حيّر تطبيق الذكاء الاصطناعي الصيني الولايات المتحدة وعمالقة التكنولوجيا فيها، من غوغل إلى إنفيديا رائدة الرقائق الإلكترونية الفائقة، وصولاً إلى الرئيس ترامب، الذي أبدى قلقاً كبيراً، وحذر من التالي، وأمر بالاستعداد لاستعادة هيبة أمريكا التقنية.

وفور إطلاق التطبيق الصيني رسمياً في 10 يناير (كانون الثاني) الجاري هبت رياح التغيير القوية نحو الأسواق الأمريكية فأحدث فيها أكبر هزة، وهوى سهم انفيديا أمس الإثنين إلى أدنى قاع في تاريخ الشركة، ماسحاً بلمحة بصر أكثر من 600 مليار دولار من قيمتها السوقية، كما تصدر قائمة الأعلى تقييماً على متجر آبل متفوقاً على "شات جي بي تي"، وتالياً تسلل التطبيق إلى حصون الهيمنة الأمريكية على عرش التكنولوجيا وعبث بها ونال من هيبتها بطريقة أثارت ذهول الدولة الأقوى في العالم، وفق تقرير لـ"بي بي سي".

 

????سهم إنفيديا يهوي 13% خلال تعاملات الاثنين، لتخسر صانعة الرقائق 465 مليار دولار من قيمتها السوقية وهي الخسارة الأكبر في تاريخ السوق، بعد إطلاق تطبيق "ديبسيك" الصيني المنافس لتطبيقات "سيليكون فالي"

????مع تصاعد المخاوف بشأن انفجار فقاعة أسهم الذكاء الاصطناعي بسبب تفوق "ديبسيك"… pic.twitter.com/QnuPsAOokN

— CNBC Arabia (@CNBCArabia) January 27, 2025

وأكثر ما يعبر عن مدى الصدمة في أمريكا هو ما قاله المستثمر مارك أندريسن، على منصة إكس، يوم الأحد الماضي: "DeepSeek-R1 هو لحظة سبوتنيك للذكاء الاصطناعي"، في إشارة إلى القمر الصناعي الروسي الذي أعلن سباق الفضاء بين الاتحاد السوفيتي سابقاً والولايات المتحدة.

وأضاف أندريسن، أن شركة الذكاء الاصطناعي الصينية الناشئة، التي صعدت إلى الشهرة العالمية بسرعة قياسية، قدمت نموذجاً متميزاً للذكاء الاصطناعي بفضل قدرته العالية مقارنة بتكلفته.

ما هو ديب سيك ومن يقف خلفه؟ تأسست شركة "ديب سيك" في 2023 على يد ليانغ وينفينغ مدير صندوق التحوط "هاي فلاير" الذي يستثمر في الذكاء الاصطناعي. منذ إطلاق الشركة تمكنت من بناء 6 نماذج موسعة لمعالجة اللغات بداية من نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. في 10 يناير (كانون الثاني) الجاري أطلقت الشركة أبرز نماذجها المجانية وهما "ديب سيك في 3" و"ديب سيك آر1". يتميز التطبيق عن غيره في قدرته على مراجعة المنطق في توليد الإجابات قبل عرضها على المستخدم. يعتمد  على قدر أقل من البيانات في التدريب، مما يجعله أقل تكلفة. يستخدم التطبيق تقنية "التعلم المُعزز" للتعلم الذاتي من التجارب والأخطاء، والتفاعل مع البيئة المحيطة بطريقة تحاكي البشر. بني بـ6 ملايين دولار، أي أقل بـ10 مرات من ما دفعته "ميتا" الأمريكية لبناء أحدث نماذجها. 

????????
????ثريد
???? شركة ديب سيك تنشر تفاصيل عمل الموقع في بادرة غير مسبوقة من شركات الذكاء الاصطناعي.

اليكم الية عمل "تقنية" تطبيق الذكاء الاصطناعي الصيني DeepSeek الذي أطاح بالاحتكار الغربي خلال ساعات فقط.
????

- المصدر موقع الشركة الرسمي pic.twitter.com/mIqdxsD45B

— الصين بالعربية (@mog_china) January 27, 2025 فن متقن

قدرت الشركة الصينية على الوصول لهذا الإنجاز التارخي باتباع استراتيجة الصمت والصبر والاعتماد على الذات بأكبر قدر ممكن، مع الاستفادة من الخبرات الأمريكية، ورقائق إنفيديا النادرة في الصين بسبب العقوبات الأمريكية.

وبدأت رحلة ليانغ وينفينغ لتحقيق حلمه عام 2021، حينما خصص مبالغ كبيرة لشراء آلاف وحدات معالجة الرسوميات من "إنفيديا" لمشروعه الجانبي في مجال الذكاء الاصطناعي في أثناء إدارة صندوق التحوط "هاي فلاير". 

وتقول الشركة، إن نموذجها تم تطويره باستخدام التكنولوجيا المحلية جنباً إلى جنب مع برامج مفتوحة المصدر يمكن لأي شخص استخدامها ومشاركتها مجاناً.
وعلى مدار سنوات، كان صندوق التحوط هاي فلاير التابع لليانغ وينفينغ يخزن الرقائق التي تشكل العمود الفقري للذكاء الاصطناعي والمعروفة باسم وحدات معالجة الرسومات. وقالت الشركة، إن نماذجها تستخدم رقائق (H800) الأقل تطوراً، التي تصنعها شركة إنفيديا. 

وما يجعل الشركة الصينية أكثر تميزاً هو استعدادها لمشاركة اكتشافاتها بدلاً من الاحتفاظ بها لأغراض تجارية.

وتتميز الشركة كذكلك باستقلاليتها المالية رغم الاتهامات الأمريكية، وحسب المعلن فهي قامت بجمع أموال من مصادر خارجية، أو اتخاذ خطوات كبيرة لتحقيق إيرادات من نماذجها.
ووفق أحد المستثمرين الصينيين في مجال الذكاء الاصطناعي، فإن "إدارة ديب سيك تشبه إلى حد كبير الأيام الأولى لـ(ديب مايند) الأمريكية". وأضاف: "إنها تركز بشكل كامل على البحث والهندسة".

أسباب الرعب

عزى الخبراء الرعب الحاصل في الولايات المتحدة إلى قلة تكلفة التطبيق المشار إليها أعلاه مقارنة بما تدفعة شركات التكنولوجيا الأمريكية العملاقة لتطوير نماذجها، فعلى سبيل المثال أنفقت شركة "أوبين إيه آي"، 5 مليارات دولار العام الماضي وحده على الذكاء الاصطناعي. 

???? تفوق تطبيق الذكاء الاصطناعي من شركة ديب سيك (#DeepSeek ) الصينية الناشئة يوم الاثنين على منافسه تشات جي بي تي

???? ليصبح التطبيق المجاني الأعلى تصنيفاً المتاح على متجر تطبيقات أبل في الولايات المتحدة

???? ارتفعت شعبية تطبيق الذكاء الاصطناعي، الذي يعمل بنموذج ديب سيك V3، والذي… pic.twitter.com/IvKGMt2cPV

— CNN Business Arabic | الاقتصادية CNN (@CNNBusinessAr) January 27, 2025

أطبق الصمت على كل أنحاء وادي السيليكون، وعند الاتصال بأولئك الذين يسعدهم عادة التحدث عن كل جديد في عالم التكنولوجيا، بدا العديد من المراقبين والمستثمرين والمحللين مذهولين.

وفي مقابل هذا الصعود الصاروخي يعم الشك وعدم اليقين، فمن وجهة نظر  المحلل المخضرم جين مونستر، فإن الحقيقة تكمن تحت جبل الجليد.

وقال مونستر لبي بي سي، "ما زلت أعتقد أن الحقيقة تكمن تحت السطح عندما يتعلق الأمر بما يحدث بالفعل". وتساءل أيضاً عما إذا كانت الشركة الصينية الناشئة تتلقى دعماً أو ما إذا كانت أرقامها صحيحة.

وقال إن برنامج المحادثة "جيد بشكل مدهش، مما يجعل من الصعب تصديقه". وبغض النظر عن ذلك، فإن وصول ديب سيك المفاجئ هو "مرونة" من جانب الصين و"وصمة عار في جبين التكنولوجيا الأمريكية"، على حد تعبيره.

وأتت المفاجأة الصينية في خضم انشغال الولايات المتحدة بمشروع "ستارغيت" للذكاء الاصطناعي، المعلن من قبل الرئيس ترامب بحضور سام ألتمان من أوبين إيه آي، ولاري إليسون من أوراكل، بقيمة تتجاوز الـ500 مليار دولار، وقدرة كبيرة لخلق أكثر  100 ألف وظيفة جديدة موعودة.  

أيقنت أمريكا في تلك اللحظة، أن وجود مراكز البيانات الوفيرة والسيطرة على الرقائق المتطورة أعطاها تقدماً كبيراً في مجال الذكاء الاصطناعي، على الرغم من هيمنة الصين على المعادن النادرة والمواهب الهندسية، حتى إن البعض اعتبروا أن هيمنة أمريكا على سباق الذكاء الاصطناعي أمر محتوم، على الرغم من بعض التحذيرات البارزة من كبار المسؤولين التنفيذيين الذين قالوا إن مزايا البلاد لا ينبغي اعتبارها أمراً مفروغاً منه.
ويقول الخبراء، إن الولايات المتحدة قد تستمر في قيادة القطاع، ولكن هناك شعور بأن ديب سيك هز الغرور وأقلق الذكاء الاصطناعي الأمريكي.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد عودة ترامب إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية أمريكا الصين الذكاء الاصطناعي الصين أمريكا الذكاء الاصطناعي تطبیق الذکاء الاصطناعی للذکاء الاصطناعی الولایات المتحدة دیب سیک

إقرأ أيضاً:

الأدب مع الذكاء الاصطناعي.. تكلفة خفية لم تكن في الحسبان

كشف سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، عن جانب غير متوقع من كلفة تشغيل النماذج الذكية مثل ChatGPT، وهو أن مجرد استخدام كلمات مجاملة بسيطة مثل "من فضلك" و"شكرًا" من قبل المستخدمين؛ يرفع من فواتير الطاقة بنحو عشرات الملايين من الدولارات.

 الطاقة والمجاملة علاقة لم نتخيلها

جاءت تصريحات ألتمان ردًا على تساؤل من أحد المستخدمين بشأن الأثر البيئي لكلمات الأدب أثناء التفاعل مع الذكاء الاصطناعي.

وفي الحقيقة، القليل منا يفكر في الأمر أثناء كتابة أوامر مهذبة، لكن الواقع أن هذه العبارات الإضافية، مهما بدت بسيطة، تتطلب من الخوادم وقتًا أطول للمعالجة، مما يؤدي إلى استهلاك طاقة أكبر.

وبالنسبة لنا كمستخدمين، قد يبدو التفاعل مع الإنترنت وكأنه "افتراضي" ومنفصل عن موارد العالم الحقيقي، إلا أن العكس هو الصحيح.

تحتاج النماذج الضخمة مثل GPT-4 إلى كميات هائلة من الكهرباء، وأيضًا إلى كميات ضخمة من المياه لتبريد الخوادم ومنعها من ارتفاع الحرارة بشكل كبير.

Manus AI يثير الضجة في عالم الذكاء الاصطناعي.. هل يهدد عرش ChatGPT؟OpenAI تطلق نسخة «خفيفة» من أداة البحث العميق في ChatGPTOpenAI تطرح نسخة خفيفة من أداة ChatGPT المخصصة للبحوث المتقدمةميزة أم تطفل.. ChatGPT ينادي المستخدمين بأسمائهم دون سابق إنذارتريند جديد على ChatGPT.. تحديد الموقع من الصور بالبحث عبر الإنترنتمن Ghibli لـ Muppet.. ترند ChatGPT الجديد هيغير شكل صوركChatGPT يتصدر قائمة التطبيقات العالمية متفوقا على إنستجرام وتيك توكلمنافسة ChatGPT.. أمازون تكشف عن الذكاء الاصطناعي الصوتي Nova SonicOpenAI توفر وصولا مجانيا إلى Chatgpt Plus حتى مايو 2025هاكر يكتشف ثغرات في ويندوز ويطوّر برمجيات خبيثة باستخدام ChatGPTكم تستهلك محادثاتنا مع الذكاء الاصطناعي فعليًا؟

بحسب تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست، فإن إنشاء بريد إلكتروني قصير مكون من 100 كلمة عبر GPT-4، قد يستهلك نحو نصف لتر من الماء، تخيل هذا الرقم مضروبًا في ملايين المحادثات اليومية، لتتضح لك ضخامة استهلاك الموارد الذي يقف خلف هذه الخدمات الذكية.

ولا تنس أن هذا مجرد استهلاك أثناء "التشغيل"، أما تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي نفسه من البداية فيستهلك طاقة أكبر بكثير، مما يزيد من الأثر البيئي الكلي.

درس من الماضي

قبل سنوات، أطلقت جوجل خاصية "Pretty Please" لمساعدها الذكي، لتشجيع الأطفال على استخدام كلمات المجاملة أثناء التحدث إلى التقنية، والهدف وقتها كان تربويًا بحتًا، وهو غرس سلوكيات الاحترام في الصغار على أمل أن تنعكس في تواصلهم مع البشر أيضًا.

أما اليوم، فنحن أمام مفارقة، فبينما كانت جوجل تكافئ الأدب، تكشف لنا OpenAI أن هذه المجاملة، رغم أهميتها الاجتماعية، لها تكلفة بيئية ملموسة.

ما الذي يجب أن نفعله؟

لا شك أن هذه الحقائق تضيف بعدًا جديدًا لمحادثات الاستدامة في عالم الذكاء الاصطناعي، وتجعلنا نفكر أكثر في كيفية تعاملنا مع هذه الأدوات، ليس فقط كخدمات افتراضية، بل كجزء فعلي من المنظومة البيئية للأرض.

طباعة شارك OpenAI ChatGPT الذكاء الاصطناعي

مقالات مشابهة

  • الأدب مع الذكاء الاصطناعي.. تكلفة خفية لم تكن في الحسبان
  • كيف خسرت آبل عرش الذكاء الاصطناعي لصالح ميتا؟
  • غوغل في خطر.. الذكاء الاصطناعي يُعيد تشكيل محركات البحث
  • عسكرة الذكاء الاصطناعي .. كيف تتحول التكنولوجيا إلى أداة قتل عمياء؟
  • مصر توقف التعامل مع الشركة الصينية IAQC بسبب مخالفات فنية
  • السفيرة الأمريكية: اتفاقية التجارة الحرة مع عُمان "أصل استراتيجي".. وأمريكا ثاني أكبر مستثمر بـ16 مليار دولار
  • آبل تخطط لتجميع هواتف آيفون الأمريكية في الهند بدلا من الصين
  • الرئيس الصيني: الذكاء الاصطناعي سيغير أسلوب الحياة البشرية بشكل جذري
  • لطافتك تكلف الذكاء الاصطناعي الملايين!
  • جهاز ذكي يساعد المكفوفين على التنقل باستخدام الذكاء الاصطناعي