الضفة الغربية، مثل فتح الاحتلال الإسرائيلي لممرات آمنة من جنين إلى وادي برقين وأريحا، بالإضافة إلى قرار الكنيست بضم أراضي غور الأردن والموافقة على إنشاء مستعمرة جديدة تحمل اسم "مستعمرة ترامب 1"، تدل على أن الاحتلال بدأ بتنفيذ مخططاته بشكل متسارع.
وأشار أبو زيد إلى أن الإدارة الأمريكية تعطي أولوية أكبر لملف غزة مقارنةً بالضفة الغربية، مما يعكس توجهات جديدة في السياسة الأمريكية. ولفت إلى أن السياسة الخارجية الأمريكية لا تتغير بتغير الإدارات، حيث إن الكونغرس هو من يحدد هذه السياسة ويلزم الرئيس بها، على الرغم من اختلاف أدوات تنفيذها.
وفي سياق متصل، أكد أبو زيد أن هناك تناغمًا بين فريق ترامب الجديد والرؤية الإسرائيلية بشأن العديد من الملفات الإقليمية، وأوضح أن اليمين الأمريكي بدأ يمارس ضغطًا على الأردن لتنفيذ سياسات معينة، خاصة بعد إنهاء عمل السفيرة الأمريكية في الأردن، مما يعكس الضغط المتزايد على المملكة لتنفيذ أجندات إسرائيلية.
ومن جانبه أعرب محمد بشير، مسؤول قطاع الشباب لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، عن فخره بصمود الشعب الفلسطيني الذي أفشل مؤامرة التطهير العرقي. حيث أكد أن مئات الآلاف من الفلسطينيين عادوا إلى شمال غزة، بما في ذلك مدينة غزة، رغم الدمار الهائل وجرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضح بشير أن ما فشل فيه نتنياهو وجيشه عبر القتل والدمار لن ينجح فيه الرئيس الأمريكي من خلال الضغوط السياسية ومخططات التهجير. وأكد أن الهدف الإسرائيلي المعلن منذ بداية العدوان هو التطهير العرقي لجميع سكان غزة وترحيلهم إلى سيناء، حيث أُلقي أكثر من 87 ألف طن من القنابل على سكان غزة، مما أسفر عن مقتل عشرات الآلاف وتدمير معظم البيوت والمؤسسات.
وأشار بشير إلى أن الشعب الفلسطيني صمد صمودًا بطوليًا ومنع تكرار جريمة التطهير العرقي التي وقعت عام 1948. وأكد على ضرورة تشكيل قيادة وطنية كفاحية موحدة للتصدي للعدوان المتواصل ومؤامرات الضم والتهويد.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: التهجير الهوية الفلسطينية خبراء أبو الغيط فلسطين رفض التهجير القضیة الفلسطینیة الشعب الفلسطینی الموقف العربی أبو الغیط تهجیر ا على أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
فيدان: تركيا ستواصل دعم الشعب الفلسطيني بأقوى شكل ممكن
أكد وزير الشؤون الخارجية التركي هاكان فيدان، أن أهم أمر يشغل اهتمام بلاده الآن هو إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة وتنفيذ وقف إطلاق النار.
ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن الوزير التركي قوله، عقب استقباله من قِبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، إن "تركيا ستواصل دعم الشعب الفلسطيني بأقوى شكل ممكن".
وأضاف الوزير التركي أن الجزائر بقدراتها وإمكانياتها تعد إحدى ضمانات الاستقرار في المنطقة، منوهًا بمساعيها الناجحة على مستوى مجلس الأمن الدولي لحل المشاكل التي تعاني منها المنطقة.
وتابع فيدان أنه نقل للرئيس الجزائري تحيات نظيره التركي، مشيرًا إلى أن بلاده ستستضيف رئيس الجمهورية خلال هذه السنة، في إطار الاجتماع الاستراتيجي رفيع المستوى.
وبعد أن أشاد بـ"التقدم الاقتصادي المهم الذي حققته الجزائر"، أبرز الوزير التركي "الأهمية البالغة لمواقف الجزائر وللسياسات التي تنتهجها بشأن المسائل الدولية".
ولدى تطرقه إلى العلاقات الثنائية بين البلدين، أكد وزير الشؤون الخارجية التركي أنها "تزداد قوة، بفضل قيادة رئيسي البلدين والثقة المتبادلة بينهما"، لافتًا إلى أن "تركيا تثق بالجزائر وستكون دائمًا صديقًا لها"، مبرزًا أن "هذا الموقف وهذه الإرادة هي نفسها لدى الجزائر".
واعتبر الوزير التركي أن اجتماع لجنة التخطيط الاستراتيجية المشتركة، الذي انعقد اليوم، بمشاركة عدة مؤسسات تركية، يعد "فرصة لتعزيز التعاون في عدة قطاعات كالتجارة والمواصلات والهجرة والصحة وغيرها"، معلنًا أن حجم المبادلات التجارية بين البلدين ''سيبلغ قريبًا 10 مليارات دولار".
ولفت الوزير -في ذات السياق- إلى إحصاء "قرابة 1400 شركة تركية تعمل في الجزائر"، مؤكدًا أن العلاقات الاقتصادية الثنائية "ستتعمق أكثر من خلال الاتفاقيات التي سيتم توقيعها فيما يخص التجارة التفضيلية وتشجيع الاستثمار المتبادل".
واعتبر هاكان فيدان أن الجزائر هي "أحد أهم شركاء تركيا في مجال الأمن الطاقوي"، معربًا عن رغبة بلاده في "توطيد العلاقات أكثر في هذا المجال، بالإضافة إلى قطاع الصناعات الدفاعية"، مع مواصلة التعاون عبر "عدة مشاريع مشتركة يمكن تحقيقها".
وذكَّر الوزير التركي بإشرافه، أمس الأحد، على افتتاح القنصلية العامة في مدينة وهران، والتي ستقدم -كما قال- "خدمات بأفضل شكل لمواطنينا ولإخواننا الجزائريين".
وفي سياق آخر، أبرز هاكان فيدان الإرادة المشتركة للبلدين من أجل "تكثيف مشاوراتهما بشأن المسائل الإقليمية والسياسات المشتركة".
وخلص الوزير التركي إلى التعبير عن قناعته بأن زيارته إلى الجزائر "ستحقق إسهامًا كبيرًا في توطيد العلاقات أكثر بين البلدين".