عودة إلى الماضي حين يمر المرء في وضح النهار بين الأحياء السكنية في ولاية الجازر رغم التنمية العمرانية إلا أن الخيمة تسجل حضورها في فضل الشتاء ليس هروبا من الصحراء وإنما الحنين إلى الماضي الأصيل إذ الطبيعة البدوية في تلك الأيام لا تتقيد بالمعيشة في منطقة جغرافية معينة ومحددة، وأينما وجد الماء والمرعى تشد الرحال إليهما في رحلات سنوية موسمية عرفها البدو منذ القدم، يقوم بها معظم أهالي محافظة الوسطى يعملون يدا واحدة حيث يرتبط البدو ارتباطا وثيقا بالقبيلة وسننها وأعرافها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية ويشتهرون بالترابط الأسري وبالاحترام المتبادل بين بعضهم بعضاً وبتعاونهم الوثيق فيما بينهم في إطار المجتمعات المحلية.

جريدة "عمان" خلال زيارتها لولاية الجازر ومع ما تشهده الولاية من مشاريع تنموية وعمرانية إلا أن فصل الشتاء يمثل مناسبة سنوية لنصب الخيام التي تمثل رمز البادية، ففي قلب البدو للخيمة وقع خاص وحب وشجن وحنين غير عادي حيث تمثل له مقام السكن والكرم والضيافة، ويحرص القاطنون في الولاية على غرس هذه العادات والتقاليد الأصيلة في أبنائهم، إذ تكثر التجمعات العائلية بين الأهل والجيران، كما يتسامر الناس وتتجمع على شبة الضوء وتكون القهوة العربية حاضرة والتمر والحلوى العمانية والتعليل الشعرية، واستطلت "عمان" آراء أبناء ولاية الجازر حول ارتباطهم بالخيمة وتمسكهم بالعادات والتقاليد الأصيلة، وحضور الشعر في مثل هذه التجمعات الشتوية.

رمز البادية

قال عبود بن سعود الجنيبي: إن الخيمة تمثل رمز البادية في الجازر حيث كانت المكان الوحيد الذي يعيش فيه الإنسان ويصطحبها في ترحاله، وفي موسم الشتاء يتم نصب الخيام ليستعيد أهل البادية الماضي ويحرصون على ترسيخ العادات والتقاليد حيث إنها المكان الوحيد الذي يناسب شبة النار واجتماع الضيوف، ولأن الخيام مصنوعة من الصوف وفيها الدفء عن البرد يكثر عليها الإقبال في موسم الشتاء.

وأوضح أن نصب الخيام في الشتاء تعرف الأجيال بالكثير من العادات والتقاليد الأصيلة ومنها استقبال الضيف وإكرامه واحترام المجالس، وتعتبر الخيمة مدرسة وهوية للعادات الأصيلة، ومن الأبيات الشعرية التي قيلت في الخيمة:

ننصب خيام العز ونكرّم الضيف

والجود بالأجواد عاده أصيله

خيمة وفيها شبت النار والكيف

والشعر حاضر والمبادئ نبيله

الكرم والضيافة

وقال سالم بن ربيّع الجنيبي: للخيمة العمانية في قلب البدو وقع خاص وحب وشجن وحنين غير عادي حيث تمثل له مقام السكن والكرم والضيافة عندما كان غير قادر على بناء المنازل العصرية، ولخصوصية سكنها في وجدان المواطن وخصوصاً البدو منهم، وبفصل الشتاء يزداد الحنين لها حيث يوقدون بها نار الشتاء التي تضفي جمالية غير عادية على رمسات ليل الشتاء وتعلل الناس بالسوالف عن أحداث الأيام بشكل عام.

وبين أن العادات والتقاليد في الحياة البدوية وخاصة بالجازر الكرم والجود والمروة والشهامة والتعاون بين أبناء المجتمع الواحد وبتدريب الأبناء وتعريفهم بها لتنتقل من جيل لآخر فالأب يخبر بها أبناءه وابنه ينقلها كذلك لغيره، وبما أن للخيمة من خصوصيه ومكانه في نفوس المواطنين في الجازر وغيرها من الولايات البدوية تجد لها حضورا مميزا في القصائد الشعرية ومنها:

أيام ما كانت معانا عمائر

كان السكن منزل حجارة وخيمة

لاشي قصور ولا دعايات تاجر

ونفوسنا من فضل ربي كريمة

ننحر ركاب من طيب نفسا وخاطر

ولا نبالي بالظروف العظيمة

أحوالنا في خير والرب ساتر

النفس مجد وعز والسكن خيمة

رمز الأصالة

وقال يعقوب بن حبيب الجنيبي: ارتبط سكان ولاية الجازر منذ القدم في الحياة البدوية وعاشوها في جميع تفاصيلها من تربية المواشي مثل الإبل والأغنام إلى السكن في الخيام البدوية وبيوت الحجر والطين إضافة إلى الفنون البدوية التي يمارسونها في المناسبات والأعياد، وتعتبر الخيمة البدوية رمز الأصالة والكرم البدوي والعادات الحميدة المتأصلة في نفوس أبناء البادية، أما عن انتشارها في فصل الشتاء فيكمن ذلك في زراعة الفرح في نفوس الناس بالاستئناس بالأجواء الباردة والجميلة وتكثر التجمعات العائلية بين الأهل والجيران، إذ يتسامر الناس وتتجمع على شبة الضوء وتكون القهوة العربية حاضرة والتمر والحلوى العمانية والتعليل الشعرية.

وذكر أن غرس الآباء ارتباطهم بالخيمة في الجيل الجديد يعزز من العادات والتقاليد الأصيلة التي يحرص الآباء على غرسها في نفوس أبنائها مثل الكرم والصدق والوفاء والأمانة من خلال اصطحابهم إلى المناسبات الاجتماعية والدينية ومجالس الرجال، مضيفاً: دائماً ما تكون الخيمة البدوية حاضرة في قصائد الشعراء وخصوصاً في المناسبات الاجتماعية وأغراض المدح والكرم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی نفوس

إقرأ أيضاً:

الأطول منذ عقد.. خبير طقس: مقارنة شتاء 1446هـ مع السنوات السابقة ضرورية لفهم التغيرات المناخية

المناطق_الرياض

أكد عبدالعزيز بن محمد الحصيني، الباحث في الطقس والمناخ، أن شتاء هذا العام 1446هـ يعد الأطول منذ أكثر من عقد من الزمن، حيث استمر استعمال الثياب الشتوية لفترة طويلة. ورغم أن درجات الحرارة لم تسجل أرقامًا قياسية ولم يشهد الموسم بردًا قارصًا، إلا أن الطقس كان باردًا إلى بارد جدًا، مع أيام قليلة شهدت درجات حرارة شديدة البرودة.

وفي حديثه حول هذا التغير، أشار الحصيني إلى أن هذا الأمر قد يثير تساؤلات حول ما إذا كان هناك تغير في المناخ. وأوضح أن الإجابة على هذا السؤال تتطلب متابعة دقيقة ودراسة مقارنة للأنماط المناخية على مدى سنوات طويلة.

وأضاف الحصيني: “رغم أن الشتاء هذا العام شهد تغيرات ملحوظة، إلا أن تحديد ما إذا كان ذلك ناتجًا عن تغيرات مناخية يتطلب دراسات شاملة وتحليل لبيانات الطقس على مدى طويل. من الممكن أن يكون هذا الشتاء جزءًا من تقلبات طبيعية أو مؤشرًا للتغيرات المناخية العالمية التي تزداد تأثيراتها في بعض المناطق”.

مقالات مشابهة

  • "شانجريلا الحصن" يقدم تجربة مميزة للاستمتاع بالنكهات المغربية الأصيلة
  • قصور الثقافة بالسويس تحتفي بيوم التراث العالمي.. صور
  • حكم الاحتفال بشم النسيم بين العادة والتقاليد فى ضوء الشريعة الاسلامية
  • استشاري كحل الحناء جهل.. عادات شعبية تسبب العمى كادت تفقد 3 أطفال بصرهم
  • احتفالية أعياد الربيع في الأوبرا بين الأصالة والبهجة
  • 7 خطوات لتخزين ملابسك الشتوية كالمحترفين وضمان بقائها بحالة ممتازة
  • لاستيراد 6.3 مليار متر مكعب.. أوكرانيا تبحث عن حاجتها للغاز الشتاء المقبل
  • طبول الشارقة تدقّ في الرباط.. إيقاعات الأصالة تعبر من الخليج إلى الأطلسي
  • قص الأثر يقود إلى فخ قاتل بغزة.. ماذا نعرف عن كتيبة الاستطلاع البدوية بجيش الاحتلال؟
  • الأطول منذ عقد.. خبير طقس: مقارنة شتاء 1446هـ مع السنوات السابقة ضرورية لفهم التغيرات المناخية